أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر حسين سويري - توبة متأخرة














المزيد.....

توبة متأخرة


حيدر حسين سويري

الحوار المتمدن-العدد: 5296 - 2016 / 9 / 26 - 14:27
المحور: الادب والفن
    


توبةٌ متأخرة
قصة قصيرة

جَلَسَتْ في شُرفةِ الدارِ، المُطلةِ على حَديقةِ المَنزلِ، تَنتَظر قدومهُ، بعد أن إتصل بها وأخبرها: بإنهُ سيقضي معها إسبوعاً كاملاً، في أحدِ أشهرِ المصايفِ، شمال البلد...
بَدَتْ هادئة، ولا تبدو عليها علامات الفرح حين إستقبلته، والذي بدورهِ إحتظنها، وقبلها، فبادرتهُ بإبتسامةٍ مُغتصبة...
دخل الحمام، وذَهَبتْ هي لإعداد طعام العشاء، وبعدُ لم تُتم نَقَلَ المأكولات، فآجئها بدخولهِ إلى المَطبخِ، وليس على جسمهِ شئٌ من ملايسٍ، إلا المنشفة يَضَعها عَلَى كَتفيهِ...
- هههه لماذا جَفلتِ حبيبتي؟
- لا! ولكنك فآجئتني
- سإفاجئكِ كثيراً، وستتمتعين في الأيام المقبلةِ جداً، فلو تعلمين كم كُنت أُعاني وأنا بعيدٌ عنكِ لمدةِ شهرٍ كامل... أعدك أن لا يتكرر هذا أبداً
- لنذهب إلى العشاء، ونكمل حديثنا
- أنتِ عشائي
وبدأ يقبلها ويداعبها، لكنها ما لبثت أن أفلتت منهُ، وأوصلت سلة الفواكه إلى المائدة، فلحق بها وجلسا لتناول العشاء، فقالت:
- الليل طويل، ولك ما تشاء... والآن أخبرني كيف سارت الأمور؟
- تمكنت من إخراج البضاعة من الميناء بأسرع وقتٍ، قبل أن تتلف، فلولا ذهابي مبكراً قبل وصول الباخرة، وإتمام أوراقها، لكانت خسارتي كبيرة ولا تعوض، ولكن الحمد لله لقد سارت الأمور على ما يرام، ولن أتعامل مع تُجَّار تلك الدولةِ مجدداً، فهم غير ملتزمين ولا منظبطين
- وأين كنت تنام؟
- في فندقٍ قرب الميناء
- لوحدك؟
- هل تشكين بي؟!
- لالالالا ... من المؤكد أنك لا تفعل ذلك...لكني.... كنت... سرحت في... لا عليك
بعد أن أتما عشائهما، ساعدها في ترتيب المطبخ، ثم حملها إلى السرير، وكأنهما في ليلةِ دخلةٍ جديدة، وبعد الإستفاقة من ساعات الجنون، أخذا حماماً جميلاً وجلسا في الشرفة يتناولان عصير الليمون، قال:
- والآن لنحضر حقائبنا
- نعم.. ما سنأخذ معنا؟
- شيئاً خفيفا، وما توديه من أشياء فسوف أشتريهِ لكِ هناك، لقد حولت مبلغاً كبيراً
- امممممـ...هلا ننامُ قليلاً، قبل أن يأتي الصباح؟!
- ولماذا النوم؟! غيري ثيابكِ ولننطلق الآن، هيا
غيرا ثيابها، وأحضرا حقائبهما، فحمل الحقائب ووضعها في صندوق السيارة، وصعدا، فركب الريح مسرعاً يدندن لها ويسمعها أحلى الكلمات، حتى بدأت دموعها بالنزول رويداً رويداً كحبات الندى، فانتبه لذلك، وقال:
- ما يبكتكِ حبيبتي؟
- ....... لا شئ، كلامك عذبً جميلٌ أسعدني
ثم أشاحت بوجهها نحو نافذة السيارة.....
بدأت خيوط الفجر ترسم ملامحَ يومٍ جديد، حيثُ ظهرت المناظر الجميلة لتلال حمرين، وهما يخترقانها بسيارتهما، لاح لهما شخصان يرتديان الزي الأسود، ويحملان سلاحاً رشاشاً بأيديهما، وضعا عارضاً خشبياً على الطريق، فأوقف سيارته وأنزل النافذة، تقدم أحدهما إليهِ قائلاً:
- من أين وإلى أين؟
- من بغداد وإلى الشمال
- إنزل
- لماذا؟
- أنت أسيرٌ ... نحن الدولة الإسلامية
- لا بأس خذوا السيارة وكل شئ ودعونا نذهب
كان المسلح الآخر يحاول فتح الباب الآخر للسيارة لإخراج الزوجة، وقد بدأت بالصراخ، فما كان من الزوج إلا أن ركل المسلح الأول بباب السيارة وأسقطه، وأخذا يتصارعان، وصار ينادي:
- خذي السيارة وأهربي بسرعة
فلقد بدأ الآخر يصوب سلاحه عليهِ، وهو يتصارع مع الأول، فتحولت الزوجة إلى كرسي السائق، وأحكمت غلق الأبوب، فأصابَ المسلحُ(الذي هو قرب السيارة) المتصارعَين، بعدة إطلاقات نارية وبشكلٍ عشوائي، ولما سقط الإثنان، ظن أنهما ماتا، فعاد وكسر زجاج النافذة، وأخرج الزوجة وأخذ يجرها، لكنهُ تفاجئ بهجوم الزوج عليه، بالرغم من تلقيه عدة إطلاقاتٍ في جسمه....
فقد المسلح سلاحهُ وجرى صراع بينه وبين الزوج، لكن الزوج إستطاع أن يحكم قبضتهُ على المسلح، وهو يمتطيه، والمسلح منكفئاً على الأرض... صار الزوج ينادي زوجتهُ ويكرر:
- أهربي... خذي السيارة وأهربي
في تلك الأثناء حضرت مفرزة للقوات الأمنية، وأنهت الصراع، كان الزوج في حالة يُرثى لها... تم نقلهُ إلى أقرب مستشفى، حيثُ أُجريت له الإسعافات الأولية، ثم نُقل إلى مدينة الطب في بغداد بسيارة الإسعاف...
كانت الزوجة جالسةً بقربهِ، تنظرهُ وتجهش بالبكاء، فقد عاد بها الفكر إلى الشهر الذي فارقها فيه، وكيف أنها خانتهُ! مع عامل إيصال الطلبات، عندما أوصل لها قطع البيتزا، بعد بضعةِ أيام من سفر الزوج، حيث شاركها سريره ووسادته، كُلَّ يومٍ تقريباً...
بدأ ضميرها يؤنبها، لخيانتها هذا الرجل العظيم، الذي ضحى بنفسه من أجلها، ولم يكن لهُ هَمٌ سوى إنقاذها، فصرخت وهي باكية:
- أنا لا أستحق كُل ذلك منك... إنني أحقر مما تتصور
وصلت سيارة الإسعاف إلى المستشفى... أدخلوه صالة العمليات، وبعد برهةٍ خرج الطبيب، ليخبر الزوجةَ والحاضرين بموت المصاب...
صرخت الزوجة وأخذت تركض نحو الجسر، وألقت بنفسها في نهرِ دَجلة، لعل ماءه يُطهرها، ولتُكفر عن ذنبها في توبةٍ متأخرة...
.........................................................................................
حيدر حسين سويري
كاتب وأديب وإعلامي
عضو المركز العراقي لحرية الإعلام
البريد الألكتروني:[email protected]



#حيدر_حسين_سويري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متسولة
- فساد الحاكم
- إلى وزارة التربية: دبابيس من حبر15!
- الحكيم ومصيبة التحالف الوطني
- المُعلمُ وظلم الوساطات والمحسوبيات
- جَهلٌ
- دبابيس من حبر14
- كابوس
- قصيدة -تجارة-
- قصة قصيرة جداً
- شَبَحُ المُوتِ
- كُتلَةُ الموُاطن: ضربة معلم
- باقةُ زهورٍ
- دبابيس من حبر13
- كتلة الإنقاذ الوطني: ماذا تعني؟
- السياسيون وشكوى الفقراء9
- الحلبوصي أصبح وصوصي
- شعر شعبي
- يا حلبوص: دم الشعب ممصوص!
- من -صقر بغداد- إلى -بطاقة ال كي كارد- المواطن تحت التقفيص


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر حسين سويري - توبة متأخرة