أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نبيل محمد سمارة - أم رعد والعشرة دنانير ؟














المزيد.....

أم رعد والعشرة دنانير ؟


نبيل محمد سمارة
(Nabil Samara)


الحوار المتمدن-العدد: 5292 - 2016 / 9 / 22 - 03:49
المحور: المجتمع المدني
    


لا اعرف كيف تذكرت قصة جارتنا القديمة أم رعد والتي مر على وفاتها خمسة وعشرون عاما , ولكن أحببت تمرير قصتي ونشرها هنا عسى ان تكون عبرة للذين بطونهم "متخومة" من مال الحرام ! .
أم رعد امراة تبيع السمك فارشة الارض بعشر مترات , ضاربة القوانين بعرض الحائط , حتى جماعة حزب البعث الذي كان وقتها حاكما للعراق لم يستطع زحيهها لمخالفتها قوانين البلدية . أم رعد رحمها الله , شرسة تتعارك حتى مع القطة , لم تمتلك الرحمة , تتشاجر مع المارة , ويا ويل للذين يمرون من أمامها ولم يشتروا كيلو أو أكثر منها . والمشكلة أن المتسوق مرغم من المرور من أمامها , لانها تبيع في بداية سوق الحرية الثانية , كنا في وقتها نجاملها وأحيانا نشتري السمك منها , كل أسبوع كيلو كي لا تسجلنا في قائمة الأعداء , وهذا الحال ينطبق على جميع أهالي الحي , حتى شيوخ العشائر " يتحاشون" مشاكلها ,وسيارات النجدة الذين هم أهل القانون يخافون منها . بكل الاحوال هي امراة , أن شتمت لا يستطيع الرجل أن يرد عليها . في وقتها كنت بعمر الصبي أمر من أمامها واتخيل أنني أمر من أمام دب مفترس يحاول أفتراسي , وعلى هذا أقوم بضربها بحجر صغير كي تركض ورائي , لأنني أعلم أن هذه المرأة بوزنها الثقيل لا تستطيع اللحاق بي وأنا الصبي الخفيف ,لا أعلم يا أصدقائي لماذا أنا - أحاول التحرش بها رغم أنها لم تتجاسر علي , ولكني أشعر بالاثارة مثل الاسبانيين وهم يطعنون الثور فيقوم بالركض ورائهم , ومن يسقط يتكسر جسده أو يتمزق .
أنا أعترف صراحة لكم . أنني مخطأ تجاة فعلتي هذه , ولكن بتصرفاتها الرعناء جعلتني ان أقود كومة من الصبية لمشاكستها , فتحمل السكين متوعدة لنا بطعننا بها , أوقفت أمي هذه المراة ووعدتها بانها سوف تمزقني ان استمريت على هذا المنوال , تبت من تصرفاتي الصبيانية لخاطر أمي , واصبحت تجاه أم رعد مثل الشماس الذي يخدم في بيوت الله , كبرت علاقتنا معها رغم الحذر , لأننا نعلم مهما نقدم لها من خدمات تنساها فورا . مرة من المرات الصدفة السيئة لعبت دورا لتكون في النهاية حكمة مؤثرة . كان والدي قد استلم راتبه من مدرسته , فأستوقفت أم رعد والدي وترجته أن تستلف منه عشر دنانير , لتشتري السمك , ولا اعرف للساعة لماذا والدي اعطاها هذا المبلغ والذي في حينها كان مبلغا دسما ,وقلت له : لماذا يا والدي سلفتها هذا المبلغ الكبير وقال لي : هذا ليس شانك , وبعد مرور شهر , وشهرين لم تسلم أم رعد المبلغ لوالدي , وذهب لها طالبا حقه فأنكرت ام رعد وقالت لوالدي : هل عندك دليل ؟! , أبي انصرف عنها والعوض على الله , وبعد مرور ثلاث سنوات , أم رعد لم نشاهدها خلال شهرين ولم نشاهد بضاعتها ذات الرائحة الكريهة , توقعنا انها ذهبت عند أشقائها في احدى محافظات العراق وستعود . وذات يوم باب دارنا يطرق , فتحت الباب واذا بأبنها يمد العشر دنانير ويقول لوالدي هذا المبلغ الذي كان بذمة والدتي وهي من بعثتني لاعطيك اياه ! كان الموقف مملوء بالغرابة , ولا نعرف لماذا سلمت المبلغ رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات , وبعد أسبوع سمعنا ان ام رعد قد انتقلت روحها للسماء بسبب مرض خبيث سرى في جسدها , فعلمنا انها تريد أن تموت غير مديونة لأحد ..
هذه الحكاية تذكرني بسراق اليوم , والذين لعبوا بمليارات الدنانير من دون أن يفكروا ان الموت لاحقهم لا محال , نسوا أو تناسوا أن ما يجنوه سوف يتركوه ولا يبقى لهم سوى الكفن , ما يحز في قلبي , ان هناك الألاف من المرضى بحاجة الى عمليات جراحية ولا يملكون المال , تمنيت أن يبنوا مستشقيات تغطي الحاجة لها , كنت أتمنى ان يعمروا المدارس للأطفال , وبناء جيلا مثقفا , كنت أتمنى من المليارديرية أن يقراوا قصة أم رعد والعشرة دنانير .



#نبيل_محمد_سمارة (هاشتاغ)       Nabil_Samara#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدينة الحرية كما عرفتها 1975-2003 -ريحانة حياتي- بقلم نبيل م ...
- بين - الدش والاريل - عادت حليمة لعادتها القديمة ؟ . بقلم نبي ...
- مسلسل باب الحارة . يهبط الى مستوى الخسارة
- خديجة اصبحت جدة ؟
- الفتوة السعودية في المرمى المدريدي ؟
- قصتان قصيرتان .. بقلم نبيل محمد سمارة
- هنيئا لنا هذه الثورة . وهنيئا لنا هذه الوحدة
- العراق وسفينة تايتنيك . تشابة احدثتها الصدفة
- الاديب محمد سمارة . علمنا ان نعشق الثقافة
- على قدر اهل العزم تأتي العزائم
- الكاتب الكبير نواف ابو الهيجا والفلم التركي و دموعي ! بقلم ن ...
- قناة البصرة الفضائية .. افتتاحية رائعة
- القدس تضرب والعرب يتفرجون ؟
- المطرب فخري عمر . وثلاثون عاما من الغياب / بقلم : نبيل محمد ...
- اين موقف دول الخليج من كل هذا الضجيج ؟
- أبكم وحبيبته التي لم تدم طويلا ؟
- علمانية الحكم .. الحل الوحيد لانقاذ العراق من الارهاب والفسا ...
- السلام على العراق وجرحه النازف
- الفيس بوك .. مشكلة العصر !
- النساء... بين سبي داعش والفصل العشائري / بقلم : نبيل محمد سم ...


المزيد.....




- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نبيل محمد سمارة - أم رعد والعشرة دنانير ؟