الوقت بين الماضي والحاضر..

حبيب مال الله ابراهيم
أكاديمي وباحث في مجال علوم الإعلام والصحافة
(Habeeb Ibrahim)

الحوار المتمدن-العدد: 5288 - 2016 / 9 / 18 - 10:28
المحور: تقنية المعلمومات و الكومبيوتر
    

الوقت بين الماضي والحاضر..
د.حبيب مال الله ابراهيم

هنالك حكمة تقول (الوقت من ذهب)....لم اكن اعرف مغزى هذه الحكمة في مرحلة الطفولة، لذا قضيت (أوقاتا) أطول في اللهو واللعب، لكني امنت بها حين كبرت وعلمت بان العمر يمضي ومن غير الممكن ان نودع بعضا منه في البنوك لنعيشه وقتما نشاء، وتفاجات حين ولجت ابواب الحياة العملية وتراكمت علي المسؤوليات، فأصبحت اشكو من عدم كفاية الوقت للقيام بهذه المسؤليات علي اكمل وجه...ولكن اليست لتكنولوجيا الاتصال يدا في ذلك؟ اليست تتحمل جزءا من شعورنا بشحة الوقت؟ اليست تحتاج هذه التكنولوجيا الى ان نستقطع لها جزءا من اوقاتنا؟
لم يسبق ان تعرض الانسان لتحدي، يتمثل بعدم كفاية الوقت، كما يتعرض لها اليوم ويكمن سبب ذلك في غزو تكنولوجيا الاتصال لحياته والمتمثلة باللابتوب والانترنيت والموبايل والالعاب الالكترونية والمسجلات الرقمية والاي باد، وطرحها كبديل عن وسائل الاتصال التقليدية، بل وخلق نوع جديد من الاتصال يسمى الاتصال الالكتروني، يكاد يكون بديلا عن الاتصال المواجهي (التحدث الى الاخرين والخروج معهم والدخول في مناقشات). فقبل مائة سنة على سبيل المثال كان الانسان يتمتع بوفرة الوقت، اما اليوم فهو يشكو من شحة الوقت بسبب تنوع اهتماماته الى الحد الذي تطلب تخصيص وقت طويل نسبيا لكل اهتمام.
ساهمت تكنولوجيا الاتصال في تنويع وتشتيت اهتمامات الافراد، فافراد المجتمعات جميعهم تقريبا يخصصون وقتا في استخدام الهاتف المحمول ففي احصائية نشرتها معهد pew internet عام 2010 كشفت عن زیاده‌ ملحوظه‌ لاستخدام الهاتف المحمول ووفقا لتلك الاحصائیة فان 76% یستخدمون الهاتف النقال للتصویر و 72% لارسال واستقبال الرسائل القصیره‌ و 34% لتشغیل الالعاب ولارسال واستقبال رسائل البرید الالكترونی فی حین یستخدم 38% الهاتف النقال لدخول الانترنیت و 33% لتشغیل الموسیقی و 34% لتصویر الفیدیو، تؤكد هذه الاحصائية ان الهاتف المحمول بدأ يغزو اوقات المستخدمين ويثير اهتماماتهم وهنالك امكانية لتحول الهاتف النقال الى اداة متكاملة يؤدي مهمات الكومبيوتر اثر التطور الذي طرا عليه لكن على حساب اوقات المستخدمين.
اما خدمات الانترنيت (استخدام الايميل ومشاهدة اليوتيوب والدخول الى المنتديات وقراءة الصحف الالكترونية والاستماع الى الاغاني وتنزيل الملفات) فهنالك احصائيا متباينة بهذا الشان وتشير احدثها الى ان متوسط استخدام الانترنيت في الولايات المتحدة الامريكية بلغ 16ساعة اسبوعيا، فيما يشير (يونغ) الى ان قضاء 38 ساعة في استخدام الانترنيت يعد ادمانا عليه، وتشير بعض مراكز الدراسات ان هنالك شبابا يواجهون عدة مخاطر جراء اهتمامهم بتكنولوجيا الاتصال بسبب اقتطاع وقتا من الراحة والنوم لصالح استخدام الانترنيت، كقلة النوم وتناول الطعام بسرعة والبدانة وتخصيص وقت اقل لقراءة المقررات الدراسية.
فيما اثرت قراءة الصحف والمجلات على اوقات القراء ايضا، مع ان هذا الوقت تاثر الى حد ما بالوقت المخصص لتكنولوجيا الاتصال الاخرى، فبسبب هذا التاثر اصبحنا نشهد ظاهرة القراءة السريعة والقراءة الذكية وقراءة الصحف الالكترونية وظهر جيل من القراء المتخصصين باهتمامات معينة كقراء الصحف الرياضية وقراء صحف الاطفال بسبب قلة الوقت. وبالنسبة لقراءة الكتب فهنالك احصائية تشير الى ان 20 فردا في الغرب يقراؤون 1400 كتاب في السنة وان ظاهرة قراءة الكتب تطورت في السنوات القلية الماضية بسبب بروز اجهزة الاي باد، فعن طريق خزن الكتب على الجهاز يمكن تصفحها وبقدر اكبر من المرونة، كما ظهرت في الولايات المتحدة ظاهرة قراءة الكتب بالهاتف النقال عن طريق خزن الكتب من نوع PDF.
وبالنسبة لمشاهدة القنوات التلفزيون بشقيها المحلية والفضائية وفي بحث اجريناه عام 2011 وجد ان متوسط مشاهدة الفرد في كوردستان لهذه القنوات يبلغ 4 ساعات في اليوم اي ما نسبته 16% من مجموع عدد ساعات اليوم الـ 24 مع ان نتائج البحوث العلمية تؤكد التاثير السلبي لزيادة عدد الساعات المخصصة لمشاهدة التلفزيون على التحصيل الدراسي، ويختلف اهتماماته ضمن هذه الساعات في مشاهدة البرامج السياسية والفنية ومشاهدة الدراما والبرامج الدينية والثقافية والترفيهية، اما بالنسبة للالعاب والمسجلات الرقمية MP3، فبالرغم من عدم وجود احصائيات بهذا الشان فان هنالك اقبالا لدى الشباب على استخدامها، فضلا عن التطور العلمي الذي ينتج كل يوم منتجا جديدا مشوقا ومفيدا الى حد ما لكنه يتلب الى ان يخصص له جزء من الوقت على حساب اوقات العمل او الراحة او النوم.
نضيف الى ما ورد ان الفرد بحاجة الى تخصيص وقت للعمل والاستجمام والنوم والاكل والخروج والاستراحة وتصريف العلاقات الاجتماعية، فتكون النتيجة ان الـ 24 ساعة لا تكفي للاهتمام بكل تلك الشؤون، صحيح ان لتكنولوجيا الاتصال فوائد كثيرة بدءا من الغاء المسافة بين المستخدمين الى الحد الذي يكاد يوفر اجواء الاتصال المواجهي، والمساهمة في سهولة الحصول على المعلومات بحيث وصف العصر الحالي بانفجار المعلومات ففي الولايات المتحدة الامريكية هنالك 85000 عنوان كتاب يصدر سنويا في الوقت الذي لا يستطيع الامريكي قراءة اكثر من 50 كتاب في السنة اي ان 84950 كتابا يظل خارجا عن حدود قراءة الفرد الامريكي، ففي الماضي كان هنالك قلة في توفر المعلومات يقابها وجود وقت لدى الافراد في البحث عن المعلومات، اما في الوقت الحاضر فهنالك انفجار في المعلومات يقابله عدم كفاية الوقت للاطلاع على هذه المعلومات.
اوجدت التطورات التي طرأت على حياة الانسان فنا جديدا سمي (بادارة الوقت) يسعى الى مساعدة افراد المجتمع على كيفية تقسيم الوقت وادارته من اجل ان يستفيدوا منه لانفسهم وخدمة لمجتمعهم.

#حبيب_مال_الله_ابراهيم (هاشتاغ)       Habeeb_Ibrahim#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل