مجتمع المعلومات ومجتمع المعرفة

حبيب مال الله ابراهيم
أكاديمي وباحث في مجال علوم الإعلام والصحافة
(Habeeb Ibrahim)

الحوار المتمدن-العدد: 5286 - 2016 / 9 / 16 - 14:46
المحور: الصحافة والاعلام
    

يقول عالم الاتصال الأمريكي جيمس ر. بينكر (James R. Beniger) ان مفهوم مجتمع المعلومات يشير الى المجتمع الذي يصنع المعلومات ويوزعها وينشرها ويستخدمها في المضي قدما نحو الرقي السياسي والاقتصادي والثقافي والحضاري. ويعود سبب اهمية المعلومات في كونها السلطة الخامسة مضافة الى السلطات الاربع المعروفة (القضائية، التشريعية، التنفيذية، الصحافة) وكوَن المعلومات تعد في يومنا هذا ثروة قومية تسهم المؤسسات الاكاديمية ومراكز البحوث ووسائل الاعلام في الدول المتطورة بانتاجها، فنجد انها تنفق 4% من ناتجها القومي على انتاج المعلومات، ويقدر إنفاق الولايات المتحدة الأمريكية واليابان والاتحاد الأوروبي على انتاج المعلومات ما يقارب 417 مليار دولار سنويا وهو ما يتجاوز ثلاثة أرباع إجمالي الإنفاق العالمي بأسره.
يتم استخدام تلك المعلومات في معالجة العديد من المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية في المجتمعات، فقبيل الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية 2012 توقعت استطلاعات الرأي فوز اولاند على ساركوزى بنسبة 58%، اي ان مراكز انتاج المعلومات لا تلعب دورا مهما في انتاج المعلومات بخصوص الظواهر والوقائع فحسب، بل وفي انتاج المعلومات التي يستند اليها في التنبؤ بخصوص الاحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتعبر كم المعومات المنتجة ونوعها عن امكانية الدول العلمية وكفاءة مؤسساتها البحثية والاكاديمية وطاقات علمائها، ومن اجل ذلك يحلم الطلبة في معظم دول العالم النامية في اكمال دراستهم في الجامعات العريقة في اوروبا والولايات المتحدة الامريكية وكندا واليابان واستراليا، ويساهم هجرة الطلبة لاكمال دراستهم في توفير الملايين من الدولارات سنويا للجامعات ومراكز البحوث في تلك الدول والتي تنفقها بدورها في انتاج معلومات جديدة وتوفير مصادر على شكل كتب وافلام وبرامج واحصائيات.
تسعى الحكومات في الدول المنتجة للمعلومات الى توزيع تلك المعلومات على افراد المجتمع بشكل عادل، في المدارس والمعاهد والجامعات ومن خلال وسائل الاعلام والكتب والدوريات، من اجل المساهمة في تطوير المجتمع، من جهة اخرى تسعى الدول المنتجة لها الى بيعها للدول الاخرى متمثلة بالبحوث والكتب وبرامج التلفزيون ويدخل كجزء من ناتجها القومي وامكانياتها الاقتصادية، لذا لابد من القول ان صناعة اخرى رائجة اضيفت الى الصناعات التقليدية متمثلة بصناعة المعلومات، لكن ما هي الفائدة التي يجنيها المجتمع من هذه الصناعة؟
ان سيادة القانون وبناء مجتمع مدني وتنشئة الأفراد تنشئة سياسية واجتماعية وعلمية ايجابية تحتاج الى ان تترسخ تلك المعلومات عند الأفراد ويتم الاستفادة منها في فهم تركيب الوقائع وانواع المتغيرات والتنبؤ بالظواهر العلمية وايجاد الحلول للمشكلات وربط المفاهيم بعضها ببعض اذا تطلب ذلك، ان هذه العمليات تساهم في توجه المجتمع نحو المعرفة والوعي، اي مساهمة المعلومات في تشكيل مجتمع المعرفة ما ينطوي على امتلاك الأفراد للوعي والذي يعد مصدرا هاما في استقرار المجتمع وتقدمه وترسيخ التعايش السلمي والوعي بالمسؤولية وايجاد صيَغ جديدة للحياة المستقرة.
بالمقابل، فان معظم الدول النامية لا تساهم في انتاج الا جزء يسير من المعلومات في مراكز البحوث والجامعات التي تمتلكها، وهي تواجه ايضا صعوبة في استخدام تلك المعلومات لمعالجة مشاكلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تعاني منها، كذلك تشكو من فشلها في توزيعها بشكل عادل بين افراد المجتمع فأحد اهم التحديات التي تواجهها بهذا الشأن تتمثل في ان فرص حصول الافراد على المعلومات متباينة من فرد الى اخر ومن اسرة الى اخرى، في الوقت الذي تسعى الحكومات في الدول المتقدمة باعطاء تلك الفرصة لجميع افراد المجتمع بشكل عادل، حتى لابناء الاسر المحتاجة وفقا لنظام اقراض الطلبة، وتواجه الدول النامية صعوبة في نشر المعلومات لامكانياتها المتواضعة في انتاج المعلومات من جهة ولعدم امتلاكها تكنولوجيا الاتصال الحديثة التي تساهم في نشر المعلومات، فضلا عن التحديات التي تم التطرق اليها.
تعاني بعض المجتمعات النامية من عدم استفادتها القصوى من المعلومات التي تنتجها المجتمعات الاخرى بسبب تباطؤ حركة الترجمة وانشغال افراد المجتمع بمجالات اخرى غير مجال نشر المعلومات او الحصول عليها. ان تاكيد مفهوم مجتمع المعرفة لهو امتداد لمجتمع المعلومات وتستمر عملية التحول عقب جهد تبذله الحكومات بايجاد الارضية الملائمة وتشجيع الكفاءات العلمية والبحث عن مؤسسات او مراكز للبحوث لانتاج المعلومات، كذلك العمل على ترسيخ مبادئ هذا التحول لدى افراد المجتمع للاستفادة من امكانيات الشعوب في التطور بكافة المجالات.

#حبيب_مال_الله_ابراهيم (هاشتاغ)       Habeeb_Ibrahim#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل