أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب مال الله ابراهيم - أم.......وات















المزيد.....

أم.......وات


حبيب مال الله ابراهيم
(Habeeb Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 5277 - 2016 / 9 / 6 - 23:29
المحور: الادب والفن
    


أمـــ......وات
مسرحية من فصل واحد
د۔حبيب مال الله ابراهيم
يرقد حارس المقبرة العجوز على سرير قديم. يمسح بيده ظهر قطة ترقد بجواره ويدخل من الشباك صوت صرير الرياح وهطول الامطار. يسمع طرقات على الباب:
الحارس: ادخلا...ادخلا...
ويكمل باهمال: لقد حضرا من جديد، ثم يسمع صوت رجل غريب: من هناك؟
الحارس: ادخل ايها الغريب.
يدخل رجل انيق يبلغ الخمسين يلبس بدلة سوداء يقف عند باب وينظر الى ارجاء الكوخ قبل ان يستقر نظره على الحارس.
الحارس: من انت؟
الرجل وهو مبلل: اتاذن لي بالدخول..انا عابر سبيل منعته الامطار من الوصول الى القربة..لقد تركت سيارتي على مسافة ليست بعيدة حين انطفا محركها وجئت كي اقضي ليلة ريثما استطيع مواصلة الطريق الى القرية.
الحارس: هل طردت من بيتك لتخرج في مثل هذه الليلة العاصفة؟
الرجل: ومن يريد الخروج لولا امور طارئة...يبدو ان كوخك قديم لكن لا باس به فهو كفيل بايوائنا هذه الليلة. ثم اكل: اتسمح لي بالجلوس ريثما تجف ملابسي؟
الحارس: تفضل بالجلوس تستطيع ان تشعل نارا، هنالك حطب وعلبة كبريت ايضا، لكن عليك ان تبحث عنها في جيوب ملابسي الرثة.
الرجل (وقد قام ليبحث عن علبة الكبريت في جيوب ملابس الحارس): لم اعلم بان هنالك اناس يتشبثون باذيال الحياة رغم قسوتها (وقفة) لكن اتعلم بان طعم الحياة يكمن في قسوتها؟ هكذا قرات في الكتب لكني لم اتذوق طعم القسوة.
الحارس: انك تتحدث ببلاغة. هل تعلمت في المدارس؟
الرجل: نعم...لكن اتظن ان العلم الذي تعلمته في المدارس يغني عن علوم الحياة؟ (وقفة) اين وضعت علبة الكبريت لقد بحثت بين جميع ملابس القديمة. (وقفة)...اه...انا اسف لم اقصد الاساءة....وجدتها اخيرا.
الحارس: اتظن انني بانتظار ان تفتح الحياة لي احضانها بعد كل هذه السنوات؟
الرجل: ما هو عملك ايها العجوز؟
الحارس: احرس المقبرة التي تراها خلف الكوخ.
الرجل: اتحرس الموتى؟ ماذا تقصد بحارس المقبرة؟
الحارس: كل ما اعلمه انني اعيش بجوار المقبرة مقابل اجر قليل يبعثه لي اهل القرية وطعام ان ذكرت او تجرأ احد صبيان القرية على احضاره لي.
الرجل (وهو يجمع الحطب في مدفاة صغيرة): الاطفال...ما اعجبهم...نفوسهم تخاف من الاموات. كنت اخشى الاموات في طفولتي وكنت اخشى النظر الى صورهم المعلقة على الحائط وانا مدين للمدارس في تعليمي وصرت لا اخاف بسبب معرفتي بقانون الحياة . (وقفة) هل نمت ايها العجوز...لم اعد اسمع لك صوتا.
الحارس: اسمعك ايها الرجل...انت صادق فيما تقول...ما اسمك ايها الضيف؟
الرجل: اسمي منير...لي اخ يسكن القرية اسمة فريد...اتعرفه؟
الحارس: يخيل لي باني سمعت اسمه، منذ متى وهو يسكن القرية؟
الرجل: منذ ثلاثون عاما (وقفة) الا تخبرني عن احوال القرية، انني لم ادخلها منذ خمس سنوات.
الحارس: لم اعد اتذكر احدا منهم...فانا احرس هذه المقبرة منذ خمسة وعشرين سنة.
الرجل: لقد تذكرت حديث استاذ مادة الفلسة في الكلية...اتريد سماعه؟
الحارس: كما تشاء.
الرجل: انه عن برنادشو كاتب انكليزي عاش قبل قرن من الزمان فسال رجلا ذات يوم اثناء مروره بمقبرة عما بيفعله فقال له الرجل انني احرس المقبرة، فقال له برنادشو: اتحرس مكانا من بداخله لا يستطيعون الخروج ومن في الخارج لا يحبذون الدخول.
الحارس: اتقصد ان مكوثي في هذا المكان لا فائدة منه؟
الرجل: وافلاطون حين قسم المهن في جمهوريته لم يسمي مهنة حارس القبور.
الحارس: ما هي مهنتك؟
الرجل: اجبني انت اولا. كيف تقضي اوقاتك هنا؟ الم يحيلك السكون الى فيلسوف؟ كما تعلم زرادشت الفلسفة من وحدته.
الحارس: يبدو انك تعرف زرادشت ايضا، اني لم اتفوه باسمه امام احد منذ زمن طويل.
الرجل: وكيف عرفته انت؟
الحارس: لقد زارني هنا مرارا.....في كوخي هذا وقد جلسنا سوية نتحدث بامور الدنيا.
الرجل (وهو يحدث نفسه): مسكين..بدا يهذي..
الحارس: مظهرك يكشف عن سعة حالك.
(سمعا في هذه الاثناء طرقات قوية على الباب)
صوت رجل في الخارج: هل انت في الداخل ايها الحارس؟
الحارس: ادخل (ثم يوجه حديثه للرجل) اتقدر على فتح الباب له، فلست اقدر على النهوض.
الرجل:ومن يزورك في مثل هذه الساعة؟
الحارس: انه المزارع..لكن لا تصافحه لانه مريض.
(يفتح الرجل الباب، يدخل مزارع في الستين بملابس رثة ويمد يده ليصافح الرجل لكن الرجل لا يمد يده بناء على نصيحة الحارس)
المزارع: مرحبا ايها العجوز المسن (ويجلس على حافة سريره)
الحارس: لم يجدر بك ان تاتي الليلة لاني استقبل ضيفا. واين زوجتك الثرثارة؟ اتلحق بك بعد قليل؟
المزارع: الشريرة انها قادمة...ساقتلها لو تطاولت علي.
(يسمع في هذه الاثناء صوت انفتاح الباب ودخول امراة في الاربعين عليها بقايا جمال ريفي)
زوجة المزارع: (وهي تنظر الى الرجل): انك تستقبل ضيفا ايها العجوز...الا نستطيع التعرف اليه.
الحارس: دعوه وشانه اجلس ايها الضيف، اقترب من النار لتجف ملابسك.
الرجل: ملابسي لاتزال مبللة.
زوجة المزارع (وهي تجلس بقربه): كم انت وسيم ايها....
المزارع: لماذا تنظرين اليه هكذا..دعيه وشانه.
الرجل (بارتباك): يجدر بك الجلوس قرب زوجك.
المزارع: انك مصدر مشاكلنا ايها المنافقة...
زوجة المزارع: انا منافقة ايها المسن..كنت اجمل فتاة في القرية كوردة الربيع...لكني ذبلت حين تزوجتك.
المزارع: اكنت ترغبين في ان تتزوجي عشيقك؟
زوجة المزارع: تبا لليوم الذي تزوجتك فيه. (وتبدا في البكاء)
المزارع: لماذا تبكين...الانك اشتقت اليه.
المرا: لقد كان شابا وسيما.
الرجل: لقد انقضى كل شيء يا سيدتي فانت الان بعهدة رجل محترم.
المزارع (وهو يضحك بسخرية): انا محترم؟ اخطت ايها الضيف..لو كنت محترما ما تزوجتها.
زوجة المزارع: يا ليتني لم اتزوجك...يا ليتني مت قبل ان اتزوجك.
المزارع (وهو يسخر منها): وماذا انت الان؟
الرجل: يبدو ان الحارس يغط في نوع عميق.
الحارس: لست نائما لازلت استمع اليهما.
الرجل: اتعلمان ان الحب كحبة الجوز...اما ان يكون القشر مغطيا لحشو لذيذ او حشو متفحم..اليس كذلك؟ (وقفة) اتظنان انكما اول زوجان اخطاتما التقدير؟ كلا فلستما الوحيدين لقد اخطا قبلكما الكثير ويخطا بعدكما الكثير...انتما لم تخطئا بمحض ارادتكما حينما اخترتما طريق الزواج بل ضحيتما من اجل الحفاظ على هذا الوفاق بينكما.
المزارع: وكيف ذلك؟
الرجل: كنت انت تملك الارض والقوة والصحة والشباب وهي تملك العفة والشرف والجمال...وقد اخترتما العيش سوية لتتشاركا في كل ذلك.
زوجة المزارع: لقد تزوجته نزولا عند رغبة والدي...كان بحاجة الى المال كيف تعيش اسرتي.
الرجل: انها تضحية بعينها..فقد انقذت اسرتك من الجوع كنت كالجندي الشجاع تقدم الى ساحات القتال كي ينجي اصحابه، كنت كمن نزل من القارب وغرق بمحض ارادته كي يخف وزن القارب ليصل به الاخرون بسلام...انت امراة مضحية في نظر الانسانية. (ينظر الى المزارع) وانت ايها المزارع ليست خطيئة انك بحثت عن الجمال وسعيت للوصول اليه بالحلال، فهنيئا لك...حين رضيت بهذا الزواج واعطيت لوالدها مهرا سخيا دخل اسمك الى قائمة الاسخياء فضلا عن انك انقذت اسرة من براثن الجوع...انقذت صحراء من الجفاف وكان جزائك نخلة جميلة اصبحت ضمن املاكك.
المزارع: لم اتردد يوما في مساعدة اسرتها.
الرجل (وهو يقاطعه) لانك انسان كريم ويجدر ان اقص عليكما هذه القصة (وقفة) اتسمعني ايها الحارس؟
الحارس: اكمل ايها المتعلم...فان حديثك يبث الطمانينة والراحة في النفوس.
الرجل: تزوجت فتاة جميلة من رجل مسن وقد عاشا سوية بسعادة ثم ترك الرجل زوجته بعد ان اختطفته الاقدار وظلت زوجته وفية له، وحين ادركت بانها الرجال ينظرون اليها بشيء من التشهي دفعها وفائها لزوجها ان تجرح وجهها بسكين حاد ليترك الحرج اثاره على وجهها وتبدو دميمة بعيون الرجال وهكذا عاشت وفية لزوجها.
زوجة المزارع (بذهول): ما لوفائها.
المزارع: يجدر ان تقتدي بها النساء.
الرجل: انتما اوفياء ايضا...زوجتك وفية لانها عاشت معك وقضت سنوات حياتها برفقتك، كذلك انت وفي لها لانك لم تفرط بالحياة الزوجية بسهولة.
المزارع: احسنت قولا ايها الرجل.
زوجة المزارع: كان حديثك ممتعا.
الحارس: ايقنت الان ايها الضيف بان رحلتك في الحياة لم تكن رحلة شخص غفى منذ ان استقل قطار الحياة ولم يستيقظ الا في المحطة الاخيرة.
زوجة المزارع: لا اظن باننا سنزعجك ايها المزارع، فلسنا بحاجة الى ان نتشاجر (تقترب من زوجها وهي تنظر اليه باطمئنان).
المزارع: سنمضي في طريق اضاءه لنا هذا الضيف.
الحارس (يسمعون صوت صياح ديك): انه الفجر...سانام ملئ جفوني.
الرجل: وقد جفت ملابسي (ثم تهب ريح خفيفة تطفئ الفانوس)
(صوت صياح ديك يتخلله ضوء الصباح وينهض الرجل من النوم ينظر بين ارجاء الكوخ فلا يرى احدا)
الرجل (وهو يكلم نفسه): اين اختفى الحارس؟
الحارس (وهو يدخل الكوخ): صباح الخير ايها الضيف؟
الرجل: اين ذهبا المزارع وزوجته؟
الحارس: لقد مضيا عند الصباح الباكر.
الرجل: الى اين؟
الحارس: لقد كانا روحان هائمان.
الرجل (بذهول): هل بدات تهذي؟
الحارس:الا تصدقني انهما ياتيان كل ليلة كي احكم بينهما...لكنك انت من حكمت. (وقفة) تعال الى الخارج لتلقي نظرة على قبرهما.
(يخرجان من الكوخ ويقفان امام قبرين متجاورين)
الرجل: اكاد اجن.
الحارس: لقد احسنت قولا لهما.
الرجل: لا اصدق...يجدر بي الذهاب ايها الحارس...(ينظر الى ورائه فلا يجد الحارس)
الرجل: اين اختفيت ايها الحارس:؟
(يقترب راعي في تلك الاثناء)
الراعي: ماذا تفعل بجانب كوخ الحارس؟
الرجل: لقد كان واقفا الى جنبي لا اعرف كيف اختفى وقد قضيت ليلة معه.
الراعي: لكنه ميت...اعني مات قبل سنتين.
الرجل (بذهول): ماذا؟ يجدر ان انصرف قبل ان اكتشف اني ميت انا الاخر.



#حبيب_مال_الله_ابراهيم (هاشتاغ)       Habeeb_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُحاكمة كلب
- أزمة الاعلام العراقي
- ازمة الاعلام العراقي (2)
- البُعد اللغوي للثقافة
- التحديات التي تواجه الاقليات العرقية والدينية في العراق
- النظام التعليمي في العراق ... واقع مؤلم
- ازمة الاعلام العراقي
- احداث 11 سبتمبر ... قراءة جديدة
- ثلاث قصص قصيرة
- اتذكرهما
- اهتزازات خيال
- الصورة الصحفية
- عولمة الاعلام ... مفهومها وطبيعتها
- محاربة الفكر الارهابي
- المقابلات الإذاعية والتلفزيونية
- الأخبار الاذاعية والتلفزيونية
- غرفة الأخبار
- فلسفة الاتصال الجماهيري
- الوضع الأمني في كركوك
- المواطن الصحفي


المزيد.....




- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب مال الله ابراهيم - أم.......وات