أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميشيل زهرة - داعش ، ربيع العرب ..!














المزيد.....

داعش ، ربيع العرب ..!


ميشيل زهرة

الحوار المتمدن-العدد: 5274 - 2016 / 9 / 3 - 14:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم يبق مثقف تقدمي ، حداثي ، في الغرب المسيحي ، لم يكتب عن وحشية طروحات الكهنة ، و من يتبعهم ، و سلوكاتهم الدموية التي أجهضت الوعي الغربي لزمن طويل . و قتلت روح المبادرة لدى تلك الشعوب . و لولا عملية فضح طريقة التفكير الكهنوتية ، يومذاك ، لما انتفضت الشعوب الأوروبية من غفلتها ، لتقوم ببناء مجدها الحضاري . و قد تلقت تلك الشعوب الثقافة الجديدة بروح منفتحة إلى حدّ كبير ، أدى بها إلى توجه الوعي المنتفض ، نحو العلمانية التي وضعت القارة المسيحية في مقدمة شعوب العالم . بذلك خرجت أوروبا من ( ظلامها ) حاملة المحرك البخاري بيد ، و المدفع باليد الأخرى . لتسيطر على العالم الذي بقي مشغولا بالغيب ، و الفكر الخرافي .
ما يحدث اليوم في هذا المنعطف الحاد ، من تاريخ المنطقة الإسلامية ، يُشبه ، إلى حدّ ما ، ما حدث في أوروبا نهاية القرون الوسطى . و لكن ما يلفت النظر في بلادنا : إن المثقف العربي ( المتدين ) و لا أقول المتطرف ..رغم أنه متطرف مع وقف التنفيذ ، مادام لم يخضع النص للعقل .. ينتفض هذا المثقف ضد أي نقد للفكر الديني بدوافع عديدة . منها الخوف على مرتكزاته الفكرية الروحية ، من التهدم ، و الانهيار ، و التي بنى عليها ثقافته..! و منها الغيرة على الدين ، أمام الديانات الأخرى متمسكا بموروثه ( الحضاري ) الذي تعلمه في التواريخ ، المزيفة ، المدرسية ، للأنظمة العربية التي اعتمدت على أمراء الدين في حمل كراسيها ، و حمايتها . و كثيرا ما يتأفف ذلك المثقف ( العلماني ) الذي بنى علمانيته على حامل ديني ، فسقط المحمول في هذه الرجّة العنيفة ، في هذه المرحلة ، و بقي الحامل فقط ، ليقاد سلوك ذلك المثقف العربي بروحانيته الدينية ، التي حاول التنكر لها في مرحلة ( النهوض ) الفكري بتأثير الفكر الغربي الحداثي ، بما أنتج من سلع أذهلت العقل العربي ، و جعلته مندهشا منساقا خلف العقل المنتج للآلة ، التي أنتجت السلعة التي غزت ، بدورها ، أسواق العرب . ناهيك عن الحداثة الغربية ، التي نسخها العقل العربي نسخا ، دون أرضية اقتصادية ، و ثقافية منتجة للسلع ، و المفاهيم التي راحت تغزو اللغة العربية ، و غيرها من اللغات ، التي بقيت شعوبها مستهلكة لكل قادم من الغرب ، من سلع ، و أفكار ..!و لم ينتبه المثقف ، و لا من يقدس العربية ، و يعتبرها لغة السماء ..إنها في خطر من غزو المفاهيم ، و المفردات التي تسربت إليها ، و ما أكثرها . و عندما اشتغل العقل العربي في ترجمتها ، قام بإفسادها ، و لم تعط الترجمة للكلمة روحها . لذلك وقع العقل العربي في ورطة التسليم ، و النكوص ، و الانكفاء ، على ذاته ، هربا ، أو خوفا من الحداثة ، القادمة من الغرب ، الذي بولغ في نعته بالكافر ، من الأمير الديني العربي ، و الأمير السياسي أيضا قام بفعل مضاد متجاوبا مع الديني لهروبه أمام الحداثة الغربية ، لتجييش عامة الناس خلفه ، للّجوء إلى السماء ، مبتهلا للرب ، الذي خلق خير أمة ، أن يدمر بلاد الكفار على رؤوسهم ، و يدمر صناعتهم ، و ما إلى ذلك من أدعية . في ظني لو لم يولغ مشايخ الدين في المسيحية الأوروبية بفتاويهم ، في دماء أبناء الدين الواحد ، و إن اختلفت طرق عبادة الإله المسيحي ، لما كانت اليقظة التي كبلت جماح أمراء الدين المسيحي ، و أطلقت الحرية للشعوب و عقولها . و هاهي منظومة الوعي الداعشي تقوم بذات الدور .
من يقرأ عنوان المقال : ( داعش ربيع العرب ..! ) يقع في حيرة من فهمه ، أن يكون الكاتب في الصف الداعشي ..! و لم يعتبر : إن داعش ، و فكرها الذي خرج من جماجمنا نحن العرب ، نتيجة حشوها بنصوص ، خرجت على هيئة كائنات تحمل السيوف ، بذقون القرون الوسطى ، و ألبستهم ، لتنقضّ على كل من يخالف ، أو يختلف معها في الطرح . سافكة دماء الجماعات بلا رحمة ، باسم الله. أجل ..! داعش فتحت قبور السلف .. و أخرجتهم جميعا مع أحصنتهم و جمالهم ، و سيوفهم .
و لكن الحقيقة لو لم تكن داعش في هذه الفترة بالذات ، لما خرجت تلك الكائنات المختبئة في مقبرة الذاكرة ، على هيئة فتنة . كما يرغب المتدين أن يسميها ..! معلنا : الفتنة نائمة ..لعن الله من أيقظها ..! و لكنك لو طرحت عليه فكرة : لم لم تُقتل الفتنة يا شيخي ، و ينتهي الأمر ..؟ لانتفض على الفور ، لأن قتلها يعني له انهيار النص ..و عندما ينهار النص ، الذي هو كمدماك ، في البناء الروحي للمتدين ، ينهار البناء كله ..لهذا السبب لم نر مؤسسة دينية إسلامية ، على طول هذه الأرض المنكوبة بروحانيتها ، خرجت لتكفر داعش . أو تشكك في النصوص التي اعتمدت عليها ، في أفعالها . بل قامت بفتاوى تسير في ذات النسق الداعشي ، خشية اهتزاز إيمان الناس بجوهر النص ، و ميلاد الشك عند المسلم .
و لكن الواقع لم يخدم هذه المؤسسات . لا من السلوك الداعشي ، الذي وضع العقل في مأزق الشك ، و التساؤل ..! و لا من الفتاوى المتطرفة ، لهذه المؤسسات ، التي تعتبر ذاتها خارج النسق الداعشي ، كالفتاوى الأزهرية التي وضعت المسلم المنفتح ، و ما أكثرهم ، أن يقف مع ذاته وقفة يعول عليها في المستقبل القريب. متسائلا : هل هذا هو جوهر الدين ..؟؟ و هل الله يأمر بقتل الكائنات التي ( خلقها ) بهذه الوحشية ..؟؟ حتى ذلك الإنسان الذي قام بفعله الداعشي من المسلمين ، لا بد لديه من السؤال : ماذا فعلت ..؟ لمن هذا القتيل ..؟؟ هذا بعد أن أشبعت الروح المليئة بالحقد التاريخي .. بين رموز حملونا ثأرهم ، و لا طاقة لنا به .
لهذا أقول : إن اليقظة قادمة ..و النهضة قادمة ..و ما علينا إلا أن نتناول النص عاريا دون أن نلبسه ثوب انتماء صاحبه ( بالمولد ) . فالذاكرة محشوة بكل فاسد و زائف ..فلنحاكم التاريخ ، و الذاكرة ..و نفككها ، كما فعلت داعش في بنائنا الروحي ..لقد فككت البناء العاطفي للعربي دون رحمة ..فما فعلته داعش ، عن غير قصد ، لم تستطع فعله كل المنظومة الثقافية العربية ، مع أنظمتها ..! لذلك أقول : داعش هي ربيع العرب ..!



#ميشيل_زهرة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذكرات جنرال عربي ..!
- العقم الفكري ..!
- الوحش ..!!
- قطب واحد ..!
- الكذب المقدس ..!
- الكذب المقدس ..!!
- الحمير تفكر .. و تعشق أيضا ..!
- الملفّ ..!
- الأميران : السياسي و الديني ، و خصوصية الحكم العربي ..!
- قبل الفيس بوك ..!
- السقوط ..!
- قصة قصيرة
- عندما تضيق أمة بسؤال بريء ..!
- تساقط الرموز ..سقوط الأمة ..!
- الرموز ...و تساقط الأمة ..!!


المزيد.....




- حميدو الولد الشقي.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر ...
- من بينهم باسم يوسف وإليسا وفضل شاكر.. هكذا علّق نجوم عرب على ...
- أردوغان بعد سقوط نظام بشار الأسد: نقف إلى جانب السوريين بكل ...
- اسلامي: إيران تحظى بقدرات متكاملة في صناعة الطاقة النووية
- ما هو موقف حركتي الجهاد الاسلامي وحماس من تطورات سوريا؟
- القيادة العامة للفصائل السورية تعلن القبض على أشخاص ينشرون ا ...
- ثبت تردد قناة طيور الجنة الان على القمر الصناعي وفرجي أطفالك ...
- سلاف فواخرجي: -لن أتنكر لما كنت عليه سابقا- وأتمنى -سوريا ال ...
- -يهود مصر-.. إسرائيل تنشئ مشروعا ضخما وسط تل أبيب
- “اضبط الآن ترددها الجديد” سلي ولادك ومتعهم مع قناة طيور الجن ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميشيل زهرة - داعش ، ربيع العرب ..!