ميشيل زهرة
الحوار المتمدن-العدد: 5267 - 2016 / 8 / 27 - 13:55
المحور:
الادب والفن
لقد خرج الوحش من أعماق الجميع ..هذا الوحش الذي رضع معنا من أثداء أمهاتنا ..!
كنا نراه يجلس معنا على مائدة الإفطار و نحن صغارا ..! يجلس معنا على مقاعد المدرسة ..و على مرأى من الأساتذة الذين كانو يبتسمون له بإجلال .. كبر معنا ..ذهب معنا إلى الجامعة ..رافقنا إلى غرف نومنا ..مسّدنا له شعره قبل النوم ، و بعيد اليقظة شكرا له لأنه ايقظنا دون أن يلتهمنا .. !! تثاءب في وجوهنا ليبارك خطانا ..كان ينام بين أبي و أمي مثل تعويذة مباركة ..! كان أبي يستأذنه في خلع سروال أمي ..!
يُربّت أبي ، على كتفيه مذعورا ، في اليوم مرارا ... يُداعب له شعر جسده الخشن ..و يكركر له تحت ذقنه ..فيفتح فكيه لذة و نشوة ، كأنه يضحك ..! حتى كنا نرى لهاته المرعبة ، و انيابه المرعبة .. و ندّعي القبول .! و نرى آخر ضرس فاتك في أسنانه الحادة ..!!
لم يُطمئن ، فطرة طفولتنا ، مرآه ..! و كنا في أسرارنا نتمنى أن ( يُقتل الوحش ) .. لأنه يُحاصر طفولتنا .. ويدخل جماجمنا رقيبا مرعبا على كل حركاتنا ، التي نريد لها أن تكون طليقة منه .. بل نريد التحرر منه بإصرار..!! لأنه لو عاد إلى جحره في جماجمنا ليغفو ، لعاد ثانية إلى الحياة ..!
الجدّة قالت ذلك في حكاياتها عن الغول ، حارس النبع ، عندما كنا نتحلق حولها نحن أحفادها ، و قد فتحنا أفواهنا و عقولنا دهشة من حبكة حكاياتها عن مقتل الغول حارس الينابيع :
_ يا شاطر حسن ..يا سي علاي الدين ..اضرب بسيفك ضربة واحدة ..لا تُثنّي ..فإن ثنّيت ..تخسر المعركة ..!!
و هاهم أطفال اليوم الممتلئين رعبا ، يستنهضون همم ، أبطال العقلاء . و قبل أن يدخل الوحش إلى أعماقهم ، ليضاجع الفتنة النائمة على أسرة أرواحهم المسالمة البريئة ، ليُدنّسها ، فتتكاثر الفتنة ..و يتكاثر الوحش ..! يصرخون بمل رعبهم الذي في عيونهم :
_ هل من بطل يشهر سيفه ليقتل الوحش القابع ، بهوله ، على النبع ، و يقتل الفتنة النائمة ، القائمة أيضا..؟؟
( و كفى الطفولة رعب الوحش القابع في أرواحنا ..!!! )
#ميشيل_زهرة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟