أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - الأجندة العربية والأجندة الأمريكية















المزيد.....

الأجندة العربية والأجندة الأمريكية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1407 - 2005 / 12 / 22 - 11:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يحلو لفلاسفة العصر، ولدهاقنة الإعلام ومنظريه الثقاة، والمتمولين المتعيشين على فتات، وهبات الأجهزة التي ليس لها أية "أجندات" على الإطلاق، أن يتكلموا عما بات يعرف لدى كل من يريد تلبّس عباءة الثقافة والتفوه البلاغي بالحديث عن "الأجندة الأمريكية" الخاصة بالمنطقة العربية ويردّوا لها كل النوازل والملمات. ويذهب "فلتات" هذا العصر والشطار بعيدا في تفسير، وفصفصة، وتعرية المشروع الأمريكي في المنطقة العربية تحت البند العريض المعروف بـ " الأجندة الأمريكية" بالمنطقة للتدليل على سعة ثقافتهم، وعمق تبحرهم، وبُعْدِ تبصرهم بأمور السياسة، وأدلجة التعاسة في هذا الركن المظلم البئيس من العالم، ولا ننسى أن كلمة أجندة، وكما هو معلوم، كلمة لا تينية تعني البرنامج، وقد وجدت طريقها إلى مختلف اللغات، بفعل التقدم الحتمي، والمبارك، للعولمة، وانفتاح الثقافات بعد طول غلق، وحصار. وقد أدخل عتاولة الإعلام الممول، وشطّارهم هذه المفردة إلى القاموس السياسي اليومي المتداول في هذه المنطقة، وبنوا عليها كل تحليلاتهم، ورؤيتهم للمشاكل المزمنة التي تعاني منها المنطقة كالاستبداد، والفقر، والفساد.

فمثلا إذا عطست عنزة في سواد العراق، سينبري هؤلاء إلى تفسير هذا الأمر كله بسبب الأجندة الأمريكية الإمبريالية، والتدخلات الخارجية بالمنطقة، وإذا فُقدت ناقة في الربع الخالي فمرد ذلك طبعا إلى مشروع الشرق الأوسط الكبير، والأجندة الأمريكية، والمخططات الصهيونية في المنطقة، وإذا فشلت الخطط التنموية، ونهبت الأوطان، وانهارت العملات،وتسرطنت المعتقلات وأفلست الميزانيات، وجاعت الرعية والعباد، واستشرى الفساد، وساء الإعلام، وعم البلاء، وقتل فرد على فارعة الطرقات، وتخبط الوزراء، وانسطل الساسة، وإذا تعثر، ونوّم الإصلاح، فمرد ذلك للشياطين والغرباء الذين لا يتركون الناس يعيشون بهدوء وسلام، ويردّون كل الشرور والآثام إلى ماوراء البحار والمحيطات.

ويردد هؤلاء بكل حصافة، وتذاكٍ، وخيلاء أن الأجندة الأمريكية تستهدف الإنسان العربي بالذات، ستلتهم الأخضر واليابس، هذا إذا ترك لها أصحاب "الأجندة العربية" الكرماء أي شيء تلتهمه على الإطلاق, وإذا تبقى من تمارس عليه أية أجندات بعد ذلك. ولسناهنا بموقع الدفاع عن السياسة الأمريكية، وما فعلته وتفعله من كوارث، وأخطاء، ودعم مزمن لأنظمة الطغيان باعتراف بوش حبيب العربان، حيث لا تستطيع كل عطور وملطفات الجو في العالم أن تمنع الأنوف من أن تتحرى تلك الرائحة النتنة التي تعبق في كل مكان جراء تلك السياسات الطائشة الحمقاء، والتي يحفل بها الإعلام اليوم، وكان من نتائجها المدمرة مثلا أن استقال اليوم أحد القضاة الأمريكان احتجاجا على فضيحة التجسس على المواطنين الأمريكان. ولن نأتي على العراق فالقصة معروفة للصغار والكبار. ولكن، في نفس الوقت لا يجد المرء فرقا أو فاصلا بين الأجندتين على الإطلاق، فالخاسر في كلتا الحالتين هو الإنسان الذي شاء حظه العاثر أن يقع فريسة بين هاتين الأجندتين، ويولد في هذا المكان. وفي الحقيقة فإن في مثل هذا الكلام إهانة كبرى لشعوب، وحكومات، وأفراد هذه المنطقة التي ينظر إليهم جميعا كدمى فاقدة لأية قدرة، وحيوية، ووظيفة، وهوية، وهي ما فتئت تتحرك بفعل عوامل خارجية، ولا ذاتية، ولا حول لها ولا قوة في التحكم في مصائرها، أو حتى في وظائفها البيولوجية الدونية أعزكم جميعا العزيز الجبار.

ومن المؤسف، والمحزن أن هذه البدعة، والأفزوعة، والتوليفة الآثمة تنطلي على الكثير من البسطاء، وتتحول الأنظار تلقائيا، وأوتوماتيكيا للخارج لتحميله وزر كل المطبات، والمآسي، والمشكلات، وترى الشارع مجيّشا، وبشكل آلي، وتلقائي ضد الخارج، متناسين حقيقة ما فعلته، وتفعله "الأجندة العربية" بالإنسان العربي بالذات، والتي تعلن عن نفسها بوضوح بالغ في تلك الممارسات اليومية المشينة لأنظمة الطغيان من قهر، وتسلط، واستبداد، ورفضها المعلن، وعلى رؤوس الأشهاد، للاعتراف بأي حق لهذا الإنسان، ونراها تتجلى بذاك التآلف الرائع والوحيد في اجتماعات وزرراء الداخلية العرب، وما يضمروه من نوايا حقيقية لإبقاء الإنسان أسير الخوف، والرعب، والمطاردات، والحرمان من أبسط حقوق الإنسان التي نصت عليها المواثيق الدولية والمعاهدات؟ ونلحظ "الأجندة العربية" بجلاء في تلك السياسات الشاملة، والمقصودة التي أفقرت الإنسان، وهجرّته في الأمصار، والمنافي والبلدان، وزرعت أمامه أكواما من القضايا، والعراقيل التي لا يمكن له من أن يتخطاها، ويعيش بأمان وسلام، ولو عاش ألف عام. أليست هذه أجندات واضحة، وسياسات ثابتة، واستراتيجيات متفق عليها وتنفذ بتفان، واتقان، أم هي مجرد ألعاب"بلاي ستيشن" يتسلى بها الساسة، والجنرالات عند المساء وفي اوقات الفراغ؟

وفي الحقيقة هناك أجندة عربية تاريخية وحيدة ظاهرة على السطح السياسي المليء بالرزايا والبلاوي والخطايا. أجندة واحدة، لا ثان لها، هدفها القضاء على ما تبقى من إنسانية الإنسان، وزرع الرعب والخوف في نفسه، وإرهابه، وإفقاره، وحكمه، والتسلط عليه بالحديد والنار، وتغريبه وإبعاده عن كل التيارات العصرية، والحضارية، الحداثوية والعلمية وإبقائه ضعيفا يسبح في محيط من الجهل، والفاقة، والغيب، والانحطاط. ولو اعترفنا، وسلمنا سلفا، مع كاتبي الافتتاحيات الأشاوس "الفهمانين" بالاستراتيجيات، وعتاولة الفكر الأتقياء، أن هناك فعلا أجندة أمريكية تتحكم بالسياسات، فأين هي الأجندة العربية المضادة الهادفة إلى بناء أوطان قوية منيعة، وتحرير وتكريم الإنسان بعيدا عن الخطاب الرسمي المليء بالنفاق، وتوعيته وتفتيح ثنايا مخه المدلهم الذي لم يدخله النور منذ عصور من الزمان؟ أين هي الاستراتيجيات العلمية، والخطط المستقبلية للقضاء على الفقر، والجهل، والتخلف، والأمية؟ وماذا فعل الساسة من أجل مكافحة الفساد وتسلط المقربين، والمحظيين، والمافيات المرعبة التي لا تشبع من مص الدماء، وأبناء الذوات على لقمة عيش الفقراء؟ وأين هي المشروعات الاقتصادية العملاقة القادرة على تحقيق الازدهار الذي سيفضي بدوره إلى الرفاهية والتي ستكرس بدورها إنسانية الإنسان بأعلى مراتبها، وكما هو حاصل في غير مكان؟ وهل هذه المجتمعات من القوة والمنعة والتقدم والازهار حتى تستهدفها أية أجندات أخرى، وماذا ستفعل الأجندة الأمريكية بها أكثر مما هو حاصل الآن، وهل ستستطيع إفقارها وإذلالها بأكثر مما هو عليه الحال؟ أليست هي في طور التفكك، والقهقرى، والضعف، والانحلال, والانهيار بالرغم من كل البيانات والبلاغات التجميلية والتزيينية المخدرة هنا، وهناك؟ وهل كان هناك فعلا فارق كبير بين أجندتي بوش، وصدام؟

لقد أصبحت الأجندة العربية والمحلية واضحة وضوح الشمس، وهي استمرار القمع والحصار، واستمرار الاستبداد، ورفض كل مشاريع والإصلاح، ودعوات الحوار، وإنهاك المواطن، وإفقاره عن طريق تسلط الأجهزة عليه، وتحكم حيتان المافيات بكل مفاصل الحياة، ولا أعتقد أن أي مراقب يتمتع بقدرة ضئيلة من الإبصار سيجد أي فارق في الهدف والاستراتيجية بين الأجندتين التين تتحكمان بحياة المواطن. إلا أن ما يبدو واضحا بكل حال، أن الفوز، والتفوق، والسبق كان دائما من نصيب الأجندة العربية التي لم تنصف الإنسان أوترحمه على الإطلاق، وهي التي ستمهد، حتما، وفي المحصلة، لكل ماهو آت من "أجندات".



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صلوات لاستسقاء الديمقراطية
- نقطة نظام
- عندما تطفئ الشموع
- لِمَ الإحراج يا سيادة الرئيس نجاد؟
- نبوءة علي الديك
- مدرسة الحوار المتمدن
- نهاية رجل شجاع
- مُصحف سيادة الرئيس
- عودة الوعي للسوريين
- قناة الشام الفضائية
- الحوار المتمدن ومحنة الأمل الكبير
- فرصة الأخوان التاريخية
- الاستبداد هو الاستبداد
- نجوم خلف القضبان
- شدّوا الحزام
- كلاب أمريكا
- جنازة وطن
- الرسالة
- عرس الدم
- فرنسا الشمولية


المزيد.....




- البيت الأبيض لخامنئي: -عليك أن تحفظ ماء وجهك-
- اثنتا عشر قنبلة على فوردو : كيف أنقذت إيران 400 كغ من اليورا ...
- بعد -نصر- ترامب في الناتو: أي مكانة لأوروبا في ميزان القوى ا ...
- الاتحاد الأوروبي يدعو لـ-وقف فوري- لإطلاق النار في غزة وإسبا ...
- كريستيانو رونالدو يواصل اللعب في النصر حتى 2027
- -نرفض حصول إيران على سلاح نووي-.. القمة الأوروبية: ندعو لفرض ...
- البيت الأبيض يتّهم خامنئي بمحاولة -حفظ ماء الوجه-
- بخيوط من ذهب وحرير أسود.. الكعبة ترتدي كسوتها الجديدة مع بدا ...
- رافائيل غروسي يكشف معلومات مهمّة عن البرنامج النووي الإيراني ...
- ترامب يضغط لوقف حرب غزة ونتنياهو يرى فرصة لاتفاقات سلام جديد ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - الأجندة العربية والأجندة الأمريكية