أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - لِمَ الإحراج يا سيادة الرئيس نجاد؟















المزيد.....

لِمَ الإحراج يا سيادة الرئيس نجاد؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1396 - 2005 / 12 / 11 - 10:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الفرس المجوس، هذا هو ما يحب غلاة العروبيين، والمتأسلمين سياسيا أن يطلقوه على إيران برغم تقديمها أنموذجاً إسلامياً مختلفاً لنظام الحكم التداولي، وشبه ديمقراطية غائبة عن تقاليد المكان، وبرغم إشعالها لأول ثورة ذات طابع إسلامي في منطقة ترهلت بنيويا، وفكريا، وسياسيا، وأزاحت عرش الطاووس البهلوي لتأتي بعرش الفقيه الفهلوي الأشد تغطرسا، وعجرفة مما عرف عن ملوك وأمراء بلاد فارس أيام عز إمبراطورياتهم التي امتدت طويلا في باطن الزمان. وسننحي جانباً سبب هذه التسمية ودوافعها التاريخية، والإيديولوجية، الممزوجة بالوهم والأسطورة والعداوات، جانبا لأنها ببساطة مركزة ليست موضوعنا البتة بأية حال. وسنعود الآن لبعض مما تبقى من رشد سياسي، وأدبي لننعت تلك الأمة بإيران كما هو معلن في البروتوكولات، ونقول بأن هؤلاء الإيرانيين مافتئوا يولدون المشاكل، ويثيرون القلائل لجيرانهم الأعراب بدءا من ثورتهم الغريبة في تقاليد المجتمعات المحكومة بالولاء، والطاعة لله، ولرسوله، ولأولي الأمر منكم، أي للحكام، والسلاطين، والجنرالات، ولكن أبناء هذه الثورة لم يلتزموا بالشق الثالث من الآية الكريمة.

"مشروع المشاكل الكامنة"، هذا أثار حفيظة النشامى والأغيار في مضارب الجيران الذين داهمهم خطر الانقضاض فجأة، وإزاحة أولي الأمر الأخيار، واحتمال استنساخ هذا النموذج غير السار في غير مكان. ففزعوا فزعتهم المضرية في زمن ماتت النخوة فيه وكُفِّرت الفزعات. واختاروا منهم صبياً شقياً لاهياً ليرد للمجوس رشدهم، ويردعهم عن غيهم وتطاولهم على الأصنام البشرية، ووأد الفتنة، والبدعة الثورية الجديدة في مهدها، وتجنبا لأي تلاعب مستقبلي بتوازنات تاريخية بنيت بجبال شاهقة من جماجم الأبرياء، وبمجلدات موسوعاتية تذهب كلها في تشريع هذا الاتجاه. وكان ماكان من حرب الثمان سنوات، التي لم تجلب سوى الموت والدمار، في مواجهة عبثية شرسة لطرفي الصراع، وأطلقوا على تلك المحرقة البشرية قادسية جديدة، تيمنا بماكان لهم من أمجاد في غابر الزمان، ليسبغوا شرعية دينية مفقودة على حرب لم تكن دوافعها بريئة على الإطلاق. وبرغم ذلك كله، فقد بقيت البوابة الشرقية مشرعة على تلك الرياح المسببة للأرق والصداع. ولكن، وعلى ما بدا من تطورات، وبرغم قادسية المهيب المغوار، فإن الإيرانيين لم يعودوا إلى رشدهم على الإطلاق، ولن يتعلموا أبدا من فنون الأعراب المدهشة في الممالأة، والتدليس، والتلاعب بالألفاظ.

وفي حقيقة الأمر، ومنذ وصول ذلك الرئيس الزاهد الغامض إلى سدة الحكم في إيران، أثار الكثير من الهواجس، والتوجسات، والمخاوف وردود الأفعال، وعلى أكثر من صعيد، وفي غير مكان. وأول المنتفضين على تبوء السيد محمود أحمدي نجاد مقاليد الحكم، في انتخابات ديمقراطية عز نظيرها في دول الجوار، والتي يحاول المحافظون الجدد أن يلقنوها لتلاميذ السياسة من الأعراب، كانت إدارة بوش الجمهورية التي قالت بأن نجاد هو أحد، إن لم يكن زعيم، المشاركين في الحصار الشهير على السفارة الأمريكية في طهران، وتبعته جوقة معينة من الدائرين في فلك سياسة واشنطن، وتوجهاتها دون نقاش. ومرت العاصفة الأمريكية بهدوء وسلام كون اليد الأمريكية في الفرن العراقي الذي لايحتمل سوى فتوى صغيرة، ومن "قفا يد" الولي الفقيه، وإمام الزمان في قم، ليزيد التنور العراقي حرارة واشتعالا، وليحوّل المشروع الأمريكي برمته في العراق إلى أثر بعد عين. ولا شك أن "ولاة الأمر" في طهران يدركون هذه الحقيقة الساطعة، و"يتدللون"، في سياساتهم، ويتمادون في إطلاق التصريحات النارية غير آبهين بردود الأفعال، وسط دهشة، وصمت وإحراج لأصحاب، الفخامة، والجلالة، والسمو، وحملة الأوسمة الخلبية من جنرالات المرافقة والبلاطات، الذي بدا وكأنهم غير معنيين بالأمر على الإطلاق.

وتدخل تصريحات نجاد الأخيرة بنقل يهود إسرائيل إلى النمسا، وألمانيا ضمن النمطية المعتادة للتوجه الإيراني ولم تعد تنطوي على أية إثارات، هذا إذا علمنا بأنها معتدلة، قياسا بسابقتها، كونه تراجع عن إزالتها من خريطة العالم، ولم يلق ذلك سوى ردود أفعال خجولة، غايتها رفع العتب أمام القوة الإقليمية العبرية، و"لفلفة" الموضوع بالطرق الديبلوماسية المعهودة عبر مذكرات الاحتجاج، والاجتماعات التي لاتخرج عن نطاق بروتوكولي مع سفراء، يصغون بأدب جم على "الرغي والإزباد"، ويحجمون عن التعليق عادة في هكذا مناسبات، ويعودون لممارسة أعمالهم كالمعتاد.

وفي حقيقة الأمر، فإن تصريحات نجاد المتشددة هذه ليست طارئة على تاريخ المنطقة الاستئصالي الملئء بالعنتريات والبهلوانيات الجوفاء، وكانت التصريحات النارية لمؤسس التيار العروبي، وأول من شرعن القهر وانتهاك الحرمات، ووطد دولة الأمن والمخابرات وملاحقة المعارضين، والشرفاء وتذويبهم بالأسيد والنار، وهو كبيرهم الذي علمهم السحر وفنون الاستبداد، كانت هذه التصريحات جزءا من الزاد الإعلامي اليومي الذي تعودت الرعية تجرّعه من وسائل الإعلام المملوكة حصرا للعسكر، والحاشية، والبطانة في البلاط، وكانت تجد صدى وقبولا واسعين لدى عموم الناس المخدرين بحلم الدولة القومية الواحدة التي تعيد الأمجاد السالفة، وتسقي الناس من أنهار الحليب، والعسل، وخمور السماء.

لا شك أن هذه التصريحات وسابقتها تشكل تحديا كبيراً، وخروجاً غير مألوف عن التقاليد الديبلوماسية التي نجحت الساداتية في إرساء دعائمها في المنطقة باعتبار إسرائيل دولة صديقة، ومن دول المنطقة لها مالنا، وعليها ما علينا، وهي دولة ذات سيادة، يتراكض الأعراب حفاة عراة وراءها، لخطب ودها، وأخذ صك بالبراءة والعبور من جنرالاتها الملطخة أياديهم بدماء الأطفال الفلسطينيين، لا بل إن البعض يتبجح بعلاقاته الممتازة معها، ويسرب للصحافة الصفراء أنباء اتصالات معها للاستقواء بها على أبناء جلدته من الأعراب. وتشكل تصريحات أحمدي نجاد أيضاً، تقويضاً استفزازياً مقصوداً لمدرسة سياسة متكاملة أخذت على عاتقها مسألة إعادة نظر شاملة بسياسات الدول العربية تجاه إسرائيل. إلا أن التصريحات، تضع، بالمقابل الموقف الإسرائيلي في خانة ضعف شديدة أمام محاوريهم الأعراب، وهذا ما لا طاقة لشالوم ورهطه به، وأسوأ ما يمكن أن يفكروا به، وهم يحققون الإختراق تلو الإختراق في حصون العربان الديبلوماسية، والتي بدت سهلة جدا، وغير عصية على النفاذ، حتى الآن على الأقل، ولا ندري إن كانت هذه التصريحات ستزيد من منعة الجدران الآيلة للسقوط، أم ستبقى على "ثوابتها" حين سَهُلت، واستمرأت الهزيمة، وهزلت وما لجرح بميت إيلام.

هذا ما يدركه الإسرائيليون جيدا، في مساعيهم الرامية للتمدد على الشواطئ العربية مترامية الأطراف. وهذا هو الصوت الذي حاولوا إسكاته عقوداً في المحيط العربي عبر حملات التطبيع المتعاقبة هنا، وهناك، يعود إليهم، ومن جديد، من وراء الحدود البعيدة بثوب أصولي ولكنه فارسي يرتدي هو الآخر عمامة، وجلباب أصبحا مع الزمن، وبعد تحييد الأنظمة "العلمانية"، رمزا للرفض، وكابوس إسرائيل الخطير.

إلا أن هذه التصريحات، وفي المجمل، وإن داعبت أحلام سكان المنطقة ولامست شفاف أفئدتهم التي تشبعت بثقافة الكراهية "للصهاينة"، لاتخرج عن نطاق الشد والتجاذبات، وحروب الاستقطاب القائمة في المنطقة، وتسجيل النقاط، للحصول على أكبر قدر ممكن من التنازلات في حرب اقتسام المغانم والمكتسبات، سيما وأن المنطقة مقبلة على استحقاقات كبرى، وفي الحرب الديبلوماسية الضروس الأهم، "حتى الآن"، فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني الذي يكبر يوما بعد آخر، ويصل لمراحل حرجة، قد تصبح محرجة أكثر قبل أي انسحاب أمريكي محتمل من العراق. ولولا الوجود العسكري الأمريكي في العراق، لكان البرنامج النووي الإيراني الآن في خبر كان، إلا أن ذلك لو حصل، وفي الظروف الراهنة، فسيعني فتح أبواب جهنم الحمراء على الأمريكان.

إلا أن الجانب الآخر من هذه التصريحات هو ما تسببه من إحراج للنشامى من الأعراب وللسياسات العربية التي اتسمت بالمهادنة وخيار السلام، منذ زيارة السادات، وانضمام جحافل الركب العربي "المحب للسلام" على قاعدة "وإن جنحوا للسلم"، وتؤرق، في الوقت نفسه، أصحاب "القضية" الأصليين المشغولين عنها بتوطيد سلطانهم وتكديس ملياراتهم، وإحكام قبضتهم على شؤون العباد، وإدارة أزمات الفساد والمصائب التي تنهال كالمطر على رؤوس شعوبهم.

لاشك أن للرئيس الإيراني حساباته، وغاياته، ومقاصده الاستراتيجية الخاصة من وراء تصريحاته المتتابعة، متعددة الأهداف رغم طابعها الثوري الذي يدغدغ مشاعر العوام، ولاسيما أن سياسة التصعيد والذهاب بعيدا إلى شفير الهاويةBrinkmanship قد تفلح أحيانا مع خصوم يتخبطون في المستنقعات، كما تؤجج لدى التيار الديني الطاغي على الساحة بقوة هذه الأيام أحلام القوة، ولغة التحدي والعنفوان. إلا أنه، وما ليس مقبولا، ومن ناحية مراعاة مشاعر "الجيران" على الأقل، أن تزيد هذه التصريحات وأمثالها، من إحراج جيرانه، المحرجين أصلا، بأكوام من الملفات العالقة، والجانحين للسلم فرادى، ومثنى، وجماعات.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نبوءة علي الديك
- مدرسة الحوار المتمدن
- نهاية رجل شجاع
- مُصحف سيادة الرئيس
- عودة الوعي للسوريين
- قناة الشام الفضائية
- الحوار المتمدن ومحنة الأمل الكبير
- فرصة الأخوان التاريخية
- الاستبداد هو الاستبداد
- نجوم خلف القضبان
- شدّوا الحزام
- كلاب أمريكا
- جنازة وطن
- الرسالة
- عرس الدم
- فرنسا الشمولية
- دعاء الجنرالات
- عصافير لا تطير
- ربيع سوريا الواعد
- أيه حكايةالأمراض النفسيةالماشية في البلد اليومين دول؟


المزيد.....




- -ضربه بالشاكوش حتى الموت في العراق-.. مقطع فيديو لجريمة مروع ...
- آلاف الأردنيين يواصلون احتجاجاتهم قرب سفارة إسرائيل في عمان ...
- نتانياهو يوافق على إرسال وفدين إلى مصر وقطر لإجراء محادثات ح ...
- الإسباني تشابي ألونسو يعلن استمراره في تدريب نادي ليفركوزن
- لأول مرة.. غضب كبير في مصر لعدم بث قرآن يوم الجمعة
- القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيّرات للحوثيين فوق ...
- صاحب شركة روسية مصنعة لنظام التشغيل Astra Linux OS يدخل قائم ...
- رئيسا الموساد والشاباك يتوجهان إلى الدوحة والقاهرة لاستكمال ...
- مصر.. فتاة تنتحر بعد مقتل خطيبها بطريقة مروعة
- علاء مبارك يسخر من مجلس الأمن


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - لِمَ الإحراج يا سيادة الرئيس نجاد؟