وليد الشيخ
الحوار المتمدن-العدد: 5268 - 2016 / 8 / 28 - 22:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بلاغة الصورة
هكذا جاءت الصورة ، محملة برائحة حماقة فادحة . فإن كان مقصد البلاغة إيصال المعنى ، فقد وصل بأكثر صوره قهراً وظلماً : صغيرات يحملن لافتات تطالب وزارة التربية والتعليم بفصل البنات عن البنين .
من الذي يقف خلف تلك الفكرة ، وخطط لها ، وإستدرج الصغيرات كي يقفن مطالبات بعزل أولاد الصف من الإخوة والأقرباء وأبناء الحي ؟ أي ثقافة مربوطة الى ساقية العفن ، تلك التي أخرجت صورة الصغيرات في يوم المعرفة ( يوم بداية الدوام المدرسي كما يسمى في دول كثيرة ) ، كي يرفعن شعاراً واحداً ، طرد الاخوة والاقرباء من الصف ؟
إنها الثقافة نفسها التي زوجت صغيرات دون العقد الأول في اليمن الى رجال في الأربعينيات ، وهي نفسها التي تركت مجموعة من رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، يطاردون سيدة في سوق تجاري في السعودية لأنها وضعت طلاءا على آظافرها ، وهم ولا يغضون الأبصار .
في الوقت الذي يخوض أسرى الحرية في سجون الاحتلال إضرابا عن الطعام ، وبأمس الحاجة الى وقفات من أبناء وبنات شعبهم لمساندتهم ، نرى مجموعة تسهر الليل في التخطيط والترتيب والتحضير لوقفات إحتجاج صاخبة في يوم المعرفة ، كي لا يتعرف أولاد وبنات فلسطين على بعضهم ، سوى بإعتبارهم حراماً وسوءا وريبة .
إن الخطر الحقيقي ، ما يهدد مجتمعنا فعلاً ، هو أن بيننا عقول ترى في الصغار موضوعات إثارة تستوجب عزلها .
وصل الخطاب ، كاملاً ، دون التباس . ان بيننا من يرى في أولاد و بنات الإبتدائية الصغار ، مشاريع وحوش بشرية ستنقض على بعضها عند أول جرس يقرع معلناً إستراحة الخمس دقائق بين حصة اللغة العربية ودرس العلوم .
هناك تماماً ، تكمن ثقافة الموت ، تكبر وتمتد في العتمة . وفي نفس المساحة تلك ، علينا الآن ، ان استطعنا ، أن نعلق أجراساً تواصل رنينها ، كي لا يعود الأولاد والبنات الى الصف تاركين المعرفة ويومها في الإستراحة .
#وليد_الشيخ (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟