أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكي - في التاريخ العام للرأسمالية















المزيد.....

في التاريخ العام للرأسمالية


محمد عادل زكي

الحوار المتمدن-العدد: 5256 - 2016 / 8 / 16 - 23:44
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يتخذ ماركس من أوروبا بوجه عام، وبوجه خاص إنجلترا، حقلاً للتحليل. وابتداءً من ذلك يعتنق مبدأ تقسيم تاريخ العالم، وهو التقسيم الَّذي يعتمد على أنماط الإنتاج، إلى أربع مراحل: المشاعية البدائية، ثم العبودية اليونانية والرومانية، ثم الإقطاعية الفرنسية والإنجليزية، ثم الرأسمالية الإنجليزية أيضاً. وقد نجد لديه بعض الإشارات المتفرقة إلى أحوال مصر القديمة أو الأجزاء البعيدة في الهند أو الصين أو أمريكا، ولكن دون أن يتخلى عن المركزية الأوروبية الَّتي ترى تاريخ العالم ابتداءً من تاريخ أوروبا! ولكن، لماذا إنجلترا التي اتخذها ماركس حقلاً لتحليل واقع هيمنة الرأسمال في القرن التاسع عشر؟ لأن إنجلترا كانت مهيأة تاريخياً أكثر من غيرها من بلدان أوروبا الغربية لانطلاق الرأسمالية من أرضها. ولعل أحد أهم الأسباب التي أدت إلى انهيار الإقطاع في إنجلترا، ومن ثم قيام الرأسمالية، هو أن الإقطاع لم يكن عريقاً فيها، ففي المجتمعات الإقطاعية تتوزع مناصب القضاء والقوة العسكرية بين الملاك المحليين، ويستغلون هذه السطوة في سلب كل الحقوق المحلية وامتلاكها، وقد يوكلون هذه السلطات إلى من ينوب عنهم ممن يستغلون الفلاحين بدورهم. غير أن إنجلترا كانت موحدة نسبياً، ومنظمة مع وجود استقرار واستمرار للسلطة المركزية الملكية منذ غزو النورمانديين لها عام 1066. وبحلول القرن الـسادس عشر أصبحت تحت حكم أسرة تيودور أقل إقطاعاً وأكثر دولة أوروبية متمتعة بالوحدة تحت سلطة مركزية. لذلك كانت الطبقة الإنجليزية الحاكمة أقل قدرة عن مثيلاتها من الطبقات الحاكمة في باقي دول أوروبا في استعمال سلطتها العسكرية لانتزاع الفوائض الزراعية من الفلاحين بالقوة، واعتمدت تلك الطبقة بشكل أكبر على الآليات الاقتصادية المستمدة من ملكية الأرض الزراعية، وتأجيرها، وعلى العمالة ذات الأجر، كما سهلت الدولة الموحدة نسبياً ولادة سوق وطنية… فلقد كان الملاك الإقطاعيون يعيشون على حقهم في الإنتاج الزراعي، أو العمل، أو مدفوعات من الفلاحين المرتبطين بزراعة الأرض، وفي القرن الخامس عشر بدأت علاقات السوق تسود على العلاقات الإقطاعية وأصبح اللوردات، هم أصحاب الأرض الزراعية، ويعيشون على ريعها الذي يدفعه الفلاحون الذين يتنافسون في السوق على إيجار الأراضي. وكانت العمالة المأجورة تزداد لاستغلال الأرض التي أصبحت ضمن الممتلكات التي تباع وتشترى… ويرجع السبب في انتشار الإيجار من ناحية إلى العوائد المضمونة التي كانت توفرها الإيجارات في فترة لم يكن الازدهار الزراعي مستقراً. ومن ناحية أخرى يرجع السبب في هذا إلى أن مستوطني الأراضى البور في الماضي، والتي استصلح الكثير منها في القرن الثالث عشر، كانوا دائماً يدفعون إيجارات مقابل هذه الأراضي. وكان العامل الثالث هو تزايد تعقيدات حياة ملاك الأراضي الذين وفر لهم النمو التجاري مجالاً أوسع من السلع الجاهزة ومواد الرفاهية التي يمكن أن يشتروها. وإذ تعود مالك الأرض على مستوى معيشة أعلى وعلى دخل منتظم يمكن حسابه مما يوفر الإيجار بشكل مضمون، صار من الضروري له أن يحاول تغطية مصروفاته. وكان الأثر الكلي هو انهيار ما تبقى من الرابطة المحلية المتينة التي كانت تربط بين السيد والفلاح لاستغلال الأرض وتقسيمها إلى طبقات اجتماعية عريضة. أصبحت الزراعة السوقية أو المنضوية ضمن آليات السوق إضافة جديدة للإنتاج الرأسمالي من نواح عديدة. فالمنافسة بين المزارعين المستأجرين أدت إلى الابتكار والإبداع للحصول على محاصيل أكبر وأجود مكنتهم من إنتاج طعام يكفي النمو السكاني، وأصبح لدى الفلاحين، ولدى العمال الزراعيين المأجورين نقوداً ينفقونها في سبيل شراء السلع الاستهلاكية المطروحة في السوق. كما أدى تعاظم الكفاءة الزراعية إلى وجود زيادة في العمالة الزراعية لا حاجة لأحد إليها، ومن ثم تم ضخ هؤلاء للعمل في إنتاج السلع الاستهلاكية التي كان إنتاجها يزداد في المناطق الريفية التي كانت تبزغ كمراكز جديدة للإنتاج. ومع نمو العمالة المأجورة، ظهرت أول بوادر التقسيم الطبقي، فقد نظم العمال الحرفيون أنفسهم في القرن الـ 18 في اتحادات. أما البدايات المبكرة لتنظيمات العمال، فقد بدأت قبل ذلك. فقد أسست جمعيات العمالة المؤقتة بشكل قوي في إنجلترا في القرن الـ 16، ويمكن تتبع جذورها إذا رجعنا بالتاريخ إلى القرن الـ 14. كانت العمالة المؤقتة تضم عمال المياومة، ويؤجرون من قبل صاحب أي عمل لفترة محددة من الأيام. ومع اختلاف درجات مهاراتهم، فإنهم كانوا حرفيين بوجه عام. وبالرغم من بدائية تلك التنظيمات الَّتي اتسمت ببدائية ممارسات القرون الوسطى، فإنهم استخدموا وسائل تعد متقدمة جداً بالنسبة إلى عصورهم؛ ففي كوفنتري عام 1424 أضرب عمال المياومة وهم يرتدون ملابس العمل مطالبين برفع أجورهم، وتدخلت السلطة المحلية للتوصل إلى تسوية ملائمة. وهكذا ففي تلك المرحلة المبكرة، كان الحرفيون قد أصبحوا مقسمين إلى نوعين من العمالة: عمالة موظفة، وعمالة مؤقتة. ودخلا في صراع محموم ضد بعضهما. وقد كان كل الإنتاج الحرفي يدار برءوس أموال صغيرة، وبرز في بعض الصناعات، وبشكل خاص في صناعة الملابس، نوع وشكل جديد من أشكال الإنتاج، وهو نظام الإقراض بفائدة. ففي حالة إنتاج الملابس، بدأ التجار يستخدمون أموالهم في شراء الصوف الخام، ويدفعونه إلى المغازل ثم المناسج، ثم يسلمونه إلى التفصيل النهائي والتشطيب، ويبيعونه كملابس كاملة الصنع. وبالرغم من أن مَن كانوا يقومون بذلك النوع من العمل كانوا من التجار، فإنهم كانوا أقرب في عملية الإنتاج من التجار المشتغلين بالمشاريع التجارية الدولية البحتة. وكانوا بالفعل حرفيين في الأصل، لا تجاراً. كانت هذه الخطوة المهمة على طريق ظهور نمط الإنتاج الرأسمالي. ولم تكن بالفعل إنتاجاً رأسمالياً تماماً، إلا إذ ما نظرنا إلى أن المنتج النهائي لن يكون على ملك منتجه المباشر، فصاحب الرأسمال كان يمتلك في بداية العمل المواد الخام، إلا أنه لم يكن يمتلك كل مواد العمل أو أدواته. فكان النساجون يعملون في منازلهم في نسج ما يتفقون على نسجه على أنوالهم المنزلية، وكان الصوف المراد نسجه يوزع على وحدات نسج صغيرة منتشرة في بيوت كثيرة، ولم يكن بمقدور التاجر صاحب الصوف التحكم مباشرة في العمالة المنتشرة في بيوت كثيرة، ويعملون على أنوال لا يملكها. ومع مرور الزمن وزيادة الطلب، وفي الأشكال الأخيرة لذلك النظام، أصبح النساجون يستأجرون أنوالاً من صاحب أنوال رأسمالي، أو يستأجرون أماكن العمل التي تضم أنوالاً من صاحبها. وازدادت هيمنة صاحب العمل على العمال العاملين على تلك الأنوال، وتلاشى نظام هيمنة التاجر المصنع مع بداية ظهور المصانع، وتطور صناعات التعدين، وثورة السكك الحديدية. وكانت هذه النتائج مرتبطة بهجرة حقيقية للعمل الصناعي، وباختفاء تدريجي للحرف في الجنوب. وحافظت لندن على دورها في القطاع الثانوي. واستمر العمل المستقل بشكل هامشي. وقبل الحرفيون بتقليص أجورهم حفاظاً على استقلال وهمي. ومن جهة أخرى تقدم وضع الحرفيين وأصحاب الحوانيت على وضع العبيد البيض الجدد، بسبب الوضع الصناعي، وأخذت البروليتاريا الحديثة تتكون بقدر تقدم التقنيات الجديدة، إذ في عام 1848 كانت البروليتاريا تشمل أكثر من40% من الإنجليز القادرين على العمل.



#محمد_عادل_زكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وثلاث حالات كارثية
- منظومة أخلاقيات الرأسمالية
- تنظيم العالم على أساس رأسمالي
- المختصر في اقتصاد العرب
- علم الاقتصاد السياسي
- اقتصاد مصر أيام ناصر
- في قانون القيمة
- السودان من الاستعباد إلى الانفصال عبر القمع
- من أجل مشروع حضاري لمستقبل آمن
- منهجية التخطيط والاستثمار
- تجديد الإنتاج البسيط عند كينيه وماركس
- القيمة في اللغة
- العمل المنتج
- النشاط الاقتصادي في مصر القديمة
- التجارة الألكترونية
- الفكر الاقتصادي لكارل ماركس
- من العلم (أي: الاقتصاد السياسي) إلى الفن التجريبي (أي: الاقت ...
- منهجية مقترحة
- القيمة النسبية
- الهروب من الوطن (4)


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد عادل زكي - في التاريخ العام للرأسمالية