أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عادل زكي - تنظيم العالم على أساس رأسمالي















المزيد.....



تنظيم العالم على أساس رأسمالي


محمد عادل زكي

الحوار المتمدن-العدد: 5132 - 2016 / 4 / 13 - 09:05
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


إعادة تنظيم العالم المعاصر
لا شك في أن التبادل التجاري بين الدول حقيقة لا يمكن أن نتصور العالم بدونها، فلا يمكن لدولة واحدة أن تستقل باقتصادها عن بقية أعضاء المجتمع الدولي، ولعل انضمام دول العالم المعاصر في تنظيم شامل يعرف بالاقتصاد الدولي، هو تنظيم حديث النشأة سواء كان من جهة الأطر أو القواعد المنظمة. هذا التشكيل
لكي يمكننا فهم طبيعة العلاقات الاقتصادية على الصعيد العالمي في مرحلتها الراهنة، وهي الطبيعة التي يمكن، أن تمدنا بأدوات فكرية تمكنا من تحليل مظاهرها المختلفة، وفي مقدمة تلك الظواهر: التدخل في الشئون الداخلية للدول بسبب/بمناسبة تقديم قروض أو منح مشروطة.
_______________
لا يمكن في الواقع تكوين الوعي بطبيعة العلاقات الاقتصادية الدولية، التي تمثل الإطار القانوني لجميع مظاهر التدخل الاقتصادي، إلا ابتداءً من تكوين الوعي، الناقد، بالتكون التاريخي للنظام المهيمن الآن على الصعيد العالمي، وهو النظام الرأسمالي المعاصر. وهو ما يمكننا أن نرسم، أدناه، خطوطه العريضة وفقاً لعناصر الطرح المنهجي الذي يأخذ في اعتباره الأهمية الحاسمة لفهم الحاضر في ضوء الماضي لفائدة المستقبل. 1- فلقد تمكنت البلدان المتقدمة، بفضل التراكم، فى إنجاز نموها الاقتصادى فى مرحلة تاريخية مبكرة ولم تتوقف. بل نمت الرأسمالية حتى غدت هى النظام الاقتصادى العالمى السائد حتى الحرب العالمية الأولى. وغدا اقتصاد أى بلد فى العالم مربوطاً بعشرات الخيوط بهذا الاقتصاد الرأسمالى العالمى. وتحت تأثير الرأسمالية التى صارت عالمية، أصبح هناك أساس واحد هو الأساس الرأسمالى لحساب ومعالجة السمات الخاصة للعمليات الاقتصادية والاجتماعية لهذا البلد أو ذاك فى العالم كله. والأخطر من ذلك أنه باقتحام الرأسمالية للبلدان التى، لسبب أو لآخر، لم تحقق بعد نموها الاقتصادى الرأسمالى، تجمعت معالم ظاهرة عالمية مقابلة هى تشويه عمليات النمو الاقتصادى فى هذه البلدان. وهو ما سوف يكون من أهم أسباب طلب الأجزاء المتخلف للدعم والتمويل من الأجزاء المتقدمة، وبالتالي تهيئة المناخ تماماً للتدخل المستتر في شئون الأولى. وهكذا أحدثت الرأسمالية المنتصرة عالمياً أثرين تاريخيين: أولاً: ادماج العالم كله فى سوق رأسمالية عالمية واحدة، بمستويات مختلفة من التطور، وثانياً: تشويه عمليات النمو الاقتصادى فى جميع البلدان قبل الرأسمالية. والسوق الرأسمالية تلك لم تتشكل دفعة واحدة، وإنما تكونت على مدى طويل يرجع إلى أوائل القرن السادس عشر. ففى مرحلة الرأسمالية التجارية حينما سيطر الرأسمال التجارى، كانت المستعمرات مصدراً أساسياً للتراكم الأوَّلى للرأسمال من خلال عملية منظمة ومستمرة من نهب وسلب البلدان التى تم اكتشافها. وتميزت مرحلة الرأسمالية التجارية بزيادة ملحوظة فى التبادل التجارى ونمو ملحوظ فى الإنتاج المعدْ للتصدير إلى المستعمرات. وأخذ الاهتمام يتحول من البحث عن المنتجات الأجنبية إلى البحث عن منافذ للسلع المحلية. وفى مقابل توابل الشرق ومنسوجاته لأوروبا، كان ينبغى دفع أثمانها ببدائل أوروبية. فقدمت إنجلترا وفرنسا وأمريكا المصنوعات والسفن، وقدمت أفريقيا البشر، وقدمت المزارع فى المستعمرات المواد الأولية. وكانت التجارة الأوروبية هى عصب التقسيم الدولى للعمل الذى نشأ بين الشرق والغرب. 2- وفى عام 1600 تم تأسيس شركة الهند الشرقية الإنجليزية، وبعد ذلك بسنتين قام الهولنديون بتأسيس الشركة العامة للهند الشرقية، وتمتعت باحتكار التجارة فى المحيطين الهندى والهادى. وفى عام 1621 تم تأسيس شركة الهند الغربية التى أخذت تباشر أعمالها فى القارة الأمريكية. وفى الوقت نفسه كان الفرنسيون ينشئون شركة الهند الشرقية وشركة السنغال فى أفريقيا. 3- فى تلك المرحلة بدأ "التراكم الأوَّلى للرأسمال" بالاعتماد على أعمال السلب والنهب المنظمة والمنتظمة والتى تشمل، من ضمن ما تشمل، فرض العمل العبودى والسخرة وإنتزاع الأراضى من أصحابها، واقتطاع الجزية ونشر الآتاوات. 4- وفى المرحلة التالية والتى امتدت حتى سنة 1870 تقريباً، مرحلة الرأسمالية الصناعية، وإذ يسيطر رأس المال الصناعى، فقد قامت الرأسمالية المنتصرة بالبحث عن مصادر الخامات اللازمة لصناعاتها، بالإضافة إلى البحث عن منافذ للتسويق (قريب جداً من الهدف العام لاتفاقيات التجارة الدولية الحرة، الآن، الذى يتبلور فى فتح أسواق الأجزاء المتخلفة لتصريف إنتاج الأجزاء المتقدمة) وليصبح قانون النمو غير المتكافىء حقيقة. ومن خلال هذا القانون فإن التبادل غير المتكافىء بين أجزاء متفاوتة التطور لا يصبح هدفاً فحسب، بل أداة فعالة فى سبيل الحفاظ على فجوات النمو بين الإجزاء المتقدمة وبين الأجزاء المتخلفة من الاقتصاد الرأسمالى المعاصر. إذ التبادل غير =
الحديث تحددت ملامحه في حوالي منتصف القرن التاسع عشر، إذ في ظل التكوين الاجتماعي الإقطاعي، وهو التكوين السابق على الرأسمالية، كانت المبادلات فيما بين الدول القومية قليلة. نظراً لهيمنة اقتصاد الاكتفاء الذاتي في النظام الإقطاعي. إلا أن التطور الذي لحق العلاقات الاقتصادية الدولية خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر نحو النظام الرأسمالي أدى إلى نمو التجارة واحتلالها مكان الصدارة في النشاط الاقتصادي. وظل النمو تدريجياً حتى عصر الرأسمالية الصناعية وتوسع حركة الرأسمال العابر للدول حتى آواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.
وعلى الرغم من أن حركة التطور الاقتصادي لم تتوقف، كما ذكرنا، منذ أن وجد الانسان، إلا أن سرعة هذا التطور تضاعفت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، التي مثلت نقطة انعطاف خطيرة في التاريخ الاقتصادي، وفي العلاقات الاقتصادية الدولية. وقد برز ذلك في الإجراءات الدولية التي تمت عقب الحرب مباشرة وكنتيجة من نتائجها. بل ولم تزل آثار تلك الإجراءات تحكم وتؤثر في الكثير من أوجه النشاط الاقتصادي العالمي حتى هذا اليوم. والتي يمكن تلخيصها في: مشروع مارشال. اتفاقية بريتون وودز. اعتبار الدولار كعملة وطنية وعالمية. تبلور المؤسسات النقدية والمالية والتجارية الدولية.
مشروع مارشال
كان من آثار الحرب العالمية الثانية، كما هو معروف، أن البنية الأساسية والصناعية لأوروبا واليابان، خرجت مدمرة تماماً، وكان إعادة تعمير هاتين المنطقتين لزاماً عليهما، إلا أن قدرتهما على تنفيذ هذه المهمة كان محدوداً، فحجم الاستثمار المطلوب لهذه المهمة كان هائلاً يقابله إمكانيات شبه معدومة.
_________________________
= المتكافىء، هو نتيجة عدم التكافؤ فى الأجور، وعدم التكافؤ فى الأجور محكوم بدوره بالفروق فى مستويات نمو القوى الإنتاجية فى الأجزاء المختلفة من الاقتصاد الرأسمالى الدولى المعاصر، وإنه ليكون من العبث الحديث عن المساواة فى عالم أهم ما يميزه انعدام المساواة فى التطور ذاته 5- وفى مرحلة تالية تبلورت مرحلة الرأسمالية المالية، وأصبحت المستعمرات احتياطياً مندمجاً فى الاقتصاد الرأسمالى العالمى، وتخصصت فى تزويد الصناعة العالمية بخاماتها الأساسية، وفى هذه المرحلة من تطور الرأسمالية، مرحلة الرأسمالية المالية، أصبح لتصدير الرأسمال الأولوية على تصدير السلع. وذلك بالطبع بالنسبة للأجزاء المتقدمة، وأدمج اقتصاد المستعمرات بأكمله (كاحتياطى) بالاقتصاد الرأسمالى. ولم يعد الاحتكار فى صراعه على الأسواق العالمية يعتمد فحسب على الحكومة التى ينتمى إليها من أجل أن يتخطى عوامل وعقبات ناشئة عن حركة السوق، وإنما تداخلت أيضاً سلطة الاحتكار مع سلطة الدولة. ولم يعد أى احتكار مجرد احتكار خاص، وإنما هو احتكار مضمون بالدولة. 6- ويشهد الاقتصاد الرأسمالى العالمى من بعد الحرب العالمية الثانية اتجاهاً نحو نمط مركب لتقسيم العمل الدولى، وإنما فى اتجاهه نحو سيطرة نمط جديد لتقسيم العمل الرأسمالى على الصعيد العالمى؛ إذ بعد أن شهد الاقتصاد الرأسمالى، عبر ما يقرب من أربعة قرون، انتشار شكل تاريخى من تقسيم العمل فى داخل المشروع الرأسمالى متمثلاً فى تقسيم عملية إنتاج سلعة واحدة، أى ناتجاً كاملاً، إلى عدد من العمليات الصغيرة يتخصص فى القيام بكل منها عامل أو عدد من العمال، كى يصبح بذلك نمط تقسيم العمل الذى يسود فى داخل الوحدات الإنتاجية فى كل قطاعات النشاط الاقتصادى فى الاقتصادات الرأسمالية المتقدمة. وبعد سيطرة هذا النمط فى داخل الوحدات الإنتاجية بدأ منذ الحرب العالمية الثانية ظهور التقسيم فى العمل على مستوى الاقتصاد الدولى، أو على الأقل، بعض الدول فى القيام بجزء من عملية إنتاج سلعة واحدة. وتنتج الأجزاء الأخرى فى بلدان أخرى. الأمر الذى يثير مسألة عملية تجميع هذه الأجزاء لإنتاج الناتج الكامل، ومن ثم إمكانية اختصاص بعض البلدان بعمليات التجميع هذه. 7- إن هذا النمط من تقسيم العمل الدولى إنما يثير كذلك إمكانية انتقال بعض المشروعات إلى أقاليم دول أخرى إنتقالاً تحدده: اعتبارات اقتصادية (توفر المادة الأولية، أو القوة العاملة الرخيصة، أو مصدر الطاقة المحركة، وهو الأمر الذى أصاب الطبقة العاملة فى المجتمعات الرأسمالية المتقدمة فى مقتل، وأمست فاقدة القدرة على التفاوض) واعتبارات مالية (توفر الرأسمال النقدى المعد للإقراض، توفر المعاملة المالية المواتية) واعتبارات فنية (البعد عن الأماكن التى تزداد فيها قوة التنظيمات النقابية والسياسية للعمال). 8- ولن يكون انتقال المشروعات دولية النشاط هذا دون عمليات متوازية من إدماج الأجزاء المتخلفة فى المنظومة الرأسمالية العالمية. فلم تزل تلك الأجزاء، على الرغم من الطفرة فى تخليق البدائل، تملك المواد الأولية اللازمة فى الصناعة. هذا الإدماج، مع تباين أشكاله، يكمل تحول اقتصاديات الأجزاء المتخلفة إلى اقتصاديات سلعية، تخضع لسيادة الأثمان الدولية. ويزيد من تغلغل الرأسمال الذى يحكم قبضته التكنولوجية (مستخدماً كل الآليات القانونية الممكنة) على مختلف عمليات الإنتاج المدولة. مؤدياً بالتالى إلى تزايد فقدان المجتمعات المتخلفة للسيطرة على شروط تجديد إنتاجها الاجتماعي، مع تبلور سمات العلاقات الاقتصادية الدولية على نحو من تخصص الأجزاء المتقدمة فى إنتاج السلع كثيفة الاستخدام للتكنولوجيا، وكثيفة الاستخدام لوسائل الإنتاج.
(27) انظر للمزيد من التفصيل:
Maurice Dobb, Studies in the Development of Capitalism, George Routledge, London, 1947, p.59-67.
وعلى الطرف الآخر كان الوضع معكوساً، فالبنية الاقتصادية الأمريكية لم تصب بأي أذى أثناء الحرب، بل إن هذه البنية تضاعفت وتضخم القطاع الإنتاجي الأمريكي للإيفاء بمتطلبات الحرب، ولذلك كانت المشكلة لدى الجانب الأمريكي هو تأمين سوق لهذا الاقتصاد الضخم وتصريف منتجاته. وذلك تحت طائلة تعرض هذا الاقتصاد لخطر الانكماش.
أدى كل من هذين الوضعين معا إلى ولادة "مشروع مارشال" الذي كان بمثابة صيغة تضمن استمرار الطلب على الاقتصاد الأمريكي، مع إعادة إحياء الاقتصاد الأوروبي كشريك رأسمالي للولايات المتحدة.
ففي ١-;-٩-;-٤-;-٧-;-، أعلن "جورج مارشال" والذي كان وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، في محاضرة له في جامعة هارفارد، عن مشروعه الذي طلب فيه وضع برنامج خاص لمعاونة أوروبا اقتصاديا، داعيا جميع الدول الأوروبية، بما فيها الاتحاد السوفياتي، للتعاون فيما بينها لوضع خطة لإعادة التعمير، ومعبرا عن استعداد الولايات المتحدة للإسهام ماليا في هذه الخطة.
وفي إبريل ١-;-٩-;-٤-;-٨-;- وافق الكونجرس الأمريكي على"مشروع مارشال"، الذي تضمن معونات بشكل هبات نقدية وعينية و قروض ميسرة، وقد بلغ حجم التمويل المتاح لهذا المشروع خلال ثلاث سنوات (٬-;-١-;-٩-;-٤-;-٨-;- ١-;-٩-;-٥-;-١-;-) حوالي ثلاثة عشر مليار دولار (ما يقارب ٩-;-٠-;- مليار دولار بالأسعار الحالية(
وقد كان من نتائج المشروع أن ازداد الإنتاج الأوروبي بحوالي الثلث، كما أسهم في ضبط مخاطر التضخم، فضلا عن إحياء وتحرير التجارة بين الدول الأوروبية، والتمهيد بالتالي لنظام عالمي يسعى لتحرير التجارة وإزالة القيود، وهكذا فإن هذا المشروع مثل حجر الأساس للنظام الاقتصادي العالمي الحديث، القائم أساسا على تحرير التجارة وانتقال رؤوس الأموال.
إتفاقية بريتون وودز
كان الجانب المالي والنقدي في الاقتصاد العالمي هاجس معظم الدول المتناحرة غداة الحرب العالمية الثانية، ذلك أن النظام النقدي السابق كان في نظر الكثيرين أحد أهم الأسباب في اندلاع الحرب(بل الحربين). ولذلك سارعت الدول المنهكة لإقامة نظام نقدي دولي، يضع في الاعتبار دروس المرحلة التاريخية التي مرت بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، فتم عقد اتفاقية في "بريتون وودز" كان من أهم بنودها تثبيت أسعار الصرف، (إذ تم تثبيت سعر الذهب بالنسبة للدولار على أساس ٣-;-٥-;- دولارا لأوقية الذهب)، والتزمت الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي بأن تضع لعملاتها سعر تعادل مع الذهب أو الدولار، كما التزمت الولايات المتحدة الأمريكية بضمان التحويل بين الذهب والدولار.
_________________________
للمزيد من التفصيل حول مشروع مارشال، انظر:
Michael Hogan, The Marshall Plan: America, Britain and the Reconstruction of Western Europe, 1947-1952, Cambridge University Press, 1989
انظر الوثائق الكاملة: الموقع الرسمي لاتفاقية بريتون وودز.
http://www.centerforfinancialstability.org/images/bretton_cover.pdf.
ومع أن الاتفاقية كانت خطوة نحو بناء نظام نقدي دولي يؤسس لعلاقات نقدية دولية مستقرة أساسها الدولار والإسترليني معا، إلا أن الدولار سرعان ما فرض نفسه بوصفه العملة الأساسية في المدفوعات الدولية، وبفضل مشروع مارشال أصبح الدولار هو الشكل الرئيس للاحتياطيات النقدية، فكل الدول تسعى للحصول على الدولار، وتحولت الولايات المتحدة الأمريكية إلى الدائن الأول للعالم الرأسمالي الذي كان يعاني بعد الحرب من عجز في المدفوعات الدولية، بينما خرجت الولايات المتحدة من الحرب وهي تستحوذ على ٧-;-٥-;-% من احتياطي الذهب العالمي.
الدولار كعملة وطنية وعالمية
تتمتع الجهة المصدرة للنقد بمكاسب معروفة أثر قيامها بهذا الإصدار، ذلك أن الآخرين لا يحصلون على هذه النقود إلا مقابل تنازلهم عن أصول مختلفة (سلع، صادرات، عمل.. إلخ)، في حين أن المصدر (كالولايات المتحدة) لا يتكلف شيئاً في سبيل الإصدار (سوى تكاليف الطبع والإدارة)، فالدول في سبيل حصولها على الدولارات تضطر إلى التنازل عن أصول مختلفة للولايات المتحدة الأمريكية في شكل سلع وخدمات أو في شكل ملكية وأصول مالية، ولذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية تحقق كسبا كبيرا من وراء احتكارها سلطة إصدار هذه النقود الوطنية/ العالمية، ولكن كيف تحول الدولار من عملة وطنية إلى عملة دولية تقبلها جميع الدول، بل وتسعى للحصول عليها وحمايتها؟
كان ارتباط الذهب بالدولار والتزام الولايات المتحدة بضمان التحويل بين الذهب والدولار كافيا لرد أي شبهة حول شرعية هذا النظام النقدي العالمي، إلا أن الغريب أن يستمر العالم بمثل هذا النظام حتى بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي نيكسون أكثر الإجراءات خطورة لمنع تحويل الدولار إلى ذهب لغير المقيم، فقد اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية إجراءات عدة بداية من سنة ١-;-٩-;-٦-;-٨-;- وانتهاء بقرار أغسطس١-;-٩-;-٧-;-١-;- لمنع تحويل الدولار إلى ذهب، مما أدى عملياً إلى انهيار النظام النقدي الدولي، القائم أساسا على ثبات سعر الصرف.
_________________________
يتعين هنا الوعي بالكيفية التاريخية الَّتي تبلور من خلالها التاريخ النقدي للهيمنة الأمريكية في القرن التاسع عشر، بعد سلسلة متصلة من العلاقات الجدلية بين القوى الأوروبية المتصارعة (هولندا، وإنجلترا، وفرنسا، وروسيا، والنمسا، وألمانيا، وإيطاليا، وبروسيا، والدولة العثمانية) وانتهاءً بالحرب العالمية الأولى الَّتي خرج منها الاقتصاد الأوروبي حطاماً، بينما خرجت الولايات المتحدة الأمريكية كأغنى وأقوى دولة رأسمالية في العالم، يزيد مجموع أرصدتها الذهبية عن مجموع الأرصدة الذهبية الَّتي تملكها روسيا وفرنسا والمانيا وبريطانيا، وكأن الحرب لم تفعل شيئاً سوى تحريك التراكم، أي نقل ثروات أمريكا اللاتينية (وخيرات المستعمرات بوجه عام) من أوروبا إلى الولايات المتحدة. هنا ينبغي الوعي بالظرف التاريخي الَّذي تمكن الذهب من خلاله من إرساء منظومة الأثمان المعبر عنها بعملات وطنية مختلفة نظير سلع تم إنتاجها في أماكن متفرقة من العالم وفي ظل ظروف إنتاجية يميزها التغيرُّ المستمر. ولم يكن من الممكن للذهب أن يؤدي هذه الوظيفة إلا ابتداءً من تداوله كنقود في داخل الاقتصاد الرأسمالي القومي الأكثر تطوراً والَّذي كان في سبيله للسيطرة على الجزء الأكبر من المعاملات الدولية: الاقتصاد البريطاني. وتمكن قاعدة الذهب الدولية بدورها الرأسمال البريطاني من تأكيد هيمنته داخل الاقتصاد العالمي، وهي هيمنة استمدها من تفوق الإنتاجية النسبية للعمل عمقاً ومدى، وبفضل هذه الهيمنة يصبح الجنيه الإسترليني، العملة الوطنية البريطانية، سيد العملات دولياً، ويمكن أن يحل محل الذهب لعملات بلدان أخرى تخضع لهيمنة الرأسمال البريطاني. وهكذا تحل هيمنة رأسمال أحد البلدان على الصعيد الدولي محل سلطة الدولة على الصعيد القومي، وتمكن هذه الهيمنة عملة الرأسمال المهيمن من القيام في المعاملات الدولية بدور النقود الدولية، سواء كانت هذه العملة تستند إلى الذهب أو لا تستند، وإن يكن من الضروري أن تبدأ فترة سيطرتها التاريخية، بحكم تاريخية النقود، بالاستناد إلى الذهب. ويكون من الطبيعي، كما كتب د. محمد دويدار، عند انتقال الهيمنة من رأسمال قومي إلى رأسمال قومي آخر أن ترث عملة المهيمن الجديد وظيفة النقود الدولية حالة بذلك محل عملة الرأسمال الَّذي فقد هيمنته على الاقتصاد الرأسمالي الدولي. وذلك هو ما حدث في فترة الحربين العالميتين عندما فقد الرأسمال البريطاني هيمنته على الاقتصاد الدولي (تاركاً الاقتصاد الدولي كي يقسم عدة كتل نقدية)؛ فقد ظهر الرأسمال الأمريكي كي يفرض هيمنته (وارثاً التركة الاستعمارية من أوروبا)، ولكي تأتي الحرب العالمية الثانية لتؤكد الهيمنة الجديدة الَّتي تفرض جميع تبعاتها في الفترة التالية للحرب. انظر: محمد حامد دويدار، الاقتصاد الرأسمالي الدولي في أزمته (الاسكندرية: منشأة المعارف،1981)، ص124. فؤاد مرسي، التخلف والتنمية: دراسة في التطور الاقتصادي (بيروت: دار الوحدة، 1982)، ص231.
A .Emmanuel, Unequal Exchange. London: Monthly. Review Press, 1972.
Rosa Luxembourg, the Accumulation of Capital. London: Rutledge and Kegan 1963
بالرغم من كل ذلك لم يتخل أحد عن الدولار، إذ أن أي مكروه سيصيب الدولار سينعكس على الجميع. فعلى سبيل المثال، حينما قامت الحرب الكورية بداية الخمسينيات، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية في تكوين مخزون سلعي ضخم من جميع أنواع السلع، ومن ثم زاد الطلب على صادرات معظم الدول وارتفعت أسعارها، ووجدت هذه الدول نفسها لأول مرة منذ الحرب محققة لفوائض ومحتفظة بدولارات، وهكذا، أصبح الحفاظ على الدولار وقيمته مهما لجميع الدول وليس فقط للولايات المتحدة، وهذه في الحقيقة الخطوة الثانية لانتقال الدولار من عملة وطنية على وحدة نقد عالمي، رغم جور هذه المعادلة ومجافاتها للعدالة كما هو مبيّن.
فقبول الدولار كعملة دولية تستخدم وسيلة للوفاء بالمدفوعات الدولية دفع الدول للحرص على الاحتفاظ به، مع الذهب، كاحتياطي لمواجهة اختلالات موازين المدفوعات. وبهذا الشكل دخل الدولار إلى جانب الذهب في احتياطيات الدول، وأصبح نقودا دولية وليس فقط مجرد عملة وطنية.
ومن هنا بدأت تظهر مشاكل الدولار الدولية، وهي مشاكل ترجع إلى وجود تناقض أساسي في وضع الدولار كأصل مالي تصدره سلطة وطنية من ناحية، وقيامه بدور حاسم في المدفوعات الدولية من ناحية أخرى. وهذه المشاكل تدور حول مشروعية ما تحققه الولايات المتحدة الأمريكية من مكاسب نتيجة لاحتكارها إصدار هذه النقود الدولية، وما يترتب للنظام النقدي من عدم استقرار نتيجة لأسلوب توفير هذه الدولارات للاستخدام الدولي، وأخيرا التعارض بين المسؤولية الدولية والاحتياجات المحلية للولايات المتحدة الأمريكية.
تبلور المؤسسات المالية والنقدية والتجارية الدولية
كان من نتائج اتفاقية (بريتون وودز)، أن أنشأت البنك الدولي للإنشاء والتعمير، وصندوق النقد الدولي، كما دعت إلى إنشاء منظمة للتجارة الدولية. ولنر ذلك ببعض من الإيجاز:
البنك الدولي للإنشاء والتعمير
تعود فكرة إنشاء صندوق النقد الدولي إلى الاقتصادي الأمريكي “هاري وايت”، والذي كان يرى أن إنشاء بنك دولي، يمكن أن يمثل حافزا للدول للاشتراك في نظام لتثبيت أسعار الصرف فيما بينها. وفي نيسان ١-;-٩-;-٤-;-٢-;-، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية -في عهد الرئيس روزفلت- عن مشروع لهذا الصندوق والبنك، وقد تم الاتفاق نهائيا على إنشاء البنك مع صندوق النقد الدولي ضمن اتفاقية (بريتون وودز)، باسم"البنك الدولي للإنشاء والتعمير".

ويقوم نشاط البنك الأساسي على الإقراض، وتتأتى موارده من اقتراضه من أسواق رأس المال الدولية، أي أن الدول الأعضاء لا تدفع مساهماتها بشكل مباشر، وإنما تكون مساهماتها في صورة التزام بالدفع عند الطلب، ويشكل هذا الالتزام داعما لجدارة البنك الائتمانية، تخوله اقتراض ما يشاء من السوق الدولية، بضمانة التزام الدول الأعضاء بسداد ما عليها عند طلب البنك، وتعرف هذه الطريقة بـ "الرأسمال القابل للاستدعاء".

صندوق النقد الدولي
صندوق النقد الدولي هو المؤسسة الشقيقة للبنك الدولي، والذي تم إنشاؤه بموجب اتفاق"بريتون وودز" ويعتبر الصندوق هو الجناح المالي والنقدي للاتفاقية، فإذا كان البنك الدولي يركز على التنمية الاقتصادية، فإن مهمة صندوق النقد الدولي هو ضمان استقرار النظام المالي الدولي. وتقوم الفكرة الأساسية لدى واضعي نظام الصندوق على أن تدخله يكون للمساعدة المؤقتة، ولذلك فهو يحاول بموارده المحدودة أن يواجه الطلبات المؤقتة، وفي هذا السبيل فرضت أسعار فائدة تصاعدية على العمليات التي يعقدها الأعضاء مع الصندوق كلما زادت المدة المطلوب عنها القرض، وذلك حتى يؤكد الصندوق أن تدخله يقتصر على العمليات المؤقتة.
اتفاقية الجات
تعود فكرة منظمة التجارة الدولية إلى مؤتمر (بريتون وودز)، الذي دعا إلى إنشائها، ذلك أن تحرير التجارة الدولية كان هو الفكرة السائدة قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية، إلا أن جهود الدول لم تكلل بالنجاح، ولذا عمدت الدول الصناعية – كإجراء مؤقت- إلى وضع ترتيبات خاصة لضمان حرية التجارة فيما عرف آنذاك بـ"الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة GATTوالتي دخلت حيز النفاذ مطلع عام1947 .
كان من مهام الجات الإشراف على جولات المفاوضات حول تجارة السلع، والإجراءات المتعلقة بتنظيم التجارة الدولية بين الأطراف المتعاقدة، للوصول إلى زيادة حجم التجارة عن طريق تخفيف أو إزالة مختلف العقبات أمام التجارة الدولية، ويجري متابعة وتنفيذ ذلك من خلال أمانة دائمة مقرها جنيف.
ومع أن هدف اتفاق الجات المعلن هو تحرير التجارة في كافة السلع، إلا أن التطبيق العملي انصب على السلع الصناعية، دون السلع الزراعية والمنسوجات والملابس، وهي السلع التي يملك العديد من الدول النامية ميزة نسبية في إنتاجها، كما أن الدول المتقدمة قدمت دعماً متزايداً للمنتجين الزراعيين (وهو ما يتعارض مع مبادئ الجات في مكافحة الدعم)، وكان لذلك أثره في تشويه التجارة الزراعية العالمية، وبالمقابل بقيت التعريفات مرتفعة في الدول الصناعية المتقدمة النمو فيما يخص صادرات الدول النامية من السلع التي يتم إنتاجها بعمالة كثيفة، مثل المصنوعات الجلدية والأثاث والسجاد وغيرها.
وهكذا، فإن إنجازات الجات تنحصر في تخفيض التعريفة الجمركية على السلع الصناعية وهو ما يصب في مصلحة الدول الصناعية المتقدمة، فمنذ عام 1947، نجحت الجات في تخفيض العوائق التجارية، وخاصة التعريفات الجمركية، إذ انخفض متوسط التعريفة حوالي 40 في المائة، لكن الجات فشلت من جهة ثانية في تخفيض العوائق غير التعريفية، مثل تراخيص الإستيراد وحصص الإستيراد وغيرها.
_________________________
راجع:
James Raymond, The IMF and Economic Development, Cambridge University Press, 2005

منظمة التجارة الدولية
أنشئت منظمة التجارة العالمية لتكون الإطار التنظيمي والمؤسسي لتطبيق، والإشراف على تنفيذ هذه الاتفاقات. وفيما ركزت إتفـاقيـة الجات على جانب السلع فقط فقد وسعت المنظمة المجال لتشمل قضايا إضافية كتجـارة الخدمات (المالية والسياحية والنقل و الاتـصالات) وحـقوق الملـكية الفكـرية المرتبطة بالتجارة (مثل براءة الإختراع وحـقوق المعرفة الفنية)
وبتوقيع هذه المعاهدة انتقل العالم من عصر"الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة"، إلى عصر "منظمة التجارة العالمية"، والتي تبنت اتفاقيات الجات وطورتها بإضافة أحكام وبروتوكولات جديدة إليها، وخصوصاً فيما يخص التجارة في الخدمات وحقوق الملكية الفكرية، وباتت الجات كيانًا يندرج تحت التنظيم الحديث للمنظمة.
أما بالنسبة للنظام القانوني فـ"منظمة التجارة العالمية" تعتبر منظمة دولية متخصصة من ضمن المنظمات المتخصصة الغير تابعة للأمم المتحدة، وأعضاء المنظمة متساوين في الأصوات(صوت واحد لكل دولة) والقرارات عادة تصدر بالتراضي، أي بدون تصويت، إلا عند الاعتراض فتحتاج القرارات إلى أخذ الأصوات، وتكون بأغلبية الثلثين أو الثلاثة أرباع أو الإجماع، وذلك بحسب خاصية الموضوع.



#محمد_عادل_زكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المختصر في اقتصاد العرب
- علم الاقتصاد السياسي
- اقتصاد مصر أيام ناصر
- في قانون القيمة
- السودان من الاستعباد إلى الانفصال عبر القمع
- من أجل مشروع حضاري لمستقبل آمن
- منهجية التخطيط والاستثمار
- تجديد الإنتاج البسيط عند كينيه وماركس
- القيمة في اللغة
- العمل المنتج
- النشاط الاقتصادي في مصر القديمة
- التجارة الألكترونية
- الفكر الاقتصادي لكارل ماركس
- من العلم (أي: الاقتصاد السياسي) إلى الفن التجريبي (أي: الاقت ...
- منهجية مقترحة
- القيمة النسبية
- الهروب من الوطن (4)
- الهروب من الوطن (3)
- الهروب من الوطن (2)
- الهروب من الوطن (1)


المزيد.....




- الناطق باسم نتنياهو يرد على تصريحات نائب قطري: لا تصدر عن وس ...
- تقرير: مصر تتعهد بالكف عن الاقتراض المباشر
- القضاء الفرنسي يصدر حكمه على رئيس حكومة سابق لتورطه في فضيحة ...
- بتكليف من بوتين.. مسؤولة روسية في الدوحة بعد حديث عن مفاوضات ...
- هروب خيول عسكرية في جميع أنحاء لندن
- العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يدخل المستشفى التخص ...
- شاهد: نائب وزير الدفاع الروسي يمثل أمام المحكمة بتهمة الرشوة ...
- مقتل عائلة أوكرانية ونجاة طفل في السادسة من عمره بأعجوبة في ...
- الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
- شويغو: هذا العام لدينا ثلاث عمليات إطلاق جديدة لصاروخ -أنغار ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عادل زكي - تنظيم العالم على أساس رأسمالي