أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - الرفيق














المزيد.....

الرفيق


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 5240 - 2016 / 7 / 31 - 09:14
المحور: الادب والفن
    


الرفيق
سلام إبراهيم
عدنا مُتعبين. كان يسير جواري بعناء ونحن نصعد الجبل نحو مقراتنا. أحببته بشدة حال التحاقي بالثوار، وأفضى لي بأسرار كنت أجمد مذهولا، متيبساً من هولها. مع ذلك أحببته وبشدة ولا أدري لِمَ، هكذا أصبح قريباً إلى نفسي، وأمسينا نثق ببعض دون سؤال.
من غبشة الصباح كلفونا بالنزولٍ إلى المقر القديم في أسفل الوادي جوار النهر، لمعرفة ما جرى للرفاق، فقد وصل مع أول خيط للفجر رفيقان فقط من المجموعة يبكيان ويلطمان ويرددان:
- راح الرفاق!.
البارحة وبعد منتصف الليل بقليل رأينا وهج القصف الصاروخي على الوادي، قلت مع نفسي:
- عليهم يا إلهي عليهم!.
كان يسير جواري مرتبكاً، يريد أن يقول شيئاً لكنه يتردد ويثقل خطوه، قلت له أكثر من مرة:
- ماذا بك؟!.
يحدق في وجهي بعينين ترمشان بسرعة وكأنه غير قادر على مواجهتي ويقول:
- لا.. لا.. ماكو شيء!.
عبر قبلي إلى الجهة الأخرى حيث المقر، إذ انشغلت بالرفيق الذي انتحر على ضفتنا. لحقت به بينما بقى رفيقان مع رفاق ثلاثة يهذون ويشتمون متأثرين بقصفٍ بغاز الأعصاب. لحقت به متخذا ضفة النهر، وفيما كنت انحرف نحو الممر الصاعد وجدته ينزل مسرعاً، قال لي:
- أبو الطيب لا تزال رائحة غريبة في المكان و "أبو جواد" أستشهد.
حاول أن يثنيني عن الصعود لكني صعدتُ.
جمدت أمام جلال الموت الممد تحت قامتي. رفيق بالأمس كنا نضحك معاً يغور في رقدته الأبدية مرعوباً ومنديل مبلل يحيط بأنفه وفمه. انحنيت عليه لأسمع نبضه، عل وعسى، لكن هيهات كان مندملا في أبديته.
دفناهم الثلاثة على عجل وعدنا بالناجين.
كان يسير جواري مخنوقا، يلوب ويتعذب من أعماقه. كان يحبني بشدة. والحب أعمى. وقبل أن ننحرف في وادٍ جانبي طلب مني التمهل قليلا عن بقية الرفاق، فتلكأت. قرب وجهه من وجهي وقال بصوت خافت رغم انفرادنا:
- أبو الطيب، لقيت سبعين دينار بجيب "أبو جواد" وتقرير طبي من دكتورة "مريم" عن مرضه وعدم صلاحيته للبقاء مع الثوار!.
- ما المشكلة؟
سألته بكل براءة، فرمقني بقوة وقال:
- أريد رأيك أسلم الفلوس للحزب لو أخذهن!.
هنا صرت خبيثاً بالمعنى العميق لا السطحي. إذ لم أكن الصديق النصوح. كنت أستطيع أن أردعه، لكن أردت أن أكتشف أعماق رفيق أحببته بلا سؤال، فأجبته بحياد رغم تراجيدية الأحداث:
- ما أدري.. أنت تقرر رفيق!.
وجعلت أراقبه بعينين فضوليتين، كان يتعذب بشدة حتى أنه حاور نفسه وأسمعني الحوار:
- أي ألمن أسلم الفلوس لفلان، لو لفلان، وهو وين الحزب، شو راح نتشرد، لو أسلمها لواحد راح يأخذها مو؟
كنت ألتزم الصمت وأنتظر قراره بحرقة. وأخيرا مزق التقرير الطبي وأخفى النقود.
من تلك اللحظة ابتعدت عنه مسافة، وقليلا.. قليلا أَذْبَلتُ العلاقة.
الغريب أنني لازلت أحبه.
30-7-2016 دنمارك



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرواية والجنس -4- الجنس بين الثوار
- الجنس في الرواية -2- العراقي والجنس
- الجنس في الرواية -1-
- المصور إحسان الجيزاني والسياب
- لست سوى ظل
- الوقت والجسد
- في الوسط الأدبي العراقي -4- نزعة إبادة الآخر
- بمناسبة عيد العمال 1 أيار 2016 شبيه فهد
- في الوسط الأدبي العراقي -3- الكلام والحط من شأن الأخر
- في الوسط الأدبي العراقي -2- ماذا لو بيده سلطة؟!.
- حفيد علي بن أبي طالب
- في الوسط الأدبي العراقي عن الصراحة والرأي الآخر -1-
- حارس الموتى من روايات قائمة البوكر القصيرة 2016
- إلإنسان هش
- نوميديا من روايات القائمة القصيرة بوكر 2016
- عن موت خضير ميري
- يكون موجودا لا أخنه لكن حينما يسافر
- نقاد العراق الجدد -1-
- لوعة وفراش بارد
- في وداع الروائي -جمال الغيطاني-


المزيد.....




- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...
- فيديو صادم.. الرصاص يخرس الموسيقى ويحول احتفالا إلى مأساة
- كيف حال قرار بريطاني دون أن تصبح دبي جزءاً من الهند؟
- يجتمعان في فيلم -Avengers: Doomsday-.. روبرت داوني جونيور يش ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...
- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - الرفيق