أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - في وداع الروائي -جمال الغيطاني-















المزيد.....

في وداع الروائي -جمال الغيطاني-


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 4963 - 2015 / 10 / 22 - 17:55
المحور: الادب والفن
    


في وداع الروائي "جمال الغيطاني"

زرتني متأخراً يا سلام!.
سلام إبراهيم

عرفته في أوائل السبعينات من مجموعتيه القصصيتين، - أوراق شاب عاش منذ ألف عام- 1969 و – أرض.. أرض – 1972. أسرتني طريقة السرد في قصصه ولغته السلسة المسبوكة، والأجواء، ودقة رسم المكان وتصوير الحدث، وكنت وقتها بدأت بكتابة محاولاتي الأولى وحلمت وقتها بكتابة قصص عن البيئة العراقية لها أحكام بنية وعالم وتصوير وملامح قصص الغيطاني وأبناء جيله من الكتاب المصريين. فوقتها درست ما كُتِبَ وما كان يُكتَبْ من قصص منذ نشأة القصة العراقية، فوجدتها قصص شكلية تحوم حول الواقع دون أن تغور فيه وتصوره تحليلا ورسما ما عدا نماذج معدودة، المبكرة كقصص "يوسف متي" ثم "فؤاد التكرلي" و "عبد الملك نوري" ليغرق جيل الستينات في التجريب الشكلي من ناحية بناء الحدث أو اللغة فأبتعد كلياً عن تصوير الواقع العراقي والأسباب كثيرة لا مجال للخوض فيها في هذا الموضوع.
منذ ذلك الوقت دأبت على متابعة كل ما يكتبه، وتتبعت تطوره الفني منذ "الزيني بركات" الرواية التي أستلهم فيها الحدث التاريخي لتفكيك واقع المجتمع المصري المعاصر، إلى "رسالة الوجد والصبابة" بلغته الصوفية الساحرة. إلى دفاتره السردية المطولة والتي كنت أذهل وأتساءل كيف كتبها ومتى وهو في خضم العمل والنشاط الصحفي المستمر.
في منتصف تسعينات القرن الماضي بدأ يتبلور مشروعي الأدبي، فصدر لي "رؤيا اليقين" قصص 1994، و"رؤيا الغائب" رواية" 1996.
كنت في زيارة لدمشق 1997 وقت معرض "دمشق" الدولي للكتاب. وهناك بعد محاضرة في المكتبة المركزية التقيت به للمرة الأولى وكان حوله حشد من الشباب المحتفين به، تعارفنا وأهديته كتابيَّ وتبادلنا العناوين على أمل المراسلة، لكننا لم نفعل ذلك.
في صيف 2002 قرأت خبرا عن زيارته لكوبنهاجن لمؤتمر حول العولمة، فأخذت القطار الصاعد شمال المدينة إلى متحف "ليوسيانه" وهنالك التقيت به بعد المحاضرات، ودخلنا في حوار طويل، وسلمته أكثر من عشرة مقالات عن روايات ومجاميع قصصية عراقية لزملائي العراقيين من كتاب المنفى. أخبرني بأنها ستظهر في جريدة "أخبار الأدب" التي يرأس تحريرها. وفعلا نشر ملفاً عنوانه "سرد المنافي" وفيه سبعة مقالات قبيل الاحتلال الأمريكي للعراق في عدد من أعدادها لشهر 12/2002، والبقية نُشرت لاحقا مفردةَ. يومها رجعت معهم في الحافلة إلى الفندق. وخرجنا معاً إلى مقهى مجاور لنواصل الحديث، كم كان جميلا وبسيطا وممتعا ومتواضعاً وحميماً وكأنه يعرفني منذ زمن الصبا، وعندما أتأمل الآن أجد أن ظروف نشأتنا في عوائل كبيرة فقيرة الحال، عانت شظف العيش وتبلورنا ككاتبين هوانا يساري معنيين بالطبقات المسحوقة والجمال والسرد هو ما أضفى على لحظات اللقاء في كل مرة نلتقي فيها تلك الألفة والمحبة والود والاحترام، مضاف إلى ميزة الإنسان المصري الطيب الودود الصبور المتواضع التي تفتقر إليها الشخصية العراقية بشكلٍ عام. أهديته وقتها مجموعتي القصصية الثانية "سرير الرمل" دمشق 2000 وأعتذر عن دعوتي كي يحلّ في بيتي، أخبرني بوضعه الصحي الصعب ومعاناته من مرض القلب الذي أتعبه كثيراً، وأعطاني كارت يحمل أسمه وتلفونه، وشدد على زيارته في الجريدة إذا حللت في القاهرة.
في نهاية عام 2008 سافرت إلى القاهرة لصدور روايتي "الإرسي" وقتها لم أكن أعرف أحداً وأزورها للمرة الأولى، فاستقبلني صديق ودود كنا نتخابر فقط الشاعر العراقي "وسام هاشم" في المطار ليأخذني إلى وسط البلد ويضعني في قلب القاهرة التي ستتفتح لي رويدا.. رويداً مثل وردة ليتغلغل عطرها في أنحائي وأصبح من عشاقها وكتاب وروائيون سيصبحون أصدقاء حميمين يشعرونك بالأمان أولهم الروائي سعد القرش وإبراهيم عبد المجيد والراحل فؤاد قنديل وهشام علوان ومحمد العشري، ومحمد مستجاب الابن، والقاص الحكواتي الجميل سعيد الكفرواي، وشعبان يوسف الناقد والصديق الجميل، والروائي الراحل إبراهيم أصلان والروائي الراحل محمد عبد السلام العمري ، وسعيد مكاوي، ومصطفى عبادة. حشدٌ من الوجوه الطيبة التي يحس المرء جوارها بالمحبة والألفة.
بعد اللقاء بدار "الدار" وحصولي على نسخ من روايتي أول ما فكرت به زيارة الروائي "جمال الغيطاني" في مقر عمله في "أخبار الأدب" حاملاً نسخاً من الرواية. في باحة الاستعلامات أخبرتُ الموظف بأني أريد اللقاء بالأستاذ جمال، فرمقني بنظرة فاحصة من الأعلى إلى الأسف وأعاد السؤال وكأنه لم يفهم ليتأكد من لهجتي العراقية، ليسألني بعدها سؤال رجال أمن، عن علاقتي به، فأجبت بكل عفوية بأننا أصدقاء، فأبتسم ساخراً، ورفع سماعة الهاتف وأتصل، أغلقها ليقول لي أنه مشغول ولا وقت لديه لمقابلة الأصدقاء. لم أتزحزح فقد شعرت بأنه لم يتصل أصلا لأجل ذلك، فأبدى غضبه. أخرجت له الكارت وقلت إذن سأتصل به بنفسي، تناول الكارت وتلاشى الغضب من ملامحه، وتكلم في التلفون بخشوع ليلتفت ويقول بتودد: تفضل أستاذ سامحني.. تفضل ليدلني على المصعد ويضغط على زر الطابق المطلوب.
استقبلني " الراحل" بذراعين مفتوحتين في باب مكتبه مرددا بصوته الدافئ: نورت مصر أستاذ سلام" وجلسنا. كان في زيارته دكتور يدرس الأدب العربي في جامعة من جامعات أمريكا، ضخم سمين جدا، بشوش تعارفنا، ولكن لا يحضرني أسمه، لندخل بموضوع صراع الثقافات، ومعاناة المغتربين في تفاصيل الحياة في الغرب، فحدثتهم عن تجربة أبنائي وطبيعة الصراع الذي نشب وقتها بين أبني وأخته حول مفاهيم الحياة والحرية، فقال لي جمال: سلام لديك موضوع رواية جاهز وحيوي لم لا تكتبه
فقلت له: لا أدري هل سألحق!.
أهديته وللدكتور الضيف نسخة من "الإرسي" فطلب نسخ للجريدة، وطلب شخصاً يدعى "حسن عبد الموجود" فدخل شابُ نحيق طويل القامة سأعلم بأنه روائي أصدر رواية وقتها، ناوله نسخة من روايتي وشدد عليه قائلا:
- تقرأ الرواية وتعمل حوار مع سلام!.
وفعلاً بعد أيام سيتصل بي ونجري حوارا شفوياً سينشر في مطلع عام 2009 بجريدة أخبار الأدب. كان بودي أن نلتقي في القاهرة ونتجول في مقاهيها وحاناتها ونواصل الأحاديث ونتسكع قليلا لكنه أخبرني بأن الوقت متأخر فالمرض والعمر والعمل فهو إلى البيت مباشرة بعد العمل ليرتاح وأردف ضاحكا"
- زرتني متأخرا يا سلام. كان من المفترض أن نتعارف في وقت أبكر!.
ودعته بعناق ومودة.
جمال الغيطاني الإنسان الكبير والمبدع وداعاً






#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهوة الرجل
- الشخصية الروائية والواقع
- الجنس في الرواية
- أصدقائي الكتاب 4- القاص والروائي إبراهيم أحمد
- أصدقائي الأدباء 3- الروائي والشاعر حميد العقابي
- ليس هنالك مبرر لقتل الإنسان بالمطلق
- يومي الدنمركي -3- عناق حصان في البرية
- يومي الدنمركي2 مقتدى الصدر في الدنمرك
- أصدقائي الكتاب 2- الروائي جنان جاسم حلاوي
- نماذج زمن سلطة الطوائف الثقافية في عراق الخراب
- يومي الدنمركي
- ضياع
- عن 14 تموز 1958
- رسالة الناقد والباحث د.عبدالله إبراهيم -
- من أدب الرسائل الورقية -من رسائل الشاعر الراحل علي الشباني -
- رأى في الأدب النسوي
- المتشردة الروسية -1-
- عشتاري العراقية -8- القسم الأخير
- عشتاري العراقية -7-
- عشتاري العراقية -6-


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - في وداع الروائي -جمال الغيطاني-