أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - قوة الأصالة الأجتماعية ونجاحها في مواجهة التغيرات الفكرية والسياسية في المجتمع.














المزيد.....

قوة الأصالة الأجتماعية ونجاحها في مواجهة التغيرات الفكرية والسياسية في المجتمع.


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5228 - 2016 / 7 / 19 - 20:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



المجتمع الإنساني مجتمع لاقط للقيم التي تتناغم مع روحه الذاتية وتتوافق مع مؤديات الأنا الجمعية لديه، فمثلا تجد مجتمعات لا تؤمن بالسلطة السياسية وحدها ولا تسلم زمام أمرها لها ما لم تعزز هذه السلطة قناعتها بعناوين أخرى، بالغالب تكون روحانية أو روحية أو مما لها تماس مع الوجدان الشعبي، في حين نجد مجتمعات أخرى تقتنع وتؤيد بكل قوة من يحرك فيها إفرازات الأنا الجمعية المتضخمة لديها، وينجح في تحريك مظاهر وبواعث روحية الأنتماء لمحدد واحد، بعيدا عن أخطاء السلطة أو نجاحاتها وتبقى هذه المجتمعات تقدس السلطة لأنها تعبر عن ضميرها الذاتي.
قد لا تكون عوامل التطور التاريخي والحضاري ناجحة في تغير من قواعد هذه الروحية، ولن تنجح الكثير من التحولات البنيوية في الفكر والعقيدة والثقافة في أقتلاع جذور الطبع الأجتماعي المتأصل في الكثير من المجتمعات والتكتلات الأجتماعية، ولا سيما المنغلقة منها أو التي تبني أعتباراتها النسقية على فكرة الأنا أو على فكرة الماهية الأجتماعية الرابطة، هناك تجارب تأريخية كثيرة تعرض لنا فشل التطور الفكري والديني والسياسي وحتى الأقتصادي في تبديل المفاهيم والقيم الجذورية في النسق الأجتماعي، والتي غالبا ما تلامس القشور والسلوكيات العامة دون أن تتغلغل نحو العمق الوجداني.
هذا يقودنا إلى قضية مهمة أن الإنسان في الحقيقة هو مفردة المجتمع والظواهر والتحولات التي تنشأ في عمقه اللا واعي ستنعكس بالتراكم على الذهن الجمعي الخازن لقيمه والمحافظ عليها من التطور لظنه أن التطور هو أنحياز لروح الغير (المتحسس منه) وتقليد لماهية الغير الأجتماعية (الخشية من الغلبة)، مما يعني له سلب خصوصية التفرد المعتز بها قيميا وإنكشاف لضعفه أمام الأخر المنافس أو المنازع وإن لم يكن تنازع ولا منافسة حقيقية.
الشك والريبة والدفاع السلبي عوامل رئيسية في رسم التعامل الأجتماعي مع الأخر عند المجتمعات التي تشعر بخطر المنافسة أو الغير مستعدة أساسا للتنافس الحضاري أو الأجتماعي، والتحرز من الأختلاط والتفاعل معه أي مع الأخر المختلف مشروط بعدم التعدي على قيمه الذاتية أو محاولة التغيير في مظاهرها، ولكن في ذات الوقت لا يمانع مثلا من تغير هذا الغير لخصيصته أو لهويته نتيجة نفس التعامل، ويعتبره أنتصارا حاسما وتأييدا صادقا لصلاحية فكرته أو روحيته الذاتية له ولأنساقه الأصيلة، مثلا تجد الكثير من المسلمين أو غيرهم من أتباع الديانات الأخرى يقبلون بكل سعادة أن يتحول فرد لدينهم ولكن يشعروا بالانزعاج والتذمر ودق ناقوس الخطر لو تحول أحد أتباعهم لدين الأخر.
الغريب أن هذا المنطق الأحادي منطق يخلو من تأكيد الرغبة في فهم الأخر والأنتفاع من وجوده، خاصة مع التمسك بمقولات وهمية أو ظنية غالبا في أحكامها تنتمي لنفس الروح الجوهرية للمجتمع، مثلا تمسك المسلمون بمقولة (كنتم خير أمة أخرجت للناس) سببا في حصر الخيرية كوصف أناني تأصل في ضمير وواقع المجتمع الإسلامي دون أن يطرح نمطا سلوكيا مترجما لهذا النص، وإن أي نقد إيجابي أو حتى محاولة تعريف النص وعرضه على علم المقاصد النصية يشكل لهم شعور بالإهانة والتعدي، وكذلك نجد ذات المبدأ عند اليهود (بني إسرائيل) وفكرة شخصنة شعب الله المختار وفكرة الأصطفاء العنصري وأنتمائهم المزعوم مثلا لمسمى العبرية الاصطلاحي، وحصره بهم وحدهم على أنه أرث تاريخي يخصهم لوحدهم دون أن يشاركهم فيه البقية من أبناء إبراهيم الذي هو العنوان الذي أستمدوا منه الأنتماء.
سقنا هذا الكلام والأمثلة معه لنؤكد أن تغير الأنساق الأجتماعية لأي مجتمع غالبا ما تلامس الفوقيات، والتي لا تعبر بالضرورة عن سلوكيات عامة تحاول أن تكون عناوين بالإرادة لها، أنها المضمر النسقي والمسمى الجذر الروحي للمجتمع فهو يظهر عادة في اللا وعي الذاتي في التصرفات والسلوكيات الكلية، وأجلى ما يظهر في الدفاع الأجتماعي أو ردات الفعل الغير مقولبة أو التلقائية أو التي تحاول فيها الأنا الجمعية أن تؤسس لها وجودا في الواقع الأجتماعي، وهذا الناتج الغير مسيطر عليه والذي لا يخضع أيضا بسهوله للتبدلات والتحولات العميقة هو الأكثر فاعلية على التأثير وصنع الرؤية الكونية للمجتمع تجاه الأخر المختلف والأخر المقارب.
لذا فلا نستغرب مثلا فشل تحولات أجتماعية وسياسية كبرى في تغير اللب الأجتماعي وتحرير الجذور المؤثرة في شخصية وثقافة المجتمع وأصالته الأجتماعية، لم تكن ثمانون عاما من الحكم الاشتراكي والشيوعي قادرة على أن تطفئ الروح القيصرية لروسيا، ولم تنجح الكثير من الرؤى والأفكار الشمولية من تغيير قناعات نسقية لمجتمعات حكمتها لمجرد أنها طبقت الرؤية بالقوة، دون تصالح روحي وحقيقي مع الذات الجامعة والأنا الجمعية، كما فشل الإسلام مثلا من أنتزاع روح مكة التجارية السلطوية المتعجرفة وتلطيفها برغم ما في الإسلام من دعوى حقيقية للتسامح والإنسانية، وهذا يفسر قوة الانقلاب القريشي على الإسلام ونظامه الأجتماعي والعقائدي وجره للمدرسة المحافظة، وتسخيره للدين لمصلحة وإرادة قضية مكة ممثلة بقريش السادة والقادة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكة والمدينة وجوهر الصراع الأجتماعي الأول في المجتمع الإسلام ...
- مكة والمدينة وجوهر الصراع الأجتماعي الأول في المجتمع الإسلام ...
- مفهوم النسقية الأجتماعية والنمطية الاجتماعي ودورهما في بلورة ...
- الحقيقة الضائعة بين الناسخ والمنسوخ _ح3
- الحقيقة الضائعة بين الناسخ والمنسوخ _ح2
- الحقيقة الضائعة بين الناسخ والمنسوخ _ح1
- أول الخطوات .... أخر الكلام
- مرة أخرى الإنسان خالقا ......
- لعنة موت متنقل
- الخديعة
- صناعة الفعل وتطور مفهوم الإرادة
- رجل الدين تفضل خارجا فقد حان وقت الأعتزال
- من هو الله؟.2
- من هو الله؟.
- وما زال في جيبه رصاصة
- مفهوم الملك والملكية دستوريا ومفهومها في الإسلام
- الإسلام التاريخي وحراك ما قبل أعلان الموت ح4
- زعلت الوردة الجميلة .... فأضربت الفراشات عن العمل
- الإسلام التاريخي وحراك ما قبل أعلان الموت ح3
- الإسلام التاريخي وحراك ما قبل أعلان الموت ح2


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - قوة الأصالة الأجتماعية ونجاحها في مواجهة التغيرات الفكرية والسياسية في المجتمع.