أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - من هو الله؟.














المزيد.....

من هو الله؟.


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5218 - 2016 / 7 / 9 - 16:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من هو الله

تقول الرواية الدينية أن الله بالضرورة أن يكون واحد وهذا الواحد بالضرورة أن يكون خالق الوجود وبالضرورة أن الوجود خاضع له على النحو الذي لا إنفكاك منه، بالتالي الله هو القدرة التي لا يمكن لموجود أن يتفلت منها مهما أمتلك من أسباب أو أعذار، هذا جيد عند هذه النقطة ولا بد لي من المتابعة في أحد غابات أفريقيا هناك من يعتقد أن الطوطم المنصوب من بقايا خشبة الحور والمنحوت على شكل رجل له أربعة أقدام هو من يملك القوة الحاكمة ليس لأنه كذلك ولكن لأن الألهة البعيد بعد أن أدى كل الواجبات عليه أراد أن يستريح فوضع سر قوته في هذا الرب الذي يحب الرقص على أنغام الموسيقى التي تجعل أرجل أتباعه تعزف سمفونية رائعة تطهر أجسادهم من الشرور.
وقف رجل أوربي مسيحي على بعد يراقب هذا الأحتفال من خلال منظار وهو مأخوذ بجمال الرقصة وتناسق الأقدام وهي تتطهر من الأرواح الشريرة التي تتسلل نحو باطن الأرض مع كل دبكة، سأل مرافقه ومترجمه الأفريقي عن هذا الغباء اللا منطقي حين يعبد رجالا لهم عقول خشبه وهو يعلمون أن من صنعها رجل مثلهم، لم يرد الرجل الأفريقي بل قال أن هذا الرب الذي يرقصون لأجلهم نزل من السماء هكذا أولا كي لا تعبث به يد البشر الشرير وثانيا أنه هو من ينقل للأله الكبير ما يرى وما يسمع لذا فأقدامه الأربعة تشير إلى أنه يسير في كل الأتجاهات في آن واحد دون أن يشكو الاستحالة.
سأله الأوربي ومن يقول إنه نزل هكذا من السماء وأنه يستجيب لكم كما يستجيب يسوع أبن الله وروحه، قال أنت يا سيدي من يقول ... وأنصرف الأفريقي ليكمل مشوار أحتفال القرية باستجابة ربهم لتضرعهم حين كثر المطر بعد شحة استمرت مدة طويلة هددت حياتهم وحياة حيواناتهم حتى كادت الغابة التي يعيشون فيها أن تتيبس وتتحول إلى أطلال، حاول السيد الأوربي أن يتصور مقدار المقارنة التي أطلقها الإفريقي بوجهه وهو يمارس حقه في الدفاع عن ربه الذي يستمتع بالرقص لهذه الأجسام العارية التي من عليها بالمطر.
المتدين في كل الديانات ينطلق من فكرة واحدة هي فكرة القوة المطلة التي لا تقيدها حدود، الرب الذي يملك القوة المعطلة لكل قوة أخرى معارضة له هو الرب الحقيقي وما عدا ذلك فهي مجرد تسميات لا تمت للحقيقة بصلة، المسلم المسيحي اليهودي يشتركون مع كل أهل الديانات بهذا المعتقد ويضيفون خصيصة خاصة لربهم أنه هو المعني بالحياة كما هو المعني بالموت، فمن يملك القدرة على ممارسة الموت وممارسة الإحياء وتوزيعها على الموجودات هو الله بكل ما تحمل قوة الموت والحياة من قهرية على الموجودات، هل كان الأفريقي الذي ذهب لمشاركة المؤمنين من قريته بالرقص الأمتناني التعبدي يملك نفس التصور، بالتأكيد نعم وبكل جدارة يومن بأن هذا الرب الخشبي الذي يزينه بالألوان كلما أحتاج أن يسأله شيء من تلك القوة إنما يمارس ذات العبادة التي عليها المؤمن المتدين بالديانات الإبراهمية حين يشرع بالصلاة أو الدعاء.
إذا كان رب الأفريقي يملك القوة وبالتأكيد من يقول ذلك ليس خاليا من دليل عقلي له بهذا الكلام وبالتجربة أيقن أن ما يعتقد به هو كل الحق، إذا من يكون رب المسيحي والمسلم والبوذي وغيرهم من صنوف الألهة، يقول سيرجاي وهو متدين هندوسي أن ربه الذي يتجلى له بكائن أرضي وضع سره بهذا الكائن ليقصر المسافة أولا بينه وبين من يعبده، ثم يطمئنه أن هذا الكائن الذي يعط بلا حدود ولا يسأل الإنسان أجرا مقابل العطاء هو من يستحق أن يعبد، الله صحيح هو من يملك القوة المطلقة ولكن الفائدة ليست فيها وحدها مجردة بل بالعطاء بغير منية ولا مقابل، البقرة التي جعل الله ضرعها يملك الحياة للناس وتمنحه بكل سعادة تمثل روح الله السعيد عندما يمارس قوته بأسلوب الرحمة لا بأسلوب التضرع إليه والإلحاح بالطلب والتوسل، لذا على الهندوسي النقي أن لا يتوقف عن شكر الرب على عطاياه.
هذا الرب الهندوسي يفرق قليلا أو كثيرا عن الرب اليهودي الذي فضل بني إسرائيل على كل خلقه لأنه يحبهم كما يقول المسلمون أن الله الخاص بهم جعلهم خير أمة بين البشر الذي يشكلون جزء لا ينظر من هذا الكون المتعاظم لأنهم صدقوا نبيه ورسوله لهم، رب سيرجاي أكثر قدرة على أن يكون معقولا من رب اليهود والمسلمين والمسيحيين الذي وعدهم ربهم أن من أمن بالمسيح ومات فقد ضمن رضاه مهما عمل أو مهما فعل قبل وبعد الإيمان، رب سيرجاي ورب الأفريقي الذي يشاركهم الرقص ويستمتع معهم أنه أنزل لهم المطر ليعيشوا ويرقصوا ويتكاثروا وهو سعيد، من المؤكد أن الله المسيحي واليهودي والمسلم لا يبدو سعيدا ولا يستطيع أن يشارك أتباعه والمؤمنين به الرقص والسعادة لأنه يعيش بعيدا بعد أن أرسل رسله وقال لهم هذه حدودي وإلا فالنار ستأكلكم إن أغضبتموني.
ليس هنا الكلام من باب تفضيل رب على رب بقدر ما هو البحث عن مضمون العنوان الذي يقودنا للبحث عن فكرة من هو الله؟، الذي يتعبده الجميع والبعض يخافه والبعض يتودد له والبعض يشعر بالسعادة معه، هل هو واحد في كل الدلالات والصور الذهنية التي يرسمه الإنسان عنه في مخيلته التي ورثها من قبل أن يكون؟، سؤال أخر مهم أتركه للقارئ الكريم لو أن إنسانا ولد بدون ذاكرة موروثة قبل وجوده الشخصي وقرر أن يبحث عن ما يشغل الناس هل من الممكن أن يختار من بين الصور الكثيرة له صورة خاصة به بدون أن تؤثر الدوائر الحولية المحيطة به في التأثير على قراره الخاص؟، أشك أن يستطيع أن يتحرر من ذاكرة الجميع الموروثة وإن تخلص من ذاكرته هو، بجميع الأحوال أن تفكيري الآن يدور حول كيف يمكنني التأكد بأن الرب أو الله الذي أنتمي له بذاكرتي هو الوحيد الذي يكتسب العقلانية بالدليل.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وما زال في جيبه رصاصة
- مفهوم الملك والملكية دستوريا ومفهومها في الإسلام
- الإسلام التاريخي وحراك ما قبل أعلان الموت ح4
- زعلت الوردة الجميلة .... فأضربت الفراشات عن العمل
- الإسلام التاريخي وحراك ما قبل أعلان الموت ح3
- الإسلام التاريخي وحراك ما قبل أعلان الموت ح2
- صوت الله أكبر في فجر الكرادة
- الأحد الدامي والإجرام العابر بلا حدود
- نداء...نداء ... كيف تسمعني .... أجب
- الإسلام التاريخي وحراك ما قبل أعلان الموت
- الطفولة ومسئولية المجتمع في تنمية الثروة البشرية
- نحن والقانون
- القدس وإشكالية الهوية
- محاربة الفساد السياسي يبدأ من تصحيح العلاقات الأجتماعية
- وهم المشروع الإسلامي بين مطرقة فشل التجربة وسندان العجز عن ا ...
- وهم المشروع الإسلامي بين مطرقة فشل التجربة وسندان العجز عن ا ...
- المتدين وفلسفة الأخلاق والتفاضل
- خالتي العجوز ونبوءة المطر
- العراق وأزمة الهوية.
- البيان المدني


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - من هو الله؟.