أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد معن الزيادي - ملف خاص عن الشاعر الكبير عماد المطاريحي















المزيد.....


ملف خاص عن الشاعر الكبير عماد المطاريحي


احمد معن الزيادي

الحوار المتمدن-العدد: 5227 - 2016 / 7 / 18 - 02:59
المحور: الادب والفن
    


ملف خاص عن الشاعر الكبير عماد المطاريحي
إعداد الملف-أحمد معن الزيادي

التعبير بالاستعارة

*شهيد الحلفي
الشعر الرسالي احد المفاهيم الوظيفية للشعر وذلك النمط الوظيفي يتطلب سلوكا تعبيريا خاصا ويقتضي توفر اعدادات مسبقة في شخص من يتولى تلك الوظيفة الرسالية , هذا النمط ووفقا للاعدادات المشار اليها اعلاه يلزم الشاعر في سبيل تحقيق هدفه بإجراء عملية [تركيب] لايجاد ذات اخرى تتولى المهمة التي حددها نمط الرسالة او الى استعارة [آخر] يتولى فعالية الرسالة , أي ان شخصية الشاعر تنشطر الى ذاتين [ذات مضمرة] وهي الاصل و[ذات فعالة] وهي التي يتم تركيبها تحت المؤثرات [الغائية] , مجمل الفعاليات التي تقوم بها الذات المركبة تجعل المتلقي يشعر ان الشاعر ككائن منتج قد تنحى جانبا بعد ان استعار شخصا آخر مركب في شخصيته الشعرية واوكل اليه المهمة التوصيلية .
طبيعة تلك الرسالة التي يحملها الشاعر الرسالي تجعل الشاعر يحدد مسبقا نمط [الاخر] الموكل بايصالها وهذا الآخر يتولى مهمة انتاج النص الرسالي وتحديد آلية توصيله وقد يبدو ذلك الآخر في السياق الشعري [ككائن وجودي] منفصلا ومستقلا عن الذات الاصل الا ان ذلك السياق يبقيه تحت السلطة التعبيرية للذات الاصل وتبقى الحركة [الغائية] للانتاج الابداعي هي الفيصل في تحديد طبيعة [الاخر] المركبة في ذات الشاعر .
هذا النمط الشعري نجده واضحا عندما نتصفح ديوان الشاعر عماد المطاريحي المعنون [الماذنه والبحر الاخضر] حيث يلاحظ ان النصوص الواردة بين دفتي هذا الديوان تجذب وعي المتلقي الى النزعة الاصلاحية في سياق الخطاب الشعري , هذه النزعة تسمح للمتفحص ان يضع ما انتجه عماد المطاريحي في خانة الشعر الرسالي ولكون مبادئ الاصلاح تتداخل كثيرا مع [المعارف الدينية] عليه فان نمط رسالة المطاريحي قد الزمته ان يحدد طبيعة [الآخر] الذي سيتولى مهمة ايصال رسالته وطالما ان الاصلاح هو مهمة الانبياء فان المطاريحي الشاعر قد اوكل رسالته الى [الاخر] الذي تم تفعيله في ذاته وهو عماد المطاريحي [النبي].
ذلك [الآخر] بدأ أولى فعالياته الرسالية بإعلان أولّي اطلق فيه استهلال ومفتتح لدعوة اصلاحية ابتدأت بخطوة تعارف تمثلت بقوله (انه احس روحي نبي هذا الزمان) وهذه العبارة التعريفية تؤشر على توكيد عدم القطعية ونفي الجزم وانما هي إشعار بإحساس الذات كإشارة تمهيدية لاطروحات لاحقة قد يكون وعي المتلقي غير معتاد عليها سابقا , هذا الاحساس يعبّر عن طريقة التعامل مع الواقع الذي تعيشه او بالاصح الواقع الذي تقاومه , تلك الذات بتوجهها الاصلاحي قد تكون ذات نزعة انفصالية ومعنى الانفصالية هنا ينسحب الى الانفصال عن الواقع حيث ترد جملة اعلانية اخرى تفيد [انه عوفوني/ نبي الشمام والحب والنسيم] والنزعة الانفصالية في هذا المورد يمكن تحديدها باتجاهين [طبقي ونوعي] الاول يتحدد بمفردة (عوفوني) أي اتركوني وهو فعل امر موجه الى الطبقة الاجتماعية التي يُحسب عليها الشاعر وهذه المفردة تمثل رغبة طافحة في الانسلاخ عن المحيط الذي يعيشه , اما الثاني فهو انفصال من حيث النوع ,نوع الانبياء, ويمثل اللا انتماء فالمتكلم هنا نبي استثنائي وخارج عن النمط المتداول والمعروف للانبياء ولتوكيد هذا التمايز فان ادلة الاثبات كثيرة وقد وردت كالاتي [1ـ معجزاتي ثيابي بيض 2ـ ما افتش عن مغاره وروحي يسكنها حراء 3ـ من تطالبني بكتاب اني قراني ضمير 4ـ كلبي سجاده نده ايصلي عليها الاقحوان ]هذه المعطيات الاشهارية تؤكد مفهوم [النفرة من السياق] في سبيل تهيئة الوعي المتلقي لاستقبال هكذا نبوة وخلق حالة التكيف الانعكاسي , تكيف العام مع الخاص , تكيف المحيط مع الفرد الاستثنائي وتوازن مستوى الائتلاف واخذ الفكرة حيزها في مساحة الوعي المستهدف , صاحب الرسالة هنا انسان خارج السياق وخارج قوس المألوف ومتمرد من الدرجة الاولى وبعيد عما اعتاده الذهن الجمعي الذي ادمن التعامل مع الانساق المعرفية الدينية التقليدية.
الذات الاخرى التي استعارها الشاعر وركّبها في ذاته وأوكل إليها مهمة توصيل رسالته نراها تتدرج في النمو التعبيري حيث ان بنائها ينساب تصاعديا مع احتدام النشاط التفاعلي الرامي الى إتمام البناء التكاملي مع الذوات المستهدفة , تلك الذات بتتابع نشاطها التفاعلي تصل الى مرحلة متطورة يمكن تسميتها [مرحلة الغليان التعبيري] والذي ابتدا متسلسلا من مرحلة بسيطة مثلتها حالة [افتراض] عبر عنها عن طريق الاحساس ثم ليتدرج ذلك الاحساس ليصل الى الذروة ليجد الشاعر نفسه يمتلك صلاحيات تداول [المعرفة الدينية] وفقا لسلطات الذات التي استعارها والتي تتخذ من الدين مادتها الخام كذخيرة تعبيرية ولكون تلك الذات قد بلغت مرحلة النضج الرسالي فقد سخرت تلك المعرفة الدينية على نحو آخر , نحو يؤكد الانفصال النوعي عندما راحت تبتدع من تلك المعارف روئ [انقلابية] روئ تنطوي على معالجات فلسفية تعبر عن صراحة اللا انتماء للفصيل النسقي , فعملية الانشطار الذاتي التي قام بها الشاعر قد اوجدت البديل الذي مارس ثورته التعبيرية ليكون بديلا عن الانبياء ويستحوذ على سلطاتهم المعرفية ويستخدمها ليمارس دورهم في الحياة وهو دور (الاصلاح) وهناك من يرى ان ميل الشاعر لتقمص هذه الأدوار هو إقرار لا شعوري بوجود هذه الأدوار أصلا في كيانه وانه في محاولته هذه لا يعدو مجاله النرجسي في ان يكون بديلا من شيء ولكي لا يتهم بالوهم فهو قطعا لا يحاول ان يكون بديلا من وهم لأنه ظل ويظل في حساباته وتخريجاته حقيقة كبرى في الوجود 1
هذه الذروة التعبيرية للذات الفعالة تمخضت عنها نقلة نوعية في استهلاك المعارف الدينية وإعادة صياغتها بأفق جديد يمكن الدلالة عليه في المتن الشعري المعنون [استفتاءات شعرية / مطابقة لفتاوى السيد الضمير] وهذه الاستفتاءات تتجلى كصورة تقرّب بين الذات والواقع على نحو تصادمي مثير والتصادم هنا حادث لا بد منه ما دام هناك وعي نمطي متوسد على اثير الموروث , الوعي الديني المدجن بثقافة التدين التقليدي المقولب غير المؤهل للحراك والمحاط بحواجز واسلاك شائكة , هذه الاستفتاءات ربما تكون [مجازفة شعرية] لما تحتويه من بيانات خروج وعصيان على العقل السلفي ولأنها تناولت ثوابت دينية متمركزة في العقل الجمعي مثل [الصلاة,الحج,الزكاة,الجهاد,الصوم,الصدقة,الايثار,رجل الدين] فعبارة [الساهون افضل من ناس ايصلون] هي لوحدها تمثل اجتياز لسور حصين ودخول لحقل الغام ولا يمكن للقاعدة الواردة في هذه العبارة ان تتجول بحرية في ازقة الوعي المتدين لانها تمثل خروج صارخ على قواعد فقهية آمرة متمركزة في ذلك الوعي , وكذا الحال مع المقاطع الاستفتائية اللاحقة وربما يكون الانقلاب بارزا في الفقرة الاخيرة من الاستفتاءات [رجل الدين/أمبين لو صار البنيان / شايل طاسة طين/ والمغرب يرجع لطفاله بخبزه وتمره/ وسوالف عن الحريه/ الشايل طاسة طين اني باستفتائي الشعري اعتبره افقه واحد بالدين] هذا الطرح يمثل رؤيا انتقادية بصيغة اظهارية في سبيل تهشيم التابو وتحريك المعايير الراكدة في قاع التفكير الجمعي الذي التقط صورة لرجل الدين بالابيض والاسود , في هذا الطرح يتغير المنظور وتختلف المقاييس ويبرز المفهوم العملي للدين , فرجل الدين ليس من يتولى النشاط التنظيري لينزوي عن الحياة بانشغالاته النظرية وأموره التعبدية وانما يقاس ذلك الرجل بمدى إسهامه في البناء, بناء الإنسان, فرمز (طاسة الطين) في هذا المقطع يدل ويرمز الى أصل الإنسان وبنائه التكويني كما ان البناء لا يقتصر فقط على الجانب المادي وانما ينسحب ايضا الى الجانب المعنوي متمثلا بجملة [وسوالف عن الحريه] فدلالة رجل الدين حسب السياق التعبيري هنا لا تقوم على مبنى (الرمز) وانما تقوم على مبنى (الحركة) ويمكن من خلالها الاشارة الى كل من يمارس دورا سلوكيا ايجابيا في الحياة وان كان ذلك الدور مقتصرا على حمل طاسة الطين وترديد بعض الكلمات عن الحرية , مجمل القول ان هكذا طروحات تسعى الى احداث تغييرات في اعدادات العقل السالب وتحريك الساكن فيه بالاعتماد على اسس تجاوزت مجال الافتراض وركزت على تهشيم النسق المعرفي الموروث بطريقة فطرية والذي يمثل مصدر قلق لنبوءة الشاعر لكون ذلك النسق مشتق من (دين يدعو الى قطع كل تساؤل امام الشاعر ودين يغلق كل ابواب الفلسفة بما يقدمه من اجابات قاطعة) 2 والشاعر هنا يريد ان يُخرج متلقيه من الاشتراك الغريزي الى الاشتراك الشعوري من خلال ايصاله لصورة بسيطة مفادها ان عملا بسيطا يصدر من انسان بسيط ربما يجعل منه النموذج التطبيقي لرجل الدين وان هذه المنظور الذي اعتمده الشاعر يرمي الى انتزاع الدين من اطاره السلفي الكلاسيكي ومنحه ابعادا انسانية تطبيقية باعتبار ان( الدين ـ أي دين ـ هوتلبية صادقة لحاجة نفسية ملحاح في الصيرورة ودقيقة في فهم علاقة الانسان بالاشياء وموقعه في الوجود وينزع الدين في مجمل احكامه الى الى تقريب الرؤية الذاتية للفرد من الواقع حيث ينشأ المنطق القائل بتلاحم داخل وخارج الذات الانسانية تلاحما سليما)3 فالدين الذي يدعو اليه المطاريحي هو ليس دين النصوص وانما دين السلوك ليس الدين الذي يمثل سياق انضباط عام في الحقيقة والمفاهيم والتصور المقدم سلفا وقد يكون ذلك الدين هو دين البحث عن الانسان المنفتح على المفاهيم والقيم الانسانية غير الجاهزة ويمثل ذلك باسئلة عدة يطرحا شعريا ومنها [منهو يترك دين خوفه وينتمي لدينه الجديد/ منهو يتسودن اصولي ويكفر برايه السديد] والخوف هنا رمز لكل ما هو جامد ومتقولب في الوعي المُخاطب والدين الجديد الذي يدعو إليه الشاعر ما هو الا دعوة لأنسنة القواعد القديمة واعطاءها بعدا آخر ذا منحى سلوكي وليس نصي.

******************
أمـــي
*عماد المطاريحي

أمي بسنين العجاف
نكتفي بريحة حضنها ..
ومن نجوع،
تثرد الجوع بلبنها!!
ولو عطشنه ..
تعصر عيون العطش وتجيبه ماي
وتحلب الصيف وتشربنه نده!!
وتطحن برحة صبرها ..
العوز وتسويه غده
* * * *
امي اخذ لونه الفرح من لونها
امي اخذ لونه الحزن من لونها
امي كاس ايامي حنظل
شنته بليمونها ..
ترفع بچفها لواء اسمه الحنان
وقربة العباس ماي عيونها

مره حزنت ..
حيل حزنت ..
لان خاصمنه الرغيف
نزل قرص الشمس حافي
ومدد بماعونها !!

ومن تسولف تمطر الدنيه دفو
ولو بچت تترس غطانه حمام
وتحط دمعتها مخدّه
فقره .. ما عدنه سرير
من عصر تفرش جفنها
وتضم دمعتها ضوه بجيب الليالي
ولذلك من يمرنه الليل بخدوده وشم

ومن تلولي..
تستحي منها الحروب
الشجر ينزع ضحكته ويلبس ثياب الغروب
والقذايف تعتنق دين الورد
والعراق يصيح
غطوني .. برد

والنخيل يقدم بصينيه عمره
ومن تهز كاروكنه ..
تنام المجره

أمي …
مدري من الوسن عجنوا جفنها
مدري من جفن امي معجون الوسن؟
مدري من طين الوطن مخلوقه أمي؟
مدري من طين امي مخلوق الوطن؟





أمي ..
جنة اليدخل بلايه حساب
وجنة الله تريد من عندك مهر

وأمي كعبه..
اتشيدت حب وحنان
وكعبة ابراهيم من طين وحجر!!

وأمي من تنعه (يوليدي)
تردد وياها المسله ..
ويوگف بطوله الفرات
بروح ابوچ يــگلها (عيدي)

أمي ..
لو صلت.... مناره ..
يصلي وياها الشجر

أمي لو تنسه الاذان
يصير مذهبنا حجر

ومن نغيب..
توگف عله الباب صفصافه حزينه
وتظل تدعي ..
وتظل تدعي ..

ربي يرجع بالسلام
مره رديت ولگيت مبيّض بچفها الحمام !!!




أمي خاف يمسنه سوء
تعوف قرآن العشگ وچفوف اديها ..

أمي من اتروح يعني نموت جوع
ولهذا اتعوف كل مره ثديها !!

- ويوم ترحل
يرحل وياها الرحيل
العصافير برجاها ..


أمي من تمشي النهر ينحب وراها
وعافت بـ(باب)الحنيه
معلــّگ ويندب گلبها..
وخاف نحزن خلت عله الرف دمعها

ومره دورنه الغراض
إلگينه دمعتها وضلعها !!!

وطن بلون الناس
*عماد المطاريحي
بلون الطين
أحلم بيت لكل مسكين
بطعم الماي
ارسم كوخ وراعي وناي
أرسم حنطه
بلون الفضه
ماتندل خدها الغربان!!

امزج كل هاي الالوان
وارسم وطن..
بغير احزان
مابي مثكوله بواحدها
وأم تتوسل بالسجان
ولاقيد بمعصم عريس
ولازفه الغرفة دفان

ولاعكازه ..
يوميه تشيع إلها جنازه
وطن بلون الناس
مابي واحد يهدم بيته
ويعمر بيت الترباس!!
مابي ناس تموت إعله بعيرة جساس






مابي دمعات بتصريح
ولاضحكه تمر بالتفتيش

ولاجاسوس إعله الشباك
ولاحراس
لاملعون يفتش راسك ويصادر غيرة عباس!!


مااريد نشاهد سياف
ولاعلي بابا ولاحواف
مانقبل مقبره ممتده
من الحد .. للحد
وسفاح يسميها حديقه
ومجبوره العالم تصطاف!!

وما ازرع غابه بنص وطني
باچر ينزل بيها الذيب
ولااشطب تاريخي بأيدي
واكتب بس عن سنحاريب؟



احلم وطن بلون الناس
بي باچر احلى من اليوم
وطن ترابه نجوم
اطفاله نجوم
انجومه انجوم






وطن الفقره
السهرانين وورده تغفي ..
وطن الفقره العدهم خبزه
وماي ووطن ويكفي



وطن جروحه احباب
اشجاره اخوان
اعشوشه اخوان
كله ربيع مابي آب..

- بي كل ذره ممكن تتحول نواب
- بي سياب من يشتاگ يمد جروحه يصيرن باب
- بي ضحكات لطفله بريئه يصيرن غنوه لزرياب
- بي اطفال تحب تتمرجح

بس ماتصعد بالدولاب
لحد يصعد بالدولاب!!
الدولاب
الدولاب
لحد يصعد بالدولاب؟!

هسه امزج كل الالوان
طيفي وطائفتي وقوميتي
وحرماني ودمي وحريتي
وشجرة بيتي..
وأرسم وطن

الشعر فاعل انساني.... ديوان (المأذنة والبحر الاخضر) إنموذجاً
*احمد معن الزيادي
يقول جبران خليل جبران "إننا نعيش لنهتدي الى الجمال وكل ما عدا ذلك هو لون من ألوان الأنتظار"
إن ما قاله الشاعر جبران خليل جبران هو الهدف الاساسي الذي تسير بأتجاهه هذه المجموعة الشعرية.(الانسان,الوطن,الحلم,الفراشات,الورد,العسل) مفردات تكررت كثيراً في قصائد الشاعر الكبير عماد المطاريحي وهذ إن دلّ على شئ فأنه سيدل على أن شاعرنا هو رسول مبعوث من الفراشات يطير بأجنحة من جفون محبيه هذا ليس مدحاً إنما حقيقة لمستها من خلال مصاحبتي له إنساناً وشاعراً.
طقوس هذه المجموعة لا تنطوي على شئ إنما هي منفتحة على عالم مثالي يعيش فيه الشاعر احياناً ويتمناه في أخرى فهو يريد من جميع الاشياء أن تسير نحو الجمال , حتى أقبح الموجودات يريد منه أن يكون جميلاً وكما يقول محمد الماغوط (الكاتب الذي لا يمتلك الحس الجمالي للأشياء القبيحة فهو مريض).
إن التشكلات الحيّة لقصيدة عماد المطاريحي هي مزيج من الفرح و الحلم والوجع العراقي الذي أصبح مرافقاً لكل الاعمال الادبية يميل فيها الى أستخدام مفردات سهلة مستساغة تضفي جمالية فائقة سلسة الفهم لا ترهق ذهن المتلقي بمفردات مركبة فتصبح القصيدة عملية رياضية صعبة.
إن أهم عناصر اكتمال القصيدة الشعبية (التلقائية , البساطة , الثقافة) –كما يقول الدكتور حسين سرمك- إن هذه العناصر الثلاثة متوفرة بشكل واضح في قصيدة عماد المطاريحي ولا يمكن أنكار ذلك بأي شكل من الاشكال.
يقول شاعرنا: (أتمنى اصحة الصبح ... الكة اعلى بابي ورد
ومن امر بالسيطرة ... تارس جيوبي برد)
لنلاحظ كيفية انسياب هذا البيت كأنه ماءٌ جارٍ في ساقية يحمل في طياته حلماً كبيراً فشاعرنا مولع بالاحلام وكثيراً ما يحلم فكل ما لا يمكنك صنعه في الواقع يمكنك صنعه في الاحلام وهو لا يريد أن يبقى مكتوف اليدين متفرجاً الى مأساوية البلد فيشارك مجاهداً بحلمه الذي يعادل آلآف البنادق.
-لماذا يبتعد عماد المطاريحي عن الصعوبة؟
عماد المطاريحي او (كلكامش الديوانية) كما يحلو لي أن أسميه لا يريد لقصيدته أن تكون عملاً نخبوياً لا يفهمه سوى شريحة قليلة من المجتمع إنما أراد لها أن تلامس الصغير والكبير , الجاهل والمتعلم , المثقف وغير المثقف. لذلك فأننا نجد قصائد شاعرنا متداولة على جميع الالس و في جميع المستويات الثقافية فعندما صدر ديوانه (المأذنة والبحر الاخضر) كتب عنه الكثير من أساتذة النقد منهم (د.باسم الاعسم , د.ناهضة ستار , د.كاظم القريشي)
ومن جانب آخر فأن الكثير من الشباب تحفظ قصائده وقد لحظت ذلك بنفسي من خلال حضوري بعض الفعاليات الشعرية مع الشاعر.
يقول الشاعر الفلسطيني محمود درويش (إن اردت ان تكون شاعراً فما عليك إلا ان تكون عراقياً). ويقول الشاعر السوري أدونيس (بوصلة الشعر تشير الى العراق)
هذه شهادات على سبيل المثال لا الحصر على مدى شاعرية العراق على مر العصور منذ الخليقة وحتى الآن . إن هذه الشهادات ذكرتني بقول مهم لشاعرنا يمجد فيه وطنه العراق بطريقة سلسة واضحة تخلو من شوائب المعنى حيث يقول (بي كل ذرة ممكن تتحول نواب)
حيث يفخر بوطنه الاسمى والاغلى مشيراً الى أن كل ما موجود في العراق يمكن أن يتحول الى (نواب) إشارةً منه الى الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب.
إن لقصائد عماد المطاريحي بعداً جمالياً يفوق الابعاد المطروحة في الشعر العامي الى حدٍ ما فهو ينتقي المفردات انتقاءاً ليدخلها في كوة النسيج الشعري مولداً صورة فنية رائعة تزين العالم بالحب. يقول (راضع من خضار عيونك الصفصاف)
لنرى كم هو جميل هذا البيت من خلال بنيوية مفرداته (راضع , خضار , عيونك , صفصاف) كل هذه المفردات سلسة واضحة المعنى غير مؤدلجة ومبطنة.
-ترى ماذا سيقول عماد المطاريحي عندما يريد أن يفخر بأرضه ؟ هل سيكون متكلفاً ؟ هل سيعلو به الصراخ كما يفعل اقرانه ؟ هل سيكتب مثلما كتب الشعراء الجاهليون عن الفخر؟
كل هذه الاسئلة كانت تدور في ذهني و أنا أ"وي صفحات المجموعة الواحدة تلو الاخرى ولا أجد ما يخص الفخر الى أن وصلت الى قوله:
(أشم كاعي وتشمني محاضن اطفال)
حينها فقدت قناعتي بأن الفخر غرض قديم ولا فائدة منه ولا ينتمي الى الجمال , ربما حقاً لا ينتمي الى الجمال لكن القدرة التصييرية لدى عماد المطاريحي جعلت منه كائناُ جمالياً بحتاً.
كلكامش الديوانية لا يبحث عن عشب الخلود فهو قد وصل إلية وماذا يريد شاعر مثل عماد المطاريحي غير هذا الكم الهائل من المحبين و هذا الإرث الشعري الكبير .
ما كتبته فقط هو رؤوس اقلام بسيطة عن تجربة عظيمة سأظل أكتب عنها ولن أعطيها حقها حتى لو جعلت البحر حبراً واليابسة ورقاً.
بوسة عيد
*عماد المطاريحي
من سمارك
رضعت الحنطه سمار
وغنج شرّبت الطيور ، وفرح شرّبت الزغار
انتَ وحدك ترسم بروحي النهار
انتَ من تنزل ضحكتك يصعد بروحي الخضار
انتَ من تسكت مناجل تحصد بروحي الخضار

ومن اشوفك حضني يدفه
وحده يدفه ، مدري ليش
وروحي كلها تصير شفه !!
تذكر الغيم الصعد مره بسماي؟
ومطرت عيونك غوه ثلاثين ليله ..

واعتذرنه من السوالف
والنوافذ والضوه
والخناجر والقبيله
وفصلت جفني ستاير
وشيعت روحي بخور وقدمتلك گلبي – هيله –





وخضرت كلي عشب ..
من راسي حد راس الجديله ...
ومن تغيب
الورد يسأل والنجم والحلم ، وذراعي
ونبض گلبي الحنين ..
كلها تسأل – وين –
وين – وين !!
وين غايب .. ؟
واني جامد ... !!
ومن أشوفك
إگبالك اتخيل سرير وحضن دافي والليل بارد


ياملاذ ودنيه غابه
غابه مزروعه خناجر
أنتَ وحدك تسكن بروحي قصيده
أنتَ وحدك ممكن تسويني " شاعر "

وممكن تسويني – آنه-
وممكن تسويني- غير-
ممكن تسويني دمعه
وممكن تسويني شمعه
وممكن تسويني طير

أعطش
وشفتك كوثر ؟
أبرد
وطولك حرير ؟




وياك أحب حتى النهار يصير ليل
وياك أحب اقره الخرايط من جديد
وياك أحب الريح يعصف
حيل يعصف ..
حتى أسد شباكنه بحجة الريح
حتى أفك شباك ( رفضك ) وأستريح
وياك أحب إيامي كلها تصير عيد
حتى افلح شفتك بوسات..
واليمنعني – أگله اليوم عيد –



ـــ ياحياتي ـــ
لان أدري انتَ فراشه
قررت أبقى غصن
وانتَ يلكلك ترافه ...
آني محتاجك حضن
وماإگلك آني – أحبك ..
خاف يتغير طعمها ..
الشفه خاف تبوگ من عدها الترافه
ولذلك راح اضمها ...
...................
...................

ـــ أغنيه أخيره ـــ
جوعان
ماخذني الخجل
ونهدك طفل اگبالنه ايبدي عسل!!!



#احمد_معن_الزيادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جيل بدأ من القمة
- الشعر فاعل انساني.... ديوان (المأذنة والبحر الاخضر) إنموذجاً
- قراءة في مجموعة (آدم آخر) للدكتور عادل البصيصي
- عدم مراعاة أحكام الفن الشعري في قصيدة (ردي. .ردي )
- تاريخ الحزن البابلي في مجموعة (سعدي الحلي في جنائنه)
- قراءة في رواية (إعدام رسام) للروائي سلام إبراهيم
- (ما يمكث في القلب)...ذاكر مدينة كاملة
- قراءة في رواية حياة ثقيلة للروائي سﻻ-;-م ابراهيم
- حسام سباهي. ...هل أنت فارس؟
- اضاءة في قصيدة صوت الجرح للشاعر علي حسن الشمري
- قراءة في مجموعة العاشقة والسكير للقاصّة المغتربة ناهدة جابر ...
- اتحاد الادباء والكتّاب في الديوانية يحتفي بالقاصة المغتربة ن ...
- علي الشباني في الذكرى الرابعة لرحيله
- قراءة في رواية -الحياة لحظة- للروائي سلام ابراهيم
- جرس عطلة....تجديد في المهرجانات الشعرية
- قصيدة وهج.....اصلاح ما فسد من القصيدة الشعبية
- التمرد وروح الثورة في نصوص باسم الخاقاني


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد معن الزيادي - ملف خاص عن الشاعر الكبير عماد المطاريحي