أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد معن الزيادي - قراءة في رواية (إعدام رسام) للروائي سلام إبراهيم














المزيد.....

قراءة في رواية (إعدام رسام) للروائي سلام إبراهيم


احمد معن الزيادي

الحوار المتمدن-العدد: 5084 - 2016 / 2 / 24 - 14:23
المحور: الادب والفن
    






عن دار الأدهم-القاهرة 2016 صدرت للروائي والقاص العراقي المغترب سلام إبراهيم رواية بعنوان (إعدام رسّام) توزعت على ثلاث فصول كانت مأساوية في شكلها العام.
بداية الرواية تصلح أن تكون مسرحية تراجيدية من خلال الصفات الفنية المشتركة بينها وبين المسرحية فالروائي يمسك بكاميرة سينمائية ويجعلنا نعيش الحدث وكأننا جزء منه. بالرغم من كون بعض الأحداث من خيالات الكاتب وليست حقيقية لكنه يحبكها بطريقة تجعلنا نشعر بأنها حقيقية وموجودة فعلاً على أرض الواقع.
ما زلنا في بداية الرواية فالأحداث هنا لا تسير سيراً طبيعياً , أنها أبطئ من الواقع بقليل مما يجعل الزمن الذي تستغرقه الرواية في أحداثها أكبر من الأحداث الحقيقية وهذا ما يجعل ألألم أكبر والحزن أعمق والوصف أدق.
يبتكر الروائي في هذا العمل راوياً غير مشارك يقوم بسرد الأحداث فقط ولا دور له في الرواية.
جذبتني عبارة فلسفية نادراً ما يطرحها الروائيون في أعمالهم كانت في ص33 يقول فيها (الرائحة....الرائحة تفوح....تبوح).
فبعد أن كان في حيرة من أمره فيما لو كان المسجى أمامَه أخوه أم لا, فاحت رائحته لتنبئه بالحقيقة التي يجهلها. إن وجود هذه العبارة في خضم عمل ضخم وكبير كتابياً يدل على ثقافة عالية و وعي لا متناهي وينمّ عن خيال خصب و انغماس روحي في الفن يعتبر علامة فارقة تحسب للكاتب.
يلجأ الكاتب مرة أخرى إلى –شعرنة النثر- بطريقة دقيقة لا تحتملها الأجناس النثرية.
كما في القول (أجنح إلى حكمة العقل كي يستكين القلب قليلاً)...ص36
إن الرواية بمجملها عبارة عن حلم واحد لكنه مجزئ إلى عدة أجزاء, إن أحلام الكاتب تختلف عن الأحلام الاعتيادية ففي الدول المتقدمة يعتبر الحلم مهماً للصحة النفسية ففي دراسة أجرتها مسز.ر. كارترايت عن الأحلام تقول: (الأحلام هي فترة نكون فيها مجانين بأمان, لذلك نستطيع أن نبقى أسوياء خلال النهار) لكن أحلام كاتبنا مضطربة ليلاً تجعله هائماً في النهار غائباً عن الوعي سارحاً في أوهامه وذكرياته المؤلمة.
الطابع المأساوي ليس بجديد على أي عمل أدبي عراقي فالحزن خُلِقَ ليكون عراقياً من خلال السنين العجاف التي مرّ بها أبان حكم قائد الضرورة والثقافة التي يتحلى بها الكاتب والإطلاع المبكر كان له شأن في هذا الحزن والانطواء
يقول تشيخوف: كلما ازدادت ثقافة المرء...أزداد بؤسه وشقاؤه))
يقول الروائي:
(فوجدتُ نفسي أركض خائفاً مرتعداً.. أركض في دهاليز معدنية
خافتة الضوء حلزونية أفرزتني إلى متاهات بيوتٍ خربةٍ أدت
بيّ إلى مخرجٍ وحيد مسدود النهاية، وعلى جانبه شرخ مائل
في جدار من الآجر الأحمر القديم. ولجتُ منه فانحشرتُ في
بئرٍ مظلم ضيقٍ ضحلٍ. أردت العودة. التفتُ باحثاً عن الشرخ،
فشاهدته يلتئمُ وكأنه لم يكن. تحنطتُ بمكاني إلى أن تعودت
عينايَّ الظلام. تحسستُ كتلَ الأشياء بأطراف قدميّ ويديّ
اصطدمتْ أناملي بقضيبٍ معدني يصعد بشكلٍ مائل، وقدمي
بدكة معدنية واطئة. تمسكتُ بالقضيب القائم وسط العتمة،
وارتقيتُ سلالم معدنية الطويلة....)....ص64
هذا ليس سرداً عادياً بل هو عملية فيزيائية صعبة قد يتعذر على الكثير من القرّاء التعرف عليها , إن إدخال مثل هذه االتوصيفات الدقيقة للحلم في عمل أدبي نثري، يعتبر سلبي و أيجابي في ذات الوقت:
الجانب الايجابي: هو قدرة الكاتب على إدخال مثل هذه الأشياء الدقيقة في عمله الفني مما يضفي شيئاً الى براعته.
الجانب السلبي: ستصبح الرواية في هذه الحالة عملاً نخبوياً غير متاح للجميع ولا أعتقد أن هذا هو المطلوب فالرواية هي عبارة عن سيرة ذاتية وليست كلاسيكية.
إن مكان الرواية يكون متنقلاً بين بغداد والديوانية –مسقط رأس سلام وأخيه كفاح- وجميع الشخصيات المذكورة في الرواية هي شخصيات عراقية من محافظة الديوانية
هنا سوف تبرز مشكلة ألا وهي مشكلة الحوار.
لماذا كان الحوار على طول الرواية بلهجة عربية –فصحى- على خلاف باقي رواية سلام إبراهيم التي يكون فيها الحوار بين شخصيات الرواية باللهجة العامّية العراقية..
لم أجد سوى حواراً واحداً فقط باللهجة العامّية وقد كان بين كفاح و أمه:
كان يهمس لها:
يمه تعرفين الكثير من هؤلاء الدراويش هم رجال أمن!.-
- معقولة يمه
يهمس:
- أي يمه معلومة مضبوطة، لذا هذا المكان من المستحيل
يتوقعون يبات به شخص مطلوب!.
فتصمت مفكرة بحكمته وذكاءه وتأسف لتضييع نفسه في
السياسة، لكنها لا تستطيع قول شيء، لا تستطيع جرحه فهي
تعرف عناده منذ الطفولة.)ص84
قد أعدت قراءة هذا المقطع لأكثر من مرة لما فيه من شعور بالفجيعة و ألأذى والموت المحتم.
لم يتطرق الروائي إلى مسألة الجنس في هذه الرواية سوى مرّة واحدة كانت مع المرأة التي أخبرته بأنها زوجة أخوه ولم يكن ذلك الحدث ممارسةً للجنس وإنما تطرق فقط إلى ذلك بمحض الصدفة رغم كون الكاتب كثير التنظير لمسألة الجنس في الرواية وله الكثير من المقالات حول هذا الموضوع.
أعتقد أن هذه الرواية هي نقلة نوعية تختلف عن باقي أعماله في كثير من النواحي لكن الحزن يبقى هو المخيم على هذه الأعمال بأكملها.
بالرغم من كون الكاتب شيوعي ومناضل إلا أن هذه الرواية فيها الشيء الكثير من الصوفية والتصوف والروحانية.
لم يتطرق كثيراً إلى الجانب السياسي رغم كون الرسام المعدوم سياسياً في الحزب الشيوعي.



#احمد_معن_الزيادي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (ما يمكث في القلب)...ذاكر مدينة كاملة
- قراءة في رواية حياة ثقيلة للروائي سﻻ-;-م ابراهيم
- حسام سباهي. ...هل أنت فارس؟
- اضاءة في قصيدة صوت الجرح للشاعر علي حسن الشمري
- قراءة في مجموعة العاشقة والسكير للقاصّة المغتربة ناهدة جابر ...
- اتحاد الادباء والكتّاب في الديوانية يحتفي بالقاصة المغتربة ن ...
- علي الشباني في الذكرى الرابعة لرحيله
- قراءة في رواية -الحياة لحظة- للروائي سلام ابراهيم
- جرس عطلة....تجديد في المهرجانات الشعرية
- قصيدة وهج.....اصلاح ما فسد من القصيدة الشعبية
- التمرد وروح الثورة في نصوص باسم الخاقاني


المزيد.....




- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- وصمة الدم... لا الطُهر قصة قصيرة من الأدب النسوي
- حي المِسكيّة الدمشقي عبق الورق وأوجاع الحاضر
- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...
- أزمة فيلم -أحمد وأحمد-.. الأكشن السهل والكوميديا المتكررة
- بي بي سي أمام أزمتي -والاس- و-وثائقي غزة-... هل تنجح في تجاو ...
- من هم دروز سوريا؟ وما الذي ينتظرهم؟
- حسان عزت كما عرفناه وكما ننتظره
- -الملكة العذراء-: أسرار الحب والسلطة في حياة إليزابيث الأولى ...
- مكتبة الإسكندرية تحتفي بمحمد بن عيسى بتنظيم ندوة شاركت فيها ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد معن الزيادي - قراءة في رواية (إعدام رسام) للروائي سلام إبراهيم