أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غفران محمد حسن - الماعون-قصة قصيرة














المزيد.....

الماعون-قصة قصيرة


غفران محمد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5219 - 2016 / 7 / 10 - 19:49
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة- الماعون
غفران حداد
إنتابتني لحظات خوف ورعب لم أشعر بها في حياتي منذ برهة ليست بالقصيرة،ساقاي ترتجفان وهما يتسلقان كالسلحفاة سُلًّم عمارة مالكها الحاج أبو عمار،كانت الوجوه مختلفة بين جالس وواقف،طالعتني نظارت شاب في الثلاثين من العمر بملابس نصف عارية وعيناه قبيحتان ومخيفتان تنظران إلي بإستغراب،مع نظرات تقاطيع وجه محروق لأمراة قبيحة وكف يدها اليمنى مشلولة على ما يبدو كانت ضحية لإحدى الإنفجارات في بغداد التي أسمع عنها في التلفاز،وداهمتني فجأة إبتسامة من شفاه فتاتة جميلة خرجت من الغرفة المجاورة .
إستدار رأس أبو أحمد الشريك لصاحب العمارة –أختي الفاضلة هذه الغرفة الوحيدة الغير مستأجرة عندي –قال لي
إلتفت إلى هامة الباب مكتوب قطعة صغيرة رقم"304" قد أكل منها التراب والأوساخ والقِدم الكثير ،دخلتها بقدمي اليمنى لأنني أتفائل بهذه العادات النفسية ،أربعة زائدا ثلاثة يساوي سبعة إنّ هذه الغرفة ستكون قدري ووطني الذي يحتويني رقم سبعة لازمني في جلّ أقدار حياتي-قلتُ في سرّي.
كانت جدران الغرفة متشققة،زجاج النوافذ مهشّم وفضلات الحمام الزاجل يفترش أرضيتها ونائمة بعضها على الخرق البالية في السرير.
وبإبتسامةٍ باردة-نعم أبو أحمد أنا موافقة عليهاولكن السعر النهائي كم ستحسبه لي؟
-مائتان وخمسون ألف دينار عراقي في الشهر والدفع في الاول من كل شهر.
-كيف؟ إنه مبلغٌ كبير لا أملكه فالراتب الذي احصل عليه من الجريدة التي أعملُ بها لا يتجاوز المائتي ألف ،ساعطيك مائة وخمسون ألفاً مارأيك؟.
شعرت من نظرات عينيه إنه أشفق عليّ ورفع بصره للشاب عمار إبن اخيه –أوافق على الإقتراح الآن ولكن للشهر الأول فقط –قال لي
أوما عمار برأسه بالإيجاب،كان يوماً فاصلاً في حياتي برغم أنه لم تكن المرة الأولى التي أنام فيها خارج المنزل فأنا على مدى سنوات دراستي الجامعية كنت أعيش في دار حكومي لإسكان الطالبات ،ولكن هذه المرة تختلف عن سابقاتها من مئات الليالي التي عشتها،أنا أسكن في عمارة سكنية تفوح منها رأئحة الخمر ،تتوسط منطقةٍ مشهورة ببيوت الدعارة والعمليات الإرهابية والخطف والإغتصاب والمتاجرة بالأعضاء البشرية والمخدرات،ولكن ما من بديل فهذه المنطقة الأقرب لمقر عملي .
شعرت بالقلق والألم والغربة والخوف من الآتي يعتصر قلبي الخافق..... قلبي الذي عانى ماعانى وهو صبي،قررت ان اتأقلم مع سكان الطابق العلوي للعمارة التي أسكنها ،فأنا أسكن في غرفة تقابلها غرفتان الاولى لرجل يدعى فريد وزوجته شيماء هذا الرجل يحتسي الخمر ليل نهار وهومترنح على مدى الوقت ،يضرب زوجته ضربا مبرحا لا يحتمله جسد رجل،بل ويهينها أمام مرأى وأسماع كل سكان العمارة دون الخجل من كشف امور حياته الشخصية أمام الجميع، أما الغرفة الثانية تسكنها سيدة شابة تدعى "أم حسين" زوجها لا يحتسي الخمر ولكنه معتاد على خيانتها كما تقول،والغرفة الثالثة المجاورة لغرفتي تسكنها فتاة إسمها فرح ،وبمرور الأيام أكتشفت إنها سيدة مطلقة لديها أولاد وتعيش وحيدة ،أخوتها يصغون لثرثرة زوجاتهم ويرفض كل واحد منهم أن تسكن معه وبمرور الوقت كانت تبوح لي بسرها ووثقت بي كثيرا وتستشيرني كيف تتصرف مع عناد ومزاجية حبيبها الذي تقيم معه علاقة غير أخلاقية .
أخذت نفسا عميقا........ وقلت في سرّي يا إلهي وأنا الفتاة العذراء سأعيش وسط هذا العالم الملوث ،رفعت بصري إلى السماءودعوت الله أن لا يتركني ويحميني .
إرتشفت مرارة وشظف العيش في هذه الغرفة وفي هذه الحياة الجديدة التي تصورت أنها الأفضل لي لسبب بسيط موقعها الجغرافي القريب من الجريدة التي أعمل فيها محررة ،ولولا القوانين الصارمة من المدير الجديد ان يكون الدوام بشكل يومي لما سكنتها.
لا أعرف كم ساحتمل من هموم وأوجاع في الآتي من الأيام،كم سأحتمل من العيش براحة وسط هؤلاء التماسيح؟
تناولت سيكارتي الرشيقةوأخذت نفساً عميقا ،تأملت آلامي وأسأل وجهي المعكوس في أمواج نهر دجلة ،وطيور النوارس تحلق فوق رأسي ،أتأمل النهر من شارع المتنبي ،أتأمل بعمق ما يجري ليمن معاناة ،ترى كيف سيكون مستقبلي ؟،كيف ستكون حياتي؟ لم أجد الإجابة.
حملت الكتب التي أشتريتها من بعض المكتبات وعدت الى الغرفة فلا جدوى من بقائي على الجسر العائم هنا.
حين وصلت الى غرفتي ،رنّ هاتفي الجوّال كان ابو عمار صاحب العمارة
-هل أنتِ موجودة في الغرفة يا ابنتي؟
-نعم ياحاج موجودة ،لماذا هل يوجد شيء ما؟
- لا، لا شيء

قبل آذان المغرب بدقائق قليلة دقّ باب غرفتي ،كان الحارس البنغلادشي"إدريس"
-هذا من الحاج "أبوعمار أرسله لكِ
وهبط السلالم على عجلٍ من أمره لكي يفطر،غلقت الباب وكشفت عن وجه الماعون ،كان صحن رز تعلوه قطعة لحم،إنتابتني نوبة بكاء لم تنتابني منذ شهور طويلة
أيعقل هكذا يصبح حالي،يشفق عليّ الآخرون؟، كل ماأمرُّ به كابوس حقيقي لا أصدق أنني أعيش.



#غفران_محمد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاشقان في المهجر
- تاج الياسمين الذي لا يذبل
- ماذا لو سقطت بغداد بيد داعش؟
- عيد الفطر في المهجر
- وداعاً أوديت
- كاظم الساهر وماجدة الرومي في ليالي -مهرجانات بيبلوس الدولية-
- مغارة جعيتا اللبنانية حكاية من حكايات الخيال والجمال
- تنبوءآت كاتب
- ذكريات المغتربون العراقيون في لبنان بعيد الفطر
- إجتماع طاريء يضم صدام حسين والشحرورة صباح في مغارة جعيتا الل ...
- المغتربات العراقيات والسوريات في لبنان ..هروب من الموت الى ا ...
- هجرة العراقيين و تنامي النفوذ الإيراني في العراق الى اين ؟
- كيف ينظر المسيحيون العراقيون لشهر رمضان وصيام المسلمين
- تحت المظلة
- مناجاة الى أُمنا العذراء
- تساؤلات عاشقة
- بغداد وتقولين عودي؟
- في مقهى كوستا
- رحلة جبلية
- قصص قصيرة


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غفران محمد حسن - الماعون-قصة قصيرة