فالح العتابي
الحوار المتمدن-العدد: 5219 - 2016 / 7 / 10 - 19:40
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
أمان صدام .. وحرية اليوم
فالح العتابي
كان العراقي , في أيام الزمن الجميل , يمشي واثق الخطوات , يتمختر على شواطئ دجلة , ويشم نسيمها العذب , وهو ينعم بالامن والامان حتى ساعات متأخرة من ليل بغداد الهادئ .. الطمأنينة التي منحها لنا صدام حسين , نتذكرها اليوم , وترددها أفواهنا بخجل , في أمسيات على ضوء المولدة أو مصابيح الشحن , في ظل غياب دائم للكهرباء ..
الامان , مرادفة الخوف , والخوف هو ما يشعر به العراقيون اليوم , نتيجة التوتر والتهديد والشعور بالخطر , بوجود الحرية , التي كانت غائبة في العهود الماضية .. ويكأن الله سبحانه , خير العراقيين بين الخوف والحرية , فلا قاسم مشترك بين هاتين المرادفتين .. فما قيمة وجود الحرية , في أي مجتمع , أذا ما سلبنا منه الامن , والعكس أيضا صحيح ..
الامان نعمة من البارئ على الانسان , وهي شعور داخلي بالراحة التي يفتقدها العراقيون اليوم في ظل تهديدات داعش الارهابية , والجريمة المنظمة , والنزاعات العشائرية المسلحة , والفساد الذي صار كالدم يسري في جسد الفاشلين والمتنمرين , ذلك لان الحكومات المتعاقبة لم تستطع توفير الحماية للشعب , ولم تتمكن من فرض سيادة القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية بين طبقات المجتمع العراقي دون تفرقة , وبالتالي فقدان الاحساس بالامان , وأحلال الخوف , كنتيجة حتمية ..
في العهد الدكتاتوري الجميل , كانت الحرية مقيدة بعض الشئ , من خلال بنود قانونية وضعتها السلطة الحاكمة أنذاك , وكانوا يترجمونها للعراقيين على أنها دعوة للانفلات والفوضى والهمجية .. عش حياتك , كما أنت , دينيا أو علمانيا , ولا تتحرش بالسلطة أو تفكر حتى مع نفسك في مهاجمة كرسي العرش , وبالمقابل ستحصل على الامن والاستقرار..
وبعد ثلاثة عشر عاما من النظام الديمقراطي المسلفن , أتضحت صحة الترجمة للحرية , ولكننا فقدنا طعم الاحساس بالاستقرار النفسي , لذلك , تجد سكان العاصمة بغداد , أكثر الناس أحساسا بالخوف والشعور بالضغط , وحتى في أفراحهم , فأنهم يخشون المجهول القادم .. لذلك خسر العراقيون كل شئ , كنا نعول عليه في أحلامنا الماضية , وقتلوا الامان والحرية , حتى بانت عوراتنا ..
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟