أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - جواد كاظم غلوم - حينما يُفضي طريق القباحة الى الملاحة














المزيد.....

حينما يُفضي طريق القباحة الى الملاحة


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 5206 - 2016 / 6 / 27 - 23:51
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


حينما يُفضي طريق القباحة الى الملاحة

كم من النفائس والأحجار الكريمة والعطور المنعشة التي نزهو بها فخرا وامتلاكا كانت في الأصل بخسة المصدر بل وحتى مقزّزة حالما نسمع بها أو نراها رؤية العين متمثلة أمامنا باعتبارها شيئا كريها ليس ذا قيمة او اعتبار عالٍ
كم من الحجارة وأكوام الأنقاض والمخلّفات المهدّمة صارت صروحا عالية وقصورا عظيمة ومعالم تاريخية سامية ومزارات ومتاحف يقصدها القاصي والداني
ولنتمثلْ ببعض المعادن النادرة والغالية جدا ؛ فمن يتصوّر ان الماس بألوانه الجميلة المتعددة البريق وصلابته الفائقة ماهو الا فحمٌ تقادمَ زمنه دهورا تحت باطن الارض حتى صلد !! ؛ وان المرمر الصلب والناعم الملمس الممتع شكلاً عبارة عن حجارة جبلية صمّاء مرّت بمراحل طويلة زمنيا وتعرضت للضغط سنين طوال وهي تنوء في بطون الجبال
وتلك المادة العطرية الأخاذة المسماة بالعنبر الذي تشيع في أجوائنا البهجة والمتعة والرائحة الزكية ماهو الاّ قيءٌ قبيحٌ لُفظ من معدة حيتان البحر تفرزه مرارتها من غدة الصفراء على سطح البحر وحالما يطفو على سطح الماء تنبعث منها رائحة كريهة أول الأمر تكاد تكون شبيهة برائحة الفضلات البشرية ، لكن ما ان تمرّ عليه فترة زمنية حتى يتغير لونه وشميمه ويصدر منه بعد حين من الوقت رائحة زكية محببة الى النفس وتزداد نشوة رائحتها اكثر حينما تدعك بمادة كحولية فيتضاعف نشره وضوعه المحبب الى النفس
ومادمنا في حديث العطور فان خثرةً سوداء من دماء الغزال الميّت يمكن ان توهبنا قطرات زكية الرائحة من المسك الذي يعد أثمن وأعطر رائحة نشمّها وتتخلل أنفاسنا ببهجة لا نظير لها
كم من الدواء المرير المذاق والعلقم الذي يصعب جدا استساغته أعاد لنا الحياة البهيجة والعافية والهناء وأنقذنا من الأمراض الفتّاكة وجعلنا نشعر بطعم السعادة ونحن نرفل بالصحة وننعم بالشفاء مع أننا تجـرّعْـناه رغما عنّا طلبا لحياة أكثر راحة لوفرة العافية وغياب الأوجاع من أجسادنا وأنفسنا
حقا ان اللذّة وليدة الألم وكثيرا ماعلّمنا القبح ودلّنا على مكامن الجمال ، فالإنسان لايعرف قيمة ان يكون سويّا معافى حتى يمرض اولاً ثم يشفى بعدها .. مثلما يعرف المرء قيمة الغنى والرخاء والبحبوحة الاّ من خلال أيام العوز والفقر والقحط واشتداد الحاجات المادية التي لايمكن الاستغناء عنها كالطعام والشراب والسكن اللائق والاكتفاء من الضروريات
لم أنسَ وانا صبي صغير بدأت مدارك عقلي تتضح وتنمو شيئا فشيئا حينما جلب أبي جهاز الكرامافون قبيل شيوع الراديو ووضع الاسطوانة الحجَرية فيه وبدأ بتدويره لتنبعث منه أصوات غنائية شجيّة لم اسمع بها قبلا فسألته بفضول :
أين لسان تلك الاسطوانة بابا ؟؟
فأجابني وهو معجب بسؤالي :
ان هذه الاسطوانة لاتمتلك لسانا وإنما هي مصنوعة من الحجر الأصمّ
وأدركت حينها ان الحجر تخرج منه أجمل الأغاني وأعذب الألحان وأصفى الأوتار كما تُبنى منه أرقى القصور وأعلى الصروح حين يحسن استخدامها بترتيب من العقل الإنساني المبدع الخلاّق المبتكر
أعجب كثيرا من سعي الناس باتجاه الأوهام والآمال الكاذبة والماورائيات وتكون شغلهم الشاغل ، بينما تكمن في رؤوسهم عقولٌ خلاّقة قادرة على تدوير كل شيء ليصبح جميلا ممتعا نافعا ولو خرج من القاع والأسن والمواد التي تبدو للناظر اليها في غاية السماجة والقذارة ، فإبداعات العقل لاحدود لها لو أحسن استغلالها ولقيت تشجيعا ودفعا واهتماما ليخلق من البادية حاضرةً ومن السموم علاجا شافيا ومن الأنقاض صروحا ومبانيَ شاهقات وربما ناطحات سحاب
رعاية العقول وتغذيتها بالعلم والتجريب والتنظير غير الميتافيزيقي والعناية بالأبدان والترويض السليم لها وانتقاء ماتحتاجه من طعام نوعا لا كمّاً واعتماد تطهير العقل وقتل جراثيم الخرافة والخزعبلات الغيبية توازي تماما القضاء على الأوبئة والميكروبات التي تعشعش في الاجسام تنتج لنا اجيالاً تشيّد لنا حضارة سليمة ومبتكرات خلاّقة وشعوب صحيحة معافاة وهذا ماننشده لو استمررنا وأردنا ترتيب حياتنا وفق النهج القويم وهذه هي الثروة البشرية المنشودة التي تصنع كل شيء ممتع ومفيد بما في ذلك الجنان الخالدة التي يحلم بها قاصرو العقول وذوو الهمم الواطئة

جواد غلوم
[email protected]



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انحدارٌ الى الأعلى
- حكاية بولص ومخلص
- وطنٌ في علبة سردين
- أنت وحدك حبيبُنا ياكامل الشناوي
- وصفاتٌ لابدّ من تعاطيها علاجا ناجعا
- الخراب المستمرّ وتقليعة الفوضى الاميركية الخلاّقة
- من يرتدي أثواب الحريّة الزاهية الألوان ؟؟
- من ينزع منّي أعبائي ؟؟
- زيارة حزينة الى بيروت
- بين ثورات الربيع العربيّ الجديدة والثورات الاولى
- ما علق في ذاكرتي من سنوات الفتوّة - مقام السيد الخميني في ال ...
- موتُ العقلانية وسطوة الخرافة
- انتباه ؛ طريق خطِرٌ وتساقطُ أحجار
- من أجل حلٍّ يعتمد الهويّة العراقية حصراً
- شرُّ خلَفٍ لأشرّ سلَف
- رفقتي مع شاعرٍ معمّم
- أنا - متعوّذا بالحروف - ضمير غير منفصل عن الشعر
- مُدوّنو التأريخ بين مطامع السلطة والخوف منها
- منازعات ستيف جوبز قبيل الرمق الاخير
- قصيدة بعنوان - أملٌ كذوب -


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - جواد كاظم غلوم - حينما يُفضي طريق القباحة الى الملاحة