أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - تخلَّ عن الأمل: 5














المزيد.....

تخلَّ عن الأمل: 5


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5196 - 2016 / 6 / 17 - 02:08
المحور: الادب والفن
    


المحامي، استطاع تخليصَ موكلته الفرنسية من مأزقها، ولكنه ورّطني بآخرٍ أدهى.
لقد قرأتُ المخطوطة، بطبيعة الحال، وسبقَ لي أن وصفتها بأنها لعنة. وهيَ أكثر من ذلك، في الواقع: إنها كتابة مكشوفة، إباحية؛ وإنها لفضيحة مضاعفة، كون مؤلّفتها أنثى. فما بالك، لو أنّ القارئ سيعلمُ بشكلٍ أو بآخر أنها مذكرات؛ أنها " اعترافات " بحَسَب المحامي، صاحب المخطوطة.
وإنه المحامي نفسه، من كان يتشدّق أمس بالأخلاق وقيم المجتمع الإسلامي؛ من أزبدَ وأرعدَ في حديثه عن مسلسلٍ تركيّ يعرضُ حكاية حبّ بين شابّ وزوجة عمه الصبيّة. ونحن نعرف، فوق ذلك، بأنّ مؤلفة المخطوطة قد اعترفت بجريمة قتل قبل أن تُنهي حياتها انتحاراً فتُضاعف بذلك من عذابها في الآخرة.
فماذا يكمنُ وراءَ الأكمة، أيها المحامي العجوز؟
واضحٌ أنّ عليّ الإجابة بنفسي على سؤالي، طالما أنني لم أعُد ألتقي الشخصَ المعنيّ. والجواب، للحقيقة، كان في ذهني حتى قبل أن أشرع بطرح السؤال أو أفكّر فيه. وإنّ جوابي، في آخر المطاف، لهوَ وجهة نظر قد تقنع القارئ أو لا تقنعه. وإنّ اهتمامي، بصراحة، ليس في هذه المسألة تحديداً. إذ أنّ ملابساتٍ أخرى، أكثر جدّة، ربما تجعلُ المرءَ في حِلٍّ من متابعة قراءة المزيد من أوراق هذا الكتاب. ويتعيّن عليّ أن أعذر القارئ عندئذٍ، طالما أنني بنفسي أردتُ طرحَ المخطوطة جانباً مراتٍ عدّة.
باديء ذي بدء، يجب التشديد على حقيقة بديهية، وهيَ أنني لم أتعرّف على المحامي جيداً خلال ذينك اليومين، المذكورين. فيما بعد، أضعتُ كرته الشخصي مع شدّة حرصي عليه. وأعتقدُ بأنّ المحامي، من جانبه، قد حاول الاتصال بي على رقم المغرب في السنوات السابقة، ولكن في أحيانٍ لم تتطابق مع وجودي ثمة: بكلمة أخرى، أنّ انطباعاتي عن الرجل، وبغضّ الطرف عن أهميتها، لهيَ وليدة شذراتٍ من الحديث معه.
والآن، ألم يحن وقتُ الإجابة على ذلك السؤال؟
المحامي، على رأيي البسيط، كان يعشقُ " شيرين ". بل إنني لعلى ثقة، بأنّ كلّ جارحةٍ في جوانح الرجل ما تفتأ تنطقُ باسمها. حينما عرفها، كان في مثل عُمري لما تعرّفتُ عليه. وإنني لأدركُ، الآنَ تحديداً، ما في ذلك العُمر من عنفوانٍ وتحدّ وأُوارٍ وغليان.. إنه البركانُ قبل أوان خموده.. وويلٌ لمن يقترب منه عندئذٍ!
إنه يعشقها، إذاً. وإلا، فلِمَ حرصَ في اللقاء التالي على التزوّد بصورةٍ لها، شخصية، كي يُرينيها. من أين أتى بهذه الصورة، فالله وحده يعلم ذلك. إلا أنني أعلمُ، وبكل تأكيد، أنّ صاحبة الصورة كانت ذات فتنةٍ فذّة، وأنّ جمالها لهوَ من الندرة بحيث يجوز موافقة المحامي بقوله أنها من جنس الملائكة: مع أنّ بني قومها، أيها المُدنف، هم من أبناء الجنّ!
الصورة، من ناحية أخرى، تعطي أنطباعاً بأنّ صاحبتها كانت امرأة مكتملة الأنوثة وليست وردة في أوان التفتّح؛ امرأة، يشعّ من عينيها، في آنٍ واحد، بريقُ الفكر والعاطفة والعبث. وربما أنّ ضعفَ إرادتها، إنما يختفي خلفَ ذات النظرة الممتلئة بالكبرياء والأنفة والكرامة. وإنها لنظرة، بحَسَب تعبير المحامي أيضاً، تليقُ حقاً بسليلة أمراء.
المحامي، وهنا بيتُ القصيد، كان قد روى لي كيفَ لم يتمالك نفسه خلال لقائه الأول مع " شيرين " في إحدى غرف الحجز الإحتياطي، فأمسك بيديها تعبيراً عن تعاطفه مع مأساتها. وربما من حقي أن أتصوّر، كيف كان شعورُ الرجل آنذاك: أراهنُ على كونه قد انتشى بشدّة حدّ الانتعاظ.. أراهن بذلك أمام الخالق، وعلى مستقبلي في العالم الآخر!
وكي لا أعود فيما بعد إلى الحديث عن المخطوطة، عليّ ولا غرو أن أضع القارئ في الصورة بخصوص مصير صاحب الحق الأصل بامتلاكها؛ وهوَ الشاب العاثر الفأل، " فرهاد ". عليّ أن أفعل ذلك بالضرورة، وإلا لتحوّلتُ في نظر القارئ المتبرّم إلى بطلٍ آخر للرواية!



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تخلَّ عن الأمل: 4
- تخلَّ عن الأمل: 3
- تخلَّ عن الأمل: 2
- تخلَّ عن الأمل: 1
- الرواية: استهلال
- سيرَة أُخرى 34
- احتضار الرواية
- فاتن حمامة والزمن الجميل
- أقوال غير مأثورة 6
- سيرَة أُخرى 33
- الهلفوت والأهبل
- سيرَة أُخرى 32
- بسمة مسمومة
- الغموض والوضوح
- عَرَبة العُمْر
- اتفاقية سايكس بيكو وشعوب المشرق
- أحلى من الشرف مفيش !
- سيرَة أُخرى 31
- سيرَة أُخرى 30
- أقوال غير مأثورة 5


المزيد.....




- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - تخلَّ عن الأمل: 5