أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة أُخرى 32














المزيد.....

سيرَة أُخرى 32


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5171 - 2016 / 5 / 23 - 06:35
المحور: الادب والفن
    


1
ظهراً، كان لديّ موعدٌ مع الطبيب لمعاينة نوع من الفطور في أصابع يديّ يُسبب لي حكّة مزعجة. ولأن الجوّ كان رائعاً، فإنني آثرتُ التوجّه مشياً إلى الموعد. كذلك ثمة سبب آخر، وهوَ أنني لا أمارس أيّ نوع من الرياضة ( ولا حتى السباحة ) منذ أن انتقلت إلى هذه المدينة قبل ستّ سنين. وإذاً، كان الطقسُ مشمساً والنسيم يحمل عبقَ أشجار الزيزفون ذات الأزهار البيضاء الزاهية. فلكأنّ هذه الأشجارُ عرائسَ بحللهن الناصعة البياض، تحيط بهنّ الأشجار الوصيفات بملابسهنّ الخضراء اللون.
فضّلتُ أيضاً السيرَ حِذاء النهر النحيل، المار بالقرب من منزلنا. خلال الطريق، كنتُ أستمتع بمرأى الفيلات المترامية على الجانب الأيسر للنهر. كلّ فيلا، كانت كما لو أنها في منافسة مع جارتها. فلكلّ حديقتها الساحرة، المتخمة بورود الربيع ضمن الأحواض أو الأصص الفخارية. عندما قطع الطريقُ السريع مسيري، عليّ كان أن أدع النهرَ وأتجه في الدرب المؤدي إلى المشفى. وهوَ ذا مدخل النفق الوحيد، المخصص للمشاة، قد وضع على مدخله حاجزان حديديان مع كتابة تشير إلى عدم إمكانية إجتيازه لوجود إصلاحات. ثمّة، التقيتُ بعجوز سويديّ كان على دراجة. سألته، ما إذا كان ثمة نفق آخر يعرفه لإجتياز الطريق. في الأثناء، برز شابان في عمر المراهقة يتكلمان اللهجة السورية بلكنة معروفة إليّ. فما أن حوّلتُ نظري لمتابعة الإصغاء للرجل العجوز، حتى صدر صوت إرتطام ما. وإذا بالشابين برفعان الحاجزين الحديدين ومن ثمّ يرمياهما إلى جانب. قال لي العجوز مبتسماً، وقد لاحظ ربما أرتباكي وحَرَجي من فعلة أولئك الأجانب: " تلك أيضاً طريقة جيدة ممكن للمرء أن يُجرّبها، لكي يتمكن من الدخول للنفق!! ".

2
كما سَلَف، أمتلكتُ فيما مضى حديقة منزلية عندما كنتُ أقيم في مدينة " أوبسالا " السويدية. الإعداد لإنشاء الحديقة، كان قد جعلني آنذاك على صلة بالعدّة العملية وربما لأول مرة في حياتي. على ذلك، لم يكن غريباً أن أضرُبَ خبط عشواء قبل أن أكتسب بعض الخبرة في هكذا أمور. وإذاً، توجّهتُ أولاً إلى مخزن شهير، ذي إسمٍ ألمانيّ، لشراء مطرقة كبيرة. حينما حضرَ صديقي في عصر اليوم نفسه، كي يُعينني بتثبيت السور الجديد للحديقة، فإنه استهول ثمنَ المطرقة: " يا عمي، سنقضي بها شغلنا وغداً نعيدها للبائع! ".
لاحقاً، أحتجتُ لنربيش السقي. ولم يكن لديّ خيار آخر، مثلما أعتقدتُ، إلا العودة إلى ذلك المخزن. بعد إيابي للمنزل قمتُ بتجربة النربيش، ولكنه لم يعمل. راجعتُ جماعة المخزن، فقيل لي أن عليكَ شراء كذا وكذا. عبثاً كان شرائي لتلك القطع، وعليّ كان أن أرجع مجدداً إلى المخزن العتيد: " آه، يبدو أنك لا تملك حنفية خاصّة بالحديقة؟ عليك إذاً شراء وصلة لحنفية الحمّام! "، قال لي أحدهم. يا ربّ العالمين، أشترينا الوصلة ولم نصل إلى نتيجة. فلما تكلمتُ بالأمر أمام صديق حلبي كان في زيارتي، فإنه هتفَ بلهجة معاتبة: " عندك سوق السبت، فلِمَ تذهب إلى هكذا مخزن لشراء العدة؟ ". هكذا أتفقتُ مع صديقي على اللقاء في ذلك السوق، وكان معروفاً ببيع الأشياء المستعملة. وبالفعل، أشتريتُ طلبي من هناك وحُلّت المشكلة. لقد دفعتُ لهذا النريش، القديم نوعاً، ما يعادل 10 بالمائة من سعر أخيه الأكابر والذي أعدته للمخزن مع كلّ ملحقاته.

3
باولو كويلو، يقول في إحدى رواياته: " لو صممتَ على تحقيق حلمك، فإن الكون كله يتضافر معك من أجل تحقيقه ". الحق، أن ذلك حصل معي حينما حلمتُ بإمتلاك حديقة. كنتُ آنذاك متأثراً بقراءاتي لكتب عن حدائق الرسامين الشهيرين، وخصوصاً كلود مونيه. هذا الأخير، أوحى لي بعدة أفكار تتعلق بمشروع حديقتي. بعدما أكتمل السورُ المعدنيّ، بدأتُ في انتزاع سبع بلاطات من مدخل البلكون. ولأن أرض الحديقة كانت منخفضة، فإنني ثبتُّ البلاطات واحدة بأثر الأخرى لتأخذ شكلَ دَرَجٍ متصلٍ بباب السور. بدَوره، كان هذا البابُ الخشبيّ مُزيَّناً بنقش الشمس، ويهيمن عليه قوسٌ معدنيّ بعلو مترين ونصف تقريباً، يقوم على حراسته عريشتا ورد أفرنجي من كل جانب.
في تلك الأثناء، صَدَفَ أنني كنتُ أزور دكان أحد الأصدقاء. هناك، رأيت على جانب كومةً من البحص الناصع البياض. حينما علمَ صديقي أنني بحاجة للبحص، فإنه تكرّمَ أيضاً بإيصاله لمنزلي بسيارته. على الأثر، قمتُ بحفر خطين حول ذلك الدرج وملأته بالبحص لكي يمنع تسرّب الحشائش، ثمّ رششتُ الباقي بمحل البلاطات السبع المنزوعة. صديق آخر، حملَ إليّ من مكان عمله بمخزن أغذية، مجموعة من الأخشاب لكي أسوّر بها مدخل البلكون، المشرف على الحديقة. بعد بضعة أيام، وفيما كنتُ أتمشى مع أحد الأصدقاء في طريق الغابة، إذا بي ألمحُ أطلال شاليه صيفي يقوم على هضبة مرتفعة. هذا الصديق، ما عتمَ أن حضرَ لاحقاً بسيارته فأعانني بنقل مجموعة من البلوك كانت بين تلك الأطلال. البلوك، ما لبثَ أن أضحى سوراً لحوضين أنيقين في حديقة الدار.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بسمة مسمومة
- الغموض والوضوح
- عَرَبة العُمْر
- اتفاقية سايكس بيكو وشعوب المشرق
- أحلى من الشرف مفيش !
- سيرَة أُخرى 31
- سيرَة أُخرى 30
- أقوال غير مأثورة 5
- دعها تحترق !
- الحمار والدب
- الأبله؛ الرواية العظيمة كفيلم تافه
- سيرَة أُخرى 29
- الأُمثولات الثلاث
- سيرَة أُخرى 28
- سيرَة أُخرى 27
- سيرَة أُخرى 26
- نافخ البوق
- أجنحة
- أقوال غير مأثورة 4
- سيرَة أُخرى 25


المزيد.....




- الفلسطيني مصعب أبو توهة يفوز بجائزة بوليتزر للتعليق الصحفي ع ...
- رسوم ترامب على الأفلام -غير الأميركية-.. هل تكتب نهاية هوليو ...
- السفير الفلسطيني.. بين التمثيل الرسمي وحمل الذاكرة الوطنية
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...
- أكثر 70 فنانا يوقعون على عريضة تدعو لإقصاء إسرائيل من مسابقة ...
- -الديمومة-.. كيف تصمد القضية الفلسطينية أمام النكبات؟
- ترامب يواصل حرب الرسوم.. صناعة السينما تحت الضغط
- من فاغنر إلى سلاف فواخرجي: ثقافة -الإلغاء- وحقّ الجمهور بال ...
- سيرسكي يكشف رواية جديدة عن أهداف مغامرة كورسك
- الأفلام السينمائية على بوصلة ترمب الجمركية


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة أُخرى 32