أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فليحة حسن - أملي دكنسن














المزيد.....

أملي دكنسن


فليحة حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5186 - 2016 / 6 / 7 - 18:39
المحور: الادب والفن
    


كعادتي في كلّ أسبوع ، رحتُ اتفحص الموقع الالكتروني للمكتبة المحلية في مدينتي والتي تسمى
( Margaret E. Heggan ) بحثاً عن الفعاليات الثقافية الجديدة التي سَتُقام بها ،
فجلب انتباهي أعللان عن ندوة ستقام عن الشاعرة الأمريكية (Emily Dickinson) يوم السبت المقبل ،
اتصلتُ للتسجيل ، وفي اليوم المحدد كنت مع الحضور الذي كان اغلبه من النساء الكبيرات في السن وبعض الرجال ،
دخلتْ المتحدثة -وهي حاصة على شهادة الدكتواراه في شعر اميلي دكنسن بمعية زوجها الذي كان مسؤولاً عن جهازي العرض والصوت في تلك الندوة -مرتدية فستاناً قديماً طويلاً ابيض يعود بتصميمه الى القرن التاسع عشر، وقد عقدت شعرها الاسود الى الوراء ، واضافت لهذا التماهي الشكلي ربطة عنق داكنة قصيرة ربطتها حول عنقها ، فظهرت وكأنها تشبه صورة الشاعرة المعلقة على باب القاعة الى حد كبير ،
رحبتْ في بادئ الأمر بالحضور الذي وصفته جميلاً وبدأت بالحديث عن حياة الشاعرة فقالت: اميلي هي شاعرة امريكية كتبت حوالي 1800 قصيدة ولدت عام 1830وقد توفاها الله 1886 عن عمر يناهز 56 عاماً ، ولأنها لم تكن تحب النشر لذلك لم تنشر من قصائدها سوى 12 قصيدة نشرها أحد معارفها وباسم مستعار ، وقد جاءت قصائدها كمرآة عاكسة لحياتها المعيشة وإمعانها النظر والتفكير في عالمها الداخلي ، وقد هيمنتْ موضوعة الموت على غالبية شعرها ولم تكن هذه الشاعرة معروفة للمجتمع الثقافي أنذاك، لكنها الآن تعد شاعرة القرن التاسع عشر بلا منازع !
بعد ذلك قرأت لنا بعضاً من قصائد ها بصوت جميل ومن ثم توقفت لتقول : (لم يكن من السهل التحدث الى اميلي دكنسن ! فهي امرأة عنيدة جداً ، )
تفاجأ الحضور من قولها هذا وبدأ بطرح اسألة مثل : كيف ؟ و لماذا؟
ولكي تُوقف دهشة الحضور قالت : كنت بدأت الكتابة عن اميلي ولم أحصل على معلومات نافعة وكافية عنها في الوقت المحدد لأكمال دراستي ، فشعرتُ بالحزن والخيبة وأوشكت أن اتخذ قراراً بتغيير الموضوع برمته ،
جلست انا وزوجي نتحدث في الأمر فقال لاتتسرعي ، دعينا نذهب الى بيت الشاعرة ،
في الصباح حزمنا حقائبنا وأخذنا طائرة وذهبنا الى مدينة (أمهيرست) بولاية (ماساشوسيتس ) المدينة الجميلة الهادئة ، بحثت في مخطوطات مكتباتها كثيراً فعلَّ مخطوطاً ما يمكنه مساعدتي في بحثي فلم اجد سوى القليل منها الذي كان يتحدث عن عائلة الشاعرة وطبيعة اهلها المعروفين بتزمتهم الديني آنذاك ، وكلّ المصادر تقول ان الشاعرة لم تكن معروفة لدى ابناء مدينتها على العكس من عائلتها تماماً ، فقدعاشت في عزلة بدأتها في تركها للدراسة الجامعية والعودة الى المدينة وعدم مغادرتها لها إلا لتلقي العلاج في بوسطن،
ومن ثم اعتزالها في البيت وتوقفها عن استقبال الاخرين ، وبعدها اعتكافها في غرفتها ،
وتضيف المتحدثة قائلة لم اجد اكثر من تلك المعلومات عن الشاعرة مما زاد حنقي وطلبت من زوجي ان نقوم بزيارة الى بيتها ،
وفعلا ّ قمنا بزيارة بيت عائلتها الكبير الذي كانت تشاركهم به السكن والذي تحول الى متحف يضم اغلب مقتنيات الشاعرة التي اوصت اختها ان تقوم بحرقها بعد موتها لكن الاخت لم تنفذ وصيتها تلك ونجتْ قصائد( أملي) من الضياع لتبقى شاهداً على ما مرّت به هذه المرأة من تجارب ،
لم أكتفِ بما حصلتُ عليه من معلومات من هذه الزيارة وزدتُ حنقاً وصرختُ في وجه زوجي بغضب قائلة أريد ان اتحدث مع أملي ، فاستغرب زوجي من كلامي وقال كيف ستتحدثين معها ياترى ؟
قلتُ سأذهب لزيارة قبرها ،
جلستُ بالقرب من القبر وصرّتُ أتحدث مع إملي قائلة : ( أعرف انكِ كنتِ تكرهين الشهرة ونشر قصائدكِ في حياتك ، ولكن ليس من العدل ان تعامليني هكذا ، انا أحاول الكتابة عنكِ فزوديني بخيط ما يقودني الى معلومات جديدة تنفعني !)
في طريق العودة احسّست بأني أرافق روحاً ما أخذتْ تبثُّ العزيمة في داخلي وتحثني على اكمال كتابتي ، ولم أدخل الى مكتبة مدينتي من جديد إلا وكانت أملي برفقتي ،
بسهولة صرّتُ أجد المصادر التي كُتبتْ عنها والقصائد التي كتبتها لحبيب لم تقابله إلا مرتين في حياتها كلها واطلعت على القصائد الآخرى التي جاءت كنتيجة لعزلتها بعد فقدها احبابها (والدها ، اصدقائها ، حبيبها الشاعر (تشارلز وادزورث) وأمها .
بدت الباحثة مقتنعة تماماً ان كتابتها عن اميلي دكنسن جاء كنتيجة لحديثها معها!
وحين بدأ الحضور بمناقشتها أكتشفتُ أن غالبية الحاضرات كنَّ يعرفن أميلي دكنسن ليست كشاعرة فقط، ، بل هن يتجاوزنَّ ذلك الى معرفتهنَّ بتفاصيل جميلة من حياتها من مثل كيف كانت الشاعرة تصنع المعجنات التي تسمى (cookies‏) وتضعها في سلة على الشباك غرفتها ليأتي ابناء أختها فيأخذونها لتوضع في الفرن، لأنها كانت ترفض الخروج من غرفتها إلا لقضاء حاجتها ،
وكيف أنها لم تلبس في نهاية عمرها غير الثوب الابيض أعتقاداً منها بأن ذلك يؤدي الى صفاء الروح ويشجع العقل على التفكير بوضوح ،
أكدت الباحثة ذلك واطلعتنا على صورة لهذا الثوب ألتقطتها من متحف (Mt. Holyoke Art Museum) ،
وصورة أخرى لثوب أبيض آخر كانت الشاعرة ترتديه في ايامها الاخيرة أهدته أختها الى متحف (أميلي دكنسن) في عام 2000 ، وهو موجود الآن في غرفة نوم الشاعرة!
أعجبني فعلاً الأهتمام الكبير بتفاصيل حياة الشعراء هنا ودراسة أثارهم حتى الصغيرة منها ، وكيف يتفانى الباحث في عمله الى الحدّ الذي يتكبد فيه وعثاء السفر من اجل الحصول على المعلومة النافعة وحين انتهت المحاضرة احسسّت بان اميلي دكنسن تقتربُ مني وتهمس لي قائلة أسمعي فليحة : (باستطاعتي أن أخوض في الحزن ، في برك من الحزن بأكملها ، فقد أعتدتُ على هذا ، غير أن ابسط دفعات الغبطة تكسر قدمي وإذا بي اترنح سكرى! )



#فليحة_حسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجندي المجهول
- معلومات خاطئة للشاعرة الامريكية كي بيترز
- • أصغِ ألي َّ
- الوقوف على ثلاث عتبات
- قلم حمرة !
- حمامتان
- أقوال الأيمان!
- عدوّي الذي في المرآة !
- لو لم يكتشف كولومبس أمريكا!
- انت الرجل الذي احب!
- قبل أن تستشهد ميسون!
- لو كنتُ شاعرة !
- التماس
- نحن الذين كبرنا بسرعة الحرب !
- اللوتس الازرق
- مثلك ! قصيدة للشاعر السلفادوري- ركيو دلتور ...
- افطم نفسك ! قصيدة لجلال الدين الرومي
- ثلاث قصائد مترجمة لديفد لستنبرغ
- .زنجية
- الوقت ينمو قصيراً!


المزيد.....




- يحقق نجاح كبير قبل عرضه في السينما المصرية .. أيرادات فيلم أ ...
- في جميع أدوار السينما المصرية .. فيلم الشاطر رسميًا يعرض في ...
- لمى الأمين.. المخرجة اللبنانية ترفع صوتها من في وجه العنصرية ...
- وصية المطرب أحمد عامر بحذف أغانيه تدفع فنانين لمحو أعمالهم ع ...
- قانون التوازن المفقود.. قراءة ثقافية في صعود وسقوط الحضارة ا ...
- وفاة الفنانة الإماراتية رزيقة طارش بعد مسيرة فنية حافلة
- ماذا بعد سماح بن غفير للمستوطنين بالغناء والرقص في الأقصى؟
- فيديوهات وتسجيلات صوتية تكشف تفاصيل صادمة من العالم الخفي لم ...
- مونديال الأندية: هل يصنع بونو -مشاهد سينمائية- مجددا لانتزاع ...
- الشاعرة نداء يونس لـ-القدس-: أن تكون فلسطين ضيف شرف في حدث ث ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فليحة حسن - أملي دكنسن