أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسعد عبدالله عبدعلي - نحن نشعر بالسعادة














المزيد.....

نحن نشعر بالسعادة


اسعد عبدالله عبدعلي

الحوار المتمدن-العدد: 5182 - 2016 / 6 / 3 - 21:26
المحور: الادب والفن
    


بقلم اسعد عبد الله عبد علي

الحاج كامل, رجل يبلغ الخمسون, كان عمره حافلا "بالسعادة", فمن ضياع شبابه بحرب الثمانينات وحصار التسعينات, ثم ضياع ما تبقى بدولة الديمقراطية الجديدة, فكان دوما يشعر بالامتنان لساسة العراق السابقون واللاحقون, لأنهم اتفقوا على جعله سعيدا, حيث جعلوا منه رجالا قويا, وهو يصمد أمام هول الأحداث, ممن اوجد بداخل قلب الحاج كامل كمية كبيرة من السعادة, وعلى الحاج أن يكيل الساسة نوادر كلمات المديح يوميا.
الحاج كامل لا ينام ألا ويقرا, سطور من أدعية جلب المراد وتحقيق السعادة, ويعدد طلباته بتضرع كبير:
- الهي ارزقنا العافية, وشافي زوجتي المريضة بالسرطان, وارزقنا ما نحفظ به كرامتنا, وحنن الحكومة علينا, بان تعطينا ماء الشرب والكهرباء, وابعد عنا اللصوص, وارحمنا برحمتك.
السعادة حلم كبير يشغل كل تفكيره, البعض ينعته بالحالم, وآخرون ينعتوه بالمجنون, فأي سعادة يمكن أن يجد في العراق! أذا لم تختلط بالسرقة والدم, ومن دون الحرام, فلن تجد للسعادة مكان, هكذا هو طريق المرور للسعادة, لذلك بقي كامل يبحث عن السعادة, لأنه يخاف الله, فلا يقرب طريق السرقة والدم.
منذ أسبوع والماء منقطع عن بيته, ففي الصيف تبدأ قصة غريبة للسعادة, تحدث فقط للفقراء في بغداد, حيث على الحاج كامل يوميا الشروع برحلة طويلة وشاقة , لحمل "جلكان" الماء من الحي المجاور, حيث تتوفر المياه هناك, ثم عليه شراء ماء الشرب " الارو" لغرض الشرب والطبخ, وعليه مع كل هذا الألم أن يشكر الله عز وجل على الساسة الأشاوس, تلك النخبة الحاكمة التي أعطتنا سعادة نادرة, وهي سعادة البحث عن ماء الشرب, فما أن يملى "برميل" كامل الخاص للماء, حتى يسجد لله شكرا, ويطلب من الله والدموع تنزل من عينيه, أن يسعد ساستنا سعادة اكبر من سعادته بآلاف الأضعاف.
في ساعات الظهيرة الحارة, انقطعت الكهرباء فالحكومات الديمقراطية المتعاقبة, فشلت في أصلاح منظومة الكهرباء, مع أن عشرات المليارات الدولارات صرفت, وبسبب فسادهم تم الهدر أموال العراق, وعلى أمثال الحاج كامل أن يصمتوا, ولا يلعنوا الساسة حتى في سرهم, ولا يفكروا أبدا بأي شتيمة للساسة, بل أن يستشعر سعادة تحمل حر الظهيرة, في مقابل ما يتنعم به الساسة من كهرباء لا تنقطع, فهذا حق الساسة, أن يتنعموا بالأموال وخيرات البلد , فهم أسياد البلد, إما المواطن فالى الجحيم.
جاء خالد الولد الأكبر للحاج كامل, يطلب منه توفير قسط الكلية, احزن الطلب الحاج كامل المسكين, فمن أين يأتي بالقسط, والساسة الجدد جعلوه يعيش على "الحديدة", بفعل السياسة الاقتصادية الغبية التي التزموا بها, والتي أسهمت في جعل البلد على حافة الإفلاس, فطلب من ابنه أن يترك الدراسة الجامعية, إلى أن يحين فرج ما, حزن الابن خالد كثيرا, لكن لا خيار أمامه ألا قبول قرار والده, نظر الحاج كامل إلى السماء طويلا, ليسطر دعاء طويل بحق كل ساسة العراق, فردا فردا, أنها السعادة النادرة, التي أوجدها لنا الكتل الحاكمة.
في ليل الحاج كامل عليه أن يحرس البيت, فلا توجد شرطة في الليل, والمنطقة تشهد عصابات سرقة وخطف, الحكومة تخلت عن دورها في توفير الأمان والنظام للبسطاء والفقراء, أنه احد منجزات العهد الديمقراطي, فيجلس الحاج كامل فوق السطح ,وبيده بندقيته وبقربه أبريق الشاي, يبقى فوق السطح إلى أن يعلن الفجر عن صلاة الصبح, فينزل مبتهجا سعيدا, لأنه أزال الخطر عن عائلته ليلة أخرى.

أنها أبواب متعددة "للسعادة", والتي يوفرها الساسة لنا, عسى أن يعطي الله كل ساستنا, مثل سعادتنا بل أضعاف مضاعفة.



#اسعد_عبدالله_عبدعلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد سنوات من الإرهاب والجريمة, هل يستفيق رجال الفلوجة؟
- -القدس العربي- ومساعي خبيثة لدعم داعش
- فلسفة سائق أجرة
- هل ستكون الفلوجة مدينة للسلام ؟
- قصة قصيرة... ( الباص )
- الفتيات, ما بين رغبة التدخين وموقف المجتمع
- مات العدل
- شارع المتنبي يتكلم سياسة
- دون كيخوته يظهر من جديد
- قناة الشرقية وإثارة الفتنة بين فصائل الحشد الشعبي
- من مزايدات صدام إلى مزايدات 2016
- العمال في العراق, واستمرار ضياع الحقوق
- الدولة العراقية تحارب الفقراء
- النجف تحت تهديد تنظيم داعش
- سعادة المدير العام, الساقط سابقا
- منهج الأمام علي في الإصلاح
- ما بين سياسة الأمام علي, وسياسة الكتل الحالية
- مسرحية البرلمان مع كوب شاي بالحليب
- مبردة مصطفى والبرجوازية السياسية
- العلل الخمسة لعودة القوات الأمريكية للعراق


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسعد عبدالله عبدعلي - نحن نشعر بالسعادة