|
الحياة
أكرم حبيب الماجد
الحوار المتمدن-العدد: 5159 - 2016 / 5 / 11 - 16:49
المحور:
الادب والفن
الحياة الحقيقية هي الحياة الدائمة دون المؤقتة ، (( وَمَا هَٰ-;-ذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ )) . ولو كانت الحياة الدنيا طريق الآخرة ، إلا أن العمل للدنيا يؤثر في الآخرة كما يؤثر في الدنيا ، ( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ) . إن التوجه للشيء وشدة التعلق به قد يدعو الى تحصيله ، فالتوجه للآخرة ربما دعى الى تحصيلها فيقصّر بقاء الإنسان في الدنيا بالموت ، كذلك التوجه للدنيا ربما دعى الى تحصيلها فيطوّل بقاء الإنسان في الدنيا بالحياة . الحياة قبال الموت ، وليس كل حي ظاهراً هو حي باطناً . فالحياة والموت المعنويان هما النور والظلام ( أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَٰ-;-لِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) ، كذلك في الآخرة ( وَمَن كَانَ فِي هَٰ-;-ذِهِ أَعْمَىٰ-;- فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ-;- وَأَضَلُّ سَبِيلًا ) ، ولاحياة حقيقية غير حياة القلوب ونورها ، ولو علم العالم ما علم وعمل العامل ما عمل . وإذا علمنا أن الحياة الحقيقية هي حياة القلوب عملنا على إحياء القلوب ، لنحيا في الدنيا والآخرة حياة طيبة ، وليس إحياء القلوب بمجرد تخليتها من السيئات ، بل إحيائها بالعمل عليها حتى حلول النور فيها وفتح بصيرتها . ولما كانت الحياة الحقيقية هي حياة القلوب بنورها وفتح بصيرتها ، كانت الحاجة الى فقه الباطن - فقه القلوب - أبلغ وأقرب من فقه الظاهر ، وهو في طوله . كذلك عبادة الظاهر لاتتم دون عبادة الباطن ، اي : نية القلب . وأن نظر الله تعالى للقلوب والأعمال ، فعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ ، قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ). وما حقيقة السلامة لبدنٍ لو سَلِم من أسقامه ، ولكن سلامة القلب قلب السلامة في دار الدنيا والقيامة . إن من القلوب نور ، ومنها صخور ، ومنها بينهما تدور ، ( أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ-;- نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُولَٰ-;-ئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ )، ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰ-;-لِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ). وإن من الناس ميت بين الأحياء ، وذلك ميت الأحياء . روي أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على بعض نسائه ، فإذا بامرأة حسنة النعمة ، فقال : من هذه ؟ قالت إحدى خالاتك ! قال : إن خالاتي بهذه البلدة لغرائب ! وأي خالاتي هذه ؟ قالت : خالدة ابنة الأسود بن عبد يغوث . قال : سبحان الذي يخرج الحي من الميت ! وكانت امرأة صالحة ، وكان أبوها كافرا . وفي الإنجيل ( وقال لآخر اتبعني . فقال يا سيد أأذن لي أن أمضي أولا وأدفن أبي . فقال يسوع دع الموتى يدفنون موتاهم وأما أنت فاذهب وناد بملكوت الله ). وإن من الناس حي بين الموتى ، يرى مظاهر الحياة الحقيقية دنيا وأخرى ، برؤية تجليات الله تعالى في كل آن آن رؤية بصر وبصيرة ، فيعمل بما علم ، وذلك من فقه القلوب يأخذه حيا عن حي ، ( وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ). ولما كان أهل الظاهر لايبصرون نور الحياة الحقيقية إلا ما ظهر منها ، فمنهم من أتقى فلم ينكر على من رأى ، ومنهم من تقوى بظاهر ما روى ، جهلا بما عند غيره وحكرا على ما عنده أو جحودا .( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ). وإذا لم تكن الإمامة في الإنسان إلا للقلب ، فكذلك لم تكن الإمامة في الناس للقالب بغير القلب ، وهو فقيه الظاهر الذي لم يتنور قلبه ولم تفتح بصيرته . فكيف يُسَيّر الناس من لايبصر؟! ، وكيف يسيّرهم بلانور ؟! ، وكيف يسيّرهم بالظنون دون اليقين ؟!. وهل يأمرنا الله أن نسير عمي وبظلام وظن ؟!. إن الظلام والعمى يعقل القلوب فلاتعقل ،( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰ-;-كِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) ، وتعقلها الانوار والبصائر فتعقل ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ). وإن نور العقل وظلامه من نور القلب وظلامه ، وهو المسمى بالعقل المؤيد ، أي : بالنور . فعقل القلب وقلب العقل بالنور والظلام ، فأختر أيهما الإمام .
#أكرم_حبيب_الماجد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحكمة
-
الشجاعة
-
الفنون وأحكامها
-
تربية الطفل بين الصفات والأعمال
-
الحب
-
الحب الإلهي والذاتي والجنسي
-
الثورة والسياسة الإنسانية على أنواع السجون العائلية
-
الزواج و دعوى تساوي الزوجين مطلقا
-
الأبكار
-
عقول بغير المعقول
-
معرفة الدليل
-
حملة القيود وعمال السدود
-
لقد ختمت على باب قلبك
-
عرش الكرام
-
العقل المميز
-
تراكمات الفهم السيء
-
العجوز العاشقة
-
حكم الله في الانسانية
-
المشيخة
-
ليس التدين بالتعصب
المزيد.....
-
استمتع بأجمل وامتع الأفلام والبرامج الوثائقية على قناة ناشيو
...
-
مش هتقدر تغمض عنيك .. تردد روتانا سينما نايل سات وعرب سات 20
...
-
قصة ميشيكو.. كيف نجت فتاة يابانية من القنبلة النووية؟
-
-ذاكرة أمّ فلسطينية-.. أدب يكسر قيود الأيديولوجيا
-
فيديوهات مخلة.. فنان مصري شهير يتعرض لعملية ابتزاز
-
بعد سقوط نظام الأسد.. الفنان دريد لحام يوجه رسالة إلى السوري
...
-
اكتشاف كنز من التسجيلات غير المنشورة لمايكل جاكسون
-
تعرضوا للخسارة أو شاركوا في القتال.. 5 فنانين تأثروا بالحروب
...
-
ورشات الأطلس في مراكش.. نوافذ للمخرجين السينمائيين الشباب عل
...
-
الثقافة أولاً .. تردد قناة بابل 2025 الجديد على النايل سات و
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|