|
السلام على السودان وأهله
أسعد العزوني
الحوار المتمدن-العدد: 5153 - 2016 / 5 / 5 - 21:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عادة ما تقاس الدول والمجتمعات ، إما بقوتها أو بغناها ، وفي كلتا الحالتين نجد المثالب وما أكثرها ، حيث أن القوة ينجم عنها الفوقية وسوء التعامل مع الآخرين ، في حين أن الغنى ينجم عنه بون شاسع بين المجتمع الغني وبقية المجتمعات الأخرى الفقيرة ، بمعنى أن نظرة المجتمع الفقير إلى الغني ، يشوبها الحسد وهو أسوأ مثلبة في العلاقات الإجتماعية ، بينما الغني ينظر إلى الفقير بشيء من الريبة والخوف ، وفي واقع الحال ، يكون الفشل هو سيد الموقف في العلاقات الإجتماعية . أما بالنسبة للسودان ، فهو خال من كل هذه العيوب ، فهو وأهله الكرام يتسمون بالطيبة ، وما أروع هذا لشعب الطيب الكريم المتسامح ، ويقينا أن الطيبة في حقيقة الأمر هي الكنز الحقيقي ، وشهادة التقدير التي لا تعطى لأي كان ، بل تخصص للشعوب الطيبة ، التي يتصدر قائمتها الشعب السوداني . وحقيقة الأمر لو أن القوى الظالمة الكبرى ذات العلاقة بالملف السوداني ، تركت السودان وشأنه ، لوجدنا السودان يتصدر قائمة الأقوياء والأغنياء ماديا معا ، لكن هذه القوى وقبل أن تنسحب من وادي النيل العظيم ، كما هي عادتها ، زرعت ألغامها المتفجرة في السودان ، وأولها بطبيعة الحال مشكلة جنوب السودان التي أنهكت هذا البلد لعشرات السنين ، وإستنزفت خيراته وقدراته ، وشغلت قيادته عن أمور التنمية والنهضة ، وقد توجت هذه المشكلة بإنفصال الجنوب عن الشمال ، وفق مخطط إستعماري ، مخطط له جيدا ، بهدف إضعاف السودان ن، هو مخطط نيفاشا لعام 2005. السودان ليس فقيرا ، لكن المخطط الإستعماري فرض عليه الفقر ، من خلال فرض الحصار عليه ومنعه من التطور ، والإستفادة من الإستثمار الأجنبي ، خاصة وأن السودان يمتلك كل انواع الثروات من معادن ثمينة إلى النفط ، الذي رفضت امريكا إستخراجه بعد إكتشافه ، وأوعزت لشركاتها بالإنسحاب من السودان عقابا له كي لا يستفيد من ثروته النفطية ، لكن قيادته إتجهت إلى الشرق وتعاقدت مع الصين التي إستخرجت النفط السوداني ، في وقت أيقنت امريكا أن أحدا لن يستطيع إستخراج النفط السوداني . هذا ما أوغر قلب الإستعمار على السودان ، لأنه خالف الأوامر والتعليمات وحاول النهوض بواقعه ، متحالفا مع قوى خارج النظام الرأسمالي الغربي ، ولا بد من التنويه أن السودان قد أحسن صنعا بتحالفه مع الصين تلك القوة الصاعدة التي تساعد شعوب الدول النامية على النهوض ، ولا تلجأ للنهب والشفط واللهط كما تفعل القوى الإستعمارية التي هيمنت على إفريقيا بشكل خاص. ثروات السودان لا تحصى ، وتربته خصبة ، وما تزال عذراء ، وهذا ما يجعلها واعدة للمستثمرين في حال فتحت أبواب السودان للإستثمار والمستثمرين ، ولا ننسى الكرم السوداني الذي لا حدود له ، وتمثل ذلك في قيام الحكومة بمنح دول عربية ومن ضمنها الأردن ، مساحات شاسعة لزراعتها دون مقابل ، لكن هذه المنحة لم يتعامل معها البعض بحسب قيمتها خوفا من غضب أمريكا عليهم ، وقد سنحت لي الفرصة قبل أعوام لزيارة المساحة المخصصة للأردن ، وكانت تستغلها آنذاك القوات المسلحة والمخابرات . كانت التجربة مذهلة من حيث الإنتاج ، وقد كانت حبة القمح بمواصفات وحجم قياسي وكذلك المنتجات الزراعية الأخرى ، ناهيك عن الثروة الحيوانية ، والكم الهائل من المياه ، ولهذا قيل أن السودان هو سلة العالم العربي الغذائية ، ولكن العرب مع شديد الأسف لا يجرؤون على الإقتراب من السودان . قبل خلع الرئيس المصري حسني مبارك ، زار الخرطوم وفد رسمي مصري رفيع المستوى ، وكعادة السودانيين في إظهار كرمهم اللامحدود ، طرحوا على الوفد المصري ، منحة سودانية ، وقالوا لهم أن عليهم تحديد مساحة الأرض التي يستطيعون زراعتها قمحا ، منحة سودانية للشعب المصري الشقيق وبدون مقابل . عندها ذهل الوفد المصري ، وطلبوا من السودانيين إمهالهم يومين حتى يعرضوا الأمر على الرئيس مبارك ، وقد وردت مكالمة من القاهرة تفيد بالإعتذار عن قبول المنحة ، لأن الرئيس مبارك أبلغ الوفد أن أمريكا ستغضب. الشعب السوداني وبالإضافة إلى طيبته وتسامحه ، كريم بطبعه ، وتمثل هذا الكرم بقيام السلطان الشهيد علي دينار بابار ، بتجهيز كسوة الكعبة على حسابه سنويا ، وهو سلطان دارفور النازفة دما هذه الأيام بسبب مؤامرات الإستعمار التي لا تريد الإستقرار للسودان ، كما أنه هو الذي حفر أبيار علي في الحجاز . نأمل من الله عز وجل ان يفرجها الله على السودان وأهله ، وان ينهض العرب جميعا من سباتهم ويتنبهوا إلى السودان ، ولا أقول أن يتصدقوا عليه ، بل يستثمروا فيه وسيحققون ربحا وفيرا بإذن الله ، ويثبتون للعالم انهم قادرون على إتخاذ موقف لصالحهم.
#أسعد_العزوني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محاضرة حول الأزمة اليمنية والسيناريوهات المحتملة لعبد الناصر
...
-
الشجاعة والإقدام: المفكر الاستراتيجي عبدالله التل -أنموذجا ً
...
-
قوانين للعمل الإغاثي الخليجي والعربي لتلافي -عشوائية التنفيذ
...
-
افريقيا المتأسرلة..أين العرب؟
-
الدراجون الأردنيون إكتشاف جنان الأردن
-
اختتام مؤتمر -الاتجاهات المعاصرة في مؤسسات التعليم: إصلاح وت
...
-
-التعويض -مقابل السلام
-
المؤتمر الدولي الخامس للعلوم الإنسانية يبحث الاتجاهات المعاص
...
-
عبد الفتاح مورو ..الداعية التي نريد
-
دبلوماسي بوسني ينفي إختطاف أيتام وتجنيدهم مع داعش
-
نحن واليهود ..لا يزاودنّ علينا أحد
-
ليفني مصابة بالإيدز.. اللهم لا شماتة
-
مصطفى سلامة ..لاجيء فلسطيني يرفع علم الأردن فوق إيفرست
-
داعش في طور التفكيك
-
داعش يمهد لأوروبا إحتلال ليبيا
-
جائزة أفضل معلمة ..لماذا؟
-
ظاهر عمرو ..رئيس حزب مميز
-
قيادة جديدة لحزب الحياة
-
مظاهر الإرهاب في الغرب ..حرف للأنظار عن الإرهاب الصهيوني في
...
-
إسرائيل إذ تفرض شروطها على تركيا
المزيد.....
-
مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق
...
-
فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم
...
-
مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره
...
-
السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية
...
-
جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
-
الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين
...
-
الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر
...
-
كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
-
الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
-
الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|