أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - المريزق المصطفى - فتيحة بائعة - البغرير- و أقصى درجة الحكرة














المزيد.....

فتيحة بائعة - البغرير- و أقصى درجة الحكرة


المريزق المصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 5139 - 2016 / 4 / 21 - 00:22
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



هل كان على فتيحة أن تصمد أكثر بدل التفكير في إحراق نفسها؟
كما هو معلوم، ماتت فتيحة بائعة "البغرير" يوم الاثنين الماضي في مستشفى ابن رشد بالدار البيضاء متأثرة بجروحها الخطيرة بعدما أقبلت على حرق نفسها أمام المصلحة الإدارية السادسة في حي أولاد مبارك بالقنيطرة، تنديدا و احتجاجا على ما لقيته من إهانة لكرامتها كمواطنة و كأم مغربية مكافحة.
و الأمر لا يتعلق هنا بالحديث عن موت فتيحة ميتافيزيقيا، بل يتعلق بتناوله كقضية سياسية و اجتماعية صرفة لفتت الأنظار اتجاهها. كما أن إحراق فتيحة لنفسها، لا يتطلب منا التضامن و الإدانة فقط، بل التفكير العميق في الأسئلة الدائرة حول ما سماه عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركايم ب"الانتحار الإيثاري" (رغم ما قد يتطلبه هذا المفهوم من تدقيق أكثر).
إن المسار الذي تتخذه حياة الأفراد و الجماعات في عالم الفقر و التهميش، يصل اليوم في بلادنا إلى مداه، ذلك أن شظف العيش في ظل أوضاع قاسية جدا، تجعلنا أمام ظواهر اجتماعية تعيد لموضوع المساواة و العدالة الاجتماعية راهنيته، خاصة مع تنامي "الغيتو الاجتماعي" و عزله و محاصرته في الأحياء الهامشية و القرى النائية و المناطق المنكوبة.
و لعل ما يثير الانتباه في قضية فتيحة، هو الوضع الخاص التي كانت تعيشه قيد حياتها. وضع الفقر و الهشاشة و الاستبعاد الاجتماعي الناجم عن غياب سياسة اجتماعية تمكن الأسر الفقيرة من الحق في العيش الكريم، لكي لا أقول الحق في الثروة.
لا نريد هنا الحديث عن الجنازة التي خصصتها لها الساكنة الطيبة بحي أولاد مبارك الهامشي، و لا نريد وصف لحظات دفنها بمقبرة "الغفران"، بل ما نريد الحديث عنه هو فتيحة "بائعة البغرير" و أقصى درجة الحكرة. و هنا نستحضر ما تعرضت له من سوء المعاملة و اللامبالات و معانات بسبب انتمائها إلى معسكر الطبقات الشعبية، المتوغل في البؤس و الاحتقار و الاستهتار.
و لعل ما يزيد الواقع تأزما اليوم، هو تعثر المشروع التقدمي الذي ساعد على بروز الانحراف السياسي و ميلاد النكوصية و انتعاشها بفضل "الإنعاش الوطني" و " العون" و " الإغاثة" و "محاربة الأمية"، بدل تقوية المؤسسات التشريعية و الدستورية، باعتبارها المسئولة الأولى عن الحماية الاجتماعية و أمن و أمان و سلم كل المواطنات و المواطنين.
فهل سرقت منا أحلامنا؟
إن الوجع المجتمعي و الاحتقان السياسي و النقابي، و الهجوم على الحريات الفردية و على جمعيات المجتمع المدني و منع أنشطتها، و متابعة الطلبة و المعطلين و الإعلاميين و غيرهم، يهدد بسرقة الديمقراطية في واضحة النهار و ضرب السلطة المدنية و تعبيد الطريق للنفوذ المطلق تحت ثوب سلفي و محافظ، لا هم له سوى عصبية الخلافة.
اليوم، لا يكاد يخلو مجلس من الحديث عن تزايد المتسولين و الفقراء و المحتاجين في كل ربوع الوطن، و عن تكاثر الجريمة و كثرة الاعتداءات على المواطنين، و صار عدم الشعور بالأمان من الأمور التي أصبحت عادية بين المواطنين، بل و صار من المألوف محاولة الانتحار أو حرق النفس.
و إذا كان المتداول بين الناس حول تردي الأوضاع الأمنية و القانونية و الثقافية، هو انعدام روح المواطنة لدى المسؤولين، و الانقلاب على الشرعية الديمقراطية و التراجع عن الحقوق و المكتسبات، فإن إحراق فتيحة لنفسها هو وجه من وجوه الأزمة الاجتماعية التي تتعمق يوما عن يوم بسبب الاغتناء الفاحش للأغنياء و الإفقار المتنامي للفقراء، و تفاقم البطالة و طرد العمال و ضرب النسيج الاقتصادي الوطني و نهب مؤسسات الدولة.
لقد خلدت فتيحة يومها المشهود ب"الموت الاحتجاجي" نيابة عن كل المغاربة الغارقين في البؤس حتى العظم. إنها رمز النضال و الكفاح من أجل لقمة العيش في زمن وصل فيه الاستبعاد إلى أقصى درجة الحكرة.




#المريزق_المصطفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الحاجة إلى تدريس الفلسفة من المهد إلى اللحد
- أطلقوا سراح كل الطلبة المعتقلين
- سبة رئيس الحكومة في حق المجتمع المدني
- سلامي لك أيتها الأنثى بمناسبة عيدك الأممي
- وجع الماضي و جراح السنون
- تخليد اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية خطوة على درب المصالحة ...
- المؤتمر الوطني الثالث لحزب الأصالة و المعاصرة: سؤال -المدينة ...
- على أبواب المؤتمر الثالث لحزب الأصالة و المعاصرة: الخط السيا ...
- -الأصالة و المعاصرة-: الأسباب الفلسفية و الإضاءة الرمزية
- الواقع السياسي و الواقع الذاتي ... بين القطيعة و الاستمرارية
- أضواء على حزب الأصالة و المعاصرة عشية المؤتمر الوطني الثالث
- الطليعة الواعية في أفق 2016
- من أجل يسار الوسط
- الجامعة المغربية..قنبلة موقوتة
- الجهوية المتقدمة و القضية الوطنية
- المغرب القريب بدل المغرب البعيد
- من المسؤول عن تعثر الانتقال الديمقراطي في المغرب؟
- -تنورة- الحرية و -فستان- الديمقراطية
- رسالة مفتوحة إلى السيد حامي الدين
- التفاوض الثقافي قبل التفاوض السياسي


المزيد.....




- محكمة في نيويورك تسقط حكما يدين المنتج السينمائي هارفي واينس ...
- محكمة أميركية تلغي حكما يدين -المنتج المتحرش- في قضايا اغتصا ...
- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - المريزق المصطفى - فتيحة بائعة - البغرير- و أقصى درجة الحكرة