أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - المريزق المصطفى - التفاوض الثقافي قبل التفاوض السياسي















المزيد.....

التفاوض الثقافي قبل التفاوض السياسي


المريزق المصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 4827 - 2015 / 6 / 4 - 11:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التفاوض الثقافي قبل التفاوض السياسي

طبل و زمر و هرول العديد من الفاعلين بمختلف ألوانهم و أطيافهم للخطاب الملكي الذي قدمه الملك محمد السادس في 30 يوليوز 2014 بمناسبة عيد العرش ال15، و الذي دعا فيه العاهل المغربي إلى ضرورة تسليط الضوء على قيمة رأس المال غير المادي للمغرب و التشديد على ضرورة الاستناد عليه كمعيار أساسي لوضع السياسات العامة لكي يستفيد المغاربة من ثرواتهم.

و إذا كانت الخطب الملكية، في العديد من المناسبات، تحمس العديد من الفاعلين في حينها، إلا أن استحضار مضامينها أحيانا، لا يتم إلا من أجل الاستشهاد بها عند الحاجة أو الركوب عليها. و هذا يعكس قمة الانتهازية التي يعتبرها البعض رصيدا لقضاء المآرب أو تلميعا لصورة مزيفة.

فرغم ما يستحقه موضوع الرأسمال غير المادي من أهمية، و رغم ما يطرحه من نقاش عميق علمي و كوني، و رغم الظرفية التاريخية التي جاء فيها خطاب الملك، ظل (الرأسمال اللامادي المغربي) يبحث عن انتزاع شرعيته من الطموح السياسي و النظري، و ظل ينتظر النظر إليه كواقع يومي يهدم المسلمات و يمسح الغبار عن عيون النفاق الاجتماعي، لتشجيع الحوار و النقاش كإحدى الركائز الأساسية في حياتنا اليومية القائمة على فلسفة الحوار.

إن ما نسمعه و نقرأه و نراه من خلال بعض و سائل الأعمال و قنوات التواصل و بعض الفاعلين السياسيين و الجمعويين حول فيلم نبيل عيوش "الزين اللي فيك" و عروض مهرجان موازين، يجعلنا أمام أزمة حقيقية عنوانها الجهل بالتراث الفكري و الفلسفي و معطيات العقلانية و الحداثة، و تشجيع الثقافة التقليدية الجمودية و التحريض على الكراهية و العنف.

لقد صدق عالم المستقبليات "بيتر شفارتز" في تعليقه على خيارات المستقبل و تحديات التغيرات القادمة، حين قال: " بالنسبة لأولئك الذين لا يحبون التغيير كان أفضل وقت ليولدوا قبل العام 1800 أو كان عليهم التريث حتى حلول العام 2050".

فعلى ضوء ما حصل من صراع في "السوق السياسية" المغربية حول مطابقة و مماهاة بين الفني و السياسي، يجب الإقرار بالعديد من مواضيع الخلاف و الاختلاف التي تطالبنا جميعا بالعودة إلى الحوار، وأقصد الحوار الديمقراطي لضمان تفاوض عادل و منتج. خاصة و أن المشهد الثقافي و السياسي المغربي بات في الآونة الأخيرة يعيش أزمة حقيقية تتجلى في صمت المثقفين و النخب الأكاديمية المستقلة.

أن الاحتكاك بين الفني و السياسي قيل عنه الكثير في العديد من المناسبات، و هو موضوع قديم قدم الزمن، و شكل قاعدة من قواعد البحث السوسيولوجي و الانثربولوجي لدى العديد من أئمة هذه الميادين، أما المهم هو البحث عن المشترك بين الناس و القبول بالآخر كما هو، و مقاربة المفاهيم و محاكمتها و تصحيحها كي تصبح أداة صحيحة للممارسة، لكي لا نترك الساحة للغوغاء و لمن يبحث عن أنماط الوساطة الرجعية بين فئات الفاعلين الأساسيين في المجتمع.

نعم، قد يحتار المثقف الالتزام بهذه القضية أو ذاك، و قد يتمهل في إصدار أحكامه، و قد يصمت، وقد يتهرب..، و لكن هناك ضرورة تاريخية لا تنتظر أي كان و لا تأبى الفراغ. و ليس باسم الخوف من "الهيحان" و التوترات الاجتماعية الشديدة الناتجة عن غياب الحوار و قيم التسامح و احترام التعددية الثقافية و مرجعياتها و دعامتها المادية و اللامادية، يمكن الانحناء و الانبطاح للجهلة و أصحاب المنفعة الحالمين بخلق محاكم التفتيش في المغرب.

نعم، إن رجل السياسة كان دوما غير راضي عن الفن و الإبداع، و كلما نفذ صبره (الضيق) طالب بالطلاق وبات يشرع المنح و المنع.

إن الخطير في التعاطي مع فيلم نبيل عيوش و مهرجان موازين، هو محاولة إنتاج ماكينة التعصب الفكري أو السياسي بالمغرب، و هو ما يترجم في الواقع من خلال خطاب رديئ معادي للمغرب و لرأسماله المادي و اللامادي.

و معلوم أن كل عمل فني أو أدبي كيفما كان نوعه، يستحق النقد و النقاش و الحوار، و ليس الإدانة و السب و الشتم و التكفير. فلا ينفي اليوم أحدا أن القيم الثقافية التي خلقتها البروتستانية، يرجع لها الفضل في خلق الرأسمالية التي خلقت الثروة و اقتصاد السوق. و لا يخفى علينا كذلك، أن القيم الثقافية هي التي أسست العقلانية الاقتصادية و الحداثة الديمقراطية، أوكما يقول أنصار الأنثروبولوجية الثقافية: " إن الثقافة هي قياس كل الأشياء".

قد يكون من المجدي ترك الفرصة للنقاد السينمائيين و للمهتمين و الضالعين في الفن السابع أن يقولوا كلمتهم، ليجيبنا عن الأسئلة التالية:

* من كتب السيناريو؟ هل هو نبيل عيوش أم المجمتمع المغربي في لحظة تاريخية تحتوي وقائع و أحداث و ظواهر إجتماعية مغربي؟

لقد قال يوما ما السينمائي ايزنشتاين: "لسنا نحن الذين نصنع سينمانا لكن الزمن الثوري هو الذي يصنعها، و يصنعنا".

و لهذا في انتظار الجواب عن هذه الأسئلة من طرف ذوي الإختصاص، لن نلوم الدهماء إذا تكلمت، و لن نحاسب المرجئة على إيمانهم، و لن نسائل المتنطع على ذكائه الزائد، و لن نجاحد الناصح المغفل في كلامه.

لكن، ربما آن الأوان ليرجع المثقف من منفاه الاختياري لوطنه لنبني معا المستقبل الوضاء لشعبنا، لأنه لا يستحق التدجين بالترغيب أو بالترهيب.

إن ما عاشه المغاربة في زمن الجمر و الرصاص، جعل أهل الثقافة و الفكر في "حرب استنزاف" مستمرة مع السلطة نظرا لتواجدهم في مقدمة جبهة المدافعين عن القضايا العادلة. و رغم ذلك، كانوا ( أهل الثقافة و الفكر) من بين من وضعوا اللبنات الأولى لمغرب الحداثة و الديمقراطية، و هو ما جعل أجيال بكاملها أمام امتحان عسير تدور أسئلته حول روح الابتكار و التربية على الحرية و إقامة المجتمع السياسي على التعاقد بين إرادات أفراد أحرار.

و اليوم، يعتبر تراث هذه المرحلة جزء من الذاكرة الجماعية و خزان من مخازن الرأسمال اللامادي في المغرب! و لكن من أجل الإسراع بوتيرة و بتقوية آليات الحماية في مجال حقوق الإنسان و مسار النضال التطوعي من أجل حرية التعبير و الرأي و الصحافة، و إشراك المجتمع المدني في أوراش التغيير، و نبذ مختلف أنواع العنف الاجتماعي؛ لا بد من التفاوض الجاد و المسؤول حول ما يتسم به المجتمع المغربي من وحدة و تنوع. و تعتبر الثقافة كفكر إنساني و كأسلوب الحياة مدخلا حقيقيا و ضروريا للمصالحة مع المجتمع، لأنها (الثقافة) تحولنا إلى بشر و ترتقي بنا إلى المستوى الإنساني. بل أكثر من ذلك، هناك من السوسيولوجيون من يعتبر أنه من غير الثقافة لن تكون لنا لغة نعبر بها عن أنفسنا.

من الطبيعي أن نتوقف عند سؤال الثقافي و علاقته بالسياسي، في ظل و اقع أزمة المشروع السياسي المجتمعي العاجز على إعادة المشروع الثقافي بعد انهياره اليوم.

قد نخطئ في الإجابة، لأننا نعيش شروط أزمة ناتجة عن عدم القدرة على إخضاع الرأسمال اللامادي إلى مساءلة تقويمية، حتى نعرف أسباب العجز و المرض. كما قد نعجز عن الإجابة عندما تدفن الأسئلة الحقيقية في ضباب الصراع، و حين تغيب الأسئلة التي تحاول الاقتراب من السببية الاجتماعية التي تولد الأزمة.

أخيرا، إلى جانب الآثار المباشرة التي خلقها النقاش العقيم بخصوص ظاهرة فيلم "الزين اللي فيك" و ظاهرة موازين، تبرز اليوم مخاوف عديدة من التيارات السياسية المحافظة التي تحاول الانقضاض على مكتسبات فئات واسعة من فئات الشعب المغربي، و في مقدمتها الدعاية العملية للتحريض المباشر (أحيانا) ضد النساء و التشجيع على خلق هيئة "الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر" بدل التشجيع على التربية و التعليم و محاربة الجهل باعتباره العدو الرئيسي الذي يفتح الباب للعودة إلى الجاهلية.

المريزق المصطفى، أستاذ باحث بجماعة مولاي اسماعيل، مكناس/ المغرب



#المريزق_المصطفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برهان عسل الوزيران الحبيب و سمية
- النخب المكناسية بين المؤسسات التقليدية و التطلعات الحداثية
- التراث والمدينة : من التدبير التمثيلي إلى الحكامة التشاركية، ...
- لأني أحبك...
- قافلة الجديدة من أجل مدينة مواطنة
- قافلة المنتدى الوطني للمدينة من أجل مدينة مواطنة
- محطات متعددة و الهدف واحد: مستقبل المدينة المغربية ...تغطية ...
- الندوة الدولية الرابعة بمناسبة اليوم العالمي للمهاجر
- روح المدينة
- على هامش الإضراب العام: نريد سماع صوت البورجوازية الوطنية ال ...
- الشبيبة الحزبية و رهانات المستقبل
- تضامنا مع حركات المعطلين بالمغرب
- الحركة القاعدية المغربية مسار نضالي يستحق الانتباه، و القاعد ...
- محاولة لفهم الحركة القاعدية المغربية
- لماذا مطالبة الوزير لحسن الداودي بالاستقالة و تقديمه للعدالة ...
- من حلم الثورة إلى الديمقراطية القاعدية
- حقوق الانسان و الانتقال الديمقراطي
- عن أزمة الحوار الديمقراطي في المغرب
- سنة أمازيغية جديدة 2964
- بيان وطني علني رقم 1..


المزيد.....




- بتدوينة عن حال العالم العربي.. رغد صدام حسين: رؤية والدي سبق ...
- وزير الخارجية السعودي: الجهود الدولية لوقف إطلاق النار في غز ...
- صواريخ صدام ومسيرات إيران: ما الفرق بين هجمات 1991 و2024 ضد ...
- وزير الطاقة الإسرائيلي من دبي: أثبتت أحداث الأسابيع الماضية ...
- -بعضها مخيف للغاية-.. مسؤول أمريكي: أي تطور جديد بين إسرائيل ...
- السفارة الروسية في باريس: لم نتلق دعوة لحضور الاحتفال بذكرى ...
- أردوغان يحمل نتنياهو المسؤولية عن تصعيد التوتر في الشرق الأو ...
- سلطنة عمان.. مشاهد تحبس الأنفاس لإنقاذ عالقين وسط السيول وار ...
- -سي إن إن-: الولايات المتحدة قد تختلف مع إسرائيل إذا قررت ال ...
- مجلة -نيوزويك- تكشف عن مصير المحتمل لـ-عاصمة أوكرانيا الثاني ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - المريزق المصطفى - التفاوض الثقافي قبل التفاوض السياسي