أوراق بنما وعصا المايسترو

حمدى عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5128 - 2016 / 4 / 9 - 21:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بغض النظر عن حقيقة المتورطين في أوراق بنما أو أسمائهم
وبغض النظر عن صحة الوقائع التي يتم تسريبها سواء عن طريق ويكليكس أو عن طريق أوراق بنما
أدين من أدين وبرئ من برئ
ليست تلك هي القضية
فالحكام الفاسدون يملأون العالم
والبنوك السويسرية تمتلئ بالحسابات السرية للحكام والشخصيات المسيطرة منذ نشأتها خصيصاً من أجل ذلك
وملازات التهرب الضريبي تملأ الدنيا ؛
والفساد ظاهرة هيكلية متلازمة مع النظام الرأسمالي العالمي وانفلتت معدلاته بعد حرب فيتنام منذ أن أعلن نيكسون تحلل الولايات المتحدة الأمريكية من الإلتزام بالغطاء الذهبي للدولار طبقاً لاتفاقيات (بيرتون وودز) وهذه هي أكبر جريمة نصب وتدليس وفساد ارتكبت في حق شعوب العالم

بغض النظر إذن عن ملابسات الأسماء والوقائع فإن موضوع التسريبات يشير بوضوح أننا أمام إحدى الألعاب التي أفرزتها ظاهرة الرأسمالية المنفلتة وظهور عصابات الميديا ومعها أيضاً تلك العصابات المخابراتية المحترفة كأدوات في خدمة إستراتيجيات التوحش الرأسمالي بهدف إثارة الفوضى والقلاقل الموظفة في دول العالم المختلفة للضغط من أجل تمرير سياسات ما أو الإستجابة لضغوط ما تصب في صالح تلك القوة الدولية التي تقف وراء المحيط الأطلنطي لتقاتل بشراسة معركة القرن بالنسبة لها ألا وهي معركة تمديد الهيمنة الأمريكية على العالم للقرن القادم وصولاً للحلم الإمبراطوري الأمريكي الذي عبر عنه الرئيس الأمريكي جيفرسون والذي تراجعت بمقتضاه أوربا الاستعمارية قانعة بدور الشريك الذي يتأخر خطوة إلى الوراء مفسحاً الطريق الشريك القادم من خلف الأطلنطي لقيادة الرأسمالية إلى آفاق من التحلل الأخلاقي من بعض مراكز البشرية تجاه باقي البشرية

لاحظوا خلو التسريبات تقريباً من الإشارة إلى أي من الوقائع من داخل الولايات المتحدة الأمريكية
ثم لاحظوا تركز هذه التسريبات على مايخص روسيا والشرق الأوسط ذلك المجال الحيوي لصراع القرن الماضي والقرن الحالي

العصف بالدولة القومية عبر إثارة الفوضى من داخلها هي الإستراتيجية التي بدأت منذ ثمانينيات القرن الماضي عبر بولندا ورومانيا والمجر وأدت في مستهل عقد التسعينيات إلى تفكيك دول كبرى كيوغسلافيا وكامل دول أوروبا الشرقية عبر إثارة الفوضى والنعرات القومية وتغليف الحركات والتحركات الفوضوية داخل هذه الدول بغلاف جذاب هو نشر الديمقراطية
وفي إطار ذلك كان إطلاق ودعم فكرة منظمات وحركات المجتمع المدني والنقابات المستقلة كأحصنة طروادة منطلقة نحو ضرب الدولة القومية تمهيداً لاكتمال عناصر التفكيك وإعادة الهيكلة لدمج أنقاض دول بعينها في إطار مايخدم إستراتيجيات الهيمنة

وهاهو الجديد يطل علينا
إطلاق عناصر واحتكارات وعصابات الميديا مع تطعيمها بعناصر مخابراتية لديها تقنيات الإختراق والتعامل مع المعلوماتية باحتراف شديد والعزف على أوتار الوعي الشعبوي العام بمهارة وفق ماتريد عصا المايسترو الذي لايقود هذه المرة من مقدمة المسرح وإنما يحرك عصاه ويبعث بإشاراتها من الكواليس التي أصبحت مكاناً حيوياً للتوجيه وقيادة ذلك العزف دونما فجاجة قد يسببها الظهور أمام الجمهور

حمدي عبد العزيز
7 إبريل 2016

#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل