أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - تمثال للأم الشجاعة














المزيد.....

تمثال للأم الشجاعة


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 5126 - 2016 / 4 / 7 - 19:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انتهت أزمة الطائرة المصرية التي كانت متجهة من الاسكندرية إلي القاهرة واختطفت إلي قبرص في 29 مارس. ولاشك أن هناك دروسا أمنية مستفادة مما جرى، إلا أن هناك أيضا درسا ثقافيا لامعا ما بين اختطاف الطائرة وعودتها سالمة. درس على صلة وثيقة بعلاقتنا بالتحضر والتنوير والتقدم. فقد وقفت المضيفة المصرية نهال البرقوقي على سلم الطائرة ورفضت أن تتحرك قبل أن تطمئن على أن كل ركاب طائرتها قد استقلوا الأتوبيس بأمان، ثم استدارت ودخلت الطائرة ثانية إلي مختطفها وهي تعلم أو تتصور أنه يرتدي حزاما ناسفا قد ينهي حياتها مع غيرها. وفي أول حديث للإعلام أدلت به المضيفة لبرنامج " 90 دقيقة" بقناة المحور قالت: " الركاب كانوا أمانة في رقبتي". هكذا خاطرت شابة مصرية بحياتها، لأنها تخيرت بمحض إرادتها أن تتحمل المسئولية عن " الآخرين" حتى لو عرضها ذلك للموت. لم يكن خطيبها ولا أخوها ولا والدها بين الركاب، لكنها مسألة ضمير. يذكرني ذلك بفيرا زاسلوفسكايا التي اغتالت عمدة بطرسبورج قبل ثورة أكتوبر، وسألها القاضي عن السبب فيما فعلته؟ فقالت:" إن العمدة كان يعذب الآخرين في السجون". فاستفسر منها إن كان لها أخ أو حبيب قد عانى من التعذيب؟ فأجابته قائلة:" كلا. ليس لي أحد عانى من التعذيب. لكن لا ينبغي أن يمر تعذيب الآخرين من دون عقاب"! لم يكن لها دافع شخصي، لكنها قضية الشعور بالآخرين، بالمسئولية عنهم، وبأن الآخرين " أمانة في رقبتي". وقد أثبتت نهال البرقوقي أنها ابنة كل تاريخ المرأة المصرية التي طالما هدهدتنا وأطعمتنا وسقتنا وعلمتنا وكبرتنا لأننا " أمانة في رقبتها". ولم تكن نهال الأولى، فقد سبقتها إلي ذلك شادية سلامة ابنة السويس التي ولدت في ديسمبر 1952، وعملت مضيفة، وفي نوفمبر 1985 قامت برحلة إلي اليونان على متن طائرة بوينج طراز 737، وأثناء العودة إلي القاهرة نهض أحد الركاب فجأة حاملا بيده قنبلة واتجه بها إلي كابينة القيادة. وظهر بعده على الفور راكبان آخران بمسدسات وقنابل قاما بجمع جوازات سفر الركاب، وعندما حاول أحد رجال الأمن بالطائرة أن يوقفهم بمسدسه أردوه قتيلا على الفور، ثم قتلوا خمسة ركاب. في هذه اللحظة برزت شادية سلامة وأقنعت الإرهابيين أنها ستتعاون معهم شرط عدم المساس بحياة الركاب، وكانت خلال ذلك متمالكة أعصابها بصورة أثارت دهشة زملائها جميعا. هبطت الطائرة ليس في القاهرة لكن في مالطا، وطالب المختطفون بتزويدها بالوقود. وبرزت شادية مرة أخرى مقترحة علي الخاطفين اثبات حسن نواياهم بالافراج عن النساء، وبالفعل أطلقوا سراح إحدى عشرة سيدة، ثم اختاروا شادية لتكون وسيطا بينهم وبين سلطات المطار في عملية تفاوض. خرجت شادية من الطائرة وعندما حاول المسئولون إقناعها بعدم العودة رفضت وقالت عبارة كتلك التي قالتها نهال البرقوقي " مكاني هناك وسط الركاب". وعادت، واستشهدت في 25 نوفمبر 1985، من دون أن تفكر في أولادها أو في شيء، استشهدت لأن " الآخرين" كانوا أمانة في رقبتها. لمثل هذه المرأة يجب أن يقام تمثال على الطريق إلي المطار، ليس فقط تخليدا لتضحيات المرأة المصرية، ولكن أيضا لنشر الوعي بأن النساء كالرجال شجاعة وبطولة وفداء. النساء المصريات اللواتي وهبن الوطن المحبة والحنان والصلابة جديرات بذلك التمثال "الأم الشجاعة". تمثال كهذا كفيل بتبديد الكثير من الخرافات الشائعة عن عجز المرأة وعن أن المطبخ والبيت مكانها الوحيد إلي آخر تلك المنظومة الفكرية.
د. أحمد الخميسي. كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاء الديب .. شجن الوحدة والاغتراب
- طوب علينا يارب
- حاكموا الوزير أو أفرجوا عن أطفال المسيحيين
- من تنوير العقل إلي تنوير الشعور
- يهدمون بيت أحمد رامي في القاهرة!
- الشاي والناس
- من الذي يتجرأ على تعديل نجيب محفوظ ؟!
- نوبة عباس الطرابيلي
- آليونا - قصة قصيرة
- معرض الكتاب .. تنوير لا يصل لمستحقيه !
- المسيحي الذي قرأ الفاتحة لأجل الوطن !
- التعريب .. خطوتان إلي الأمام
- الدفتر الكبير .. فن الكراهية
- عيد ميلاد شيماء الصباغ
- وثائق التمويل الأجنبي السري لمنظمات مصرية
- من أجل حريةالصحفيين
- يوم اللغة العربية .. هل أننا نقول ما لانفهمه ؟
- من يربح الستة عشر مليار جنيه ؟
- إدوار الخراط .. يغيب المغني وتبقى الأغنية
- حقيقة سفيتلانا ألكسيفتش وجائزة نوبل


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - تمثال للأم الشجاعة