أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (57) * في الخلق والخالق والبعث والنشور !















المزيد.....

أديب في الجنة (57) * في الخلق والخالق والبعث والنشور !


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 5126 - 2016 / 4 / 7 - 04:20
المحور: الادب والفن
    


أديب في الجنة (57)
* في الخلق والخالق والبعث والنشور !
أبرق ليل السماء دون غيم ، ودون أن يتبعه رعد . سرب أوتار ملونة تبرق متعرجة متذبذبة في خطوط متجانبة لتشدو بأنغام تحاكي ليل الوجود ، وتتسرب إلى نفوس تبحث عن طمأنينة في غيهب الدخيلة الإنسانية . وحلقت في الفضاء نساء ملائكيات يراقصن شبابا ملائكيين على لحن كوني يحاكي سرمدية الأبدية. تأوّه المحتفلون من أعماقهم عجبا بروعة الجمال المتجلي في سماء الخالق ، واستشعروا طمأنينة ومتعة تتسلل إلى نفوسهم وتهيم بهم في عالم فوق الخيال.
قطع الإمبراطور تأملاته واستمتاعه بهذا العالم الساحر ليشرب نخب الخالق العظيم رافعاً كأسه . رفع الملك لقمان والملكة نور السماء والإمبراطورة كؤوسهم وشربوا النخب . مسح الإمبراطور شفتيه بمنديل المائدة وهتف وهو ينظرإلى الملك لقمان :
- يبدو لي جلالتكم أننا متقاربون معكم في معتقدنا حول تفسير الوجود ، فنحن نستند في فهمنا إلى المبدأ الكلي الناظم للكون والمتخلل له وأن الوجود يستمد طاقته منه ، لذلك نقدس الظواهر كونها تستمد طاقتها من هذا المبدأ الكلي . غير أننا نختلف عنكم في التفسير، وليس لدينا تصور لما بعد الموت كالبعث والنشور أو التناسخ أو حلول الأرواح في كائنات جديدة وما إلى ذلك كما في بعض المعتقدات .
- في الحقيقة جلالتكم ، أن المعتقدات كانت تسعى لبعث الأمل في النفس البشرية بعد الموت ، بإيجاد حياة أخروية في ملكوت السماء مع الله ، أو في جنته ، كما في المذاهب السماوية ، أو في التناسخ وحلول الأرواح أو الفناء في المبدأ الكلي حسب معتقدات أخرى. وهو اجتهاد يبعث الأمل في النفس ويحاول أن يعطي معنى للحياة حتى لا تتحول إلى حالة عبثية لا معنى لها . أنا وحسب اعتقادي اجتهدت في الإتجاه نفسه ، أي ببعث الأمل في النفس وإن اختلفت صورة البعث بعد الموت . فالموت عندي ضرورة لاستمرار الحياة وتجددها . حتى لا ينضب مخزون الأرض وبالتالي الكون من المادة والطاقة . فالجسد يتحلل ليعود إلى عناصره الأولية . ذرات من الكلس والفسفور والحديد والزنك والنحاس والمغنيزيوم والبوتاس والكربون والسيليكون والفضة والذهب والكبريت والألمنيوم والصوديوم واليود وغير ذلك .. وكل ذرة من هذه الذرات تحتوي على طاقة كهربائية سالبة مقابل شحنة موجبة للبروتونات التي تقع في نواة كل ذرة . التفاعل بين هذه المكونات والطاقة السارية في الكون يحيلها إلى طاقة متجددة تتحد مع الطاقة الكونية لتكون جزءا منها ، وبالتالي جزءا من الذات الكونية ، وبمعنى أدق جزءا من الذات الخالقة القائمة بالخلق( الخالق العظيم ) تمنح جذور النباتات في الأرض ما تحتاج إليه من مادة وطاقة لتمنحنا ثمارا شهية ، وتمنح الكون مادة وطاقة تساهم في عملية الخلق ، خلق الإنسان الجميل ، في الطريق نحو خلق الإنسان الكامل ، الإنسان المدرك لوجوده والغاية منه .
بدا الإمبرطور مندهشا للحظات لهذا المنطق الذي يربط بين العلم والروح . تساءل :
- أنتم تفضلون مفردة الخالق العظيم على المفردات الأخرى ، فلماذا ؟
- أرى أن مفردة الخالق العظيم قد تشمل أي تصور للخالق مهما كان حتى لو كان الطبيعة !
- وماذا لو كان الله أو الألوهة أو الكامي أو غير ذلك ؟
- الخالق العظيم مفردة تحتويها كلها رغم أنها مفردات لغوية أوجدها البشر بعد اختراع اللغة من زمن قريب جدا ، ولم تكن قبل ذلك .
- ومفردة الخالق العظيم أيضا مفردة لغوية حديثة .
- صحيح لكنها تعطي شمولية أكثر . فحين نوظف مفردة ( الله ) العربية الإسلامية مثلا ، يتبادر إلى الذهن الله في مفهومه الإسلامي ، الذي لا يعتبر الفكرالديني الإسلامي اجتهادا بشريا بل حقيقة مطلقة كونه كلاما منزلا من الله على نبيه . والأمر نفسه ينطبق على (الرب ) المسيحي ،وحتى على ( يهوه ) اليهودي .
- هل يعتبر جلالتكم نفسه مسلما ؟
- أجل أنا مسلم تنويري حسب فهمي .
- وهل تنويركم هو تطوير للدين نفسه ؟
- أجل . بل وتطوير للعقائد البشرية كلها وربما معظم الفلسفات أيضا إن لم يكن كلها ، فثقافتي ليست اسلامية
فحسب وكذالك معرفتي ، فأنا أستند إلى ثقافة البشرية ومعرفتها بالقدر الذي أتيح لي أن أعرفه وأستوعبه .
- وهل ثمة ما يشير في الدين الإسلامي إلى حاجته لتطوير ؟
- ثمة الكثير مما يشير إلى ذلك في أحاديث النبي محمد والقرأن . وأهمها أن الأمة في حاجة كل مائة عام إلى من يجدد لها دينها . المؤسف أن المسلمين أعادوا الدين إلى الوراء دهورا ولم يهتموا بالتطوير .
- هل جلالتكم تعتبرون نفسكم نبياً ؟
ابتسم الملك لقمان وقد أدرك أن الإمبراطور تجاهل بعض حديثه عن الغاية من خلق الإنسان :
- لقد تحدثت لجلالتكم عن أن الغاية من خلق الإنسان هي أن يكون خالقا بدوره ومساهما في عملية الخلق مع الخالق ، المشكلة أن الإنسان لا يعي ذلك ، وحسب هذا الفهم فأنا إنسان ، قد أكون فيلسوفا أو حكيما أساهم في تطوير المعرفة الإنسانية لفهم الخلق والخالق والغاية من الوجود والخلق . ولا أحبذ أن أكون نبيا .
- ما هو موقف جلالتكم من فكر الانبياء والفلاسفة والحكماء؟
- أحترم الفكر الإنساني كله . واحترم كل من كان نبيا أو فيلسوفا أو حكيما . فلولا فكرهم لما كان فكري . ولولا ما ارتكبوه من أخطاء حسب ثقافة زمنهم لما عرفت الصواب ، أو لما عرفت أن أجتهد لمعرفة الصواب.
وآمل أنني أصبت في اجتهادي ولو بحدود.
- حسب ما فهمت من فلسفتكم أنكم لا تنزهون الذات الخالقة عن الوجود فهل هي كذلك ؟
- بل ننزهها بمفردة لغوية هي (الله) أو الخالق أو ما يشير إلى ذلك في أي لغة، وإن كان هذا التنزيه هو داخل الوجود نفسه وليس خارجة، لكنه يعبر عنه بشكل مجرد.
- أثقلت على جلالتكم بأسئلتي . سأسأل سؤالا أخيرا وآمل أن لا يجرنا إلى أسئلة أخرى .
- هل ترون أن الألوهة تدرك وجودها، وإن كانت عقلا هل هو منزه عن المادة والطاقة ؟
- إذا كانت الألوهة أو الخالق عقلا فهو طاقة ناتجة عن طاقة ، ولا يعقل أن لا يعي العقل وجوده .
حسب رؤيتي ما الوجود كله إلا تجليات المادة والطاقة . كما سبق وأن قلت .
- وهل يحق لأي إنسان أن يعتبر نفسه إلها أو عقلا أو خالقا !؟
- بالتأكيد لا لأن التمظهر في الوجود كله وليس في كائن بعينه . فأي كائن ليس أكثر من جزء صغير جدا من التمظهر والتجلي الكوني في الوجود .
- ليسمح لي جلالتكم بأن أتساءل ،رغم أننا ما زلنا في بدايات الحوار، إلا أنني بدأت أشعر أنكم تمتلكون أجوبة شبه مقنعة لكل تساؤل ، فلماذا تبحثون عن الله ؟ هل تشكون في وجوده ؟
أدرك الملك لقمان البعد الديكارتي في السؤال الإمبراطوري . ابتسم ثم أجاب :
- أجل جلالتكم . أنا اجتهد ، وأدرك أن اجتهادي ليس حقيقة مطلقة ، بل وقد لا يكون حتى حقيقة نسبية ، فقد يكون الله هو يهوة ويرقبنا الآن من أعالي سماواته !وأبحث عن الله ليحل لي هذا اللغز الإشكالي .
- وإذا ما وجدت أنه يهوة ؟
ورفع الملك لقمان يديه في حركة استسلام قائلا :
- لن أجد إلا الإستسلام لجبروته !
ضحك الإمبراطور والإمبراطورة والملكة . هتف الإمبراطور :
- وسنؤجل الإجابة عن سؤال : وإذا لم تجد الله ، إلى الحوار القادم ! جزيل شكري لجلالتكم .
- العفو.
****
يتبع



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أديب في الجنة 56 * في الحقيقة والغاية !
- أديب في الجنة (55) * في العقل ونشأة الكون!
- أديب في الجنة (54) * الرقص في الزمن المتوقف في المكان الكوني ...
- أديب في الجنة 53 * الدخول في الأسئلة الصعبة !
- أديب في الجنة 52 في رحاب الخالق العظيم !!
- أديب في الجنة 51 * ألخالق العظيم !
- أحلام مادية طاقوية ! (1) شاهينيات 1178
- مفهوم الألوهة الملتبس بين وجود إله أو عدمه ! شاهينيات ( 1177 ...
- في الألوهة وشرط وجودها ! شاهينيات (1176)
- لماذا لم يبن الله مدينة واحدة على الأرض ؟ شاهينيات 1175
- في العقل الكوني. شاهينيات 1174
- ( القصيدة الكاملة المعدلة انطلاقا من مذهب وحدة الوجود حسب فه ...
- إلى المرأة الحبيببة والأم والأخت في عيدها
- أديب في الجنة (50) * الملك لقمان في ضيافة الإمبراطور الإله !
- أديب في الجنة (49) * الالوهة مادة وطاقة !!!
- في الوعي الديني ! شاهينيات ( 1170)
- أديب في الجنة (48) * آلهة بلا حدود !
- أديب في الجنة (47) * مهرجان القضيب المقدس !
- أديب في الجنة ( 46) * الله على المسرح السماوي!
- لن أموت جوعا ولن أتشرد أكثر مما تشردت !!


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (57) * في الخلق والخالق والبعث والنشور !