أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - مثقف الطريق الوسط الراكد وراء المنصب الكبير















المزيد.....

مثقف الطريق الوسط الراكد وراء المنصب الكبير


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 5125 - 2016 / 4 / 6 - 19:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اولا يجب التفريق بين المثقف الذي يستهلك القراءة ، وبين المفكر الذي ينتج الافكار . المثقف او الانتليجانسي يُكوّنون قاعدة واسعة ، بينما المفكرون يحسبون على رؤوس الاصابع . لذا فالمفكر يناقش القضايا الكبرى ويخترع البديل ، في حين نجد حدود المثقف تقف عند القراءة او التعليق ، وما يميزهم عن العامة ، انهم يقرئون ويناقشون ، وبخلفيات مختلفة ، وقد تكون متناقضة في نفس الآن . وبينما تجد المفكرون يهتمون بالمبادئ العامة وبالأصول ، وبكل تجرد اناني او مصلحي ، فان المثقف ينحو نحو المصلحة الخاصة والمنفعة الذاتية . ان المفكر حين ينتج الافكار ، فهو لا يتوخى جزية ، ولا دخلا او مكافئة ، في حين ان الانتليجانسي يربط كل شيء بفائض القيمة ، وبالربح المتوخى من التحرك او الحركة .
لكن رغم ذلك ، نكاد نجزم ان دوافع انتاج المفكرين والمثقفين ، تكاد تكون قضايا مصيرية . فلا يمكن تصور مثقف او مفكر ، دون قضية تلهم وجدانه وملكات تفكيره وفكره . لقد عُرفتْ ستينات وسبعينات القرن الماضي ، بظهور مفكرين ، وبظهور مثقفين . وبينما كان المفكرون ينتجون الافكار والنظريات ، كان المثقفون يستهلكونها بدرجات مختلفة . فمن منّا ينكر جون بول سارتر ، ومكسيم رودينسون ، وعبدالله العروي ، و محمد عابد الجابري ، وعزيز لحبابي وآخرون تركوا اثارهم وتأثيرهم في الحقل الثقافي . ومن منّا ينكر ان المثقفين هم من كان وراء تجديد افكار المفكرين ، حين ظهر لهم انها عاقر عن انتاج البديل الانساني . الكل يتذكر الشبيبة ودورها في مايو 1968 ، وفي خلق اليسار الجديد ، وفي تحمل اعباء استراتيجية فوق الطاقة . وهذا يعني ان كل الانتاجات الفكرية التي ساهم فيها مثقفو المرحلة كانت امتدادا لإنتاج المفكرين والفلاسفة الذين اناروا لهم الطريق ، وأرشدوهم نحو البوصلة .
وبمقارنة بسيطة بين الامس واليوم ، نكاد نصاب بالإحباط ، مما كان ينشر بالمجلات والجرائد المختلفة ، والإصدارات القيمة المتنوعة ، وبين ما يجري به العمل اليوم . لقد كانت بحق اصدارات العديد من المجلات مثل ( لماليف ) ( الاساس ) ( انفاس ) ( الجسور ) ( المقدمة ) ( الثقافة الجديدة ) ( الزمان ) (الى الامام ) ( الطريق الجديد ) ( 23 مارس ) ( الشرارة ) ( 24 مايو ) ( مغرب النضال ) ( طريق الثورة ) ( آفاق ) ( امفي ) ( المواطن ) ( الاختيار الثوري ) ( الافق ) .. لخ ، وبعض الجرائد مثل ( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ) ( التحرير ) ( المحرر ) ( انوال ) ( البيان ) .. لخ بحق مدارس في التوعية الثقافية والسياسية ، وبفضلها تم تكوين شباب لا يزال يحمل مشعل زفرات التغيير نحو المغرب الافضل ، مغرب الحرية والديمقراطية ، والعدالة الاجتماعية ، وحقوق الانسان .
في ذلك الوقت لم نكن نلحظ فكر انتهازي او وصولي ، بل ان الصراع كان حول المشروع العام وحول المبادئ ، وحول طريق الوصول الى هذا المشروع العام .
لكن اليوم انقلبت الصورة راسا على عقب ، ولم نعد نلمس مثقف ، ولا مفكر من الطراز الرفيع ، كما كان الحال في ستينات وسبعينات القرن الماضي ، بل تضبب المشهد ، وانتصرت الفردانية ، والمصلحة الشخصية ، على المبادئ والقيم الكونية ، وسرى هذا النمط حتى على من كان يروج للبضاعة بشكل انتهازي حربائي .
وبالرجوع الى الساحة ( الثقافية ) اليوم ، نكاد نجزم انتفاء المناضل المثقف الملتزم ، وتوسعت رقعة المهرولين ، واللصوص ، واصطحاب العتبة في كل المجالات ، وليس فقط في الانتخابات التي اضحت مطية للاغتناء السريع وغير المشروع .
ان من اسوأ ( المثقفين ) اليوم من خلال ما ينشر ببعض المواقع الالكترونية ، او من خلال التعليقات التي تتناول مجالات مختلفة ، هناك نوع ، وهو الاغلبية يتمتع بدرجة عالية من المكر ( الذكاء ) ، وانه بالغ الطموح ولو باستعمال اقذر الوسائل وأخبث الممارسات . ان هذا النوع الحربائي اللاّمبدئي والوصولي ، يدرك سوء احوال الرعية العبيد ، وشيوع السخط غير المنظم والمنتظم اوساطهم ، كما يعترف في قرارة نفسه ، بإخلاص المعارضين المزيفين ، ورغبتهم الحقيقية في الاصلاح ، كما يٌعْرفون بذكائهم الماكر الحرامي ، أنّ معظم المعارضين لن ينجح المال او المنصب في رشوتهم ، وإنهم لا يبيعون راحة ضميرهم بأي ثمن . ولكنهم ايضا متشائمون بطبعهم ، وقليلو الثقة بالناس ، وشديدو الاحتقار للجمهور وشديدو العجلة . فهم قليلو الامل في ان تصلح الاحوال بسرعة ، بحيث ينالون ما يؤهلهم له ذكاؤهم من مناصب ومسؤوليات . وربما مر عليهم في الماضي زمن لم يجلب لهم فيه ذكاؤهم من مناصب ونشاطهم إلاّ الحسرة ، اي عانوا من سنوات الجوع ، والحرمان ، او السنوات العجاف ، فآلوا على انفسهم ألاّ يعيدوا الكرّة من جديد ، وألاّ يلدغوا من الجحر مرتين ، فعزموا على استخدام ذكائهم بما يعود عليهم بالنفع والنفع السريع .
انهم يحتقرون العوام والرعايا وبسطاء الناس لسبب بسيط ، هو ان الجمهور الرعايا يبدو كأنه لا يمنحُ ولا يمنعُ ، على الاقل في المدى القصير والمتوسط ، وهم بسبب افراط طموحهم وتعجلهم غير قادرين على الانتظار . ومنهم من نشأ هو نفسه ، من بين هؤلاء البسطاء والرعاع والرعايا ، ولكن ذكاءه ونشاطه اعطاء من الفرص ما تميز به عنهم ، فإذا هو الآن قادر على مجالسة ( الكبراء الكبار ) ، و ( العظماء العظام ) . خاصة وقد تعلم ان البسطاء ، قليلو الحيلة ضعيفو القدرة . فالأجدر به إذن أن يتمسك بما بلغه من حظوة لدى اسياده الكبار ، بأي ثمن ، خشية ان ينحدر مرة اخرى الى ما قاسى منه في طفولته المحرومة ، وشبابه المعتوه الفقير . انه قد يعرف في قرارة نفسه قيمة هؤلاء الرعايا والرعاع البسطاء الحقيقية ، فهم قد يكونون حقا اطيب قلبا وألطف معاشرا ، وقد يكمن في عاداتهم وتقاليدهم اثمن ما يريد المغرب الحفاظ عليه ، وهو على كل حال الاغلبية الصامتة المفتوخة ، فمصلحتهم هي مصلحة المغرب ، وإرادتهم هي ارادته . ولكنهم في نظر هذا النوع من المثقفين كمٌّ مُهمل ، إذ ان الميزان الوحيد الذي يستخدمونه في التقييم ، هو ميزان منفعتهم الخاصة ، وقد علمتهم تجاربهم ، ان الرعايا ( الرعاع ) ، مهما كانت ميزاتهم ، وبلغ عددهم لن يحققوا لهم نفعا . وما دامت هذه القناعة هي الراسخة ، فمن الاحسن والأجدر استغلالهم واستعمالهم كالقطيع .
لهذا السبب تجدهم في فترات الانتفاضات الشعبية التي تبشر بالاستمرار ، ينضمون سريعا الى صفوف الجماهير ، وليس الرعايا ( الرعاع ) ، لان هؤلاء لا ينتفضون ، دائما خانعون وخاضعون ، ومن ثم تراهم يُنظّرون للأفكار الاستراتيجية الهامة من اشتراكية ، ودكتاتورية البروليتارية ، الى الملكية البرلمانية ، الى الجمهورية بمختلف تلاوينها وعطورها . وتجدهم يتقمصون دور التمجيد والتشبث بالزعماء السابقين ، لإضفاء هالة قدسية وتاريخية ، وربما البحث عن مشروعية مفقودة ، للركوب عليها بإقناع الخرفان بوجهة نظر الثوار ، بل ويتعهدون بالسير في ركاب الزعيم ، ويكتبون عنه المقالات والروايات الصحيحة والمغلوطة غير الصحيحة ، كما لا يترددون في ذرف الدموع تأثرا بمناصرتهم للفقراء . لكن اذا انحسرت الهبّة او الانتفاضة ، وتراجعت ، بل وفشلت ، وأصابها الهرم ، لا يجدون من الحياء ولا الخجل ، ما يدفعهم الى الاكتفاء بما حققوه من وراءها من منافع ، والى التزام الصمت على الاقل ، بل يندفعون للبحث عن السيد الجديد ، ليقدموا له فروض الطاعة والولاء ، والتشبث بأهداب العرش المجيد ، متشبثين حتى النخاع بالخصوصية ، وبأصل الدولة الراعية المرعية ، وبالمقدسات التي لا يخجلون من تركيزها في امارة المستبدين الرجعيين .
وإذا كانت المهمة هنا ليست بسهلة ، لأنه افتضح امرهم ، وتعرت اوراقهم ، وانكشفت عورتهم ، لأنه سبق لهم ان قالوا العكس ، فانه لذكائهم لا يعدمون مخرجا . والمخرج هنا النفاق بأشكاله الظاهرة والمبطنة ، لهم اكثر من وجه ووجه ، طالما ان الضحية وكالمعتاد ، هم الرعايا ( الرعاع ) اي( هاجوج وماجوج ) الذي حياته من مماته لا تعنيهم في شيء . فهم متشبثون بالسدة العالية بالله ، وبالطقوس والتقاليد المرعية ، اما الحداثة والعصرنة ، فهي فقط للتسلية وللبيع والشراء في العبيد الرعية . ان هذا النفاق هو ما نسميه بالطريق الوسط السهل غير الممتنع .
لكن يخطئ من يفهم من ذلك ، ان سلوك الطريق الوسط ( اولاد لحرام ) لا يتطلب احترام اي قواعد او ضوابط ، وانه يكفي للنجاح فيه ، ان تُردّدَ ما يَرِدُ اليك من اسيادك ، والمشرفين والموجهين لك من تعليمات . فهذا يصلح فقط لجمهور المصفقين لا المثقفين . ان مثقف الطريق الوسط يعرف جيدا ان نجاحه في الوصول الى ما يريد ، يتطلب اتباع مجموعة من القواعد التي ثبتت مع الزمن فعاليتها .
القاعدة الاولى : كل موقف سياسي يتخذه النظام له شكله ومضمونه . وهنا فمثقف الطريق الوسط ، كثيرا ما يجد ان موقف النظام ، يصعب او يستحيل عليه تبريره ، لتعارضه الفاضح مع المصلحة العامة ، او مع ابسط مبادئ العدالة او الحكمة ، ولتعارضه مع ما سبق له اتخاذه من مواقف قبل الارتماء في احضان النظام . ففي مثل هذه الاحوال يحسن تجاهل جوهر الموضوع كلية ، والتركيز على الشكل . مثلا فجرت مواقع مختلفة بيانات وإخبار بحسابات بملايير الدولارات في الابناك السويسرية ، او ممارسة طرق غير اخلاقية لتهريب العملة والتهرب من الضرائب ، فعوض الانكباب على جوهر المشكل الذي هو فساد النظام اصلا ، يتم تعويم النقاش حول ممارسات يعتبرونها جد عادية وشائعة الهدف منها خدمة الوطن . اما وزير العدل فقال " لا علم بي ب " وثائق باناما " .

نفس الشيء نسجله عند اطلاق مغتصب الصبيان دنيال كالفان ، فعوض تسمية الاشياء بمسمياتها وتحديد المسؤولية بشكل واضح ، يعمم النقاش حول اختزال المسؤولية في المندوب العام للسجون ، واعتبار المشكل قد حل بإعفاء المسئول من مهامه . او ان يلجأ النظام الى الغاء الدعم الممنوح لبعض السلع الاساسية ، فيقوم الحربائي مثقف الطريق الوسط مثلا ، بالتركيز على ضرورة عرض الامر على البرلمان ، قبل اتخاذ الاجراء مع تجاهل جوهر الموضوع الذي هو تفقير وتجويع الرعاع الرعايا . وهنا لا ننسى كيف تعامل مثقف الطريق الوسط مع الدعوة الى الغاء تقاعد البرلمانيين والوزراء .
القاعدة الثانية : من الخطأ ان نتصور ان هناك شيئ في هذا الكون ، مهما بلغت مساوئه ، ليست له بعض المزايا ايضا . وإذا كان من سمات اليمين التغاضي عن مساوئ الوضع الجاري ، ما دامت مصالحه الاساسية متحققة فيه ، وإذا كان من سمات اليسار ، بحكم بحثه المستمر عن الافضل ، التأكيد على النقائص وطرق تلافيها ، فإن افضل مسلك لصاحب الطريق الوسط الذي لا يريد اغضاب اولي الامر ، وفي نفس الوقت يريد التظاهر بالحرص على الاصلاح ، ان يعدد لكل امر من الامور ما له وما عليه ، حتى تتميّعُ الامور ، ويبقى كل شيء على حاله . فالاشتراكية لها ما لها وعليها ما عليها ، وكذلك الرأسمالية ، وكذلك الانفتاح والانغلاق ، ودعم السلع وعدمه ... الخ ، بل حتى التفاوض مع النظام وأولي الامر او مع وكلائهم له ماله وعليه ما عليه .
عند عرض الموقف او الموضوع على هذا النحو ما له وما عليه ، سيتبين لكل عاقل نبيه ، ان المسألة ليست بالبساطة التي يتصورها المعارضون لمبدأ التفاوض ، وإنما هي مسألة متعددة الجوانب وبالغة التعقيد ، بحيث يمكن تأييد موقف النظام دون خشية الخطأ .
فمثقف الطريق الوسط دائما يبحث عن التضْبيب والخلط والتعتيم ، ولا يتردد لحظة في ايجاد التبرير الشافي لموقف متناقض مع موقف سابق . ان ما يطمح له مثقف الطريق الوسط ، هو تكييف مصالحه الشخصية ، مع الدفاع المغشوش والمخدوم عن الرعايا ، في حين ان الخاسر هم هؤلاء ( الرعاع ) التي تسوق الحلول والاتفاقات بين مثقف الطريق الوسط ، وبين النظام في غيابهم . فالمصالح متبادلة ، ولا تحتاج إلاّ شيئا من الجرأة للاندماج في المفهوم الجديد للسلطة .
القاعدة الثالثة : عدم التسرع في الحكم : ان من الاخطاء شيوعا في التحليل السياسي ، وفي التعليق على الاحداث الجارية ، محاولة الحكم على موقف معين ، وتقييمه قبل ان تظهر نتائجه كاملة . فمثقف الطريق الوسط دائما يتجنب التسرع في اصدار الاحكام ، بل يغيب عن الانظار ، او يهرب حتى تمر الزوبعة او الفضيحة ، لأنه لا يريد اضاعة علاقته بالمخزن الشريف ، القادر لوحده على جعل النهار ليلا والليل نهارا . فهو هنا يتقلد ويتقمص دور الحكيم الناضج الذي يستخدم العقل للثريت ، باعتبار ان العجلة من الشيطان . والحال انه يحافظ بكل ما أوتي من قوة على وضع يذمه نهارا ويمدحه ليلا . ان الحفاظ على مصالحه تدفع به للتحالف حتى مع الشيطان وليس فقط مع النظام .
القاعدة الرابعة : المدح بما يشبه الذم : كثيرا ما نقابل اشخاصا ، وما اكثرهم مُولعين بالفخر بأنفسهم ، مع تغليف هذا الفخر بغلاف من النقد الذاتي . فنقابل مثلا من يقول عن نفسه ، ان فيه عيبا خطيرا ، هو الصراحة المفرطة ، او ثقته التي لا حد لها بالناس ، او الاخلاص في العمل لدرجة اهمال صحته ( تصريح الوزيرة الحيطي بانها تعمل 22 ساعة في اليوم ) ... الخ . ان هذا المدح بما يشبه الذم ، هو احدى صور النفاق الناجحة التي يمكن ان يستخدمها مثقفو الطريق الوسط . فحينما يكون الموضوع محل النقاش هو مثلا ، نظام التعليم ، فالأفضل عدم مناقشة ارتفاع معدل الامية ، وفي معرض الشكوى من عدم العدالة في قوانين الضريبة ، فالأفضل الاقتصار في نقد نظام الضرائب على الاشارة الى انخفاض اجور موظفي الضرائب ، او عدم كفاءتهم ، او قلة عددهم وهكذا .
القاعدة الخامسة : اخفاء اوجه الاختلاف بين الماضي والحاضر ، من خلال التركيز على بعض الاشخاص ، او الشخصيات ، او الاحداث المجهولة في ذهنية الرعية و ( الرعاع ) . مثلا لتبرير المشاركة في الاستحقاقات ، يلجأ مثقف الطريق الوسط الى اعطاء الامثلة والعبر ، بتصريحات زعماء تاريخيين كانوا دوما مع المشاركة ، او اعطاء امثلة تبريرية لمحطات شارك فيها الحزب في الانتخابات ، ومن اهم مزايا استعمال الامثلة التاريخية ان العامة تجهلها ولا تعرف تفاصيلها .
ان امساك العصا من الوسط فن ليس من السهل الالمام بكل قواعده ، فهو يكاد يحتاج لإتقانه ، الى موهبة طبيعية ، لا يمكن اكتسابها بالمران . فآنت امّا من مواليد حزب الوسط او من التعساء . ولكن يمكن الاشارة في عجالة الى بعض القواعد الاخرى التي لا تخلو من معنى . من ذلك قاعدة القاء المسؤولية على مجهول . والمقصود بذلك ان يُصور مثقف الطريق الوسط المشكلة ، على نحو يصعب معها القاء المسؤولية على اولي الامر . فمثلا يفسر عجز الميزانية المدفوعات ، و عجز ميزانية النفقات الباهظة للنظام ، مثل كثرة عدد السيارات المخصصة للبلاط ، وللوزراء ، بالانفجار السكاني ، وارتفاع معدل المواليد . في حين اصل المشكل استشراء الفساد بمفهومه العام والواضح .
منها ايضا الاشارة الى عدم وجود بديل . إذ مهما ساءت الاحوال ، فمن السهل ان تبين ، ان كل البدائل المطروقة ، اسوأ بكثير من الوضع الراهن ، ومن ثم ، فمن المصلحة الرضا به وتأييده .
منها ايضا اختيار التعريف الملائم للمصطلحات . مثلا اصطلاح الانفتاح الاقتصادي ، او الانفتاح السياسي ، بما يوهم الرعية بان الانفتاح الواقع بالفعل لا يختلف عما يجب ان يكون . هكذا يجري تغليف بيع المؤسسات الوطنية للأجنبي ، بالانفتاح الاقتصادي رغم ما يصاحب ذلك من اغلاق للمصانع الوطنية ، وتسريح وتشريد الشغيلة ، اما مقالب تعديل الدساتير بما يكتفي بتشتيت الفصول ، مع بقاء نفس الوضع ، الما قبل مقلب تعديل الدستور ، الى الما بعد المقلب والمُركّزُ لنظام الاستبداد والحكم المطلق ، فيجري تغليفه بالانفتاح السياسي .
ويتصل بموضوع المصطلحات قاعدة اخرى مؤداها ، ان كثيرا ما يكون من الاهم والأفيد ، استخدام مصطلحات جديدة ، تكون ذات وقع محمود على الاسماع . مثلا لو تم وصف اسوأ ما يتخذه النظام من اجراءات مفقرة ، فيتم وصف الغاء الدعم للمواد الاساسية للشعب ، بترشيد الدعم ، حيث ان مصطلح الترشيد ، هو اخف وطأة ، وألطف موقعا ، من مصطلح الغاء المساعدة الممنوحة للفقراء وهكذا .
ان الطريق الوسط ان كان قد حقق للمثقف الأمان والثروة ، فانه محدود الاثر في تحقيق المنصب الكبير ، خاصة اذا استمرت الكتابة في هذه الموضوعات مدة طويلة . فإذا كان المنصب الكبير هو الهدف ، فلا مناص من اتباع القواعد المتقدمة . اي التنصل من المبادئ مع تحمل الانتظار في قاعة الانتظار لعل النظام يستدعيك يوما ما من الايام .
انه الزمن الرديء



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الصحراء مغربية ؟
- هل سيتم حل قضية الصحراء الغربية بلجوء مجلس الامن الى الفصل ا ...
- التجييش والتهييج
- هل تعترف الامم المتحدة بالجمهورية الصحراوية ؟
- وضع المرأة في المجتمع الراسمالي : الجنس والاستغلال
- المرأة المحتقرة في النظام الراسمالي
- في المغرب سلك القضاء من وظائف الامامة
- اربعون سنة مرت على تأسيس الجمهورية العربية الصحراوية
- النظام الملكي في مواجهة مباشرة مع مجلس الامن والامم المتحدة
- الدولة القامعة
- عندما تغيب الاستراتيجية تُفقد البوصلة ويعم التيه
- تحقيق الوعد الالهي : دولة الاسلام
- سؤالان حرجان ومحرجان : هل يوجد هناك شعب صحراوي . وان كان الا ...
- لو لم يكن ادريس البصري وزيرا للداخلية لكان في المعارضة -- من ...
- مملكة السويد تقرر عدم الاعتراف بالجمهورية الصحراوية -- حين ي ...
- شيء من الدراما : الأبسينية دون كيتشوتية مُتطورة لحل ازمة الث ...
- الدولة البوليسية : ان الشكل الاكثر بشاعة للقهر هو استغلال اج ...
- المؤتمر الرابع عشر لجبهة البوليساريو
- تحليل : في استحالة ثورة شعب مخزني اكثر من المخزن
- فشل القصر الملكي في تدبير ملف الصحراء


المزيد.....




- -أرجو ألاّ تنسوه-.. محمد رمضان ينشر صورًا من حفله الذي شهد ح ...
- الجيش السوداني يُعلن التصدي لقوات الدعم السريع في الفاشر
- ألمانيا - وزارة الداخلية تدرس مطالب باستقبال أطفال من غزة وإ ...
- نتانياهو يطلب من الصليب الأحمر تأمين الطعام للرهائن في غزة و ...
- -رفقاء- الذكاء الاصطناعي ينافسون الأصدقاء الحقيقيين بين المر ...
- إسرائيل تفرج عن مستوطن قتل فلسطينيا من الإقامة الجبرية
- حلوى تتسبب بتسمم مئات بولاية جزائرية.. ما القصة؟
- تجدد المواجهات بين دمشق وقسد يثير انقساما بالمنصات
- الشيخ فيصل آل ثاني.. 60 عاما من ريادة الأعمال وحفظ التراث
- شريطا الأسيرين الجائعين يربكان إسرائيل ويسعران سجالاتها


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - مثقف الطريق الوسط الراكد وراء المنصب الكبير