|
عندما تغيب الاستراتيجية تُفقد البوصلة ويعم التيه
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 5073 - 2016 / 2 / 12 - 11:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما تغيب الاستراتيجية تُفقد البوصلة ويعم التيه بصرف النظر عن تجربة الحزب الشيوعي المغربي ايام الحماية الفرنسية ،مرورا بعناوين " حزب التحرر والاشتراكية " الى " حزب التقدم والاشتراكية " ، وهي تجربة لا علاقة لها بالحزب الثوري ، لأنه اضافة الى يمينيته واصلاحيته ، وارتماءه الدائم واللاّمشروط في جانب النظام المخزني ، تثيرنا الحركات التي حاولت القفز على مثل هكذا تجربة ، بسبب عشقها اللاّمتناهي للأشكال التنظيمية والإيديولوجية التي اعتمدتها الحركة الثورية العالمية ، خاصة تجربة الحزب الشيوعي السوفيتي خلال حكم ستالين ، وتجربة الحزب الشيوعي الصيني خلال حكم ماو تسي تونغ . بطبيعة الحال فان المرجعية لهذه الحركات اخذت بالعديد من التجارب المحلية التي كانت افرازا للصراع الذي دار بين الحزب الشيوعي السفيتي والحزب الشيوعي الصيني ، من قبيل تجربة محمد انوار خوجة بألبانيا ، وتجربة الحزب الشيوعي الفيتنامي ، وتجارب اخرى الهمت فكر الحركة الثورية المغربية . تعتبر فترة السبعينات قمة اوج الحركة الماركسية اللينينية المغربية ، سواء منها منظمة الى الامام التي ثابرت وصمدت لفترة ليست بالسهلة ، الى ان تقطعت السبل بالمجموعات التي تعددت بفعل الصراعات التي بدأت منذ 1979 ، او منظمة 23 مارس التي لم تستطيع الاستمرار في اطروحتها التي بررت بها انفصالها عن حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية . فهي انقسمت الى عدة تيارات كان ابرزها الجناح الاصلاحي اليميني الذي كون تيار " انوال " تيمنا بجريدة انوال ، ثم في مرحلة لاحقة التأسيس لمنظمة ستعرف في بداية الثمانينات بمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي ، التي سيتم حلها لاحقا ، ولتنخرط مع تيارات اخرى محسوبة على اليسار الماركسي في ما يسمى اليوم بالحزب الاشتراكي الموحد . بطبيعة الحال سوف لن نتطرق الى كل الجماعات التي ظهرت وكانت اسماء سموها ، لكن ما يهمنا انه منذ 30 غشت بالنسبة لمنظمة الى الامام ، ومنذ 23 مارس بالنسبة لمنظمة 23 مارس ، يكون قد مر اكثر من 46 سنة على انشاء هذه المنظمات ، والى الآن لا يزال بعضها يراود مكانه ، ودون ان يتمكن من بناء الحزب الماركسي اللينيني ، فأحرى بناء الحزب الشيوعي . فهل تأسيس حزب النهج الديمقراطي ، واندماج منظمة العمل الديمقراطي الشعبي في الحزب الاشتراكي الموحد ، كان هو ما استطاع المناضلون الوصول له ، وهو ما يختلف جذريا عن طبيعة المشروع العام الذي كانت تلك المنظمات تطمح في الوصول اليه . انه بناء الحزب الشيوعي الذي سيتولى انجاز الثورة للوصول الى الجمهورية . إذن السؤال : لماذا بعد مرور 46 سنة من الظهور لا زال البعض يتكلم عن تيار ، والبعض عن نهج ، والبعض عن نهج قاعدي ، والبعض عن اماميون ثوريون . لماذا لم تستطيع تلك المنظمات في انجاز ما نظرت له ، وأعطت من اجله ضريبة سنوات من السجن . عندما يتكون اي حزب ثوري يجب ان يبادر الى تحديد استراتيجيته التي تعني تحديد مسار مرحلة ثورية كاملة . كما يعمد الى صياغة برنامج سياسي ، الذي يحدد الهدف البعيد ، والأهداف المرحلية القريبة ، اضافة الى معسكر الثورة ، ومعسكر اعداء الثورة ، وهذا ما قفزت عليه تلك الحركات ، مدفوعة بشعارات يسراوية كانت اكبر من طاقتها ، ولم تكن تعكس حقيقة الوضع الذي كان في جانب الحكم ، بل ان رفعها لشعارات مثل محاربة الاحزاب ، والاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، والتخندق الى جانب العنف باعتباره وسيلة ثورية تضفي صفة الثورية على الثوريين ، واعتبار ان كل ما هو عنيف ثوري ، وكل ما ليس عنيفا ليس بثوري ، والتعويل على الحركة الطلابية لانجاز القفزة النوعية .. كل هذا عرقل المسيرة التي بدأتها تلك التنظيمات ، وجعلها اليوم لا تبرح مكانتها عند انطلاقتها منذ 46 سنة خلت . اي غياب البرنامج السياسي الصحيح . وفيما يخص البرنامج السياسي الصحيح هذا ، فانه يوفر الوضوح الفكري للحزب ولجماهيره ، ويسير بالحزب في الطريق السليم نحو تحقيق اهدافه الثورية . تُعرّف الاستراتيجية الثورية الخط السياسي العام ، واتجاه الضربة الرئيسية للطبقات الثورية ، في مرحلة ثورية معينة ، وتحدد هنا موقع الطبقة العاملة بين مختلف الطبقات الثورية الاجتماعية ، وتُجْري ترتيبا سليما للقوى الاحتياطية الرئيسية والثانوية ، والنضال في سبيل تحقيق البرنامج طوال تلك المرحلة الثورية . وترتكز استراتيجية الثورة للوصول الى السلطة على دراسة مهام الحركة الثورية في مجملها ، ومعالجتها ، مع توجيه الضربة الرئيسية للثورة ضد اسس المجتمع المتخلف والمتحجر والقديم . والمسألة الاستراتيجية الاكثر اهمية هي جذب الجماهير العريضة الى الكفاح ، اولا ، بكسب الاغلبية الى صفها ، بواسطة الحزب الثوري ، وثانيا ، بحشد الجماهير العاملة غير البروليتارية حول الطبقة العاملة . فالحزب الثوري البروليتاري يمر في تاريخ تطوره بمرحلتين : الاولى ، تكوين الحزب وكسب طليعة الطبقة العاملة . والثانية ، تتضمن كسب جماهير الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء وعموم الشعب الى صف الحزب . مع اتخاذ السياسات الكفيلة بعدم فقدان الحزب صفته الطليعية . وفي الوقت الذي يضمن الوعي بالاتجاه الاستراتيجي تحقيق الهدف الثوري بمعاناة اقل ومدى زمن اقصر ، فإن عدم الوعي بالاتجاه الاستراتيجي يورث البلبلة ، ويلحق خسائر فادحة بمعسكر الثورة ، بسبب سقوط هذا المعسكر في اي من الإنحرافين اليميني او اليساري . والنضال الثوري عمل دائب ، بعيد النظر ، واسع الافق ، طويل النفس ، يضع التكتيك في خدمة الاستراتيجية . اما ثورية البرجوازية الصغيرة ، فهم قصارى النظر ، ضيقوا الافق ، ضجرون ، متبرمون ، وغالبا ما تكون مواقفهم مجرد ردود افعال لموقف العدو ، وليست افعالا اصلية . اما حماستهم فسطحية ، اقرب الى الغضب والهستيرية والحمق . لذلك فهم يلجئون الى الاعمال الانتحارية ، دون مراعاة الظروف الموضوعية والذاتية ، معا ، متوهمين بان هذه الاعمال قادرة على تغيير النظام القائم بالضربة القاضية . وهؤلاء الثوريون ، شديدو الولع والعشق باللغط الثوري ، الذي لا يضع للظروف الموضوعية اي اعتبار ، ولا للتغييرات التي ستجدُّ كل لحظة . ان النضال يمكن ان يأخذ مجرى ثوريا ، ويكتسب طابعا جماهيريا ، فقط إذا ما حافظت الطبقة الثورية من عمال وفلاحين على دورها القيادي ، واستقلالها الطبقي ، وتحالفاتها العريضة الصحيحة . وعلى الحزب الثوري ان يخوض نضالا ايديولوجيا بلا هوادة ، ضد الفوضوية والتطرف اليساري والانتهازية اليمينية في آن . وهذا كله يضع على عاتق الحزب الثوري مسؤولية تلخيص تجربة الثورات ونضالها الشعبي . وعلى الحزب ان يحدد بدقة عناصر قوته ونقاط ضعفه ، وان يتعلم من خبرات وتجارب الاصدقاء والأعداء على السواء . وقيادة الحزب الثوري هي قيادة استراتيجية . ومهمة القيادة الاستراتيجية هي استخدام جميع القوى الاحتياطية ، المباشر ة وغير المباشرة ، بشكل صحيح ، لتحقيق الهدف الاساسي من الثورة في المرحلة المعينة من تطورها . وتنحصر شروط الاستخدام الصحيح للقوى الاحتياطية فيما يلي : اولا : مركزة القوى الرئيسية للثورة ، في اللحظة الحاسمة ، على اضعف نقطة لدى العدو ، عندما تكون الثورة قد نجحت ، والهجوم يسير على اشده ، والانتفاضة المسلحة تدق الابواب ، وعندما يكون انضمام الاحتياط الى الطليعة هو الشرط الحاسم للنجاح . وهنا يجب الالتزام يما يلي : ---- عدم اللعب ابدا بالانتفاضة المسلحة ، وعند البدء بها يجب السير بها الى النهاية . ---- حشد قوى متفوقة كثيرا على قوى العدو ، في الزمان والمكان الحاسمين . ---- حين تبدأ الثورة المسلحة ، ينبغي العمل بأشد عزيمة وحزم ، والانتقال الى الهجوم ، و لان الاقتصار فقط على الدفاع هو موت الثورة المسلحة . ---- السعي لمفاجأة العدو ، واختيار اللحظة التي تكون فيها جيوشه مبعثرة في حروب هامشية او محلية ، او بسبب التناقض الحاصل بين القيادة المرتبطة بالنظام ، والقواعد التي تعتبر امتدادا للشعب داخل الجيش . ---- احراز نجاحات ، مهما كانت صغيرة ، كل يوم وكل ساعة ، والاحتفاظ مهما كان الثمن بالتفوق المعنوي . فلا يجب السقوط في اخطاء 3 مارس 1973 ولا في اخطاء 16 يوليوز 1963 . ثانيا : اختيار اللحظة المناسبة للضربة الحاسمة للثورة المسلحة المفتوحة المباشرة ، وهي اللحظة التي تكون فيها الازمة قد بلغت ذروتها ، وتكون الطليعة مستعدة للقتال حتى النهاية ، وتكون القوى الاحتياطية مستعدة لتأييد الطليعة ، ويكون الارتباك على اشده وأقصاه في صفوف الخصم . ثالثا : بعد اتخاذ الاتجاه ، والسير فيه بلا هوادة ، ورغم الصعوبات والتعقيدات التي تبرز في الطريق المؤدية الى الهدف الاساسي للنضال ، ولا يغيب هذا الهدف عن ناظريها ، ولكي لا تتيه الجماهير عن الطريق في سيرها نحو الهدف وفي سعيها للتجمع حول الطليعة الثورية . ان اغفال هذا الشرط يؤدي الى خطأ خطير ، يعرفه البحارة بفقدان الاتجاه . رابعا : المناورة مع قوى الاحتياط ، بشكل يمكن معه التراجع بنظام ، عندما يكون العدو قويا ، وعندما يكون التراجع امرا لا مفر منه ، وعندما يكون من غير المفيد وبشكل واضح ، قبول المعركة التي يريد الخصم ان يفرضها ، ويصبح التراجع نظرا لوضع ميزان القوى ، الوسيلة الوحيدة لتجنيب الطليعة الثورية الضربة التي تهددها ، وللاحتفاظ بالقوى الاحتياطية وإبقائها الى جانب الطليعة . ان الغاية من استراتيجية كهذه هي كسب الوقت ، وإضعاف معنويات العدو ، وحشد القوى للانتقال بعد ذلك الى الهجوم . اما القيادة التكتيكية ، فهي جزء من القيادة الاستراتيجية ، تخضع لأوامرها وتوجيهها . ان مهمة القيادة التكتيكية هي هضم جميع اشكال نضال الطبقة الثورية وأشكال تنظيمها ، وتأمين استخدامها للحصول ، ضمن توازن معين للقوى ، على الحد الاقصى من النتائج الضرورية لتهيئة النجاح الاستراتيجي الذي هو الاستيلاء على الحكم . اما شروط الاستخدام الصحيح لأشكال نضال الطبقة الثورية من عمال وفلاحين وطلبة ثوريين ومثقفين مخلصين وأشكال تنظيمها ، فهي : 1 --- ان توضع في المقام الاول ، اشكال النضال والتنظيم التي من شأنها – لكونها ملائمة اكثر من غيرها لشروط المد والجزر في الحركة – ان تسهل وتؤمن تسيير الجماهير نحو المواقف الثورية ، وتسيير الجماهير الغفيرة نحو جبهة الثورة ، وتوزيعها على هذه الجبهة . فليست القضية ان تدرك الطليعة الثورية استحالة الاحتفاظ بالنظم القديمة وضرورة قلبها والقضاء عليها ، بل القضية ان تدرك الجماهير العريضة هذه الضرورة ، وان تبدي استعدادها لتأييد الطليعة في هذا المسار . لكن ذلك لا يمكن ان تدركه الجماهير إلاّ بتجربتها الخاصة . ان القضاء على النظام امر لا مفر منه ، وتقديم اساليب نضال وأشكال تنظيم تسمح للجماهير بان تدرك ، بصورة اسهل ، وبالتجربة ، صحة الشعرات الثورية . تلك هي القضية الاساسية في الثورة . 2 --- الوعي ، في كل لحظة ، بأهمية العثور على سلسلة التطورات ، وعلى الحلقة الرئيسية التي إن شدّدْناها نشد السلسلة كلها ، ونقرب ساعة الصفر . فالمهم هو ان نجد بين مهام الحزب تلك المهمة الملحة التي يشكل حلها النقطة المركزية ، والتي يضمن انجازها حل المهام المباشرة الاخرى ، حلا جذريا وناجحا . ومعروف ان الاستراتيجية تتغير كلما انتقلت الثورة من مرحلة استراتيجية الى اخرى ، مع ثباتها طوال كل مرحلة من هذه المراحل . ويمر الكفاح الطبقي المعاصر بثلاث مراحل استراتيجية ، لا بد من مراعاة الخطوط الفاصلة بينها ، لنجنب مخاطر القفز بالمغامرة ، عن مراحل حتمية . وهذه المراحل هي : × الاولى ، وفيها يجري الكفاح ضد الاقطاع والكمبرادور والنظام المتعفن ، وضد القهر الشعبي اليومي ، من اجل اقامة الدولة الديمقراطية الشعبية . والثورة هنا وطنية ديمقراطية ، معادية للإقطاع والامبريالية وللتصورات الفاشية العقائدية ، وهي تتطلب اقامة جبهة وطنية ديمقراطية . × الثانية ، وتبدأ مع تطور الطبقات الثورية ونمو قوتها ، وازدياد نفوذها ، وبعد ان تكسب الى صفها الجماهير شبه البروليتارية في المدينة وبالبادية . عندها يبدأ الكفاح من اجل تحقيق الثورة الاشتراكية ، بضرب الاحتكارات ، عن طريق تحقيق تحالفات معادية للاحتكار . × والثالثة ، تبدأ مع انتصار الثورة الاشتراكية ، وتتضمن تحقيق تطوير سريع للاقتصاد ، والتفوق على الرأسمالية العالمية في المنافسة الاقتصادية . وهو امر من شأنه التعجيل في نهاية الرأسمالية في البلدان المختلفة . وتتميز كل مرحلة من مراحل الاستراتيجية بمحتواها السياسي ، وبتوازن خاص للقوى ، وبتطور معين لمستوى نضوج الوضع الثوري في البلد . ان الحزب الثوري مطالب بتعريف خطه السياسي لمرحلة استراتيجية كاملة ، والذي يؤسسه على تحليل علاقات القوى الطبقية المحلية ، ويُعنى بحل المسائل الرئيسية لتلك المرحلة . ان المسائل التي لا بد من معالجتها ، في برنامج سياسي ، لتحقيق الاهداف السياسية للنضال : ÷ تحديد طبيعة المرحلة الاستراتيجية . ÷ تعريف الهدف الاستراتيجي الذي يتم السعي لتحقيقه . ÷ ترتيب الاهداف المرحلية والعاجلة ، والتي من شأنها حشد المزيد من الجماهير حول الحزب وبرنامجه قبل الوصول الى الحكم ، كما ان تحقيق تلك الاهداف المرحلية من شأنه تقريب المسافة الى الهدف الاستراتيجي . ÷ تحديد قوى معسكر الثورة والقوى الحليفة ، وأسلوب حشدها حول البرنامج الثوري ، والحزب الثوري . ويستحيل التحديد للبرنامج السياسي للحزب ، وكذا توجيه النضال الجماهيري بنجاح ، دون استيعاب كامل ، وفهم وضاح لأسس ومبادئ النظرية الثورية ، ودون معرفة صحيحة بالقوانين الموضوعية للتطور الاجتماعي ، دون استيعاب اتجاهات هذا التطور . و لأنه بدون هذا الاستيعاب ، فان القوى الثورية ستنزلق الى المغامرة ، والبلانكية ، وتنعزل عن الجماهير . ان قطاعات عريضة من الشعب – كالفلاحين الفقراء ، والحرفيين الصغار ، وصغار الملاك ، وصغار التجار ، والطبلة الثوريين ، والمثقفين الملتزمين ، والمستخدمين والموظفين وأشباه البروليتارية --- تقترب من الطبقة الثورية في مستوى معيشتها ، كما ان لها مع البروليتارية مصالح مشتركة في النضال ضد النظام العتيق المستبد والاستبدادي ، وضد الرأسمالية والامبريالية والصهيونية ، الامر الذي يحتم على الحزب الثوري ، وعند تحديه لاستراتيجياته وتكتيكاته ، معالجة مسألة اي الطبقات والفئات ستؤازر الحزب في نضاله المستميت ، والى اي مدى . وعليه فان القوى الاحتياطية للثورة الاشتراكية يمكن ان تكون : مباشرة وهي : ا ) جماهير الفلاحين الفقراء ، والجماعات المتوسطة من سكان البلاد . ب ) بروليتارية المدن المجاورة . د ) الطلبة والمثقفون ورجال التعليم . ه ) المستخدمون والعمال والموظفون وكل المسحوقين والمستغلين و المفقرين من قبل النظام القائم . و ) في مراحل معينة من الثورة ، حتميا سينضم اليها الضباط الوطنيين الاحرار وقاعدة الجيش المنهوبة والمسحوقة والتي تتكون من ابناء الشعب الثائر . وغير مباشرة : وهي : ا ) التناقضات والنزاعات بين الطبقات غير البروليتارية ، إذ يمكن للحزب الثوري استعمالها لإضعاف العدو الخصم وتقوية احتياطاته . ب ) التناقضات والنزاعات والحروب مثل حرب الصحراء ، او تدخل مجلس الامن طبقا للفصل السابع عند معالجة قضية الصحراء ، او حصول نزاع مسلح مباشر مع احدى الدول المجاورة ، وانعكاس ذلك على المستوى الاجتماعي المترهل .. الخ . فمن الممكن ان يستخدم الحزب الثوري هذه الوسائل غير المباشرة في هجومه او خلال مناوراته في حالة التراجع الاضطراري . ان الطبقة البروليتارية عاجزة وحدها عن انجاز الثورة ، بالرغم من تمتعها بالوعي السياسي العالي . ذلك ان البروليتارية ضئيلة الحجم في المجتمع مقارنة بالطبقة السائدة التي تملك ادوات القمع ، من بوليس ، الى جدرمة ، الى جيش ، الى مخابرات مختلفة ، الى ادوات ووسائل ايديولوجية مثل القنوات التلفزية ، والراديو ، والجرائد المختلفة من ورقية والكترونية ، الى الاجهزة النقابية، الى الاحزاب الادارية وشبه الادارية والأحزاب العميلة .. الى الشمكارة والمجرمين . التطرف اليساري والانتهازية اليمينية : في جميع مراحل التاريخ يلاحظ ان المتطرفين اليساريين يركزون دائما على العامل الذاتي ويعطونه اهمية اكثر من اللازم . فبمجرد تشكيل الحزب الثوري حتى يبادر هؤلاء الى تبني الخطط الهجومية ، ودون مراعاة لعنصر استعداد الجماهير للنضال والتضحية ، كما ينكرون الحاجة الى العمل السياسي الدءوب والمستمر ، ويستصغرون شأن النضالات المطلبية للبروليتارية والعاملين جميعا ، ويكتفون احيانا بممارسة الدعاية ، بينما لا يقدرون حاجة الجماهير الى الخبرة والتجربة السياسية ، حتى تتحرك وتنتقل الى المواجهة ، وتكشف عن قدرتها المبدعة الهائلة . فهم يكتفون فقط بترديد الجمل والشعارات الثورية الفارغة من اي مضمون ثوري ، كما يرفضون التراجع المؤقت ، او حتى الموقف الدفاعي ، او المواقف التوفيقية الاضطرارية ، حين تكون الثورة في انحسار . كما يعتمدون اسلوب حرق المراحل ، او تخطي المرحلة التاريخية ، والقفز عليها ، وتحقيق بالقرارات الارادية والنزوات الطائشة . ويقسمون الاشكال المتعددة للنضال بين انماط ثورية عند اعتمادها على العنف اللفظي ، وأخرى غير ثورية عند رفضها للعنف خارج زمانه ومكانه . كما ان هؤلاء المتياسرين ، يزدرون التحالفات ، ولا يريدون غير مجتمع لا وجود فيه سوى للبروليتارية النقية وحدها ، وخاليا تماما من البرجوازية الصغيرة وما فوق الصغيرة والطبقة المتوسطة . اي مجتمع حسب الطلب . اما الانتهازيون اليمينيون ، فيتجاهلون الوضع الثوري واللحظة الثورية ، ويتنكرون للأهداف الاستراتيجية للحزب الثوري ولطبقته الثورية ، في الوقت الذي يكرسون جهودهم للتكتيك وحسب ، للتنازلات المتوالية ، للتفريط ، وباختصار تعمل الانتهازية اليمينية للإصلاح وليس للثورة ، لترميم المجتمع البرجوازي ، لا لتغييره تغييرا جذريا . ان الانحراف اليساري هو ظل الانتهازية اليمينية مقلوبا . وجوهر الانعزالية اليسارية هو عدم الثقة في الجماهير ، والعجز عن الاندماج فيها . والفروق والتباينات بين التطرف اليساري والانتهازية اليمينية شكلية . فتوافقهما يأتي من كونهما يخطئان الحل السليم . انهما يتوالدان من بعضهما ، وكل منهما يؤدي خدمة الى الآخر ، ويسنده ويرعاه . وتحالفهما يفرض نفسه بسبب طبيعتهما العميقة . وهكذا من الناحية السياسية تتماس الاطراف . وهنا ينطبق تشبيه الزعيم الوطني الديمقراطي ، صن يات صن ، الذي يرى في المواقف السياسية دائرة وليست خطا مستقيما ، مما يجعل نقطة اقصى اليسار فيها تقع فوق اقصى اليمين . هكذا ، بينما ينطلق الاتجاه الثوري ، دائما ، من المنهجية النظرية ، من اكثر المفاهيم نضجا ليعود الى التطبيق ، الى الوضع الملموس ، ويضعه في الاعتبار ، وينمي هذه المفاهيم ، نرى الانتهازية اليمينية تنزلق الى الانتقائية ، في حين يميل اليساريون المتطرفون الى التقريرية . إذن فبدون استراتيجية وبدون تكتيك ، وبدون برنامج سياسي ثوري وواضح ، فان اي حزب ثوري سيزيغ عن ثوريته ، وسيبقى محكوما عليه بالترنح بين الانتهازية اليمينية وبين التطرفية اليسارية . كانت هذه الحقيقة الساطعة من اكبر الاسباب الرئيسية التي جعلت من اليسار السبعيني يراود المكان الذي ظل فيه ، منذ 30 غشت ،1970 ومنذ 23 مارس 1970 . وما ظهور تيارات مختلفة كلها تتكلم باسم هذا اليسار ، وعاجزة عن بناء الحزب الثوري الذي تم التنظير له منذ اكثر من 46 سنة خلت ، لهو اكبر دليل على تنقل هذا اليسار بين التطرف اليساري ( النهج الديمقراطي القاعدي ، النهج الديمقراطي الماوي ، البديل الجدري ، الاماميون الثوريون .. الخ ) وبين الانتهازية اليميمنية ممثلة في ( حزب النهج الديمقراطي ، رابطة العمل الشيوعي ، تيار المناضلة .. ) .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحقيق الوعد الالهي : دولة الاسلام
-
سؤالان حرجان ومحرجان : هل يوجد هناك شعب صحراوي . وان كان الا
...
-
لو لم يكن ادريس البصري وزيرا للداخلية لكان في المعارضة -- من
...
-
مملكة السويد تقرر عدم الاعتراف بالجمهورية الصحراوية -- حين ي
...
-
شيء من الدراما : الأبسينية دون كيتشوتية مُتطورة لحل ازمة الث
...
-
الدولة البوليسية : ان الشكل الاكثر بشاعة للقهر هو استغلال اج
...
-
المؤتمر الرابع عشر لجبهة البوليساريو
-
تحليل : في استحالة ثورة شعب مخزني اكثر من المخزن
-
فشل القصر الملكي في تدبير ملف الصحراء
-
محكمة العدل الاوربية تلغي الاتفاق التجاري حول المواد الفلاحي
...
-
فشل زيارة المبعوث الشخصي للامين العام للامم المتحدة السيد كر
...
-
الى الجلاد المجرم الجبان المدعو عبداللطيف الحموشي المدير الع
...
-
تهديد البوليساريو بالعودة الى الحرب
-
بين رسالة بانكيمون وخطاب العيون ورقة حمراء في وجه الملك
-
المنع من مغادرة التراب الوطني او اغلاق الحدود
-
من اغتال الشهيد المهدي بن بركة
-
إمّا جمهورية تندوف ، وإمّا الاستفتاء وتقرير المصير
-
تداعيات اعتراف مملكة السويد ب - الجمهورية الصحراوية -
-
محاكمة البيضاء
-
اسباب التطرف ودواعيه
المزيد.....
-
لحظة القبض على صبي عمره 12 عاما يتسابق مع مراهق بالسيارة.. ش
...
-
صحفيو غزة يدفعون ثمن الحقيقة
-
العراق.. السوداني يشرف على الخطط الأمنية لعقد القمتين العربي
...
-
الحوثيون يعلنون قصف هدف جنوب يافا
-
رئيسة البرلمان الألماني: لا ينبغي للكنيسة أن تتحول إلى حزب س
...
-
بسبب -تهديدات روسية- و-عودة ترامب-، مدنيون بولنديون يتوجهون
...
-
زيلينسكي يرفض وقف إطلاق النار ل3 أيام ويوجه رسالة لمن سيحضر
...
-
ترامب يُعلن كلا من 8 مايو و11 نوفمبر -يوم النصر- لأن -أميركا
...
-
بنغلادش.. مظاهرة حاشدة ضد إصلاحات قانونية تضمن المساواة بين
...
-
المغرب يطلق تحذيرا من خطر -سيبراني- كبير قد يطال المؤسسات ال
...
المزيد.....
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
المزيد.....
|