أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - مريم نجمه - الديمقراطيّة ليست شعارا .. هولندا محطّة , مواطنة , وتقييم















المزيد.....

الديمقراطيّة ليست شعارا .. هولندا محطّة , مواطنة , وتقييم


مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 1386 - 2005 / 11 / 22 - 10:30
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


محطّات في حياتي , طويلة أو قصيرة , أثقلت جسدي وفكري , هل كانت قدري , لا أدري .... ؟ لكنّها أغنت , وغذّت تجربتي .. وأكسبتني نضجا وفهما واطّلاعا وعمقا في معرفة وسبر المجتمعات التي ( اّوتني ) , واحتضنتني في غربتي .. ومنفاي القسري .
هذه المحطّات , والدروس , والمعايشة , والتجارب المدفوعة الثمن , من كلّ سياسي مغرّب عن وطنه , وشعبه .. وجذوره ..
أحببت أن أنقلها , وأقدّمها خدمة لأبناء وطني المضطهدين أمثالنا .
بداية .. , نحن لم نتغرّب عن الوطن الحبيب منذ عقود , أو هاجرنا إلى هنا وهناك , طوعا وبإرادتنا , للتجارة أو للعمل أو نتيجة بطالة , أو للسياحة أو غير ذلك من الأسباب الإقتصادية أو الإجتماعيّة ,
الحمدلله.. أننا مزوّدين بالشهادات والعلم , وأملاك وأراضي أهلنا , وأجدادنا تكفي للعيش بمستوى جيّد ولائق ,
ولكن الطريق النضالي الذي اخترناه في حياتنا , بقناعاتنا المبدئية كلّفنا الكثير الكثير براحة ضمير , وكما حصل للاّلاف من أحرار وشرفاء الوطن الصغير والكبير , في السجون والمنافي .. ,ومن أجل ذلك " الإبعاد " وبعد مسلسل من العذابات والتشريد والترهيب والترغيب والتهدّيد بالقتل .. نحن هنا .. ! ؟

سلّمت نفسي لمركز )WWN - منظمة إستقبال ومساعدة اللاجئين الأجانب – في إحدى المدن الهولنديّة " ل " , كان الوقت صيفا في شهر اّب – والطقس جميلا . وبمساعدة أحد الأصدقاء المناضلين الطيّبين , أشار لي إلى باب المبنى ومضى .. , تركني أطرق الباب , ففتح لي و صعدت للطابق الثاني .
في إحدى الغرف استقبلتني فتاتان شابتان بابتسامة واحترام , وبعد إلقاء التحية وقدّما لي الشاي , تكلّمت معهما بالإنكليزيّة أوّلا .. , من ثمّ اتّصلت إحداهما بالهاتف بمترجمة عربيّة . كان الصوت لفتاة مغربية , قدّمت هذه الأخت حقيقة كل خدمة طيّبة ولهفة ومحبة أخوية إنسانية .
باختصار .. , أخذوا المعلومات الأولية مني , من ثمّ بعدها ذهبت مع إحداهنّ إلى مركز بوليس الحيّ , وعرّفتهم الموظّفة بي , حيث زوّدوني بتذكرتي سفر للقطار والباص معا مع كتاب لمركز إستقبال اللاجئين الرئيسي في الجنوب .
" إيفا " الفتاة الجميلة اللطيفة .. المحبّة والمهذّبة هذه , عاملتني و كأنني أمّها , بكلّ حب واحترام وخدمة وبشاشة , كأنني أعرفها منذ زمن , وألحّت عليّ إلا أن تجر حقيبتي بنفسها .
قلت لها : لاأعرف المدن والأماكن هنا , قالت : لا تقلقي , سأرافقك حتى المحطّة , وفعلا لم تتركني حتّى صعدت القطار وأوصت بي السائق كذلك .
كنّا نتحدث معا طوال الطريق بين المركز والمحطّة وكأننا أصدقاء , لقد تركت بي هذه الفتاة للوهلة الأولى إنطباعا جيّدا عن طيبة هذا الشعب وتواضعه ومحبّته واحترامه للغريب , وهذا لا شكّ أنه نتيجة تربية سياسية واجتماعيّة .
قلت لها حينذاك .. سأكتب عنك في مذكّراتي يوما ما .. !

بعد ساعتين تقربيا .. , نزلت في محطّة مدينة ( بريدا ) , ومنها أخذت الباص إلى موقف قريب من مركز _ رايزبركن- حيث أشار لي السائق بالإتجاه وإنه ليس بعيدا .
الوقت بعد الظهر .. , سألت أحد المارّة هل المركز بعيدا قال لا , ولكن لا يصل إليه باصات نقل أو غيره , لأنه في منطقة جانبية وزراعية .
بدأت أمشي وأمشي ولا زال المركز بعيدا وأنا أجرّ الحقيبة ورائي وحقيبة اليد في كتفي .
المنطقة قليلة السكن , والمارّة , إلا بعض السيّارات الخاصة .
قلت بداية .. , نحن في فصل الصيف و ( اّب اللهّاب ) في بلادنا , لكن هنا في أوربا تختلف الفصول عن منطقتنا .
كان الجو لطيفا وجميلا وشاعريّا .. , وأنا أستعيد تسجيل المناطق والمدن التي عبرتها , في هذه الساعة بالذات التي أسير فيها وفي هذه البقعة المجهولة لطريقي .. ومستقبلي أيضا , وللمكان الذي سأذهب إليه ..
فجأة تغيّر الطقس .. , أخذت الغيوم تتراكض.. تتلبّد .. تسودّ .. وتتجمهر .. تصرخ وترعد .. " تزخّ " رذاذا .. مطرا .. بردا –
العاصفة الرعدية قادمة , الظلمة والسواد يلفّ السماء والأرض .
بدأت أسرع الخطى , ودون شئ يحميني من المطر سوى صحيفة عربية كانت معي وضعتها فوق رأسي .
تبلّلت ثيابي , غير مهم , المهمّ أن أصل , أستدلّ على المكان الذي ذاهبة إليه , سألت بعض المزارعين في الحقول بجانب الطريق .. الطريق صحيح لكن هناك مسافة ؟
وأنا أمشي , والمطر يغسلني , والسؤال تلو السؤال .. , أطلّ ضؤ من بعيد على جانب الطريق سألت أصحابه لا أحد يعرف المكان ! ؟
الخطر .. , والمساء .. أخذ يدبّ , والمطر أسرع فأسرع , ليس مهمّا , أمامي هدفا يجب أن أصل . ....سألت نفسي ...
أهو فيلم سينمائي أمثّل بطلته .. ؟ أم واقع أعيشه فعلا ... ؟ فورا تذكرّت قصص الأفلام .. ؟

يا إلهي .. يا إلهي ماذا أعمل هنا أمامي طريقان .. في إي إتجاه أذهب .. لا أحد يمرّ ..؟
تراءى لي من بعيد مسكن فيه نور , إنتقلت إلى الجانب الاّخر المقابل من الرصيف الكبير العريض المشهور في هولندا . تقدّمت من الباب طرقته تحت " حبال " المطر وإذ " بشاب مقعد " على كرسيه يجلس تحت الشرفة مستمتعا بمنظر الطبيعة وهي تبكي بقوة .. وأنا أبكي بحزن كذلك .. !
حييّته .. ورجوته مشكورا أن يدلّني على العنوان , وبالفعل كان قريبا من منزله , سلكت الطريق المؤدّي للمركز بين الغابات , وثيابي تعصر ماء , طرقت الجرس من الباب البعيد الأول ففتح لي , ثم الباب الثاني شاهدت الموظّفات والموظّفين وراء النافذة .

إستقبلني أحد الموظّفين باحترام أخذ الإسم , وجلست في ردهة الإنتظار كغيري من الجالسين , قدّم الشاي . أخذت أجفّف ثيابي " الجاكيت " .. وحذائي وشعري بالمناديل . .. بعد ذلك ..
أخذوا الصور والوثائق والبصمات ووو و .. حسب الإجراءات المتّبعة هنا , وعلّقوا بطاقة " باش " , على صدري فيه الإسم ... !
كان المركز مليئا باللاجئين , نساء ورجالا , وأطفالا وحوامل ... وغير ذلك من كل الجنسيّات والأعمار والأعراق والبلاد .
وبينما كنت واقفة أمام نافذة في الغرفة كي أنتظر دوري لإتمام الإجراءات .. , والدمعة في عيني أسترجع مسيرة حياتي أين أنا .. ؟
بالأمس كنت سلطانة صفّي ومدرستي .. , وأميرة بيتي ومملكتي المنزليّة , وكيف أصبحت الاّن رقما في عداد اللاجئين ... ؟!
بكيت وبكيت .. , تذكرّت عائلتي , وتذكرّت إخواننا الفلسطينيين , وغيرهم من الذين يبعدون من أرضهم وجذورهم وشعبهم وكلّ ما يتعلّق بالإنتماء والهويّة .. ! فجأة وبين الحديقة والورود أمامي حطّت أمام النافذة حمامة بيضاء .. لا أدري ماالذي قادها في هذا المساء .. لتبعث فيّ الفرح والسلام والطمأنينة .. , فجففّت الدموع , وقطعت شريط الخيال والذكريات وجلست أنتظر الدور .
أخيرا قدّموا لنا عشاء مع الشاي , وفي الحادية عشرة ليلا نقلونا بحافلة ركّاب إلى مدينة – ميل – كمرحلة أولى في إستقبال اللاجئين .. والإستراحة .
يتبع ....



#مريم_نجمه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من سمات المرأة الكرديّة في التراث الأدبي الكردي .. سرفراز عل ...
- بولونيا بين الأمس .. واليوم . تجربة وتحليل
- إلى شاعر الحريّة .. وقدّيس المنافي .. عبد الوهّاب البيّاتي
- سبقني إلى هناك شذاك .. , نبضات الكلمة
- إلى أكتوبر المجيدة .. نشيدنا الأممي
- المرأة والقمع .. في التراث الشعبي , والثقافة الشعبية ,الأمثا ...
- الطغاة ترحل .. وتبقى الشعوب
- من الرائدات .. فدوى طوقان
- من الرائدات .. أسمى رزق طوبي
- محطّات .. خواطر . - ولينثر الحبق -
- لا تقتلوا شعبنا مرّتين .. أيّها الجالسون في المنابر الدولية ...
- سلام لكم وتحيّة يا شغيلة الوطن .. المغيّبون عن الإعلام ؟
- زهر الشوك . محطّات
- قراءة في الأرقام .. 2000 - 2005
- مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسي تونغ . : الوطنيّة والأمميّة
- تأملات .. طبيعية . همسات
- رسائل للوطن .. صرخة الطفولة
- يا إذاعات الشرق , عفوا .. الشرق ملوّن ! ؟
- رسائل إلى الوطن .. فوق تلال الليل - مرثيّات للأرض
- من الرائدات .. نظيرة زين الدين , وكتابها : السفور والحجاب - ...


المزيد.....




- يجبر ضحاياه على -إيذاء أنفسهم- أمام الكاميرات.. شاب أمريكي م ...
- مصر.. فيديو اعتداء على هرّة بسلاح أبيض يثير تفاعلا والأمن ير ...
- بكين تشهد فعالية -الفوج الخالد-
- الجيش الروسي يتصدى لهجوم أوكراني كبير بطائرات وزوارق مسيرة و ...
- الإمارات.. السجن 5 سنوات لرجل الأعمال الهندي -أبو صباح-
- السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام
- ياكوفينكو يوضح لماذا حاول الغرب استرضاء هتلر
- مقتل 19 شخصا في قصف إسرائيلي استهدف منزلا وسط خان يونس
- عقيد أمريكي متقاعد: الغرب يؤجل هزيمة أوكرانيا المحتومة ويقضي ...
- يوم حرية الصحافة.. كيف يبدو واقع الصحفيين الليبيّين؟


المزيد.....

- الاقتصاد السياسي لمكافحة الهجرة / حميد كشكولي
- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - مريم نجمه - الديمقراطيّة ليست شعارا .. هولندا محطّة , مواطنة , وتقييم