يوسف أحمد إسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 5107 - 2016 / 3 / 18 - 00:42
المحور:
حقوق الانسان
حزب الاتحاد الديمقراطي يتحدث باسم الشعب ، والهيئة العليا تتحدث باسم الشعب ، ومحمد علوش يتحدث باسم الشعب ، وبشار الأسد يتحدث باسم الشعب ،وحتى روسيا وأمريكيا تتحدثان باسم الشعب ... والجميع يقول : إن قرّر الشعب ستكون الفيدرالية ، وإن قرر الشعب ستكون الدولة المدنية ، وإن قرر الشعب سيكون مستقبل سورية ، وإن قرر الشعب سيكون الدستور ، وإن قرر الشعب سيسقط النظام ..!
والشعب لم يعد قادرا على اختيار أو تحقيق أيّ من تلك التي جاءت باسمه ...! ليس جهلاً ، ولا تهميشاً تاريخيا ، ولا انكساراً، ولا مفاجأة وحيرة ,ولا مراوغة ، ولا مقاومة ! بل جماع كل ذلك في واقعه .
الفيدرالية ، لا يفهم حيثياتها لأنها لم تكن في حساباته يوماً ، والمدنية لم يطبق أبسط شروطها حتى في بيته، لأنه وارث الاستبداد حتى غدا جزءا من نسقه الثقافي ! أما الدستور والمستقبل فوجهان لما ليس من شأنه ؛ فالدستور لم يسمع بلفظه إلا بعد التمرد في 2011 حتى كاد يعتقد أن دولته تسير بحب الله ، وحين خرج على القانون عرف أن الدول تسوسها القوانين والدساتير التي اختارتها الشعوب ! ... والمستقبل لم يكن فيه ما يثير الشهية ؛ فالصفوة قد فكروا وخططوا ونفذوا .. ، أما هو فكان يعرف خارطة طريقه وطريق أولاده وأحفاده .... ولم يخطئ يوماً بتقدير أمر أكثر من قيمته أو أقل من ذلك ، حتى أصبح على يقين بكيف ستكون صورته في أرذل العمر وأقبحه ...!
ولذلك لم يعد يهتم لما يُقال باسمه ، أو لما يحدث باسمه أو لما يخطط باسمه ... وهذا النأي بالنفس ليس لضحالته ، أو ضعغه ، أو جهله ، بل لتشرده ، بين الداخل والخارج ؛ فكل الذين تغنوا باسمه قتلوه على مذبحه ، ولأنه يُدرك ذلك لم يعد يهتم بفدراليتهم أو دستورهم أو مستقبلهم أو مدنيتهم .
ويدرك أنهم يصنعون انتخاباتهم ، وهم يدبجون دساتيرهم ، وهم يقررون شكل مدنيتهم ، وهم يرسمون ألوان راياتهم ، دون حضوره إلا في شعاراتهم وبنادقهم وكرههم .
وعليه ، فإن الشعب قد أجّل حضور المشاورات والانتخابات ورهانات المستقبل ، وقرر أن يأخذ استراحة المحارب الذي ملّ القتال إلى أن يَلأم الجريحُ جراحه ، ويجد الوالد ولده المفقود ، وتجد الزوجة زوجها العابر بزورق الموت ، ويجد الطفل دفتره المدرسي بين الركام ، والمعلم تلاميذه الشهداء، والصديق أصدقاءه المشردين في المنافي العابرة !
#يوسف_أحمد_إسماعيل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟