أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - يوسف أحمد إسماعيل - من راية الانتداب إلى راية الاستبداد















المزيد.....

من راية الانتداب إلى راية الاستبداد


يوسف أحمد إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 5091 - 2016 / 3 / 2 - 00:27
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


من مفارقات " الثورة السورية " أنها كشفت عن جهل الشارع السوري بتاريخه القريب ، وتلك النتيجة كانت مقررة مسبقاً، من قبل السلطة الفردية الشمولية؛ لإبراز فضائلها فقط، بحيث تنشأ الأجيال على معرفة إقصائية وأحادية، ترتبط بالزعيم المنقذ، حيث لم يكن قبله، ولن يكون بعده، فالتاريخ هو مبتداه وهو منتهاه .
وأبسط صور ذلك الجهل أو التجهيل، هو غياب المعلومات المرتبطة بالرايات التي رُفعتْ في السماء السورية منذ 8آذار 1920 إلى 8 آذار 1960 . وقد تبدّا ذلك بتساؤل الشارع السوري بشكل عام، في بداية الحراك الثوري السلمي في 2011م ، عن مدلولات العلم الذي حمله المتظاهرون، بألوانه الأسود والأبيض والأخضر وتاريخه ؛ وكان الجواب سريعاً وتشويهياَ في الوقت نفسه من قبل الطابور الخامس في النظام، بأنه علم الانتداب الفرنسي، تعميما للتخوين والعمالة للنشطاء الثوريين !وفي المقابل كان رد حامليه، أنه علم سورية قبل " سورية الأسد " أو قبل " سورية البعث " وكأنهم بذلك يريدون إنشاء قطيعة مطلقة مع النظام، وما يذكرهم به .
غير أنّ الموقفين عبّرا عن الاستهانة بعقل السوري ، من خلال تشويه الحقيقة، وتجيير المشاعر باتجاه العداء للآخر؛ فالطابور الخامس للنظام، حين ربط العلم الذي رفعته المظاهرات بالانتداب الفرنسي، استغل جهل العامة بالمعلومات المرتبطة بالتاريخ الحديث لسورية، ودفع باتجاه التخوين ، بعيدا عن الصورة التفصيلية للواقع في تلك الحقبة.
والمعارضة التي اختارت علم الثورة العربية بديلاً عن العلم السوري، الذي كان هو ذاته علم الوحدة ،استغلت أيضاً ارتباط الاستبداد بأيقونات تاريخية للشعب، وتحويلها لصالحه كأيقونات خاصة به ، ومن إنجازاته .وبالتالي فإن القطيعة مع النظام تتمثل بالقطيعة مع رموزه على الرغم من أن العلم السوري هو من شعارات دولة الوحدة .
فالانتداب الفرنسي في بداية احتلاله لسورية رفع علم الثورة العربية الذي رُفع بعد خروج العثمانيين، وكانت ألوانه الثلاثة هي : الأبيض والأخضر والأسود مع مثلث أحمر في طرفه .،وأضاف إليه الفرنسيون علما فرنسيا صغيرا في طرفه العلوي للإشارة إلى هيمنة الانتداب الفرنسي على سورية ، ثم تراجع الفرنسيون عن علم الثورة العربية لما قد يثيره من مشاعر وطنية وقومية، واستبدلوه براية لا تمت ألوانها بصلة للأنساق الثقافية السورية ، وإنما ترتبط بتاريخ فرنسا ؛ ففي دمشق رُفعت راية زرقاء وفي وسطها دائرة بيضاء مستمدة من شعار فرنسا أيام الملك شارل السابع وشعار مدينة باريس ، وكرمز للانتداب وضعت فرنسا في زاويته العلوية مصغر العلم الفرنسي . وفي عام 1932 تم وضع أول دستور سوري للدولة السورية وحُدِّد فيه العلم السوري بثلاثة ألوان ، أعلاها الأخضر فالأبيض فالأسود ، وهو ذاته علم الثورة العربية دون المثلث الأحمر الذي ارتبط بالملكية الهاشمية ، وفي المساحة البيضاء ثلاثة كواكب مشعّة أضافها المندوب السامي هنري بونسو للإشارة إلى سناجق الجغرافية السورية وفق التقسيم الطائفي ( السني والعلوي والدرزي ) ، إضافة إلى العلم الصغير الفرنسي في الزاوية العلوية للدلالة على الانتداب . وهو ذات العلم السوري الذي رُفع في عيد الجلاء في 17 نيسان سنة 1948واستمر حتى الوحدة بين سورية ومصر ، ولكن بعد إزالة الزوائد التي أضافها الانتداب ؛ فقد استُبدل حينها بعلم الوحدة بألوانه الثلاثة ، من الأعلى الأحمر فالأبيض فالأسود ، وتتوسط اللون الأبيض نجمتان باللون الأخض، للدلالة على سورية ومصر .وترمز الألوان الأخرى إلى النضال والثورة والأمويين والعباسيين ، وهذا قبل ثورة الثامن من آذار، و بعد الثورة المصرية في 1952 ، وبذلك يكون اللون الأحمر من إضافة الثورة المصرية، إشارة إلى التاريخ الحديث في نضال الشعوب العربية . وحين حدث الانفصل في 1961 م عاد علم الثورة العربية ليمثل الدولة السورية، . وبعد 1963 وتشكيل الوحدة الثلاثية بين مصر وسورية والعراق عاد علم الوحدة ، بإضافة نجمة ثالثة تمثيلا للأقاليم الثلاثة، ليكون العلم الرسمي للجمهورية العربية السورية ، ثم تغيرت النجوم وتحولت إلى العقاب مع اتحاد الجمهوريات العربية في 1971 ، ثم غادر العقاب المستطيل الأبيض في عام 1980 وحلت محله النجمتان بلونهما الأخضر ، كما كانا في علم الوحدة بين مصر وسورية ، إشارة إلى أملٍ في الوحدة العربية الكبرى .
نخلص من ذلك السرد إلى أن الراية التي رفعها المتظاهرون ليست راية الانتداب الفرنسي أو من اختراعه، فهي راية الثورة العربية بعد التخلص من الهيمنة العثمانية ، وحين اضطرت فرنسا إلى القبول بها بعد فشلها في تثبيت راياتها الانفصالية لدولة حلب ودمشق ودير الزور عمدت إلى تعديل الراية بإضافة ثلاثة كواكب للدلالة على الطوائف السورية كإجراء انفصالي تمهيدي ، ولكن حكومة الاستقلال بدلت تلك الكواكب بنجوم ترمز إلى العلياء والبطولة ودم الشهداء.وبالتالي فإن تلك الراية ، وإن كانت هي رمز الدولة السورية في فترة الانتداب وحتى الوحدة في عام 1958 لا تمثل الانتداب الفرنسي، ولا تمثل عشقا للمحتل أو دعوة لعودته .وإذا كان لا بد من قراءتها في ضوء الحراك الثوري السوري الراهن، فيمكن تلمس أمرين : الأول الرغبة في خلق قطيعة مع النظام وأيقوناته، مع التنويه إلى المغالطة في فهم العلم السوري ومرجعيته التاريخية ودلالة ألوانه . والثاني الإشارة إلى المرجعية الدينية التي هيمنت على الحراك الثوري منذ بدايته، دون دراية ووعي من النشطاء المدنيين الذين يحلمون بدولة مدنية تعددية ؛ فألوان علم الثورة العربية ترتبط بتاريخ الدولة الإسلامية الدينية من الخلافة الراشدية إلى الخلافة العباسية ، ولا ترتبط بالنضال المعاصر للشعوب .
في الموقف النقيض ، أيضا، ربط المشهّرون لعلم الثورة العربية ،علم الجمهورية العربية السورية بالنظام ، وبالتالي فإن سقوط النظام يستدعي سقوط الراية الحالية، وفي ذلك استغلال لجهل الشارع السوري، كما ذكرنا، بتاريخ سورية المعاصر ، فالراية الحالية هي راية دولة الوحدة في عام 1958م، وألوانها تمزج بين التاريخ (الأموي والعباسي) ونضال الشعوب في القرن العشرين في ثوراته وبحثه عن التغيير ، ولا يمكن مقارنتها بعلم ليبيا ذي اللون الأخضر الذي ارتبط بالكتاب الأخضر ومعمر القذافي تحديدا.
وعليه ، فإذا كان لابد من رؤية موضوعية في أمر الراية لتدل على الدولة المدنية التعددية ،إن تحققت، فلن تكون راية الدولة الدينية ، وقد لا تكون راية دولة الوحدة !



#يوسف_أحمد_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام المحرِّض - توصيف في الحالة السورية -
- سرود قصيرة
- العنف والوعي الاجتماعي - توصيف في الحالة السورية -
- مفاوضون بلا حقيبة - توصيف في الحالة السورية -
- أنا من هنا . أنا من هناك - توصيف في الحالة السورية
- مضايا والفوعة - توصيف في الحالة السورية -
- بلاغة العنف توصيف في الحالة السورية
- الاستقواء - توصيف في الحالة السورية -
- الثورة بين مطرقتين - توصيف في الحالة السورية -
- ثورة الكرامة والحرية - توصيف في الحالة السورية -
- المثقف وأزمة العنف - توصيف في الحالة السورية-


المزيد.....




- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...
- برسي کردني خ??کي کوردستان و س?رکوتي نا??زاي?تيي?کانيان، ماي? ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - يوسف أحمد إسماعيل - من راية الانتداب إلى راية الاستبداد