أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - يوسف أحمد إسماعيل - الإعلام المحرِّض - توصيف في الحالة السورية -















المزيد.....

الإعلام المحرِّض - توصيف في الحالة السورية -


يوسف أحمد إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 5089 - 2016 / 2 / 29 - 23:14
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


تشيع كثيراً فكرة الإعلام الحر، أو الإعلام المحايد و الموضوعي، أو الإعلام المحترف الذي يقدم الحقيقة دون زيف وتزوير ، ويدرك ، بشكل عام ، المستمع أو المشاهد أن تلك المواصفات للإعلام هي نسبية، كما أنّ الحيادية المطلقة هي كما العدالة المطلقة ليست من قدرات الإنسان . ولذلك لن نقف عند تلك المفاهيم، خاصة أننا نبحث في الإعلام في ساحة ساخنة، تعددت فيها الأطراف و الأصوات ، بل البنادق وأنواع الأسلحة والجهات، إلى درجة أنّ بعض المحللين بدأ يرى فيها حرباً عالمية ، ولكن على الأرض السورية .
ولذلك ستقارب هذه الكتابة الإعلام المحرِّض وليس الحر أو المحايد أو الموضوعي . وهناك فارق بينهما ؛ فالنوع الثاني ( الحر والمحايد) قد يرى الأحداث من زاويته المذهبية أو العقدية، أو من تموضعه الجغرافي، أو نسقه الثقافي العام ؛ و تفسيراته، قد لا تتشوه بفعل الوقائع فيما إذا انتبه بين الفينة والأخرى إلى الأخلاقيات التي تؤطِّر مهنته النبيلة و الإنسانية؛ مما يدفعه إلى المراجعة بين وقت وآخر لتصويب التجربة، وخلق التوازن بشكل دائم؛ ليكون لصوته الصدى الإيجابي في وعي متلقيه . أما النوع الأول ( الإعلام المحرّض ) فإن رسالته تتنافى والقيم الأخلاقية العامة التي تحكم الإعلام ، لأن الدور المرتبط بالإعلام كفكرة هو التنوير أو الكشف عن حدث مختبئ ومموَّه أو ملتبس أو إبراز ظاهرة ما من جميع جوانبها لتبدو عناصرها المتكاملة أمام المتلقي ، فيقوم برؤيتها بموضوعية ، ثم يتلقاها عاطفيا وفق تموضعه ووعيه وحاجته ورغباته، دون تلقين من الطرف الإعلامي .
وعليه فإن الإعلام المحرّض يتجاوزفي خطابه اللغة الإخبارية إلى لغة إنشائية ذاتية وعاطفية ،تحمل حكماً قيميا اجتماعيا أو أخلاقيا أو جماليا ، وبذلك لا يكون المتلقي أمام الدور التوصيلي المنوط بالوسيلة الإعلامية و إنما أمام نص يخضع في علاقته بمتلقيه للوظيفة الرئيسة في الخطابات الذاتية التي تتمثل في أثر التداولية في الخطاب ؛ أي إنشاء علاقة تأثير وتأثر، وتغيير وظيفة الإعلام من منحى إخباري إلى منحى تحزبي عاطفي وإنشائي .
اتسم الإعلام العربي الرئيس (الجزيرة ، العربية ، السورية، أورينت ) المنشغل بالأزمة السورية منذ الشهور الأولى في 2011 بمجافاة الحقيقة الإعلامية أو الرؤية الموضوعية ، فالمظاهرات السلمية للنشاط المدني السلمي لم يستطع الإعلام السوري تسليط الضوء عليها بوصفها حراكا شعبيا اجتماعيا سلميا يجب مقاربته عبر البحث في أسبابه وطموحاته، ومعالجته بإيجابية، بل رأى فيه خروقات فردية للأمن العام، وتحدٍ لسلطة الدولة الأمنية ، أما مظاهره العامة في الشارع السوري فلم ير فيها غير فبركات سينمائية من صناعة قنوات فضائية معادية ... وحين طالت الأزمة وأخذت مفترقاً جديدا بدأ ت الأخبارية السورية تتحدث عن المجموعات المسلحة والجهات الخارجية التي تدعمها وخطابها الإرهابي ، وبدا الخطاب من حيث الجوهر له مصداقيته؛ لأن الكتائب المسلحة لم تخف خطابها الإسلامي الجهادي وطموحاتها السلفية ، ولكن في ثنايا ذلك لم يسع الإعلام السوري إلى إعادة النظر في منهجيته ليرى الناشطين السلميين المدنيين الذين بدؤوا الحراك الثوري، بل اعتبر ظهور الكتائب المسلحة والإعلان عن خطابها بمثابة انتصار وبرهان على رؤيته للحراك برمته؛ مما أبقاه على الرؤية الأحادية للأزمة؛ أي أزمة عدوان خارجي متمثل بالإرهاب العالمي الإقليمي والدولي ، أما المواطن السوري فهو ضحية ذلك الإرهاب وحسب .
على الضفة الأخرى كانت العربية والجزيرة تعملان بشكل مستمر على تفنيد اتهامات الإعلام السوري لهما بالفبركة، وكانت قد أخذتا مصداقيتهما من تجربتهما الطويلة مع المتلقي العربي، خاصة في تغطيتهما للثورتين التونسية والمصرية في حراكهما السلمي في ميدان التحرير والقصبة . ولكنه حين حدثت التحولات الخطيرة في الساحة السورية من النشاط السلمي إلى الصراع المسلح بدأ الخطاب الإعلامي فيهما يتحول من وجهته الإخبارية إلى وجهته الإنشائية التحريضية ، ولم يعد يمثل الخبر فيهما قيمة موضوعية، بقدر ما يمثل مبررا لرؤية الأحداث من زاوية وجهة نظر موقعهما التشويقي أو العاطفي أو الطائفي أو المذهبي ، و اضطرت القناتان لتعميم مفهوم الثوار والثائر على كل من يقاتل في الساحة السورية ضد الجيش السوري وحلفائه، من خارج الجغرافية السورية ؛ حتى بات يشمل المصطلح من لا يعترف في خطابه بمفهوم الوطن السوري ،لأنه يحارب المرتدين في بلاد الإسلام ، والثورة بالنسبة له هي جهاد مسلح ضد الكفرة ، والدولة المدنية بدعة غربية ضالة . ولولا معاداة الأمم المتحدة وكل دول العالم ، علانية، لتنظيم داعش ، لربما شمل مصطلح الثوار المقاتلين في ذلك التنظيم أيضا..وعليه ألم يقدَّم الجولاني، بعباءته التي أخفت وجهه، بوصفه نموذجا للإنقاذ بخطابه الإقصائي السلفي على قناة الجزيرة ،مرفقاً بعبارات الاحترام والتقدير ؟!
أما قناة " أورينت " فقد رأى النشطاء المدنيون فيها، في بداية الحراك السلمي، سندأ قويا للثورة بوجهها المدني/الحضاري ، وأصبحت مقصدا لتلقي الخبر الموضوعي ، أو على أقل تقدير المواكب لطموحات الثورة السلمية المرتبطة بالحرية والكرامة الإنسانية، ولكنها انزلقت أيضا في الخطاب التحريضي حين سيطرت الكتائب المسلحة على المشهد برمته، وانسحب النشطاء السلميون ، فظهرت فيها أصوات طائفية ، أو أنها تتحدث بلغة طائفية، ومفردات تصنيفية، حتى أصبحت الجغرافية السورية لديها مختلفة عن الجغرافية السورية لدى السوريين؛ إذ أصبحنا نسمي البلدات والأحياء بمذهبها وبانتمائها القطيعي للنظام أو المعارضة، يضاف إلى ذلك أنها عملت على غسيل الثياب القذرة على مبدأ غسيل الأموال لأصوات انتهازية وأصوات تفكيكية تقسيمية ، كل ذلك كان وراء مفهوم الواقعية السياسية ، بل كادت تطبّل لداعش إذا انتصرت في هذا الموقع أو ذاك حين تصطدم مع قوات الجيش السوري وحلفائه ، على مبدأ " عدو عدوي صديقي " وتقف في وجهها حين تكون مواجهتها مع الجيش الحر والكتائب المسلحة الأخرى .
إن تلك التحولات في مهمة الإعلام وضعت المشاهد أمام صورة لا تبحث عن الخبر لمعرفة ما يجري، أو ما وقع هنا وهناك ، وإنما أمام محطة انطلاق شعبية يحاول كل من المنادين جرَّك للركوب بحافلته حتى وإن أخذتك بعيدا عن مبتغاك ووجهتك ، وعلى طريقة التاجر الحلبي الذي يورطك في شراء ما لم تكن ترغب فيه ، وفي النهاية تعمل كل تلك القنوات على مبدأ " التجارة شطارة " أما المعرفة الموضوعية والقيمة االتنويرية للمحطة فقد أصبحت مؤجلة في الملف السوري على أقل تقدير .



#يوسف_أحمد_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سرود قصيرة
- العنف والوعي الاجتماعي - توصيف في الحالة السورية -
- مفاوضون بلا حقيبة - توصيف في الحالة السورية -
- أنا من هنا . أنا من هناك - توصيف في الحالة السورية
- مضايا والفوعة - توصيف في الحالة السورية -
- بلاغة العنف توصيف في الحالة السورية
- الاستقواء - توصيف في الحالة السورية -
- الثورة بين مطرقتين - توصيف في الحالة السورية -
- ثورة الكرامة والحرية - توصيف في الحالة السورية -
- المثقف وأزمة العنف - توصيف في الحالة السورية-


المزيد.....




- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تدعو إلى الاستنف ...
- اتحاد النقابات العالمي (WFTU – FSM)”، يُدين استمرار المحاكما ...
- شاهد ما قاله السيناتور ساندرز لـCNN عن تعليق أمريكا شحنات أس ...
- م.م.ن.ص// يوم 9 ماي عيد النصر على النازية.. يوم الانتصار الع ...
- آلاف المتظاهرين احتجاجا على مشاركة إسرائيل في -يوروفيجن-
- من جهينة عن خيمة طريق الشعب في مهرجان اللومانيتيه (1)
- السويد.. آلاف المتظاهرين يحتجون على مشاركة إسرائيل في مسابقة ...
- مداخلة النائب رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية في الج ...
- أخذ ورد بين مذيعة CNN وبيرني ساندرز بشأن ما إذا كانت إسرائيل ...
- مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين بجامعة أمستر ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - يوسف أحمد إسماعيل - الإعلام المحرِّض - توصيف في الحالة السورية -