أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - ماهية ومكونات الإنسان: الفصل الثاني: من هو الإنسان؟















المزيد.....



ماهية ومكونات الإنسان: الفصل الثاني: من هو الإنسان؟


نهرو عبد الصبور طنطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 5103 - 2016 / 3 / 14 - 20:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قالوا: الإنسان: "كائن عاقل"، "سيد الكون"، "أرقى الكائنات"، "كائن مفكر"، "كائن روحي"، "ذو بعد إلهي"، "ذو جوهر نفسي" "كائن إنساني".

هنا في هذا الفصل سافترض جدلا أن الإنسان له آلة تسمى: (عقل)، وأساير هؤلاء الذين يقولون أن الإنسان له عقل يقوم بفعل الوعي والتفكير والتمييز والتدبير، وسأستخدم هذا الاسم: (عقل) في هذا الفصل لمجاراة ومسايرة الذين يعتقدون أن الإنسان له عقل يعي ويفكر ويميز ويدبر ويعالج المعلومات، حتى نصل إلى الفصل الذي سأتناول فيه (العقل) بالشرح والتشريح والتفصيل ونتبين هل للإنسان آلة تسمى (عقل) سواء كان عضوا معنويا أو جوهريا أو ماديا؟.

هل ماهية الإنسان، أي: حقيقته التي تميزه عن سائر الكائنات الحية الأخرى تكمن في عقله، الذي يميز به بين الصواب والخطأ والخير والشر، ويتدبر به أموره ويفكر به في كافة الأشياء؟ هل يمكننا أن نعتبر العقل وحده هو الخاصية الوحيدة المميزة للإنسان عن كافة الكائنات الحية الأخرى وأن ماهية وحقيقة الإنسان مختزلة في عقله فحسب؟، وهل فقدان خاصية العقل تفقد الإنسان إنسانيته؟ وبالتالي فهل نعتبر الإنسان المريض عقليا "المجنون" الذي فقد تمييزه العقلي قد فقد إنسانيته ومن ثم علينا إخراجه من دائرة الإنسانية؟، وماذا عن الحواس؟ ألا يمكن أن تكون هي الخاصية المميزة لماهية وحقيقة الإنسان عن بقية الكائنات الحية الأخرى؟، إذ ماذا يعني العقل وما قيمته وما ثمنه لدى شخص خرج من رحم أمه وقد فقد سمعه وبصره؟، أليس في هذه الحال تكون الحواس أكثر أهمية وضرورة ولا يصلح العقل أن يكون عقلا بدونها؟ وبالتالي فلا يصلح العقل وحده أن يكون معبرا ومميزا لماهية وحقيقة الإنسان؟ وبما أن هناك خصائص أخرى في جسد الإنسان كالحواس لا تقل أهمية عن العقل فعندها لا يصلح العقل وحده أن يعبر عن حقيقة وماهية الإنسان. فالعقل مهما كانت أدواره في أن يجعل من الإنسان كائنا تاريخيا اجتماعيا ثقافيا سياسيا سيظل محض خاصية واحدة من عدة خصائص مجتمعة تعبر عن ماهية وحقيقة الإنسان، ولا يعني فقدانه فقدان إنسانية وماهية وحقيقة الإنسان وإلا أخرجنا المرضى العقليين من دائرة الإنسانية.

وهنا قد يعترض أحدهم ويقول: ولكن يظل العقل هو الميزة الأساسية التي تفرق بين الإنسان والأنعام والبهائم، فنحن نعرف الإنسان ونميزه بعقله بينما نعرف الأنعام والبهائم ونميزها بالغريزة، فإن أفعال الإنسان وسلوكياته تصدر من وعيه وتفكيره وحريته واختياره وبالتالي يكون العقل هو الميزة الجوهرية التي تميز الإنسان عن بقية الكائنات الأخرى.

الجواب: لو كانت أفعال الإنسان وسلوكياته صادرة عن عقله _وعيه وتفكيره واختياره وحريته_ وعقله هذا هو الخاصية الجوهرية الأسمى التي تميز الإنسان وترفعه في مكانة أعلى من بقية الكائنات، فماذا نسمي الجرائم والخطايا الإجرامية التي يندى لها الجبين وتخجل منها وحوش البهائم والأنعام التي يرتكبها الإنسان وهو بكامل عقله ووعيه وتفكيره وحريته واختياره؟ هل نطلق عليها عقل ووعي وتفكير أم نطلق عليها غريزة وحشية؟!.

ثم لو سايرنا أرباب العقل وأقررنا معهم جدلاً أن الإنسان يتميز عن بقية الكائنات الأخرى بعقله "وعيه، تمييزه، تفكيره، تدبيره"، فلماذا نتجاهل ونتغافل عن أن جميع الكائنات الحية الأخرى بلا استثناء لها عقل أي: "وعي، تمييز، تفكير، تدبير"؟!!، انظر إلى أمة النمل أو أمة النحل وشاهد هذا النظام العجيب والعمل الدؤوب والتدبير اللافت، بل انظر إلى الطيور وكيف تبني أعشاشها بدقة وإحكام وتماسك وقوة فوق أغصان الأشجار وقمم الجبال وفي فتحات جدران المباني والأحجار، بل انظر إلى زمرة الأسود والنمور وهي تستحضر كامل وعيها وتركيزها وكيف تصطنع الحيلة تلو الأخرى وتتحين الفرص وتغافل فرائسها فتطاردها على حين غرة فتنقض عليها فجأة وتمسك بها، ومعظمنا يقوم بتربية القطط والكلاب في المنزل، ومعظمنا تعرض أن يدخل منزله قطط غريبة أو كلاب غريبة أو غيرها من الدواب، ومعظمنا يلحظ مدى القلق والخوف والاضطراب بل والفرار الذي ينتاب ذلك القط الغريب أو الكلب الغريب حين يشاهد أحدنا، فترى ما الذي يجعل ذلك القط أو ذاك الكلب أو غيرهما من الدواب الأخرى ما الذي يجعل هذه الدواب ينتابها القلق والخوف والاضطراب بل والفرار حين تشاهد أحدا من أهل المنزل؟ أليس هو الوعي والتمييز والتفكير والتدبير؟ أليس ما تسمونه "عقل"؟. بل وهناك كثير وكثير من العاطفة التي تتمتع بها الكائنات الحية تجاه أولادها وذويها، ونلحظ ذلك في الدواب القريبة منا كالقطط والكلاب، فليس الإنسان فحسب هو من يتمتع بالعاطفة.

بل لو ذهبت إلى الأرياف لرأيت من الأنعام والدواب والطيور عجبا، كنت ذات مرة في زيارة أحد الفلاحين في بيته، وكان لديه بعض الماعز والغنم فكان يطلقهما في مكان متسع على مقربة من منزله أشبه بمرعى من العشب اليابس يتجمع فيه ماعز وأغنام أهل القرية، وبعد برهة من الوقت قام فدخل منزله وأحضر بعض البرسيم والحشائش الخضراء التي كان قد أحضرها من الحقل، فنادى على ماعزه وأغنامه وأطلق أصوات مبهمة من فمه سمعها الماعز والأغنام فجاءته تهرول حين سمعت ذلك النداء، وانقضوا على البرسيم والحشائش يلتهمونهما، العجيب أن ماعزه هو وأغنامه هي التي حضرت فقط، أما الماعز والغنم الغريب لم تحضر ولا حتى واحدة منها، بل والأعجب أننا لما قمنا نتمشى وابتعدنا قليلا عن المنزل فإذا ببعض الماعز والغنم الغريب أخذ يتسلل خلسة إلى البرسيم فأسرعت واحدة منها فخطفت بعض البرسيم في فمها وهرولت مسرعة ولاذت بالفرار، ترى ما الذي يجعل الماعز والغنم الغريب لا يجرؤ على حضور طعام البرسيم مع ماعز وغنم صاحب البيت؟ بل ما الذي جعل الماعز والغنم الغريب يتسلل خفية ويخطف بعض البرسيم ويلوذ بالفرار؟، أليس: "الوعي، والتفكير، والتمييز، والتدبير"، أليس ما تسمونه "عقلاً"؟.

والذين يتابعون الأفلام الوثائقية عن عالم الأنعام والبهائم والدواب والطيور والزواحف والحشرات والأسماك من المؤكد أنهم يرون ويشاهدون كماً مهولا من العجائب والعبر والطرائف والغرائب التي تكشف عن مدى الوعي والتمييز والتدبير والتفكير والدهاء والحيلة التي تتمتع بها جميع الكائنات الحية بلا استثناء، أليس كل ذلك دليلا على أن الإنسان ليس وحده الكائن العاقل المميز الواعي المفكر المدبر الذكي، بل إن جميع الكائنات الحية الأخرى ربما يكون من بينها ما هو أكثر وعيا وتفكيرا وتمييزا وتدبيرا ودهاءً وذكاءً وحيلة ونظاما من الإنسان. بل إنني أرى الإنسان ما هو إلا تلميذ متطفل على مدرسة الكائنات الحية الأخرى يتعلم منها ويأخذ عنها وتزوده بكثير وكثير من العلوم والآيات التي لولا الكائنات الأخرى لما علم الإنسان عنها شيئا، وسبحان من قال: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً). (66_ النحل). وقال: (إِنَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ(3) وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ). (4_ الجاثية).

فترى بماذا نتميز عن الكائنات الحية الأخرى؟ هل نتميز بالحرية؟ ما الحرية إلا كذبة كبرى أوهمنا بها الواهمون، ويمكن مطالعة مقال لي في هذا الموضوع بعنوان: (الحرية كذبة كبرى). على الرابط التالي:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=271928

هل نتحدث عن المميزات الفسيولوجية الجسمانية والشكلية، فهناك الكثير من الكائنات الحية الأخرى أفضل من الإنسان في جوانب عديدة، الفيل أكثر ضخامة وقوة من الإنسان، الأسود والنمور وغيرها من البهائم أسرع عدوا وشجاعة منه، الزرافة أطول قامة منه، القرد أكثر بهلوانية وتسلقا على الأشجار منه، الطيور تمتلك أجنحة تمكنها من الطيران الحر والتنقل من مكان إلى آخر متى أرادت وأين أرادت ولا يحجزها حاجز، الطاووس أكثر جمالا وزينة منه، الفراشة أكثر خفة ونعومة ورقة وتمايلا منه، الجمل والبغل والحمار أكثر صبرا وجلدا وتحملا منه.

هل يتميز الإنسان عن بقية الكائنات الأخرى بأنه يعيش في تجمعات أممية؟، أي: يعيش في أمة لها طقوسها وعاداتها وتقاليدها الخاصة؟، كذلك جميع دواب الأرض وجميع الطيور إن هي إلا أمم مثلنا تعيش في تجمعات لها طقوسها وعاداتها وتقاليدها الخاصة بها، قال تعالى: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم). (38_ الأنعام).

هل يتميز الإنسان عن بقية الكائنات الأخرى بأنه كائن "ميتافيزيقي" ماورائي له بعد إلهي يتواصل من خلال تعبده وصلواته وتسبيحه مع قوة إلهية وراء عالمه الذي يراه ويعيش فيه؟ وهل هذه القوة الإلهية الماورائية تتواصل معه وتوجهه وترشده وتهديه وتحفظه عن طريق الوحي؟، كذلك جميع الكائنات الحية الأخرى كائنات "ميتافيزيقية" تتواصل عن طريق الصلاة والتسبيح مع قوة إلهية وراء عالمها الذي تعيش فيه، قال تعالى:

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ). (41_ النور).
وقال تعالى:
(تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً). (44_ الإسراء).
وقال تعالى:
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ). (18_ الحج).
وقال تعالى:
(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ(49) يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ). (50_ النحل).

بل إن القوة الإلهية الماورائية تتواصل مع الكائنات الحية الأخرى غير الإنسان وتوجهها وترشدها وتهديها وتحفظها عن طريق الوحي؟، قال تعالى:
(وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ(68) ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). (69_ النحل).

## بماذا ميز الله الإنسان عن غيره من الكائنات:

وقد يسأل سائل هنا ويقول ألا يوجد أدنى تميز للإنسان عن بقية الكائنات الأخرى سواء تميزا "جسمانيا" فسيولوجيا أو تميزا قيميا معنويا؟
الجواب: من المؤكد هناك مميزات عدة للإنسان عن بقية الكائنات الحية الأخرى شكليا ومعنويا، قد أوضحها القرءان الكريم، ونتناولها بشيء من التفصيل على النحو التالي:

لقد ميز الله هذا الكائن عن بقية الكائنات الحية الأخرى بكونه "بشرا"، ولا أعني بكونه بشراً أن في عروقه دما أزرقا أو أن جنسه من أطهر الأجناس، لا، إنما أعني بكونه بشرا أنه ذا بشرة تختلف عن بقية الكائنات الأخرى، كيف؟، لنتعرف أولا على دلالة ومفهوم الفعل "بشر" في لسان قوم الرسول الذي نزل به القرءان.
بَشَّر و تَبَاشَرَ و استبشر كل هذه الأفعال جاءت من "البَشَرَة"، والبشرة هي ظاهر جلد الإنسان، وابتشر الشيء: قشره وأزال قشرته وأظهر بشرة لحمه. وباشر فلان الأمر بنفسه: إذا وليه بنفسه وهو مستعار من مباشرة الرجل المرأة، والمُباشَرةُ: الجِمَاعُ وكان الرجلُ يخرج من المسجدِ وهو مُعْتَكِف فيُجامِعُ امرأته ثم يعودُ إلى المسجد فنهى الله عن ذلك. قال تعالَى: (ولا تُبَاشِرُوهُنَّ وأنْتُم عاكِفُونَ في المَسَاجِد). وباشر الرجل المرأة: إذا صارا في فراش واحدٍ فباشَرَتْ بَشَرَتُه بَشَرَتَها. وأراد به المُلامَسَةَ وأصلُه من لَمْسِ بَشَرةِ الرجلِ بَشَرَةَ المرأةِ. وقد قال بعض اللغويين: إن الله ميز الإنسان بهذا الاسم "بشر" لخلو جلده من الصوف والشعر والوبر، بخلاف الحيوانات التي عليها الصوف أو الشعر أو الوبر. وللرد على هؤلاء: هناك كثير من الكائنات الحية والدواب والحشرات ليس في جلدها صوف ولا شعر ولا وبر، مثل الثعابين والحيات وبعض الأسماك مثل "الحوت" وسمك "القرموط"، وكثير من الحشرات مثل: الضفدع والنمل والصرصور، ليس في جسمها صوف ولا شعر ولا وبر، فهل نعد هذه الكائنات من البشر؟!.

"البشر" هو اسم لجنس هذا الكائن من بني آدم، وهو الاسم الذي يميز جنسه عن بقية الأجناس الأخرى، فحين نقول "بشر" نعني أنه ليس ملكا من جنس الملائكة، ولا من جنس الجان والشياطين، ولا من جنس الأنعام والطيور والأسماك وغيرها من الأجناس، ولما أراد الكفار التقليل من شأن الأنبياء والمرسلين قالوا عنهم إنهم من جنس البشر، ظنا منهم أنهم سيقللوا من شأنهم فقالوا: {إِنْ هَٰ-;-ذَآ إِلاَّ قَوْلُ ٱ-;-لْبَشَرِ} [المدثر:25]، وقال تعالى: {أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ} [القمر:24]، {مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا} [يس:15]، {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا} [المؤمنون:47]، {فَقَالُوۤ-;-اْ أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} [التغابن:6]، ولهذا رد الأنبياء والمرسلين عليهم بإقرارهم أننا فعلا من جنس البشر ولكن الله اختارنا عليكم بالوحي، قال تعالى: {إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} [الكهف:110]، وقال تعالى عن مريم: {وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} [مريم:20] أي: أحد من جنس البشر، وقوله: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً} [مريم:17] تراءى لها بصورة بشر، وقوله تعالى: {مَا هذَا بَشَراً} [يوسف:31] أي: أشرف وأكرم من أن يكون من جنس البشر.

مازلنا نقترب من الميزة التي يتميز بها الإنسان على بقية الكائنات الحية الأخرى في اسم "بشر"، فمن مدلولات ومفاهيم الفعل "بشر": البُشْرَى والاستبشار، تَبَاشَرَ القومُ: بَشَّر بعضُهم بَعْضاً. ويقال: هم يتباشرون بكذا. تَبَشَّر: فرح وتهلَّل. اسْتَبْشَرَ: فرح وسُرَّ. ويقال: استبشر بالشيء. قال تعالى: (يَسْتَبِشِرُونَ بِنِعْمَةٍ من اللهِ وَفَضْلٍ). وتباشير الوجه وبشره: ما يبدو من سروره، وتباشير الصبح: ما يبدو من أوائله. وتباشير النخيل: ما يبدو من رطبه، ويسمى ما يعطي المبشر: بشرى وبشارة. قال تعالى:{قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} [الحجر:53] وقال: {قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ ٱ-;-لْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} [الحجر:54] {قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِٱ-;-لْحَقِّ} [الحجر:55] واستبشر: إذا وجد ما يبشره من الفرح، قال تعالى: {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِٱ-;-لَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ} [آل عمران:170]، وقال تعالى: {وَجَآءَ أَهْلُ ٱ-;-لْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ} [الحجر:67]. ويقال للخبر السار: البشارة والبشرى، قال تعالى: {لَهُمُ ٱ-;-لْبُشْرَى فِي ٱ-;-لْحَياةِ ٱ-;-لدُّنْيَا وَفِي ٱ-;-لآخِرَةِ} [يونس:64]، وقال تعالى: {لاَ بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ} [الفرقان:22]، {وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱ-;-لْبُشْرَى} [العنكبوت:31]، {يا بُشْرَى هذَا غُلاَمٌ} [يوسف:19]، {وَمَا جَعَلَهُ ٱ-;-للَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ} [آل عمران:126]. والبشير: المبشر، قال تعالى: {فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱ-;-لْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَٱ-;-رْتَدَّ بَصِيراً} [يوسف:96]، {فَبَشِّرْ عِبَادِ} [الزمر:17]، {وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ ٱ-;-لرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} (الروم:46).

وهنا نلحظ العلاقة بين البُشْرَى وبشرة الإنسان، فالبُشْرَى هي الخبر الذي يحمل دلائل الفرح والسرور التي تظهر على بشرة الإنسان ويراها الآخرون، وقد يقول قائل وهل الأخبار السارة فحسب هي التي تحمل البشرى للإنسان؟، الجواب: البُشْرَى لا تقتصر على الأخبار السارة وكل ما يبشر بالفرح فحسب، بل والأخبار السيئة والمحزنة كذلك تسمى بشرى، قال تعالى: {فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران:21]، {بَشِّرِ ٱ-;-لْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} [النساء:138]، {وَبَشِّرِ ٱ-;-لَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (التوبة:3). فعلينا أن نعي أن كل خبر يؤثر في بشرة وجه الإنسان ويحدث فيها تغيرا ملحوظا فهو (بُشْرَى) سواء كان خبراً حسناً أو سيئاً. لهذا سمى الله الجنس البشري بالبشر، لأن ما يتميز به هذا الجنس عن بقية الكائنات الحية الأخرى أن بشرته هي البشرة الوحيدة التي يظهر عليها الشعور بالفرح والسرور والحزن والغضب والإحباط والتشاؤم وجميع المشاعر والأحاسيس التي يشعر بها الإنسان مهما حاول إخفاءها إلا إنها تبدو جلية واضحة على بشرته، فمن من الكائنات الحية الذي تبدو على بشرة وجهه مشاعر الفرح والسرور والحزن والغضب وغيرها من المشاعر غير الإنسان؟، لهذا سمى الله هذا الجنس بالاسم "بشر" لتميزه بتغير بشرته بالفرح والحزن عن بقية الكائنات الأخرى.

أما الاسم "إنسان" ففي مدلوله ما يميزه كذلك عن غيره من الكائنات الحية الأخرى، فالإنسان من الأنيس والمؤانس، والأنيس كل مأَنوسٍ به لأنّ الإنسانَ إذا آنَسَ الشيء أَنِسَ به وسَكَنَ إليه وزالَت عنه الوَحْشَةُ. والأُنْس بالضَّمّ والأَنَس بالفتح والأَنَسَةُ: من الطمأنينة التي هي ضدُّ الوَحْشَة، الإنس ضد الوحشة والاستوحاش والتوحش وليس ضد الجن أو الجان كما زعم بعض أصحاب القواميس، وليس صحيحا أن الإنسان سمي إنسانا لأنه يُرَى _بضم الياء_ وسمي الجن جناً لأنه لا يُرَى هذا ليس صحيحاً، وما يؤكد أن الإنس والأنس والمؤانسة ضد الوحشة أن الفعل "أنس" يدل على رؤية شيء أو سماع شيء ليس محض الرؤية ومحض السماع، إنما الرؤية أو السماع الذي يفضي إلى علم حقيقي يقيني بشيء تألفه النفس فتأنس به. قال تعالى: (وَابْتَلُوا اليَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ). (6_ النساء). وإيناس الرشد من اليتامى أي تَعْلَمَوا منهم كمال الوعي وسَدَادَ الفِعل وحُسنَ التصرُّف .وهذا لا يتم بمحض رؤيته بالعين فيهم لأول وهلة، إنما يسبقه الابتلاء أي: الاختبار والامتحان وهذا يتطلب وقتا ليس بالقصير. كذلك قوله تعالى: (وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى(9) إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً). (10_ طه). لماذا قال موسى عليه السلام: (آنست نارا) ولم يقل: (رأيت نارا)؟. لأن أَنَس النار غير رؤيتها، فكونه قال آنست نارا أي: إنه لم يكتف برؤيتها فحسب بل لقد أتاها وتيقن من أنها نار حقا وليس خداعا بصريا لهذا عاد إلى أهله كي يطمئنهم وقال لهم: (امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً). وكذلك قوله عز وجل: {لا تَدْخُلوا بُيوتاً غيرَ بُيوتِكُم حتى تَسْتَأْنِسوا وتُسَلِّموا على أهلها} [النور:27]، تستأنسوا أي: تطلبوا من أصحابها أن يأنسوا بكم قبل الدخول، واستأنس كـ "استغفر" و"استرضى" و"استعلم" على وزن استفعل وهذا الوزن يدل على الطلب أي: طلب الأنس وطلب المغفرة وطلب الرضى وطلب العلم، فقوله تعالى: (حتى تَسْتَأْنِسوا). أي: حتى تطلبوا من أهلها أن يأنسوا بكم أي: يعلموا ويتيقنوا منكم ويألفوكم فيأنسوا بكم قبل الدخول عليهم، وفي حديث ابن مسعودٍ: كان عليه الصلاة والسلام إذا دَخَلَ دارَه اسْتَأْنَسَ وَتَكَلَّمَ . أي: نادى أهله وأعلمهم أنه هو عليه الصلاة والسلام قَبْلَ أن يدخل عليهم.

وهنا قد يقول قائل: ماذا في هذا يميز الإنسان على غيره من الكائنات الحية الأخرى؟ فمعظم الكائنات تشعر بالوحشة من بعضها بعضا ولا تأنس إلا بعد العلم واليقين والألفة ثم الأنس.
أقول: ليس بهذا المفهوم وهذا المدلول للاسم "إنسان" تميز الإنسان على غيره من الكائنات، إنما الذي في الاسم "إنسان" يميزه عن غيره من الكائنات الحية الأخرى هو أن الإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي باستطاعته استئناس أي كائن من الكائنات الحية وترويضه وتسخيره لخدمته حتى ولو كان عدوانيا متوحشا، فالانسان استطاع أن يستأنس الكلاب والفهود والأسود والقطط والنمور والثعابين والفيلة والخيل والإبل والأنعام وكثير من الدواب وغيرها من الكائنات، لهذا سميت الحمر الأهلية بالحمر الإنسية لأن الانسان استأنسها وروضها لخدمته. بينما لا يوجد كائن حي آخر غير الإنسان يستطيع استئناس وترويض غيره من الكائنات وتسخيره لخدمته، ولهذا سمي الإنسان إنسانا لقدرته على إيناس نفسه واستئناس غيره من الكائنات الأخرى.

ما الفرق بين "إنس" و"أُنَاس" و"أَنَاسِّي" و"ناس"؟
فأما كلمة "الإنس": اسم جنس الإنسان مفرده "إنسي" منسوب إلى الإنس، قال تعالى عن مريم: (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ اليَوْمَ إِنسِياًّ). (26_ مريم).
أما كلمة "أُنَاس" فهي تطلق على كل مجموعة تجمع بينهم رابطة القرابة أو العرق أو القوم أو المكان وقد اجتمعوا على أمر ما من الأمور، فيطلق عليهم اسم "أُنَاس" لأنهم يعرفون بعضهم بعضا ويألفون بعضهم بعضا ويأنس بعضهم بعضا، لهذا قال تعالى: (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ). (60_ البقرة). هؤلاء قوم موسى حين طلبوا منه السقيا، فليس بينهم غرباء بل جميعهم من قوم موسى لهذا قال الله عنهم: (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ). كل أناس كل قبيلة كل عائلة كل أسرة كل مجموعة من قوم موسى. وقال تعالى عن الذين آمنوا مع لوط: (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ). (56_ النمل). قال عنهم "أُناس" لأنهم من قرية واحدة ومن آل لوط عليه السلام ما يعني أنهم يعرفون بعضهم بعضا ويألفون بعضهم بعضا ويأنس بعضهم بعضا. كذلك قال تعالى: (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ). (71_ الإسراء). أي: يوم ندعو كل أناس في قبيلة أو قوم أو عائلة أو قرية لهم إمام بإمامهم، مثلا الأناس الذين أخرجوا من قريتهم ممن آمن مع لوط عليه السلام سوف يدعوهم الله يوم القيامة بإمامهم لوط عليه السلام، وهكذا سيدعو الله كل أناس بإمامهم سواء كان إماما مؤمنا أو كافرا فاجرا.
أما كلمة "أَنَاسِّي" قيل: جمع لكلمة "أُناس"، وقيل: جمع لكلمة "إنسان"، وقيل: جمع كلمة "إنسي" ككرسي وكراسي، وهذه الكلمة لم ترد إلا مرة واحدة في القرءان الكريم، قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً(48) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً). (49_ الفرقان).

أما كلمة "ناس" في القرءان الكريم فتطلق على مدلولين لا ثالث لهما. المدلول الأول: جميع البشر على اختلاف تنوعهم ومواطنهم وألوانهم كقوله تعالى:

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ(1) مَلِكِ النَّاسِ(2) إِلَهِ النَّاسِ). (3_ الناس).
وقوله:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً). (1_ النساء).
وقوله:
(رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ المِيعَادَ). (9_ آل عمران).
وقوله:
(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً). (158_ الأعراف).
وقوله:
(إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ). (44_ يونس).
وقوله:
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ). (103_ هود).
وقوله:
(وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ). (61_ النحل).
وقوله:
(ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ). (41_ الروم).
وقوله:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). (13_ الحجرات).

المدلول الثاني لكلمة "ناس" فتطلق على مجموعة صغيرة أو كبيرة من بني آدم بشرط تنوع مواطنهم وألسنتهم وألوانهم ووو...إلخ. فمثلا لو اجتمع ثلاثة من بني آدم فما فوق منهم الأبيض والأسود والعربي والأعجمي والفارسي والرومي والكردي فهؤلاء يقال لهم "ناس" أو "الناس"، أما الثلاثة فما فوق من البيض فحسب أو من السود فحسب أو من الفرس فحسب أو من العرب فحسب أو من العجم فحسب أو من بلد واحد ويتكلمون بلسان واحد أو من قبيلة واحدة أو من قوم واحد أو من أسرة واحدة فلا يقال لهم "ناس" لأنهم لم تتحقق فيهم سمات وتنوع مدلول كلمة "ناس" أو "الناس"، ولا يشترط فيهم اختلاف الدين، بل قد يتفقوا أو يختلفوا في الدين. ولو طالعنا نصوص القرءان الكريم لوجدناه يطلق كلمة "الناس" على مجموعات محددة من بني آدم، ولا يقصد بها جميع بني آدم، بل يقصد بها مجموعة محددة بعينها منهم يتوافر فيها تنوع أجناسهم ومواطنهم وألسنتهم وألوانهم ونذكر بعضا من آيات القرءان الكريم التي تؤكد هذا على النحو التالي:

قال تعالى:
(إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ(1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً). (2_ النصر).
وبالتأكيد دخول الناس هنا في دين الله أفواجا لا يعني جميع بني آدم قد دخلوا في دين الله أفواجا إنما مجموعة منهم فيهم الأبيض والأسود والعربي والأعجمي والرومي والفارسي ووو ...إلخ.

وكذلك قوله تعالى:
(فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ). (24_ البقرة).
وبالتأكيد كذلك ليس الناس هنا جميع بني آدم سيكنوا وقود النار، إنما مجموعة محددة من جميع أجناس ومواطن وألوان بني آدم.

وكذلك قوله تعالى:
(ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). (199_ البقرة).
بالتأكيد ليس جميع بني آدم سيفيضوا من عرفات وإنما مجموعة محددة من جميع أجناس ومواطن وألوان بني آدم.

وكذلك قوله تعالى:
(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً). (97_ آل عمران).
بالتأكيد الناس هنا ليسوا جميع بني آدم قد أمرهم الله بحج البيت، إنما مجموعة محددة من جميع أجناس ومواطن وألوان بني آدم الذين أسلموا وآمنوا واتبعوا رسالة النبي محمد عليه الصلاة والسلام.

وكذلك قوله تعالى:
(وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ). (119_ هود).
أي من جميع أصناف وأجناس وألوان ومواطن بني آدم ممن كذب بآيات الله وكفروا بالله ورسله.

أما لو مجموعة من بني آدم من قرية واحدة أو من لون واحد أو من قوم واحد أو من جنس واحد أو من موطن واحد فمثل هؤلاء يطلق عليهم: "أناس" أو "قوم" ولا يطلق عليهم "ناس" أو "الناس" لأنهم لم تتوافر فيهم تنوع وسمات كلمة "الناس".

## التكريم والتفضيل والرزق من الطيبات والحمل في البر والبحر:

لقد كرم الله بني آدم، وتكريم المُكَرَّم بتقديم كل طيب وكل خير له، وهل هناك تكريم أكثر وأكبر من أن سخر الله الكريم سبحانه لبني آدم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه، قال تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). (13_ الجاثية).
وابن آدم هو المخلوق الوحيد في هذه الأرض الذي تحمله بعض المخلوقات الأخرى على ظهرها وتنقله من مكان إلى آخر في البر، كالحمير والخيل والإبل وغيرها، وهو المخلوق الوحيد الذي سخر له البحر والفلك والسفن لتحمله هو وأمتعته من مكان لآخر في البحر، فمن من الكائنات الأخرى غير الإنسان تحمله كائنات أخرى من مكان إلى آخر؟.
وابن آدم هو المخلوق الوحيد الذي جعل الله رزقه في كل ما هو طيب، فهو لا يأكل الجيف ولا القاذورات ولا الفاسد من النباتات والثمار واللحوم وغيرها، وهو المخلوق الوحيد الذي يأكل أغلب طعامه مطهواً بالنار.
وابن آدم هو المخلوق الوحيد الذي أخبر الله بأنه فضله على كثير ممن خلق تفضيلا.
قال تعالى:
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً). (70_ الإسراء).
وقال تعالى:
(وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ(5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ(6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ(7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ). (8_ النحل).

## الزينة:

الإنسان هو الكائن الوحيد من بين جميع المخلوقات الذي هداه الله إلى أن يتخذ الزينة والتزين بالتطيب والتطهر في الجسم والرائحة والملبس والمسكن بل حتى في تزيين الأرض والأشياء من حوله، قال تعالى:
(يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ(31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ القِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ). (32_ الأعراف.

## اللباس:

وابن آدم هو الكائن الوحيد من بين كل الكائنات الحية الأخرى الذي هداه الله لارتداء اللباس ليواري سوءاته وجعل له سرابيل تقيه الحر والبرد والبأس.
قال تعالى:
(يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ). (26_ الأعراف).
وقال تعالى:
(وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ (80) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ). (81_ النحل).

## تعليم البيان:

قال تعالى:
(خَلَقَ الإِنسَانَ(3) عَلَّمَهُ البَيَانَ). (4_ الرحمن).
الله علم الإنسان البيان، والبيان هو مفارقة شيء لشيء أو بُعْد شيء عن شيء أو إخراج شيء من شيء كي يظهرا وينكشفا ويتضحا بعد أن كانا متداخلين أو مختلطين ببعضهما بعضا أومخفي أحدهما في الآخر، فقد علم الله الإنسان كيف يُظْهِر وكيف يكشف وكيف يوضح ما في نفسه للآخرين، والبيان له أساليب كثيرة وعديدة يستطيع الإنسان من خلالها أن يبين ما في نفسه وما في قلبه للآخرين، ومن هذه الأشياء الفصاحة والبلاغة والخطابة وضرب المثل والتشبيه والقياس والاستنباط والمحاكاة والتقليد ووو... إلخ من أساليب البيان التي علمها الله للإنسان والتي ميزه بها عن غيره من سائر المخلوقات.

## تعليم الأسماء :

الإنسان هو الكائن الوحيد الذي علمه الله أسماء كل شيء، فلا يقبل اسم شيء من الأشياء إلا إذا كان اسما حقيقيا، أي: اسما حقيقيا على مسمى حقيقي، كيف؟
الجواب فيما يلي:
قال تعالى:
(وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ). (31_ البقرة).
لا يفهم من هذه الآية أن الله أتى بآدم وجمع له أشياء ومخلوقات ثم قال له هذا اسمه كذا وذاك اسمه كذا، كلا، إنما علم الله آدم الأسماء كلها عن طريق تعليمه حقيقة وماهية الأسماء حتى لا تختلط عليه الأشياء وحتى لا يستدرجه الماكرون والمخادعون إلى أسماء لا حقيقة لها بل لا وجود لها، لقد علمه الله أن الاسم له ثلاثة حقائق لابد أن تتوافر فيه ليكون اسما حقيقيا على مسمى حقيقي بأصوات حروف حقيقية، وهذا لا يتحقق إلا بخبر ومخبر عنه وصوت يربط بين الخبر والمخبر عنه، وأضرب مثلا على ذلك: حين أعلم الطفل أن هناك كائن حي اسمه "حصان" له خصال محددة وله شكل محدد وله كينونة محددة تميزه عن بقية الكائنات الحية الأخرى، فخصال الحصان وشكله وكينونته وماهيته التي يمكن أن نطلق عليها "الصورة الذهنية" للحصان التي تكونت في وعي الطفل الصغير فهذه هي الخبر، وذات الحصان نفسه وهو المخبر عنه، وكلمة "حصان" التي هي الحروف أو أصوات الحروف التي يتكون منها الاسم "حصان"، فهنا حين أحضرت للطفل الصغير "حصان" تكونت في وعيه الصورة الذهنية "للحصان" وذات "الحصان" نفسه، واسمه الذي هو كلمة: "حصان"، فقد تكونت لدى الطفل ثلاثة أركان للاسم الحقيقي لهذا الكائن وهي:
1* الكلمة أو أصوات الحروف المعبر عنه "الاسم" "حصان".
2* الصورة الذهنية الحقيقية لذات "الحصان" التي تكونت في وعي الطفل بعد رؤيته لحقيقة ذات "الحصان".
3* الكائن الحي ذاته بنفسه وحقيقته "الحصان".
فإذا غاب ركن من هذه الأركان الثلاثة فقد انهارت حقيقة الاسم وأصبح شيئا هولاميا لا حقيقة له ولا وجود.

ولنضرب مثلا ثانيا: حين ينحت الجاهليون تماثيل وأصناما ثم يقولون عنها أنها آله تنفع وتضر وتشفع وترزق ووو...إلخ، يرد الله عليهم بقوله: (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ). (40_ يوسف). وهذا يدلنا على أننا أمام ركن غائب من أركان "الاسم" الثلاثة، وهو: حقيقة خصال تلك الآلهة وحقيقة كينونتها وماهيتها الحقيقية التي تنفع وتضر وتشفع وترزق ووو... إلخ. وغياب هذا الركن يجعل هذه الأسماء محض وهم لا حقيقة له ولا وجود، لهذا قال لهم في آية أخرى: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوَهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي الأَرْضِ أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ القَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّـذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ). (33_ الرعد). فقوله: (قل سموهم) هو تعجيز حقيقي لهم، لأن الاسم الحقيقي أو الأسماء الحقيقية لهؤلاء الشركاء لا حقيقة لها بل لا وجود لها في الواقع والحقيقة، فقد توجد الحروف التي تعبر عن ذات الشيء: "الاسم": "آلهة"، وقد يوجد ذات الشيء: "الصنم" ولكن لا يوجد حقيقة فعله وماهيته وحقيقته من أنه: "يشفي، يرزق، ينفع، يضر، يشفع". ولهذا بكتهم الله وأخرسهم بقوله: (أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي الأَرْضِ أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ القَوْلِ). أي إذا كان هؤلاء آلهة فأين عملهم وفعلهم الحقيقي كآلهة في الأرض؟!!، إذاً، ما تقولونه هو ظاهر من القول وليست أسماء حقيقية لآلهة حقيقة لها فعل حقيقي في الأرض.

## حمل الأمانة :

قال تعالى:
(إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً). (72_ الأحزاب).

حاول كثيرون أن يستبدلوا كلمة: "الأمانة" بكلمة: "التكليف" أو كلمة "الاختيار" أو كلمة: "المشيئة" أو كلمة: "الإرادة" أو غيرها من الكلمات والأسماء، لكنها الأمانة ولا شيء غير الأمانة، فالأمانة هي التي حملها الإنسان ولا شيء غير "الأمانة" في مفهومها البسيط الذي تعارفت عليه البشرية في كل مكان وزمان، الأمانة أن استحفظك شيئا أو أستودعك شيئا وأستأمنك عليه لحين طلبه منك، ثم تؤدي ما استؤمنت عليه إلى أهله كما هو دون نقص أو مماطلة، الأمانة أعم وأشمل من التكليف ومن الاختيار، فالتكليف هو: القيام بما في وسعك القيام به من تكاليف، (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)، وتقدير ما هو في وسعك وما ليس في وسعك هو أمانة، فمثلا الله فرض القتال لمواجهة المعتدين (هذا تكليف)، والانصياع لهذا التكليف أو الاعتذار عن القتال بحجج وأعذار شتى (هذا اختيار)، هنا الإنسان وحده هو من يعلم أن حججه وأعذاره هل هي حجج حقيقية أم هروب من التكليف. وعلم الإنسان بحقيقية حججه وأعذاره وهل هي حجج وأعذار حقيقية أم لا هي "الأمانة"، فالأمانة أعم وأشمل من التكليف ومن الاختيار، التكليف هو إلزامك بفعل شيء ما أو إلزامك بعدم فعل شيء ما، والاختيار هو تنفيذ ما طلب منك أو عدم تنفيذه، أما الأمانة فهي مسئولية يلزم الإنسان نفسه بنفسه بأدائها من دون رقيب عليه في آدائها ولا خيار له في عدم أدائها، والأمانة ضد الخيانة.
قال تعالى:
(فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ). (283_ البقرة).
(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا). (58_ النساء).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ). (27_ الأنفال).
(وَالَّذِينَ هُمْ لآمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ). (8_ المؤمنون).
(قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ). (64_ يوسف).
(إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً). (72_ الأحزاب).

## الروح:

الروح خلق من خلق الله، وهو من أمر الله، وأمر الله هو شأنه الخاص الذي لم يطلع عليه أحدا من عباده، وأمر الله هو التكاليف، وأمر الله هو حكمه وسلطانه. والروح هو من أمر الله الذي يتواصل به مع جميع مخلوقاته الإنسان وغيره، وقد ميز الله الإنسان عن جميع مخلوقاته بأن نفخ فيه من ذلك الروح، بينما لم تحظ سائر الكائنات الأخرى بتلك النفخة، وسأتناول موضوع الروح في فصل مستقل لتفصيل ماهية الروح وكيفية عمله ولماذا ميز الله الإنسان وحده بنفخة الروح.

## التسوية (كائن مستوٍ):

التسوية أو الاستواء إما أن يكون بين شيئين فصاعدا، مثل استوى زيد وعمرو قائمين. وإما أن يكون في ذات الشيء الواحد، مثل قوله تعالى: (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي).والتسوية هي إزالة كافة ألوان الاعوجاج أو الميل أو الانحراف أو النتوء أو البروز أو الانحياز بين شيئين مختلفين فأكثر أو في شيء واحد. والحق سبحانه سوَّى الإنسان في نفسه كلها ظاهرا وباطنا.
قال تعالى:
(ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ). (9_ السجدة).
وقال:
(فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي). (29_ الحجر).
وقال:
(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا). (7_ الشمس).
وقال:
(يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ(6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ). (7_ الإنفطار).

فالحق سبحانه سوَّى الإنسان ليس تسوية أعضائه فحسب بل سوى كذلك بصيرته وفهمه ووعيه وعلمه وفكره وإلهامه وإرادته ومشيئته، بمعنى أن الله لم ينحز لجانب الإيمان على جانب الكفر والعكس، ولم ينحز لجانب الخير على جانب الشر والعكس، إنما ساوى بين الجانبين وسوى الإنسان على هذا وذاك حتى لا يكون لله أي ميل أو انحياز لجانب على آخر، إذ كثير من الناس يظن أن الله فطر الإنسان أو جبله على الخير والإيمان والتوحيد والأخلاق ووو...إلخ، كلا، فالله كما ألهم الانسان التقوى ألهمه الفجور بنفس المقدار وبمساواة تامة بين الإلهامين دون زيادة أو نقصان.

فألهمه الفجور والتقوى:
قال تعالى:
(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا(7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا). (8_ الشمس)

هداه سبيل الشكر والكفر:
قال تعالى:
(إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً). (3_ الإنسان).

هداه سبيل التزكية والتدسية.
قال تعالى:
(قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا(9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا). (10_ الشمس).

هداه سبيل التقدم والتأخر:
قال تعالى:
(لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ). (37_ المدثر).

هداه النجدين الطريقين المرتفعين البارزين "الخير والشر":
قال تعالى:
(وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ). (10_ البلد).

مكنه من مشيئة الإيمان ومشيئة الكفر:
قال تعالى:
(وَقُلِ الحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ). (29_ الكهف).

مكنه من إرادة الدنيا وإرادة الآخرة، وصرفه عن حقيقة الدنيا بإخفاء حقيقة الآخرة، فصرفه عن حقيقة الدنيا والآخرة ليبتليه ويختبره ليختار الدنيا من يريد الدنيا ويختار الآخرة من يريد الآخرة:
قال تعالى:
(مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ). (152_ آل عمران).
وقال:
(مَن كَانَ يُرِيدُ العَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً(18) وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً). (19_ الإسراء).

ولم تتوقف التسوية الإلهية للإنسان عند حدود النفس الإنسانية ظاهرها وباطنها، بل امتدت التسوية في تزيين الهدي وتزيين الضلال والإمداد بوسائل الهدى والضلال، بل لم يحظر عطاءه ورزقه عن المؤمن ولا عن الكافر :

فقد زين لأمة الباطل باطلهم ولأمة الحق حقهم
قال تعالى:
(كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). (108_ الأنعام).

فكما أن الله يوحي إلى الأنبياء ليدلوا الناس على الخير ويبعدوهم عن الشر كذلك جعل مقابل الأنبياء شياطين من الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.
قال تعالى:
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُواًّ شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ القَوْلِ غُرُوراً). (112_ الأنعام)

لم يحظر عطاءه ورزقه عن المؤمن ولا عن الكافر:
قال تعالى:
(كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً). (20_ الإسراء)

ومن التسوية أن يهدي الله المؤمنين بإيمانهم، ويرسل الرسل بالبينات ليقوم الناس بالقسط، ويحبب الإيمان إلى المؤمنين ويزينه في قلوبهم ويكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان، وكلما اهتدوا زادهم هدى، ويوحي إلى الملائكة أن يثبتوا الذين آمنوا، ويجعل الملائكة تتنزل عليهم بالبشرى ويوالونهم في الحياة الدنيا والآخرة، ويستغفروا للذين آمنوا.

قال تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ). (9_ يونس).
وقال:
(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ). (25_ الحديد).
وقال:
(وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ). (7_ الحجرات).
وقال:
(وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى). (76_ مريم).
وقال:
(إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى المَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا). (12_ الأنفال).
وقال:
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ(30) نَحْنُ أَوْلَيَاؤُكُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ). (31_ فصلت).
وقال:
(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الجَحِيمِ(7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَتِي وَعَدتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ(8) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ). (9_ غافر).

كذلك من التسوية أن يرسل الشياطين على الكافرين تؤزهم أزاً، ويمدد من كان في الضلالة ليزداد ضلالة، ويزين لهم الشيطان أعمالهم السيئة فيرونها حسنة.
قال تعالى:
(أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزاًّ). (83_ مريم).
وقال:
(قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَداًّ). (75_ مريم)
وقال:
(إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ). (4_ النمل).
وقال:
(وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). (43_ الأنعام).
وقال:
(كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). (122_ الأنعام).

ولم تتوقف التسوية عند هذا الحد بل إن الله جعل خلق الإنسان في أحسن تقويم، وفي المقابل رده إلى أسفل سافلين، وهذه الخلقة التي هي في أحسن تقويم قادرة على الخروج بصاحبها من أسفل سافلين إن هو أراد ذلك وسعى له.
قال تعالى:
(لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ(4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ(5) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ). (6_ التين).

## كائن يشتهي الملك والخلود:

يتميز الإنسان عن بقية الكائنات الحية الأخرى بشهوتي الملك والخلد، فتراه يكابد ويصارع جل حياته يصنع ويبني ويمتلك للخلود، فهو صانع باني مالك من أجل الخلود، إما الخلود في الدنيا أو الخلود في الآخرة.
فالناس أمام شهوة الخلود صنفان لا ثالث لهما:
صنف يبني ويصنع ويملك فيبطش ويتجبر ويبغي ويتكبر ويظلم من أجل الخلود في الدنيا، وقد بدت هاتان الشهوتان أول ما بدتا مع آدم وزوجه قبل هبوطهما من الجنة:
قال تعالى:
(فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الخَالِدِينَ). (20_ الأعراف).
وقال تعالى:
(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى). (120_ طه).

وكقوم عاد حين قال لهم "هود" عليه السلام:
قال تعالى:
(أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129) وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (131) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134) إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (135) قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الوَاعِظِينَ (136) إِنْ هَذَا إِلاَّ خُلُقُ الأَوَّلِينَ (137) وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (138) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ). (139_ الشعراء).

وقال عن فرعون وقومه:
(وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ). (137_ الأعراف).
وقال:
(وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى). (69_ طه).

وقال عن الذي انسلخ من آيات الله وأخلد إلى الأرض:
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الغَاوِينَ(175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ). (176_ الأعراف)

وقال عن الذي يجمع المال للخلود:
(وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ المُوقَدَةُ). (6_ الهمزة).

وقال لكل هؤلاء:
(أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى). (36_ القيامة).
(أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ). (5_ البلد) .
(أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ). (7_ البلد).
(أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَن لَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ). (3_ القيامة).
(كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ العَاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ). (21_ القيامة).
(وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيدٌ). (8_ العاديات).
(إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ). (14_ الإنشقاق).

لكن هذا الصنف لا يعلم أنه لا خلود لبشر في الدنيا:
قال تعالى:
(وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (7) وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداًّ لاَّ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ). (8_ الأنبياء).
وقال تعالى:
(وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الخَالِدُونَ (34) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ). (35_ الأنبياء).

الصنف الثاني وهم من يشتهون الخلود في الآخرة وهم الذين وعدهم الله بقوله:
قال تعالى:
(وَعَدَ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ). (72_ التوبة).

وهذا هو المكان الحقيقي والفعلي للخلود:
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ البَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ البَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ). (8_ البينة).

## متى يكون الإنسان أفضل الكائنات ومتى يكون شر الدواب وأضل من الأنعام؟:

الإنسان كما جاء في القرءان الكريم لا يساوي الكائنات الحية الأخرى، فإما يسمو على الملائكة وإما ينحدر ليكون شر الدواب وأضل من الأنعام، الإنسان حين يعرض عن الله وينحرف عن هداه ويضل فهو:

كائن ضعيف:
(وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً). (28_ النساء).

كائن وصولي انتهازي:
(وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ). (12_ يونس).
(فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ(15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ). (16_ الفجر).

كائن يؤوس كفور وفرح فخور:
(وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ(9) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ). (10_ هود).

كائن ظلوم كفار:
(إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ). (34_ إبراهيم).

كائن عجول:
(وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً). (11_ الإسراء).
(خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ). (37_ الأنبياء).

كائن كفور:
(وَكَانَ الإِنسَانُ كَفُوراً). (67_ الإسراء).

كائن يؤوس قنوط:
(وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوساً). (83_ الإسراء).
(لاَ يَسْأَمُ الإِنسَانُ مِن دُعَاءِ الخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ). (49_ فصلت).

كائن قتور:
(وَكَانَ الإِنسَانُ قَتُوراً). (100_ الإسراء).

كائن كثير الجدل:
(وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً). (54_ الكهف).

كائن ظلوم جهول:
(إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً). (72_ الأحزاب).

كائن منافق ذو وجهين:
(وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً). (8_ الزمر).

كائن مزور كاذب مدعٍ:
(فَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ). (49_ الزمر).

كائن هلوع جزوع منوع:
(إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً(19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً(20) وَإِذَا مَسَّهُ الخَيْرُ مَنُوعاً). (21_ المعارج)

كائن فاجر:
(بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ). (5_ القيامة).

كائن بالغ الكفر:
(قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ). (17_ عبس).

كائن طاغ مستغن:
(كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى(6) أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى). (7_ العلق).

كائن كنود:
(إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ). (6_ العاديات).

كائن خاسر:
(إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ). (2_ العصر).

أين هو الكائن الحي في جميع الكائنات الحية الأخرى الذي يحوي كل هذه الصفات الإنسانية أو حتى يحمل بضعاً من هذه الصفات الإنسانية التي يتصف بها المعرض عن ذكر الله المنحرف عن هداه؟.

وهذا هو الإنسان حين يعرض عن ذكر الله وينحرف عن هدى الله يصبح "شر الدواب"، و"أضل من الأنعام".
قال تعالى:
(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ{22} وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ). {23_ الأنفال}.
وقال:
(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ {55} الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ). {56_ الأنفال}.
وقال:
(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ). {179_ الأعراف}.
وقال:
(أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً). {44_ الفرقان}.

## "المؤمن الذي يعمل الصالحات" هذا هو الإنسان الحقيقي الذي هو أفضل الكائنات:

(وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10) إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ). (11_ هود).

(إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلاَّ المُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ العَادُونَ (31) وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ). (35_ المعارج).

(لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ). (6_التين).

(إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ). (3_ العصر).

(إِلاَّ الَذيِنَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التُّوَّابُ الـرَّحِيم). (160_ البقرة).

(إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). (89_ آل عمران).

(إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ المُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً). (146_ النساء).

(إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ). (227_ الشعراء).

(وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ). (24_ ص).

## وهم "الإنسانية":

إن الحديث عن "الإنسانية" و"المحبة" و"السلمية" و"التسامح" و"التعايش" وأنها تعني القيم والمبادئ والأخلاق والتسامح ووو...إلخ، كل هذا وهم وهراء ودجل لا حقيقة له ولا وجود له في هذا العالم الذي نعيش فيه، فلا يوجد شيء حقيقي اسمه "إنسانية" إنما هي محض اسماء سماها دجالوا العلمانية والإلحاد هم وآباؤهم ما أنزل الله بها من سلطان في الغرب النصراني الضال الذي شرد من الله وهديه على يد "بولس الرسول" من شريعة موسى تحت وهم الإيمان بالإله المصلوب، اختلقوا هذه الأسماء والمصطلحات كبديل للدين وشرائعه وأحكامه وقيمه وتعاليمه وأخلاقه، إن وهم الإنسانية ما هو إلا النصرانية البولسية الطوباوية المثالية المغلفة بشعار إنساني لا وجود حقيقي له على سطح هذا الكوكب، إن من يحدثك عن "الإنسانية" ما هو إلا دجال كبير يريد تجريدك من دينك وإيمانك وقوتك وحقوقك وكينونتك تحت مظلة زائفة تسمى "الإنسانية". وقد كتبت ذات مرة في أحد مقالاتي:

(السلمية، المحبة، الإنسانية)
مصطلحات خرقاء جوفاء وهمية لا وجود لها في واقع الحياة:
هي مصطلحات نحتها النصارى الأوروبيون على مر العصور وقاموا بترديدها وتداولها ورفعها كشعارات حين يكونوا أقليات مستضعفة لا حول لها ولا قوة، ثم تم استغلالها من قبل الساسة والمؤسسات الغربية الاستعمارية وقاموا بترويجها بين شعوب العالم الثالث والشعوب المستضعفة والمستحمرة حتى تتقبل ذبحها واحتلاها وتركيعها في صمت ودون مقاومة، أي: يذبحون ويحتلون ويركعون بمحبة وسلمية وإنسانية.
بينما "القرءان الكريم" جاء ليتعامل مع الواقع الحقيقي للحياة، فقال تعالى:
(وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). (179_ البقرة).
وقال:
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ القَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا). (217_ البقرة).
وقال:
(فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوَهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الكَافِرِينَ). (191_ البقرة).
وقال:
(الشَّهْرُ الحَرَامُ بِالشَّهْرِ الحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ المُتَّقِينَ). (194_ البقرة).

إن كثيرا من الحمقى والبلهاء والصبية من بني جلدتنا ممن يرفعون شعارات العلمانية والعقلانية والإنسانية ظانين أنهم بهذه الشعارات قد أصبحوا راقين متحضرين تجري في عروقهم دماء زرقاء، وتجد جل هؤلاء يضع لك صورة امرأة أو رجل أوروبي أو أمريكي أبيض أو نجم من نجوم الفن الغربيين وهو يلاطف طفل أسود من أطفال المجاعة في القارة السمراء ويعلق أسفل الصورة قائلا: (يا سلام على الإنسانية يا سلام على الحنية!!). وهذا الأحمق الأبله من بني جلدتنا لا يعلم بل لا ينتبه أن القادة السياسيين في بلدان ذلك الرجل الأبيض المفعم بالإنسانسة والحنية هم الذين ينشرون الحروب والدمار والخراب في شتى ربوع الأرض، وهم الذين قاموا بامتصاص دماء هذا الطفل الجائع على يد رأسمالييهم الجشعين المتوحشين، ولا ينتبه ذلك الأحمق الأبله من بني جلدتنا أن جيوش بلدان ذلك الرجل الأبيض وأساطيلهم وغواصاتهم وبوارجهم الحربية وراجمات صواريخهم تملأ بحار ومحيطات ما يسمى بدول العالم الثالث الضعيفة المحتلة المنهكة، وقواعدهم العسكرية تملأ صحاري بلداننا العربية والإسلامية تحت رعاية عملائهم من الحكام العملاء الخونة. بينما لا يجرؤ جندي أمن مركزي صعلوك من أي دولة من دول العالم الثالث أن يقترب من المياة الإقليمية لأي دولة غربية وفي يده مسدس صوت خال من البارود.
ألا لعنة الله على الجاهلين.

يقول الأستاذ "محمد قطب":
(الإنسانية دعوى براقة، تظهر بين الحين والحين ، ثم تختفى لتعود من جديد ! يا أخى ! كن إنسانى النزعة .. وجه قلبك ومشاعرك للإنسانية جمعاء .. دع الدين جانبا فهو أمر شخصى .. علاقة خاصة بين العبد والرب محلها القلب .. لكن لا تجعلها تشكل مشاعرك وسلوكك نحو الآخرين الذين يخالفونك فى الدين .. فإنه لا ينبغى للدين أن يفرق بين البشر .. بين الإخوة فى الإنسانية ! تعال نصنع الخير لكل البشرية غير ناظرين إلى جنس أو لون أو وطن أو دين !
دعوى براقة كما ترى .. يخيل إليك حين تستمع إليها أنها تدعوك للارتفاع فوق كل الحواجز التى تفرق بين البشر على الأرض . تدعوك لترفرف فى عالم النور .. تدعوك لتكون كبير القلب ، واسع الأفق ، كريم المشاعر .. تنظر بعين إنسانية ـ وتفكر بفكر عالمى ، وتعطى من نفسك الرحبة لكل البشر على السواء ، بدافع الحب الإنسانى الكبير !
أى رفعة ، وأى سمو ، وأى نبل ، وأى عظمة فى القلب والفكر والشعور !
ولكن مهلا ! انتظر حتى يخفت الرنين الذى تحدثه الكلمات والعبارات وفتش عن الحقيقة بعيدا عن العواطف والانفعالات ، وانظر أين تجد هذه الشعارات مطبقة فى واقع الأرض ؟! هل لها رصيد حقيقى من الواقع أم أنها شعارات زائفة ترفع لأمر يراد؟!). انتهى

ويقول:
(ولكن أناسا قد يخدعون بدعوى الإنسانية لما فيها من بريق ، فيؤمنون بها أو يدعون إليها غافلين عن الحقيقة التى تنطوى عليها . وقد لا يصدقون أصلا أنها دعوة إلى التحلل من الدين يبثها الشياطين فى الأرض لأمر يراد .
فلنصدق – مؤقتا – أنها دعوى مخلصة للارتفاع بالإنسان عن كل عصبية تلون فكره أو سلوكه أو مشاعره ، ليلتقى بالإنسانية كلها لقاء الصديق المخلص الذى يحب الخير للجميع..
فلنصدق ذلك فى عالم المثل .. فى عالم الأحلام .. فما رصيد هذه الدعوى فى عالم الواقع ؟! ما رصيدها فى العالم الذى تجتاحه القوميات من جانب ، والعصبيات العرقية والدينية والسياسية والاجتماعية من كل جانب؟). انتهى
(المصدر: محمد قطب، مذاهب فكرية معاصرة، الطبعة السادسة، دار الشروق، القاهرة، 1992، ص 589، 591).

ويقول دكتور محمد الضو:
(وكذلك توصف بهذه الصفة _الإنسانية_ بعض الأعمال الإيجابية أو المواقف العاطفية والمشاعر الرومانسية وكذلك توصف بالإنسانية المؤسسات التي تقوم بتقديم المساعدات للمحتاجين ولضحايا الحروب وتوصف معها المساعدات بأنها مساعدات إنسانية، مع أن الكثير من هذه المؤسسات تكون تابعة للدول التي تشعل الحروب وتدمر البلدان وتتسبب بالخراب والموت والتهجير لملايين البشر، وتستخدم هذه المساعدات للتحكم بانتشار الذين يبقون على قيد الحياة لاستغلال مآسيهم والسيطرة عليهم من خلال هذه المساعدات والتي تتعرّض للسرقات من قبل العاملين على إدارة توزيعها والذين يصبحون من كبار الأغنياء على حساب ضحايا الجرائم البشرية الوحشية التي تغطّى بالأعمال التي يقال عنها إنسانية، والتي يصدّقها وينخدع بها من لا يعرفون حقيقة الشروط والمعايير الإنسانية لأي عمل إنساني). انتهى
المصدر: د. محمد الضو، معنى الإنسانية / توحيد الفهم والمفهوم / ج 8.

ويقول الباحث نبيل الكرخي:
(بروتوغوراس السفسطائي هو صاحب الشعار الذي رفعه دعاة "الانسانية" بجعل الانسان مقياساً لجميع الاشياء ! ولكن هل يصلح الانسان ليكون مقياساً لجميع الاشياء ؟ اليس الانسان يختلف في فكره وافعاله من شخص الى آخر ، فكيف يكون الانسان هو المقياس وهو مختلف اصلاً من شخص لآخر ! أي انسان ، يصلح ان يكون مقياسا صالحاً لجميع البشر.
لم تظهر العديد من الافكار والرؤى الاقتصادية والسياسية والتي مصدرها الانسان بمعزل عن الدين (كالاشتراكية والراسمالية والليبرالية والعلمانية) ومع ذلك ما زالت تلك الافكار والرؤى عاجزة عن تحقيق السعادة التي يصبوا اليها الانسان في حركته الحياتية ! بل ان النازية ايضاً تشبثت في رؤاها بالاخلاق وهي ترسم سياستها الاستعمارية ، فهذا هتلر يقول في كتابه "كفاحي": (فلابد من عودة المانيا النمساوية للوطن الام ، وليس بسبب أي دوافع اقتصادية. بل وحتى ان ألحق الاتحاد اضراراً اقتصادية فلابد منه. دمائنا تطلب وطناً واحداً ، ولن تستطيع الامة الالمانية امتلاك الحق الاخلاقي لتحقيق سياسة استعمارية حتى تجمع اطفالها في وطن واحد. وفقط حين تشمل حدودنا آخر الماني، ولا نستطيع تامين رزقه سنمتلك الحق الاخلاقي في احتلال اراض اخرى بسبب معاناة شعبنا) ! فهتلر كان يرى انسانية عنصره القومي اعلى شأناً من انسانية من سواه ، وكان من الممكن ان تصبح النظرة النازية حقيقة انسانية في المجتمعات العالمية ، فبمعزل عن الدين يمكن ان تتحول القبائح الى حقائق انسانية كما هو حادث فعلاً ، ويؤيد ذلك قول سارتر – وهو اشهر فلاسفة الوجودية الالحادية في عصرنا الحالي - كما في كتاب (الوجودية مذهب انساني) ، ص37: (قد يقرر بعضهم في الغد بعد موتي ان يقيموا حكماً فاشياً وقد يجبن الآخرون او يكسلوا عن ان يمنعوهم من ذلك فتصبح الفاشية عندئذٍ ورغما عنا حقيقة إنسانية ، لأن ما هو واقع هو ما قرر الانسان وقوعه) !! اذن الحقائق الانسانية ـ بمعزل عن الدين - ليس لها ضابط سوى ما يقرره الانسان نفسه ، طبعاً هذا من وجهة النظر الالحادية.
فاذا كانت الوجودية تقوم على اساس ان الانسان هو الذي يصنع قيمه ـ كما صرح بذلك سارتر في كتابه الوجودية مذهب انساني ، ص63 - والانسانية هي مجموعة من القيم والاخلاق فهل ذلك يعني ان الانسان هو الاذي يصنع انسانيته باعتبار انه يصنع قيمه واخلاقه !؟ واذا كان الانسان يصنع انسانيته فهذا معناه اختلاف الناس في انسانيتهم او في مرتكزاتهم الانسانية مما يؤدي الى عدم وجود نمط انساني واحد مقبول من جميع الناس. اذن ليست هناك انسانية واحدة بل مجموعة من "الانسانيات الملحدة" المختلفة باختلاف الناس في اختيارهم لقيمهم ومبادئهم !
ان من نتائج الانسانية الملحدة ان ظهرت تلك الدعوات في اوربا الى منع عقوبة الاعدام رغم ان القاتل الذي يستحق الاعدام قد ازهق روحاً انسانياً ومن ابسط مفاهيم العدالة هو القصاص النفس بالنفس.
ومن نتائج الانسانية الملحدة ان بعض المعايير الانسانية اصبحت مزدوجة فتارة ينشؤون جمعيات للدفاع عن حقوق الحيوانات وتارة يؤيدون تهجير الفلسطينيين وقتلهم والوقوف الى جانب قاتليهم وظالميهم ! وتارة يضربون مدينتين بقنبلتين نوويتين ويفتكون بآلاف الناس الابرياء وبعد قليل يكتبون هم انفسهم الميثاق العالمي لحقوق الانسان !! وهم انفسهم ينتجون آلاف الاسلحة النووية ويمنعون الاخرين من امتلاك قنبلة نووية واحدة تحت ذريعة الحفاظ على الانسانية ثم يغضون الطرف عن جهة ثالثة تنتج قنابل نووية في صحراء النقب دون رقابة دولية !؟؟
واصبح بعض المهووسين بفكرة الانسانية الملحدة يحاولون تسخير كل الافكار الاخرى لتدور في فلكها فجعلوا من الانسانية عقيدة مقدمة على كل العقائد الاخرى تحت غطاء استدرار عواطف الناس والتمظهر بمظهر البراءة والملائكية والتضحية فيجعلون من فكرة الانسانية مدار حياتهم وأفق سعادتهم ! وبدأوا يوظفون فكرة الانسانية من اجل ابطال الاديان. فاخذوا يروجون بان الانسان يجب ان يعيش بانسانيته ويقدمها على دينه ! ومن هذا المنطلق بدأوا يبطلون العديد من الاحكام الشرعية بزعم انها تتعارض مع الانسانية ، فتارة يبطلون عقوبة الاعدام للقاتل كما اسلفنا ، وتارة يبيحون اللواط ثم تمادوا فوضعوا قوانين رسمية لزواج اللوطيين تحت عنوان زواج المثليين ! وهناك دول اوربية ابطلت القوانين التي تعاقب جريمة زنى المحارم فلم تعد تعتبرها جريمة ولم تعد تعاقب الزاني بمحارمه!). انتهى
المصدر: (نبيل الكرخي، مفهوم الانسانية بين الالحاد والايمان).

إن الإنسان الحقيقي هو المؤمن بالله السوي القوي الذي يعمل الصالحات ولا أحد غيره:
(لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ). (6_التين).

(للحديث بقية في الفصل الثالث: النفس)


نهرو طنطاوي
كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر
مصر _ أسيوط
موبايل : 01064355385 _ 002
إيميل: [email protected]
فيس بوك: https://www.facebook.com/nehro.tantawi.7
مقالات وكتابات _ نهرو طنطاوي:
https://www.facebook.com/pages/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%86%D9%87%D8%B1%D9%88-%D8%B7%D9%86%D8%B7%D8%A7%D9%88%D9%8A/311926502258563


(كتاب: ما هية ومكونات الإنسان)

الفصل الأول: (خلق آدم)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=504807



#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماهية ومكونات الإنسان في القرءان الكريم: الفصل الأول: (خلق آ ...
- السنة ما لها وما عليها: الفصل السابع عشر: (هل نهى رسول الله ...
- السنة ما لها وما عليها: الفصل السادس عشر: (هل جمع الرسول الق ...
- السنة ما لها وما عليها: الفصل الخامس عشر: (القرءان الكريم رو ...
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب - الجزء السابع الأ ...
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب - الجزء السادس
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الخامس
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الرابع
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الثالث
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الثاني
- نقد العلمانية والعلمانيين المصريين والعرب – الجزء الأول
- (مسيحيون أم نصارى)؟ حوار رمضاني مع الأستاذ (أسعد أسعد)
- نبضة قلب في حياة ميتة
- لماذا توقفت عن كتابة مقالي اليومي في (روزاليوسف)؟
- (الإلحاد) هو الابن الشرعي للعقائد المسيحية
- (ليندي انغلاند) (أنجلينا جولي): يد تبطش والأخرى تداوي وتطبطب
- الفرق بين الإنسان الواقعي والإنسان الافتراضي
- الفرق بين -حقائق الأشياء- و-زخرف الكلمات- و-عوالمنا الخاصة-:
- آخر الهوامش: هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 ي ...
- هوامش يومية على جدران الثورة المصرية -ثورة 25 يناير- (26)


المزيد.....




- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - ماهية ومكونات الإنسان: الفصل الثاني: من هو الإنسان؟