(ليندي انغلاند) (أنجلينا جولي): يد تبطش والأخرى تداوي وتطبطب

نهرو عبد الصبور طنطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4628 - 2014 / 11 / 9 - 02:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

ثنائي الأمريكيتين "أنجلينا جولي" و"ليندي انغلاند" والاستخفاف بوعي الناس.
يعمد بعض الخبثاء الماكرين من بني جلدتنا إلى الاستخفاف بوعينا بل واستغفالنا واستحمارنا عن قصد وعمد وترصد.
فماذا يفعلون؟؟.
لا يمل بعض الخبثاء المخادعين من الحديث عن عظمة وعطاء وخيرية وحنية وطيبة ووداعة وإنسانية الإنسان الغربي وتسليط الأضواء _بمناسبة وبغير مناسبة_ على بعض الشخصيات الغربية _أوروبية أو أمريكية_ التي تقوم بأعمال خيرية وإنسانية هنا أو هناك وفي بقاع عديدة من بلدان العالم، ثم يقولون لنا انظروا إلى الإنسانية!! أنظروا إلى العطاء!! أنظروا إلى دماثة وأخلاق وحنية وطيبة هؤلاء الناس!!. وبالطبع لا ينسى هؤلاء إلى تذكرينا صباح مساء وثلاث مرات قبل الأكل وبعده بالأمريكية الجميلة "أنجلينا جولي" وأعمالها الخيرية وتبنيها للأطفال اليتامى وبيع مجوهراتها من أجل مساعدة فتيات "أفغانستان" ومتشردي ولاجئي الحروب وتبرعاتها التي تعد بالملايين من ثروتها لكثير من المناطق المنكوبة بفعل الحروب والقصف والدمار، بينما هؤلاء الخبثاء الماكرون يغضون الطرف عن المجندة الأمريكية "ليندي انغلاند" التي مارست أبشع عمليات تعذيب وحشية ضد المعتقلين العراقيين في فضيحة "سجن أبو غريب" الشهيرة.

هذه الازدواجية الشيطانية التي يريد هؤلاء أن نرى منها فقط الجانب المضيء في شخص وأعمال الأمريكية الجميلة "أنجلينا جولي" بينما يغضون الطرف عمدا وخبثا ولؤماً ويلتزمون الصمت والخرس التام والإظلام الدامس في شخص وأعمال المجندة الأمريكية "ليندي انغلاند"، رغم أن هذه أمريكية وهذه أمريكية.

وهكذا يفعلون بشيطانية عندما يقدمون لنا الإنسان الغربي _الأوروبي أو الأمريكي_ في أحاديثهم عن بعض الغربيين الذين يقومون بتأسيس جمعيات للرفق بالحيوان والرأفة به بشكل مفرط، لدرجة أن منظمات غربية عديدة هاجمت كثيرا ذبح المسلمين للخراف والنعاج بأعداد كبيرة في "عيد الأضحى" واعتبرتها جرائم وحشية وهمجية ومأساة في حق الحيوان، هذا فضلا عن تقديم نماذج كثيرة عن اهتمام بعض الغربيين بالقطط والكلاب والفئران والصراصير والقمل والضفادع وغيرها من الحيوانات والحشرات ومدى رحمته وعطفه وشفقته عليها ورعايته لها، بينما هذا الإنسان الغربي هو نفسه بذاته وشحمه ولحمه يشاهد بأم عينيه كل يوم في وسائل الإعلام ما فعلته وتفعله جيوش بلاده بالعراقيين وبالأفغان وبالفلسطينيين، ومساندة حكومات بلاده لأنظمة عسكرية استبدادية ديكتاتورية طغيانية مجرمة في كثير من بلدان العالم دون أن يطرف له جفن أو يحرك فيه ساكنا، بل إن هذا الإنسان الغربي هو نفسه الذي ينتخب ويختار قادته بكامل إرادته ويقف بكل قوته خلف ساسته المجرمين السفاحين المستعمرين سافكي دماء الشعوب، وجميعنا يعلم كيف يخضع الإنسان الغربي بشكل كامل لما تبثه في وعيه وسائل الإعلام التي تعمل وفق إمكانات جهنمية لتوجيهه إلى الوجهة التي يريدها تجار الحروب وأصحاب المصالح ومالكي الثروات ونخاسيي الإعلام وأهل السلطة من الرأسماليين المتوحشين.

متجاهلين حقيقة أن الإنسانية والعطاء والخيرية وغيرها من القيم هي قيم إنسانية عامة ليست حكرا على شعوب دون شعوب أو عرق دون عرق أو أشخاص دون آخرين، ومتجاهلين كذلك أن القيم الإنسانية لا تتجزأ ولا يمكن أن تكون قيما عنصرية تتمتع بها شعوب دون أخرى، أو تمنح لشعوب وتحرم منها أخرى، إنما هي حق إنساني عالمي عام لجميع شعوب العالم دون استثناء وليست حكرا على الشخص الغربي المسيحي الأبيض فحسب كما يريد أن يوهمنا بعض مهاويس ومجانين الغرب من بني جلدتنا.

ما أريد قوله: أنه يجب ويتحتم على السيدة الأمريكية الجميلة الرقيقة "أنجلينا جولي" أن تعي _إن لم تكن تعي من قبل_ وأن تفهم _إن لم تكن تفهم من قبل_ أن الضحايا والفقراء واليتامى والمشردين واللاجئين والمعوقين الذين تقوم بمساعدتهم ورعايتهم ما هم إلا ضحايا جرائم جيش بلادها وضحايا سياسات حكومات بلادها المتعاقبة التي تناصر المستبدين والسفاحين والمجرمين من حكام تلك البلدان التي تقدم أعمالها الخيرية فيها.

وبدلا من أن تنفق السيدة "أنجلينا جولي" ثروتها وتضيع مجهوداتها الجبارة سدى على منكوبي الحروب وضحايا القصف ومشردي الأنظمة العسكرية الاستبدادية المجرمة التي تقتل شعوبها، عليها أن تكف عن أعمال الخير هذه وتوفر ثروتها وتحتفظ بمجوهراتها إن كانت صادقة ومخلصة بالفعل فيما تقوم به من أعمال الخير وتستغل نجوميتها وعالميتها وتركز كافة جهودها في تشكيل حركة "تمرد" على غرار "حركة تمرد" المصرية وتقوم بجمع توقيعات للتشهير بسياسات حكام بلادها ونشر الوعي في المجتمع الأمريكي بما تفعله الصواريخ وحاملات الطائرات وقنابل وقذائف الجيش الأمريكي على الشعوب الفقيرة المستضعفة لأجل حماية مصالحها فحسب، وكذلك عليها أن تقوم بفضح الحكومات الأمريكية المتعاقبة التي ساندت وتساند أعتى النظم الطغيانية الاستبدادية المجرمة في العالم ضد شعوبها وتمدها بالدعم السياسي والمالي والعسكري لا من أجل الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان كما يزعمون إنما من أجل مصالحها فحسب ولتذهب الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان بعد ذلك إلى قاع الجحيم.

فإن فعلت الأمريكية الجميلة فاعلة الخير القديسة " أنجلينا جولي" هذا واستطاعت أن تكف عنا جرائم جيش بلادها وشرور سياسات حكومات بلادها فسوف نتوجه لها بوافر الشكر والعرفان، وساعتها لن نكون بحاجة إلى ملايينها ولا مجوهراتها ولا عطاياها ولا أعمالها الخيرية، لأنه لن يكون هناك فقراء ولا ضحايا ولا يتامى ولا مشردين، وإن لم تفعل فهي إذاً كما نظن بها ما هي إلا "عاملة" في محل تجميل تقوم بوضع المساحيق التجميلية لإخفاء شرور وجرائم سياسات حكام بلادها الشائهة القبيحة، أو أنها شخصية أساسية في مسرحية هزلية عنوانها: (يد "ليندي" تبطش ويد "أنجلينا" تداوي وتطبطب).


نهرو طنطاوي
كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر
مصر _ أسيوط
موبايل : 01064355385 _ 002
إيميل: [email protected]
فيس بوك: https://www.facebook.com/nehro.tantawi.7
مقالات وكتابات _ نهرو طنطاوي:
https://www.facebook.com/pages/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%86%D9%87%D8%B1%D9%88-%D8%B7%D9%86%D8%B7%D8%A7%D9%88%D9%8A/311926502258563

#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل