أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - هويدا طه - يا فرعون إيه فرعنك.. ملقيتش حد يلمني















المزيد.....

يا فرعون إيه فرعنك.. ملقيتش حد يلمني


هويدا طه

الحوار المتمدن-العدد: 1383 - 2005 / 11 / 19 - 15:39
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


مثلما حظيت انتخابات الرئاسة المصرية بتغطية إعلامية واسعة وتحمست لها الفضائيات.. نالت الانتخابات البرلمانية اهتماما مشابها، حتى أن قنوات الجزيرة والعربية والحرة جندت مراسلين في مدن بل وقرى أخرى في مصر إضافة إلى مراسليها في القاهرة.. وراحت تسألهم على مدار الساعة عبر الأقمار الصناعية:(هيه.. ماذا تشاهدون؟!) وهم بدورهم راحوا يجيبون على السؤال بمسك العصا من وسطها.. ربما حتى يعّدي النهار على خير.. فلا يضبطهم رجال صفوت الشريف المنتشرون هنا وهناك وهم متلبسين بوصف (دقيق) لما يشاهدونه! فيتسببون في حرمان محطاتهم من مواصلة التغطية لهذا الحدث وما يتوقع خلاله من طرائف! استضافت تلك القنوات وغيرها على مدار الساعة شخصيات مصرية عامة (تخصهم بصفة المحللين، ومعظمهم يقوم فعلا بدور المحلل!) للتعليق على (مسار) العملية الانتخابية.. معظم المتحدثين بل وحتى المحاورين أنفسهم من هذه القناة أو تلك كانوا يسألون أو يجيبون على طريقة (في فمي ماء)! فالمحاور يعرف والضيف يعرف والمشاهد يعرف والعالم كله يعرف وكل منهم يعرف أن الآخر يعرف أنها انتخابات مزورة! مهينة للمصريين تستخف بهم وهم بدورهم يستخفون بها! كلهم يعرفون أنها انتخابات ليست لاختيار أو تجديد الحكومة أو ما شابه من الأهداف التقليدية للانتخابات في بلدان أخرى غير مصر.. إذ كيف تكون انتخابات (نزيهة) ثم ينجح مثلا رجل مثل كمال الشاذلي؟! أي شعب (حر) هذا الذي (يختار) هذا الرجل وأمثاله؟!
ملاحظة أخرى على التغطية الإعلامية لهذه الانتخابات ربما استوقفت الكثيرين.. فالعديد من المصريين اشتكى في مرحلة سابقة من أن الشأن المصري (مغيب عمدا عن الفضائيات) ثم وجد مصر هذه المرة حاضرة في برامجها بكثافة.. لكن حول أي مصر يدور ذلك الاهتمام المفاجئ؟ فرغم كثافة التغطية إلا إنها تركزت على استطلاع آراء شخصيات عامة فقط.. حكومية أو معارضة.. لم يكن الشارع المصري موضوع تحقيق صحفي واحد في تلك التغطية الكثيفة، لم يكن الناس العاديون هناك.. إلا نادرا وبشكل هامشي في التقارير الإخبارية، ولأن الحكومة راحت تمارس (التزوير) صراحة- وبلا تحفظ حتى ولو لذر الرماد في العيون- فإن تساؤلا راح يلح على الكثيرين.. أين هو إذن (المواطن المصري) وسط كل هذا الضجيج الإعلامي؟! بل ربما يبرز تساؤل آخر عما إذا كان ذلك المواطن (يريد أو يستحق فعلا) انتخابات نزيهة؟! فحتى لو سلمت بالأرقام الحكومية- بغض النظر عن تسليم أسبق بأنها مزورة- فإن من توجهوا إلى صناديق الاقتراع كانوا أقل من ربع من يحق لهم التصويت.. بل وحتى هذا التوجه كان قسريا.. إذ تم شحن معظم هذا الربع من الناخبين في باصات وشاحنات من مقار عملهم الحكومية أو من شركات رجال الأعمال المرشحين إلى لجان الانتخاب، نحن إذن أمام شعب ثلاثة أرباع من لهم حق التصويت فيه لم يكترثوا بالعملية الانتخابية أصلا.. والربع الباقي تم جره بسلاسل غير منظورة ليبصم على أوراق عليها صور وأسماء ورموز تتنوع بين الهلال والمفتاح والحمار والخروف.. يتم إلقاؤها بعد اختيار هذا الحمار أو ذاك الخروف في صناديق من الخشب المحلى بواجهة من زجاج! هذا ما يعرفه معظم الناخبين عن (العملية الانتخابية) التي يعود الناخب بعدها إلى بيته.. سعيدا بالتحرر من إتمام يوم عمل كامل، إذ منحته نصفه ليصبح فيه طليقا.. فيتوجه إلى المقهى أو السوق أو يذهب إلى بيته.. يشاهد التليفزيون أو ببساطة.. ينام! ثم يأتي الليبرالي أو اليساري أو الفوضوي أو الثوري أومن كان على ملل ونِحل أخرى ليقول إن المواطن المصري تم إقصاؤه عمدا عن المشاركة السياسية.. وأنه لابد من التغيير حتى يكون المصريون ديمقراطيين عارفين مدركين أن قيمة صوتهم أغلى بكثير من الخمسمائة جنيه.. التي عرضت على بعضهم لأجل هذا الصوت في سوق الانتخابات البرلمانية لهذا العام.. وأنهم- هؤلاء الليبراليون واليساريون وغيرهم من الناشطين- يقدمون له (أووفر) أفضل أسموه (التغيير)! لكن المواطن المصري (يصر) على عدم الاكتراث بهذا الأووفر الهلامي تماما كما يصر على عدم الاكتراث بالعملية الانتخابية.. بل أراح رأسه وانصرف حتى عن متابعتها على التليفزيون! ولم يعد يتابعها ويحرق دمه يها سوى هؤلاء الذين لديهم حلم غائم.. بلا تفاصيل! يذكرني هذا بيوم قرأت أيام الجامعة وحماسها نص رسالة أرسلها جمال عبد الناصر في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي إلى صديقه الضابط في القوات المصرية في السودان، كان عبد الناصر حينها ما زال بعد مدرسا بالكلية الحربية.. ويبدو أن (حلم التغيير) كان هائما داخله وقتها لكن بلا تفاصيل، كما يبدو أنه أدرك حينها أن التغيير بلا جماهير تتحمس له هو حلم صعب المنال.. فكتب لصديقه حزينا يائسا يصف المواطنين المصريين بعبارة (هذه الكائنات التي لا تدري من أمر نفسها شيئا)! وباندفاع طالبة جامعية غضبت من وصف عبد الناصر (لنا) بأننا- كائنات- لا تدري من أمر نفسها شيئا! غضبت منه قبل أن أدرك بعدها بسنوات.. أنني أدين لثورة يوليو بإدخالها أول مدرسة ابتدائية إعدادية ثانوية للبنات في هذا الحي الفقير البائس المهمش الذي كنت أقطن فيه.. ولم تكن حكومات مصر المتعاقبة عبر العصور تعرف بوجوده على خريطة مصر من الأساس! (بما فيها الحكومات التي يحلو للبعض وصفها بأنها كانت ديمقراطية!) ولولا الصدفة التاريخية التي جعلتني أبلغ سن الدراسة وهذه المدرسة قائمة في ذلك الحي.. لما كنت أكتب الآن ما أكتب! الآن.. ونحن نعايش انتخابات يغيب عنها ثلاثة أرباع المصريين ويشارك بها الربع الآخر قهرا وقسرا.. رغم استجدائهم للمشاركة سواء بنداءات حكومية زائفة أو بنداءات معارضة عاجزة، الآن.. ونحن نشاهد المجهودات الخارقة التي يبذلها شباب قلائل (هم أيضا من هؤلاء الذين بنت لهم ثورة يوليو المدارس ليكبروا ذات يوم ويقولون للحكم ورجاله: كفاية!) يحاولون بها حث هؤلاء الذين لا يدرون من أمرهم- أو أمر تلك الانتخابات- شيئا على المشاركة.. مجرد المشاركة.. في مظاهرة ما.. فلا يجدون استجابة، الآن.. ونحن نشاهد نفس هؤلاء الذين لا يستجيبون للتوسلات التي تحثهم على الغضب (لأنفسهم ولكرامتهم ولمصالحهم) يخرجون في لحظة.. كطوفان بلا عقل.. استجابة لمهازل غيبية مبهمة، قد ندرك أن عبد الناصر وهو يحاول تحويل حلم التغيير إلى (واقعة يمكن أن تحدث على أرض مصر) رأى ما نرفض الآن رؤيته.. نحن نرفض الاعتراف بأننا (شعب لا يدري من أمر نفسه شيئا).. تأخذنا العزة بالإثم فنبرر اللامبالاة الشعبية بأنها بسبب القمع، قد يكون هذا صحيحا في مقدمته.. لكن نتيجته ليست قدرا، ها هي شعوب أخرى عانت من قمع أشد.. مقدمة مشابهة لكن نتيجتها كانت مختلفة تماما.. فقد انتفضت تلك الشعوب لتنفض عن نفسها هذا القهر الشديد فصنعت لنفسها شيئا.. لماذا نحن لا نفعل؟! هل الأمية المستشرية هي السبب.. أم هو الفقر الذي يسبب اليأس والعجز والذهول؟! لكن هل الشعب الفلبيني كان أغنى منا ويسكن القصور مثلا حين أسقط الرئيس جوزيف استرادا عام ألفين وواحد؟! هل هناك شيء في الجينات المصرية يبطل لدينا فعل الغضب؟! لا عجب إذن أن (يزّور) مبارك ونظامه الانتخابات.. بل لا عجب حتى إن زورا التاريخ نفسه.. من يهتم؟! لا عجب أن (يتفرعن) على مصر ومصرييها.. فهم المصريون أنفسهم- يا للعجب- من وصفوا حالهم بمثلهم الشعبي المعبر: يا فرعون إيه فرعنك؟.. ملقيتش حّد يلمني! صحيح.. مش المشكلة إنه متفرعن.. المشكلة إن مفيش حد يلمه!



#هويدا_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد المشهد الدموي في الأردن: هل تتغير عبارة(ما يسمى)بالإرهاب ...
- التنوير بدلا من التحريض أو التخدير: BBC فضائية جديدة من
- لا تبيعوا قناة السويس مرة أخرى
- حتى لا تنحرف حركة كفاية عن طريق الأمل
- عدوان ثلاثي على سوريا
- جمال مبارك: العبرة في الصلابة
- الدين مذبح الفقراء في دولة البوليس والفساد
- الجريمة السياسية: استبداد الحاكم مقدمتها واغتياله نتيجتها
- الجامعة المصرية: بيت ذل وغضب
- متى يكون القتيل الفلسطيني شهيدا؟
- للمرة الرابعة جائزة نوبل لمصري وليست لمصر
- حكم مجحف بحق تيسير علوني: الصحافة كساحة صراع بين الشمال والج ...
- زمن بث المؤتمرات الشعبية: كفاية تتحدى مبارك على الهواء
- الموت بلا معنى.. لعنة أصابت بغداد
- هيكل وبهية وتباشير الجيل الجديد
- قمة العالم: لا مفر من مواجهة بين شمال متقدم وجنوب مثقل بماضي ...
- إذاعتا الغد والإنقاذ أولى خطوات التمرد
- فضائية مصرية من ميونيخ.. هل تنجح؟
- الانتخابات المصرية: يخاف من الشهود من ينوي ارتكاب جريمة
- أفراح الانتخابات المصرية تتواصل


المزيد.....




- مشتبه به يرمي -كيسًا مريبًا- في حي بأمريكا وضابطة تنقذ ما دا ...
- تعرّف إلى فوائد زيت جوز الهند للشعر
- مطعم في لندن طهاته مربيّات وعاملات نظافة ومهاجرات.. يجذب الم ...
- مسؤول إسرائيلي: العملية العسكرية في معبر رفح لا تزال مستمرة ...
- غارات جوية إسرائيلية على رفح.. وأنباء عن سماع إطلاق نار على ...
- من السعودية والإمارات.. قصيدة محمد بن راشد في رثاء بدر بن عب ...
- شاهد.. أولى الدبابات الإسرائيلية تسيطر على الجهة الفلسطينية ...
- هل انتقلت الحرب الروسية الأوكرانية إلى السودان؟
- فيديو: ارتفاع حصيلة القتلى جرّاء الفيضانات والأمطار في كينيا ...
- فيديو: آلاف المجريين يخرجون في مظاهرة معارضة لرئيس الوزراء ف ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - هويدا طه - يا فرعون إيه فرعنك.. ملقيتش حد يلمني