أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هويدا طه - الدين مذبح الفقراء في دولة البوليس والفساد















المزيد.....

الدين مذبح الفقراء في دولة البوليس والفساد


هويدا طه

الحوار المتمدن-العدد: 1360 - 2005 / 10 / 27 - 13:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مظاهرات الإسكندرية التي جاءت احتجاجا على مسرحية عرضت في كنيسة مارجرجس واعتبرها محركو هذه المظاهرات مسيئة للإسلام.. استنفرت وسائل الإعلام الأسبوع الماضي، فتناولت الحدث من زوايا مختلفة بالتحليل وعرض التقارير والصور، برنامج بانوراما على قناة العربية وبرنامج ما وراء الخبر على الجزيرة وإذاعة BBC البريطانية وغيرهم، إضافة إلى ضغط نشرات الأخبار المتكررة على مدار الساعة، وجرائد ودوريات مطبوعة أو في مواقع إلكترونية على الإنترنت، الحدث نتج عنه إلى جانب القتلى والجرحى.. أزمة سياسية ثقافية تعبر عن احتقان المكبوت الديني والسياسي في مصر، وسباق محموم في وسائل الإعلام وكواليس الدولة وأماكن أخرى بالعالم من أجل (الانتفاع) من ماء الطائفية العكر، وتحويل المصريين إلى وقود يحترق في معركة ليست بمعركتهم، (عوام الناس) الذين احترفوا الصمت لعقود جرفهم تيار الطائفية العكر.. ليكون القتلى والجرحى بالطبع من بينهم!
الجميع يناقش (تفاصيل) الحدث من حيث عدد الضحايا ومطالب المتظاهرين (أو بالأحرى مطالب من حرك المتظاهرين) وردود فعل الدولة والكنيسة والأزهر، حيث استعانت وسائل الإعلام بتحليلات (المفكرين والمثقفين) من الجانبين، الجميع يتحدث بعبارات قشرية عن النسيج الواحد والوحدة الوطنية بين عنصري الشعب المصري، لكن كثيرين مرروا مع تلك العبارات أجندات ٍ ما، سياسية وإيديولوجية وحتى نفعية، لم تستطع وسائل الإعلام- وربما لم تجرؤ أو لم ترغب- في مناقشة (المسكوت عنه) في المسألة الدينية في مصر.. مسيحية أو إسلامية.
بين ليلة وضحاها استطاع (بعضهم) دفع أكثر من أربعة آلاف من حي واحد في مدينة واحدة للخروج إلى الشارع بصيحة واحدة (واإسلاماه)! نفس هؤلاء الأربعة آلاف مواطنا مصريا ومثلهم ملايين أخرى لم تكترث بالخروج إلى الشارع طوال العام الماضي.. رغم المجهودات الخارقة لحركة كفاية وغيرها لإخراجهم للتظاهر والاحتجاج.. على سحق عناصر النظام لكرامتهم وأرزاقهم وحقوقهم في دولة بوليسية فاسدة.. من قمتها إلى القاع! فجأة ظهر لهم هدير يدوي في الشارع.. فجأة رأيت المصريين يحتجون ويواجهون الأمن ويصرخون فيه بل يعتدون على قواته! احتجاجا على ما (قيل لهم) بأنه إساءة إلى الإسلام، وكلنا نعرف أن هؤلاء لا يشاهدون مسرحيات عادة.. وإن كانوا يفعلون فهم لا يشاهدون مسرحيات داخل الكنائس! بل هكذا قيل لهم.. تماما كما قيل لهم منذ سنوات نفس الكلام عن رواية وليمة لأعشاب البحر فخرجوا هادرين محتجين مطالبين بإعدام حيدر حيدر كاتب الرواية! وهم يجرجرون عباءاتهم السوداء نساءً وجلاليبهم البيضاء رجالا، وهؤلاء أيضا ليس من شيمهم قراءة الروايات! بل قيل لهم، لكن.. هل المسلمون فقط في مصر هم من يتم جرجرتهم إلى الشارع على المذبح الديني؟ لا! الأقباط أيضا.. لم يخرجوا للتظاهر والاحتجاج طوال أكثر من قرن للمطالبة بحقوق مدنية محجوبة عنهم بسبب الجهل والتسلط.. لكنهم خرجوا إلى الشارع هادرين غاضبين عندما تعلق الأمر بامرأة من بينهم أعلنت إسلامها.. أو عندما تعلق الأمر بأسقف مارس الفاحشة في كنيسة ففضحته جريدة ما.. غضبوا وثاروا بل وتحدث شاب من بينهم إلى وكالات الأنباء مطالبا بإعدام الصحفي الذي فضح بالمقال والصور ذلك الأسقف! هذه هي المشكلة المصرية الأصيلة.. الفهم المشوه والإدراك المختل للدين أيا كان الرسول! لكن هل هو سمة البسطاء فقط.. هؤلاء الذين يتم استخدامهم وقودا لكل أزمة طائفية عكرة من هذا النوع؟ لا! المؤسف أن هذا التدين المخل بقيمة الإنسان وحقوقه هو سمة لبعض من يوصفون بأنهم (مفكرون ومثقفون) من ورثة الديانتين! هؤلاء هم من يلقون بهذا الوقود الآدمي إلى مذبح الدين في مصر، والأغرب أن من بينهم من يسوق نفسه بأنه (إسلامي مستنير) أو (قبطي معتدل) ثم في مثل تلك الأزمات ينقلب فجأة فإذا به يُخرج (شيئا من صدره) يتناثر على هذا الوقود الآدمي الشعبي ليؤججه.. وأحيانا يقتله، أقباط في الخارج يطالبون أمريكا بفرض (حصار) على مصر بسبب ما يعانيه الأقباط داخلها! وكأن المسلمين لا بعانون في مصر! ومفكر لطالما عرفته (سوق الفضائيات) باعتباره (مفكرا إسلاميا معتدلا) قال في برنامج ما وراء الخبر على قناة الجزيرة:(المسرحية فيها إساءة بالغة للإسلام ولا يهم أنها عرضت منذ سنتين أو منذ خمس سنين.. المؤسسة الدينية القبطية لابد أن تعتذر)! وهذا هو نفسه الذي يملأ الجرائد والفضائيات باعتباره (إسلاميا معتدلا)! ورد نجيب جبرائيل أنا ضد الاعتذار فمن الذي يمكنه تحديد الخطأ الذي يستوجب الاعتذار، وعلى قناة العربية قال محلل آخر إن الأقباط وُعدوا بنيل حقوقهم المهضومة بعد الانتخابات الرئاسية.. لكن بعد تلك الانتخابات واجهت الدولة مأزق الخوف من غضب المتطرفين إذا ما نال الأقباط حقوقهم! القول الأكثر قربا من الحل الغائب- في رأي البعض- ربما هو ما قاله مصطفى الفقي على قناة الجزيرة:(لابد من قانون موحد لدور العبادة ينطبق على المساجد والكنائس، لا يجب على المصريين الاعتصام بالجماعات الدينية فالمواطنة هي الأساس وإذا تضرر طرف فعليه اللجوء إلى القضاء).
لكن هذا المطلب حتى يتحقق تحتاج مصر إلى حل غير تقليدي.. تحتاج إلى الخروج من (مأزق التدين) المخل بحقوق الإنسان على الأرض أيا كان الدين، وهو خروج يستلزم نشاطا ثقافيا وسياسيا أحد أهم شروطه النظر في (طريقة ما) تخلص المصريين من هذا التدين الأعمى غير العقلاني غير المتحضر الملازم لهم تاريخيا، (بعض) الأقباط لابد أن يتخلوا عن (هوس) أنهم أصحاب مصر الطبيعيين! فهذا الوصف الذي ورد في تقرير بعضهم مطالبا أمريكا (بمعاقبة) مصر يثير الاستغراب من هذه العقلية.. فكيف يعتبرون أن أحد مظاهر التحضر لدى الدول الغربية أنها تمنح جنسيتها للغريب الذي يقيم فيها خمس سنوات متواصلة وتعتبره مواطنا كاملا فيها.. ثم يعتبرون أن من أقام في مصر أربعة عشر قرنا (مصريا غير طبيعي)؟! ليس هذا إلا طنين (التفسير الديني للتاريخ)، أما (معظم) المسلمين فلابد أن هناك طريقة ما لتخليصهم من بلاء الهوس الديني بمفاهيم أثبت تاريخ البشرية المتراكم بشاعتها، أن غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى هو في (ذمتهم) فذلك مفهوم بغيض، أن التعصب للدين (مُقدَم) على النضال من أجل صون الكرامة الإنسانية وتحقيق العدالة المدنية والحرية فذلك مفهوم بالٍ عفا عليه الزمن، أن دينهم الأفضل فذلك مفهوم كارثي، أن كونهم أغلبية في مصر يسمح لهم (بهضم وابتلاع) حقوق الآخرين فتلك شهادة بالتخلف ونافذة للجحيم.. ومفاهيم أخرى لا يتسع المجال لذكرها.. تجذرها في النفس المصرية جعل آلاف المصريين (يَقبلون) في صمت مشين أن تستباح حقوقهم دون أن يكترثوا بما يُفعل بهم بينما (يغضبون) في مظاهرات يرفع فيها شعار (أين حق نبينا)! وربما من تابع الصور التي بثتها الفضائيات لا ينسى هذا المشهد الذي يثير فينا حسرة على (أحلام) تغيير مصر إلى دولة مدنية حرة كريمة.. مشهد هذا الصبي الذي لا يزيد عمره عن ثلاث عشرة ربيعا في تقرير قناة الجزيرة عن الحدث.. وهو يبكي دامعا متأثرا بما يقوله خطيب يلوح بيديه في الهواء.. ويزمجر بين حشود تستجيب له بلا عقل مطالبا بعظيم العقاب لمن أساءوا إلى دينه الحنيف! ثم مشهد آخر على قناة أخرى لفتاة تبكي أيضا ولكن رعبا من أن يعرف (مهووس) في الطريق أنها مسيحية.. فيطعنها كما فعل مهووس آخر مع راهبة في الإسكندرية، أمام هذا (البلاء) مصري الهوية.. الذي يجعل الدين مذبحا للفقراء والبؤساء ربما أصاب أبو العلاء المعري حين وصف بشعره المتعصبين للأديان- وليس الأديان ذاتها حتى لا يحذف البيت من المقال: قدْ ترامتْ إلى الفساد ِ البرايا.. واستوت في الضلالةِ الأديانُ!
** التليفزيون والناس
غطت وسائل الإعلام أحداث الأسبوع الماضي بكثافة تجعلك توقن بأن لها دور تجاوز دور نقل الخبر إلى دور التحريك ثم دور صانع الأحداث، من محاكمة (تليفزيونية) لصدام حسين في العراق.. جاءت رديئة فنيا ومشبوهة سياسيا، إلى تقرير للمحقق ميليس في لبنان.. جاء مرتبكا إعلاميا وغامضا استراتيجيا، إلى تهديد مخيف يتعرض له الكوكب بأكمله على يد فرق دولية حرة.. من الدجاج والبط والببغاوات! الالتفاف حول التليفزيون بهذه الدرجة من الاهتمام يشير إلى قدرة الفضائيات على دفع الناس إلى ترتيب أهمية الأحداث بحسب عدد ساعات تغطيتها التليفزيونية! فتغطية كثيفة لأحداث العنف الديني في الإسكندرية غطت على أخبار حدثٍ آخر وقع في نفس المدينة رغم ما له من دلالة كبيرة، في النشرة (الاقتصادية) لقناة الجزيرة جاء خبر إضراب عمال ميناء الإسكندرية عن العمل احتجاجا على هدر سلطات الميناء لحقوقهم، وفي اتصال هاتفي قال ممثلهم بأن مسئول الميناء هو لواء عسكري (استكبر) أن يتفاوض مع المضربين فاستعان بالبوليس لحبسهم في الميناء ومنع دخول طعام الإفطار إليهم! مثل ذلك الإضراب ظل حلما يراود خيال المطالبين بالتغيير خلال عام متواصل من مناشدة المصريين بلا جدوى المشاركة في عصيان مدني.. ينهي عجرفة النظام بكل رموزه.. لكن حظه السيئ أنه جاء متزامنا مع حدث ربما رأته الفضائيات أكثر (إثارة)! ولو أن إضرابا كهذا نال حظه من التغطية الإعلامية.. لكنا الآن نحتفي ببدايات عصيان مدني حقيقي في مصر، التي قال جمال حمدان في موسوعته عن شخصيتها:(أمام مصر خياران لا ثالث لهما: الانحدار التاريخي أو الثورة التاريخية)، العنف الديني هو بلا شك انحدار تاريخي.. أتراه أمرا واقعيا ونحن على هذا المنزلق الطائفي البائس.. أن نحلم بالخيار الآخر؟!



#هويدا_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجريمة السياسية: استبداد الحاكم مقدمتها واغتياله نتيجتها
- الجامعة المصرية: بيت ذل وغضب
- متى يكون القتيل الفلسطيني شهيدا؟
- للمرة الرابعة جائزة نوبل لمصري وليست لمصر
- حكم مجحف بحق تيسير علوني: الصحافة كساحة صراع بين الشمال والج ...
- زمن بث المؤتمرات الشعبية: كفاية تتحدى مبارك على الهواء
- الموت بلا معنى.. لعنة أصابت بغداد
- هيكل وبهية وتباشير الجيل الجديد
- قمة العالم: لا مفر من مواجهة بين شمال متقدم وجنوب مثقل بماضي ...
- إذاعتا الغد والإنقاذ أولى خطوات التمرد
- فضائية مصرية من ميونيخ.. هل تنجح؟
- الانتخابات المصرية: يخاف من الشهود من ينوي ارتكاب جريمة
- أفراح الانتخابات المصرية تتواصل
- يعني إيه واحد يعشق الكتابة؟
- وكأن الحكاية جد: مرشحون.. لكن ظرفاء!
- الانسحاب من غزة: بالطبع الفرحة ناقصة
- لقطات من الفضائيات
- وزير جميل في زمن قبيح
- موريتانيا والظواهري والمستوطنين: حصاد الأسبوع الفضائي
- الألوسيات وهندسيات الخرافة في برامج التنجيم والسحر على الفضا ...


المزيد.....




- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هويدا طه - الدين مذبح الفقراء في دولة البوليس والفساد