هويدا طه
الحوار المتمدن-العدد: 1277 - 2005 / 8 / 5 - 09:37
المحور:
الصحافة والاعلام
الأسبوع الماضي كان مقال (وداعا فضائيات) محاولة للتخلص من أثر هاجس السياسة والثقافة في كتابة هذه الزاوية الخاصة بالفضائيات.. حتى سماه بعض الزملاء بجريدة القدس العربي مازحين.. خطاب التنحي! لكن يبدو أن (التلصص) على الفضائيات العربية لأجل هذه الزاوية.. صار داءً لا يسهل الخلاص منه! سامحونا على هذا التراجع السريع!.. فطوال سنوات المتابعة لتطور ظاهرة الفضائيات العربية.. كان الريموت كنترول يقفز في يدي بسرعة إذا ما مر برنامج هنا أو هناك.. من تلك البرامج التي نعتبرها.. سخيفة، برامج الحظ والتنجيم وقراءة الكف، ثم وذات يوم من الأيام.. مر مشهد كان مثيرا للفضول بحق، ذلك أن قناة ANN كانت تعرض برنامجا غريبا عجيبا يقدمه رجل أكثر غرابة وعجبا اسمه (الألوسي)! وكان في ذلك المشهد يوجه حديثه إلى مشاهدة تتحدث معه عبر الهاتف.. فقال لها:(ارفعي كفك.. لأ.. من جهة بطن الكف.. حسنا.. عمرك طويل.. زواجك معرض للخطر...)! لم أعر ذلك المشهد حينها كبير اهتمام.. فقد كانت الفضائيات العربية عامرة بمشاهد أكثر إثارة.. سياسيا! لكنه- لسبب ما- ظل مخزونا حتى تذكرته عندما مر منذ أيام على قناة مصرية مشهد آخر.. رجل يقول أنه (مهندس) يمسك ببضع مثلثات وحلقات وإطارات خشبية مربعة.. يعرض على المشاهدين كيف يستغل ما تسببه هذه الأشكال الهندسية من (هالات الطاقة) حول الإنسان لعلاج المرضى.. من مريض حّب الشباب إلى مريض السرطان وحتى مريض الوسواس القهري! مشهد كهذا ربما يدفعك دفعا إلى التفتيش في القنوات الأخرى بحثا عن إجابة للسؤال:(إلى أي مدى تنتشر مثل هذه الألوسيات وهندسيات الخرافة في برامج الفضائيات العربية؟)! يا للهول!.. برامج على الهواء مباشرة وبرامج مسجلة ولقاءات مع مواطنين ولقاءات مع (متخصصين) و.. جمهور عريض! أي تنوير هذا الذي يحلم به التنويريون في العالم العربي! أي واد ٍ هذا الذي يؤذنون فيه! كل هذه الساعات على خريطة التليفزيونات العربية.. مخصصة لأبراج الحظ وفك السحر وفتح المندل وقراءة المستقبل.. ألوسياً؟! النتيجة المحزنة للمقارنة بين كشف المستقبل نجميا واستكشافه علميا: الثقافة العربية ما زالت تنهل من (وادي عبقر)! ذلك الوادي في الجزيرة العربية.. الذي قيل لنا أن أمة من الجن والعفاريت كانت تعيش فيه(لعلها ما زالت)! والفضائيات العربية يديرها ويخطط لبرامجها أبناء تلك الثقافة.. فلم يشعر أحدهم بمدى كارثية دوره في تكريسها.. وهو يجيز مثل هذه الخرافيات على التليفزيون! حتى ونحن نستخدم منتجات العلوم والتكنولوجيا.. نتأثر بسحر وادي عبقر! ألم يلفت نظرك أن بكل طائرات خطوط الطيران العربية.. هناك عبارة مسجلة تسمعها بينما تقلع الطائرة: سبحان الذي سخر لنا هذا؟!
#هويدا_طه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
إضافة إلى المفضلة
للاتصال بالكاتب-ة
