أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - بولس ادم - بحق السماء، كفى!














المزيد.....

بحق السماء، كفى!


بولس ادم

الحوار المتمدن-العدد: 5082 - 2016 / 2 / 22 - 14:47
المحور: حقوق الانسان
    


البارحة، توفي شيخ في مدينة العمادية، عاش سنواته الأخيرة مع ابن مٌختل عقليا، في بيته الذي يقع في محلة المسيحيين، بدأت اضطرابات الأبن النفسية في منتصف التسعينيات، وصلت حدا انفجاريا في الأسبوع الأخير.. كان قد تخرج من كلية الأعلام في بغداد في سنوات بلورة تدمير حياتنا العراقية، معتقدا بأن طريق الصحافة امامه مفتوح، تمت اخافته في بغداد، عاد الى العمادية ليعيش صدمة تحول الأحلام الى أوهام، بدأت مرحلة الهذيان وصار صحفي المستقبل، شخص يحدث الناس حول همومهم وهمومه بالحاح، فقالوا عنه، لقد جُنَّ .. تصاعدت وتيرة توتراته وقادته الثرثرة الداخلية الى هذيان وكآبة حادة ، ثم نكوص وانفصام وبدأت حالة دائمية من مد وجزر الأعصاب، وحكم المجتمع عليه بقسوة كما يحلو له واتسع العوق النفسي بوفاة والدته بالسرطان، فأتخذ الشيخُ الحائر ابوه، قرارا بالمغادرة، مصطحبا من تبقى من عائلته في الوطن، ثلاثة أولاد وبنت، لعل هناك أمل في خلاص ما وخروج من حالة اليأس وصعوبات معيشية خانقة، وقبل كل شئ، البحث عن مكان فيه عناية حقيقية بالمرضى النفسانيين، لكي يكون لولده المخذول أمل في الشفاء، اعتقد الشيخُ بأن العالم سيكون فيه مكان يرحمهم، وصوله الى اليونان، بمشقة تم، تبعته لسنوات طويلة، حياة تلخصت بأنها موت بطئ، يضمحل فيها الأمل تدريجيا. تم قبوله شخصيا ليرحل حيث ولده وبنتيه في اميركا، لكن اميركا لم توافق على قبول بقية عائلته، فكيف يرحل ويدير الظهر لأبنه المعوق نفسيا؟ بقي في اليونان والسنوات تمر وحالة الأبن تتجه نحو الأسوأ، خرج بفكرة اللجوء الى السويد، أذ كانت معالم تدمير العائلة قد لاحت في الأفق تحت سماء ملبدة بسواد تراجيدي لم يخف على شيخ خبرته وصقلت سنوات الجمر حاسته الأنسانية. سمع بأن الطب النفسي في السويد متطور وهم اناس متحضرون وعندهم يتساوى الكلب بالأنسان في حقوقه المدنية! فليس من المعقول بالنسبة لتقديره للحالة، ان يتم رفضه وابنه المريض، لكن الذي حصل في الواقع أنه ترك معزولا هناك في قرية نائية وتكرر رفض لجوءه وصدور قرار ترحيله الى العراق برفقة ولده المريض، عاد الشيخ المُتعب مع ابنه المريض الى العمادية بعد رحلة قاسية امتدت لسنوات طويلة في اوربا، عاد الى بيته ونصب عينه مرحلة كفاح جديدة على ارضه برفقة ابن ليس له هناك من يهتم به غيره، ذلك الشيخ، عانى في سنواته الأخيرة من علل صحية اجتمعت ضد جسده الواهن وظهر احدودب من شدة ماصادفه من ظلم في حياته. في اسبوعه الأخير عاش مع ابنه الذي وفي اقصى درجات خروجه عن الوعي، اغلق الباب على ابيه و على نفسه، اكتشف الجيران هذا الأمر متصلين هاتفيا بأبنه في كندا ليهرع مستقلا اول طائرة نحو العراق.. تسلق جدار الدار نحو السطح ونجح في الدخول، صدم بأب مستلق على فراش رث يلفظ انفاسه الأخيرة وأخ فاقد الوعي.. مات الشيخ في المستشفى بعد سويعات منفصلا عن ابنه المريض وانهى الموت، حالة اصراره على تحمل مسؤولية العناية بولده حتى يومه الأخير في العالم، اتصل ولده المفجوع بمصير ابيه واخيه برجال الصحة، للتوقيع على ورقة استلام اخيه المريض من قبل المستشفى النفسي في اربيل، لقد رحل عنا نحن عائلته المشتتة في العالم، ذلك الرجل العجوز الذي خطفه الموت، هو خالي، فيليبوس آدم.. لقد وافته المنية ولم يسمع ابدا صوت ولده وليد الذي حُشر في سيارة تأخذه الى المجهول، مبتعدا عن أخيه المذهول والناس في محلة المسيحيين في العمادية تسمع آخر صرخة من فمه المفتوح الى اقصاه .. الى اين ذاهبون؟ اين أبي، أب.... ي ..



#بولس_ادم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لانتجرأ محو الألم
- حول التصريح ببطء المساعدة من المجتمع الدولي
- ديجيتال
- وجه مبتسم
- نصيحة مختلفة
- ليلة زف القامات المغشوشة
- الحياة عسكرة لامتوقعة
- عندما وعندما
- كابوس مصفر
- حلمه الخطير
- موقع المبدع من الأعراب
- مجزرة
- مبدع تحت الضغط العالي
- قضية كيروستامي
- مع الأسف
- القديس والشيطان في آلهة المجزرة
- جندي مخضرم وقصص أخرى
- السلام علينا
- موجزة ومعبرة
- المفتاح


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - بولس ادم - بحق السماء، كفى!