أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد العليمى - حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى - قضية التوجه للطبقة العاملة والنضال السياسي الاقتصادى















المزيد.....

حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى - قضية التوجه للطبقة العاملة والنضال السياسي الاقتصادى


سعيد العليمى

الحوار المتمدن-العدد: 5071 - 2016 / 2 / 10 - 14:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التوجه للطبقة العاملة والنضال السياسي والاقتصادي
إن التوجه للطبقة العاملة لا يمكن أن يكون عبر مجرد عقد الصلة بالنضال الاقتصادي الجارى ، وإنما يكون بتطوير النضال السياسي والنضال الاقتصادى الثوريين . ومن المفهوم أن القول ، بأن التوجه للطبقة العاملة هو العمل المباشر فى صفوف الطبقة العاملة فهذا القول يصدق فقط حينما نواجه تلك النزعة المنحرفة التى نقلت مهام الحزب فى التوجه المباشر ، إلى ما يسمى ب "الحلقة الوسيطة " الطلابية ، ولكن ينبغى بعد ذلك التأكيد على أن هذا التوجه يستهدف أول ما يستهدف تطوير النضال الاقتصادى وتحويله الى نضال سياسي ثورى . فالتوجه الحزبى المنظم يختلف تماماً عن التوجه العفوى لثوريين مايزالون بعيدين عن امتلاك خط سياسي ثورى .
وفى زمن الانحراف البيروقراطي لم تكف عن ترديد صيغة التوجه من أجل قيادة النضال الاقتصادي وتطوير النضال السياسي للطبقة العاملة .
ولكن هذه الصيغة لم تحل دون نشوء الانحراف اليساري البيروقراطي سواء فى الخط الجماهيري أم فى الخط التنظيمي . بصورة شهدنا فيها نزعة راديكالية سياسية مجردة ، وشهدنا فيها نظرية الجريدة ، وهذه النزعة وتلك النظرية ترابطتا معاً لأفشال شعار التوجه الذى رفع الانحراف البيروقراطي ابتداء من 1975 ، 1978 .
فالنزعة السياسية الراديكالية المجردة كان وجهها الآخر احتقار النضال الاقتصادى – رغم الاعتراف النظرى به – وفصلهما عن بعضهما البعض وفى احسن الاحوال فى تجاور مما أضعف كلاهما معاً .
فهذه النزعة وقفت ضد أى استخدام للتحريض الاقتصادى كأحد الوسائل للتحريض السياسي الثورى – تحت دعوى أن ذلك يؤدى إلى إضفاء الطابع السياسي على النضال الاقتصادى فى حين أن ذلك يصدق فقط على إستخدام التحريض الاقتصادى من أجل التحريض السياسي الليبرالي .
وأدى ذلك إلى إفقارالنضال السياسي والاقتصادى فى آن واحد.
فالنضال السياسي والتحريض السياسي أصبح بذلك مجرداً عن المصالح الطبقية ، ومن ثم لم يعد يقف على أرض صلبة ، كما أن التحريض الاقتصادى . والنضال الاقتصادى ، أصبح محصوراً فى مظاهر شدة الاستغلال البورجوازى دون التعمق فى الاستغلال البورجوازى نفسه ( الدعاية الاشتراكية ) وأصبح بعيداً عن التعمق فى الابعاد الاقتصادية والسياسية التى تنطوى عليها سياسة الاستسلام والانفتاح الاقتصادى التى شددت من الاستغلال وأدت الى تدهور الأحوال المعيشية للطبقات الشعبية ، كما أصبح بعيداً عن التعمق فى الابعاد السياسية التى ينطوى عليها الاستبداد البورجوازي الاستثنائى مطلق اليد فى رفع الاسعار واطلاق قوى التضخم والنتيجة هى إضعاف النضال الاقتصادى حيث لا يمكن الحصول على مكسب اقتصادى ثابت دون حريات ديمقراطية منتزعة تمكن الجماهير من حمايته ، ودون إنتزاع حق الاضراب والتظاهر التى تمكن من انتزاع هذه المكاسب وهكذا . فالنضال السياسي والنضال الاقتصادي هما وجهان لعملة واحدة كما يقول لينين ولايمكن أن يفصل بينهما دون أن يضعف أى منها ، ودون الانزلاق فى الانحراف يميناً أو يساراً .
وفى الخط التنظيمى ، فرغم الاعتراف النظرى بأهمية الصلات ، الا أن نظرية الجريدة والتى دعت الى مركزة تقسيم العمل حول الجريدة ، وزعمت أن حزبنا الصغير يجعل من الضرورى أن يكون ذلك على حساب جوانب العمل الأخرى فى مقال "لجان الأقسام العمالية" دعوة صريحة الى عدم الاهتمام بالصلات تحت إسم مقاومة النزعة المحلية ، لصالح الاهتمام الشامل بتطوير الكفاح الحزبى من خلال الكتابة فى الصحافة التى ستعمل على قيادة وتطوير القيادة الشاملة للصراع الطبقى ، وتمكننا من التوجه للطبقة العاملة باسرها وليس هذه الصلة أو تلك فى هذا الموقع المحلى أو ذاك ، أى فى النهاية تذويب الوجود الملموس للطبقة ومجالات الكفاح فى متحد مثالى كلى شامل . أما الجريدة نفسها فقد كان مصيرها هو تكليف رفيق واحد أو أثنين بتحريرها ، فلم يكن الحديث عن مركزة تقسيم العمل حول الجريدة سوى داعم نظرى يدفع ويكرس عمليات السحب الى الداخل والجذب لأعلى والتضخيم البيروقراطي العاجز عن قيادة النضال ومقطوع الصلة به تماما ، بتحول الحزب الى مجرد دار نشر سرية ، تتركز مهام لجانه الحزبية المختلفة حول توزيع الجريدة وإنشاء شبكات الإتصال الخاصة بها .
أما دور الجريدة المفترض وفق تلك النظرية ، فهوالتهيئة الفكرية والسياسية للطبقة العاملة . ( دون الحاجة الى تواجد فيها ) وذلك لأن الجريدة ستمكن حزبنا الصغير من تحطيم حدود طاقته العددية ، لتصنع التراكم السحرى غير المرئى الذى سينشق فجأة فى عواصف جماهيرية التى من السهل قيادتها وقت إندلاعها ...الخ
وكل هذا يوضح كيف تم التخلى عن التوجه للطبقة العاملة ، ليحل محله ذلك التوجه الصحفى أو العاطفى ، أو غير المرئى . حيث أصبح توزيع الحزب على المواقع نوعاً من الحرفية ، أما الجريدة فى حد ذاتها ستوفر توجها وفق مقاييس الانتاج الكبير الى الطبقة العاملة .
ودفعت نظرية الجريدة النزعة الراديكالية السياسية المجردة الى حدودها القصوى ، فطالما أننا لم نعد نناضل فى المواقع أى فى صفوف الطبقة العاملة ، فإنه لم تكن هناك حاجة لتكييف أشكال التحريض ( وليس مضمونه) إلى أوضاع هذا الموقع أوذاك ، أو أوضاع المزاج الجماهيري ككل ، وأصبح من السهل فصل القضايا الكبرى عن المصالح الطبقية والأحوال المعيشية الخ .
ثم ان تسييس الطبقة العاملة أصبح بذلك مهمة محض تنويرية للجريدة ، ومفصولة عن كل نضال فعلى (اضافة الى التسييس عن طريق الحلقة الوسيطة الطلابية ) ليشهد النزعة الانتظارية ليس فقط للعواصف الطلابية ، ولكن للعواصف السياسية العمالية ، سواء تحت تأثير التراكم السحرى للجريدة أو تحت تأثير الحلقة الوسيطة الطلابية . بالطبع لما كان من غير الممكن أن يكون لهذا التأثير من نتيجة ، فكان من المنطقى وصم الطبقة العاملة بعار التخلف والاقتصادية ، ذلك أننا قمنا حسبما يزعم بتوفير الشروط التنظيمية لذلك (بالجريدة) أما هى (أى الطبقة العاملة ) فلم تستجب .
لقد كنا إذن ازاء شعار مرفوع للتوجه للطبقة العاملة سواء فى تقرير 9 / 5 / 1975 أو ما بعد من كتابات ، وكنا ازاء محاولات التوجه عن طريق التوجه الصحفى الذى أعلى من شأنه تحت اسم التوجه السياسي أو تحت اسم تحطيم حدود طاقتنا العددية .
ومن ثم فإنه من الخطأ مهاجمة مقولات مثل ان توجهنا للطبقة العاملة لا ينبغى أن يقتصر على مجرد الارتباط بالنضال الاقتصادى الجارى ، كما أنه من الخطأ مهاجمة القول بضرورة قيام الحزب بتحويل النضال الاقتصادى الى نضال سياسي .
فهذه المقولات هى مقولات صحيحة تماماً ، ولكن النزعة السياسية الراديكالية المجردة وأسلوب التوجه الصحفى واحتقار النضال الاقتصادى وفصله عن النضال السياسي ، هى التى حالت جميعاً دون تحقيق الشعار ودون تحقيق أى خطوة فى تحويل النضال الاقتصادى الى نضال سياسي .
ويجب التأكيد على أن يساريتنا لم تكن أبداً ناشئة عن الاصرار على مهمة تحويل النضال الاقتصادى الى نضال سياسي ، ولامن التأكيد على ضرورة النضال حول القضايا الكبرى . ذلك أن هذه الأمور هى المبادئ الأساسية الموجهة لنضال فى اى حزب شيوعي ثورى ، ولكن اليسارية هى فى عدم تكييف أساليب التحريض ( وليس مضمونه) وفق ظروف الزمان والمكان ، وفى فصل النضال السياسي عن المصالح الطبقية ( تجريدة عنها) وعن النضال الاقتصادى . ويلاحظ أن النضال الاقتصادى دون نضال سياسي حول القضايا الكبرى من شأنه أن يوقعنا فى براثن الانحراف الاقتصادى ، ويطمس فى نفس الوقت الجوهر الطبقى للنضال الاقتصادي ، ويخضعه للسياسية البرجوازية . بالضبط ان فصل النضال السياسي عن النضال الاقتصادى يطمس الطابع الطبقى له لتصبح القضية الوطنية العامة على سبيل المثال لا صله لها بالمصالح المختلفة للطبقات صاحبة المصلحة فيها الخ .. ومن ثم لا يكون هناك مجال للدعاية الاشتراكية ، ولا ربط نضال الطبقة العاملة الوطنى وبين نضالها من أجل الاشتراكية . أى نشهد نزعة وطنية عامة تحل محل خط الطبقة العاملة المتميزفى القضية الوطنية والذى يميزها عن مختلف الخطوط الراديكالية البورجوازية الصغيرة .
ولا ينبغى إستعظام الصعوبات أمام تحويل النضال الاقتصادي الى نضال سياسي والنظر إليه على انه مهمة صعبة بعيدة المنال ، تحت تأثير مقولة تخلف الطبقة العاملة سواء فى مستوى نضالها الراهن ، أو فى مستواها الثقافى عموماً بحكم دورها فى تقسيم العمل الاجتماعى . أو تحت تأثير فكرة إنتهاء الازمة السياسية الخصوصية التى كانت قائمة قبل حرب اكتوبر ، فالتخلف فى مستوى نضال الطبقة العاملة الراهن وثيق الصلة بانفصال الطليعة الشيوعية عنها ، وإستمرارية هذا الانفصال الذى نحاول نحن تجاوزه ، والذى لا يمكن وضعه كمعطى للتأكيد على صعوبة تجاوز هذا التخلف والا يكون مصادرة على المطلوب .
كما أن تخلف المستوى الثقافى للطبقة العاملة لا يمكن المبالغة فيه كعائق فى أهليتها للوعى السياسي ، ذلك أن طريق الطبقة العاملة صوب الوعى ليس طريقا فلسفيا كحال المثقف الفرد ، فهى تحصل عليه من خلال الصراع الطبقى ، وبتأثير أعمق الدوافع ، فهى التربة الطبيعية لانتشار الافكار الاشتراكية والثورية كما هو معروف لدينا من الاصول الماركسية أما الشروط الموضوعية ، فمن الضرورى التأكيد على أنها فى تفاقم مضطرد ، كما أن الأزمة السياسية الخاصة التى كانت قائمة قبل حرب اكتوبر عندما قامت البورجوازية بحلها بالحزب ، دخلت بعدها فى أزمة سياسية آخرى ، أكثر عمقاً وإن أقل احتداماً ممثله فى ذلك الاستسلام المذل ، وبالطبع لا يمكن أن نقلل من تأثير الشروط المعاكسة التى تحدثنا عنها فى مكان آخر ، ولكن هذه الشروط لم تشل بشكل مطلق تفاعلات التناقضات المستفحلة للأزمة ، وذلك فضلاً من أن هذه الشروط المعاكسة نفسها آخذه بالتقلص بل تنطوى على مشاكل اضافية .

بعبارة موجزة هناك فرق بين الحديث عن التخلف فى مستوى نضال الطبقة بالقياس الى طاقتها فى تحقيق الأهداف الكبرى للنضال ، وهذا صحيح وبين خطأ الحديث عن تخلف الطبقة العاملة لتقليل أهليتها للوعى الثورى ، بل على العكس ، فرغم عوائق مستواها الثقافى ، هى الطبقة المؤهلة للوعى الثورى ، أكثر من غيرها من الطبقات الشعبية ، بحكم شروطها الموضوعية وبحكم دورها فى تقسيم العمل الاجتماعى ، فالطبقة العاملة هى المناضل السياسي الطليعى ، سواء من أجل الديمقراطية أو من أجل القضية الوطنية ، ناهيك عن النضال من أجل الاشتراكية .
ومن الخطأ أن نتصور أن النضال الاقتصادى للطبقة العاملة سيتطور أولاً لينفتح بعدها المجال الى النضال السياسي ، ذلك أن نضالها الاقتصادى من المستحيل أن يتطور ، خاصة فى ظل سلطة استبدادية ، دون أن يرافقه تطور فى نضالها ووعيها السياسي ، هذا فضلا عن أن تطورة بعيداً عن النضال السياسي يؤدى الى خلق تيار إقتصادى نقابى بورجوازي فى الطبقة العاملة .
إن النضال الاقتصادى والنضال السياسي وجهين لعملة واحدة ، وأحدهما يدفع الآخر للأمام ، كما أن هناك أشكالاً من النضال الاقتصادى الثورى لا تقل تطوراً عن النضال السياسي الثورى . وهما شكلين من النضال يستمران حتى الثورة لنشهد الإضرابات الاقتصادية العامة والاضرابات السياسية العامة على سبيل المثال . واستمرارية النضال الاقتصادى لا تعود الى وجود قطاعات متخلفة فى الطبقة العاملة ، وإنما لأنه أحد الجوانب الاساسية فى التناقض بين العمل ورأس المال ، ولاتنتهى ضرورته بالنسبة للعامل المتقدم ، فهو ضرورى للعامل المتقدم والمتوسط والمتخلف فهو يقاوم الاستغلال نفسه . وهذا يختلف عن القول وهو صحيح بأن النضال الاقتصادى أكثر قدرة على جذب العمال المتأخرين إلى النضال ليدخلوا عن طريقه ساحة النضال السياسي .
ومن الخطأ أن نتصور أن تطور النضال السياسي سيأخذ فقط شكل تيار سياسي ضيق فى البداية ثم يتسع أكثر فأكثر بعد ذلك لتبنى خطة فى التوجه تقوم على حصر النضال السياسي بين حلقات العاطفين ، بينما يكون النضال الاقتصادى هوالشكل الرئيسى للالتقاء بأوسع قطاعات الطبقة العاملة . بعبارة أخرى إنشاء حلقات حول الجريدة ( السياسية بالضرورة ) من العمال المتقدمين ، بينما نتوجه بكراسات التشهير الاقتصادى للقطاعات الأوسع من العمال . ومن الواضح أن خطأ هذه الفكرة والخطة العملية للتوجه التى نستنتج منها ، يعود الى إستعظام الصعوبات أمام دخول الطبقة العاملة غمار النضال السياسي .
فالتيار السياسي المعنى من جهة لا يمكن تصور توسعه المستمر ونحن نجعل من النضال الاقتصادى الميدان الرئيسي للالتقاء بأوسع قطاعات الطبقة العاملة ونحصر توجهنا اليها بكراسات التشهير ومن جهة ثانية فإن هذا التيار السياسي لا معنى لوجوده الا مع قيامة بالتشهير السياسي فى صفوف تلك القطاعات الأوسع .
حقا ومن الصحيح الحديث عن أن التيار السياسي فى الطريقة العاملة لا يمكن أن يشمل كل الطبقة ولا بد أن يكون ضيفاً أو محدوداً فى البداية . ولا يمكن خلط هذا التيار مع كافة العمال المشتركين فى النضال السياسي خاصة فى لحظات النهوض ثم لحظات العواصف . حيث تشترك قطاعات واسعة من العمال فى مثل هذا النضال ، فالاشتراك فى مثل هذه النضالات يرتبط بتحويل فى المزاج الجماهيري وليس فقط بتحويلات حاسمة فى مستوى الوعى الثورى بأبعاده الأيديولوجية .

إن النضال السياسي يأخذ شكل القفزات والهبات ، ليشمل قطاعات من العمال لا تعتاد العمل السياسي اليومي أو حتى بدرجة نسبة من التواتر ، لتنفض غالبيتها بعد إنتهاء النهوض ، بينما تنضم أقسام منها تقل أو تكثر فى ذلك التيار السياسي الذى يتعاطى السياسة بشكل متواتر نسبياً . إن هذا الجمهور الذى ينشط فى لحظات الصعود ثم يركن الى الخمول فى لحظات الهدوء ، يعتبر من الجمهور السياسي بالطبع حينما يشترك فى النضال السياسي ، ولكنه ليس كذلك فى لحظات خموله ، فمفهوم الجمهور السياسي العمالى ليس او التيار السياسي العمالى ، لاينبغى ان يكون مفهوما جامداً ، فهو يتغير مع تغير القطاعات التى تدخل غمار النضال السياسي ، وهو ليس فقط ذلك الجمهور الذى يستمر فى النضال السياسي بشكل متواتر الى هذا الحد أو ذاك .
ولعل التسليم بوجود تيار سياسي عمالى يعنى أن النضال السياسي المباشر ليس بعيداً عن متناول الطبقة العاملة ، ناهيك عن أن النضالات السياسية لا تقتصر على نشاط ذلك التيار السياسي وحده كما أسلفنا القول .
ومن الخطأ أن يكون التعبير عن الوجه الثورى للحزب مقصوراً على ربط التشهير الاقتصادى بالقضايا الكبرى ، فطالما أن الذهن يتسع لهذا الربط فانه لابد أن يتسع أيضاً لوسائل التشهير السياسي المباشر.
ومن الخطأ أيضاً الحديث عن مضامين فى التحريض تأتى على حساب المضمون السياسي لخط الحزب ، ومن الخطأ اعتبار أن ما هو منته بالنسبة للحزب منته بالنسبة للجماهير – وأن الانطلاق فى التشهير من مستوى وعى وخبره جماهير العمال أنها أشياء تخص المضمون .
فالقضية هى رفع العمال الى ذلك الذى هو منته بالنسبة للحزب ، كما أن الحزب لا يمكن الا أن ينطلق فى دعايته وتحريضه من خطه السياسي ذلك الخط الذى هو تطبيق الحقائق العامة للماركسية على الواقع الخاص لبلادنا ، باستقلال تام عن مستوى وعى أو مزاج أو خبرة الحركة العفوية ، فى هذه اللحظة أو تلك .
إن الحزب ينطلق من خطه السياسي فى دعايته وتحريضه ، ولكن عليه أن يتكيف فى الاسلوب وليس فى المضمون مع وعى ومزاج وخبره العمال ، هذه الأشياء جميعاً التى يسهم الحزب فى خلقها وتحويلها وتطويرها ، وهو أن لم ينطلق من خطه السياسي فلن يكون بمقدوره ذلك أبداً .
وحينما يحدث أن يتجمع سخط العمال حول بعض القضايا السياسية الجزئية ، فمعنى ذلك أن الوسائل السياسية المباشرة للتحريض لم تكف عن التأثير فى أوسع الجماهير العمالية وإن وسائل التحريض الاقتصادية ليست وحدها التى تستنفر جماهير العمال .
ولكن من الخطأ الاعتماد على جزئية هذه القضايا للتدليل على عدم مقدرة العمال فى النضال حول القضايا السياسية الكبرى . كأن يقال أن العمال فى هذه الحالة يكونون مستعدين للنضال حول بعض القضايا الجزئية للحريات الديمقراطية دون أن يرتبط بإدراكهم واستعدادهم للنضال حول القضايا الكبرى للحريات الديمقراطية ، وقد يرفضون التطبيع دون ان يرتبط بإدراكهم اواستعدادهم للنضال عند كل أسس التسوية ، وقد يرفضون بيع القطاع العام دون ان يكونون مدركين أو مستعدين للنضال ضد سياسية الانفتاح بأسرها .
فالعجز أو والادراك يرتبط بأى سياسة تلك التى تمد نفوذها فى صفوف الطبقة العاملة ، هل هى سياسة المعارضة الليبرالية أم هى السياسة الثورية الجذرية ، أما أن القضايا الجزئية هى التى تستنفر العمال لكونها كذلك ، بل لكون التجسيدات الملموسة للتسوية الاستعمارية أو سياسية الانفتاح أو الاستبداد السياسي ، لا يمكن أن تظهر أو تصدم الجماهير بشكل كلى شامل ، اللهم الا فى الفكر أما فى الواقع الملموس فانها تظهر أمام الجمهور فى هذه الصورة الجزئية أو تلك لتكون مادة غنية للتحريض حول الاطار الأشمل .
ومن هنا فمن الخطأ القول أن مهمة الحزب فى مثل تلك الحالات هى التركيز على هذه القضايا الجزئية وبناء حركة جماهيرية حولها ، فالتشهير يكون دوماً بالقضايا الملموسة التى لا يمكن الا أن تكون جزئية ، ولكن من أجل إنشاء موقف جذرى فى القضايا الأشمل ، وحول الأخيرة نحاول أن نبنى الحركة حولها .



#سعيد_العليمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى - قضية التو ...
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى - تكتيكات ا ...
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من النضال الحلقى والنضال الشي ...
- حزب العمال الشيوعى المصرى وبداية اصدار جريدة الانتفاض والحرك ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من مطالب الحركة العمالية
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من الحرب الشعبية طويلة الأمد ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من الدستور الدائم الصادر فى س ...
- العضوية فى التنظيم الشيوعى
- موجز كراس الدولة البوليسية والصراع الطبقى فى مصر
- حزب العمال الشيوعى المصرى : بيان اللجنة المركزية حول شعار اح ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من اغتيال السادات والإرهاب ال ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من تبعية نظام مبارك للإمبريال ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من حدود المعارضة البورجوازية ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من نظام الرئيس مبارك
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من حكم مبارك عقب اغتيال الساد ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من التهديدات الامريكية للثورة ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى إزاء المضمون الطبقى للثورة ال ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى عند اندلاع الثورة الإيرانية
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من الفتن الطائفية فى عهد السا ...


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد العليمى - حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى - قضية التوجه للطبقة العاملة والنضال السياسي الاقتصادى