أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد العليمى - موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من تبعية نظام مبارك للإمبريالية الامريكية















المزيد.....



موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من تبعية نظام مبارك للإمبريالية الامريكية


سعيد العليمى

الحوار المتمدن-العدد: 5058 - 2016 / 1 / 28 - 20:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الانتفاض – جريدة حزب العمال الشيوعى المصرى – العدد غير معروف رقمه – التاريخ بعد 6/ 10/ 1983 – طبعة الداخل – مطبوعة على الآلة الكاتبة .
هل يتخلى مبارك عن المباركية ؟

" ان التحدى الذى يواجهنا الآن صعب وخطير ، فالقضية ليست أن نختار بين التنمية وتعزيز القدرة العسكرية لمصر ، فكلاهما على ضوء الظروف التى اوضحتها الآن ضرورة حياة أو موت ضرورة استقرار واستمرار . واستطيع ان اقول بكل بوضوح ياسيادة الرئيس ، أننى لست على استعداد أن اهدد أهداف التنمية ، أو أن اقلص خططها الراهنة ، وفاء لمستلزمات تعزيز القدرة العسكرية المصرية ، التى تدركون ضرورتها الحتمية ، بل لعلني اقول ان اهدار خطط التنمية يعنى المساس بالاستقرار الداخلى ، فالجماهير التى منحت تأييدها للسلام الشامل ، تتطلع الى تحسين أحوالها ، وبالمقابل فان التفريط فى تعزيز القوة العسكرية لمصر ، مقامرة يمكن أن تودى باستقرار المنطقة . واظن انكم تدركون على ضوء ما يجرى الآن فى المنطقة ، مبلغ صدق هذه الحقيقة ".
ليست العبارات السابقة ، كلمة رئيس حكومة يوضح فيها الصعوبات التى تواجه حكومته فى التوفيق بين الميزانية المرصودة ومتطلبات امن بلاده العسكرى ونموها الاقتصادى ، وذلك امام برلمان يراقب أداء هذه الحكومة .
انها كلمات حسنى مبارك امام الرئيس الامريكي رونالد ريجان خلال زيارته الاخيرة لواشنطن فى اكتوبر الماضى - ، وذلك فى اطار التماس الاول من الثانى ، ان ينظر بعين الرعاية لطلبه بالمساواة بين مصر واسرائيل فى المساعدات الامريكية ، وباعتبار ان كل القروض الامريكية المخصصة للمعونة العسكرية لمصر ، بمثابة منحة لا ترد 100 ويمكننا ان نفصل عبارة مبارك فى النقاط التالية :-

1- ان مبارك يرى ان اطار المصالح المشتركة بين امريكا والقطاع المصرى يشجع بأن يضع الشكل الذليل ، المشاكل الرئيسية التى تعانى منها مصر كما يتصورها ، لكي تسهم امريكا فى مواجهتها .
2- فيما يبدو ان هناك توصية باعطاء الاولوية لتعزيز القدرة العسكرية للجيش المصرى ، حتى لو كانت على حساب لقمة العيش .
3- ان مبارك لا يوافق على نصف هذه التوصية ، فهو على استعداد تام للشطر الاول منها ، ولكنه يرفض ان تتم على حساب الثانى ، خشية حدوث رد فعل شعبى ، يتجاوز مشكلة لقمة العيش الى رفض السلام الامريكي الاسرائيلي ذاته .
4- ان تعزيز القدرة العسكرية المصرية لا يرتبط بمواجهة عدو مباشر يهدد ارض الوطن المصري ، بل عدو يهدد " استقرار المنطقة في القبضة الامريكية " اى السوفييت والحركات الثورية المتحررة على النظم المستسلمة لهذه القبضة .
5- وبالتالي فان على الولايات المتحدة ان تتولى كامل تكاليف تحديث الجيش المصري من ترسانة السلاح ..الامريكية ، وفى اطار المساواة الكاملة مع اسرائيل .
دليل قاطع
- وبصرف النظر عن الجدوى الاقتصادية للمساعدات الامريكية ، فانه يجدر بنا ان نشير الى ان مصر تحظى بالفعل بنصيب وافر ومكانة متميزة فى خطة المساعدات الخارجية ، ففى ميزانية 1984 تحظى وحدها بأكثر من حجم قيمة هذه المساعدات (26%) ، حيث تاتى فى المرتبة الثانية بعد اسرائيل مباشرة (30%) ، من حيث اجمالى المساعدات ، بينما يتوزع ما يبقى من هذه المعونة (44%) على 31 دولة اخرى 10 ويمكن ان تتضح وظيفة هذه المساعدات ،اذا ما رجعنا الى دفاع وزير الخارجية الامريكي جورج شولتز امام الكونجرس الامريكي عن تخصيص 56% من المساعدات الامريكية لمصر واسرائيل ، بأن ذلك يرتبط "بحجم التهديدات التى تتعرض لها مصالح الولايات المتحدة وحلفائها ، والمترتبة على التوترات فى الشق الاوسط". وأكد شولتز على الدور الحيوي لهذه المساعدات ، لا فى مواجهة ما اسماه بالنشاط العسكري السوفييتى فحسب ، بل ايضا فى مواجهة النفوذ السياسي السوفييتى ، اى الدول والحركات التحررية الخارجة على نظام الطاعة الامريكية وكان الكونجرس قد اتخذ موقفا متشددا فى فبراير الماضى ازاء مشروع المساعدات الخارجية المقدم من ادارة ريجان لعام 1984 ، وذلك بسبب تزايد الركود العالمى ، وفى مواجهة تشدد الكونجرس دافع كبار المسئولين فى الخارجية والبنتاجون عن المشروع المقدم مؤكدين ان المساعدات الخارجية الامريكية تقدم للحكومات التى تشكل استمرارها فى الحكم ضرورة حيوية للمصالح الامريكية العليا ، وفى اطار تبرير نزوع ادارة ريجان لزيادة نصيب المساعدات العسكرية على حساب المساعدات الاقتصادية ، دافع هؤلاء المسئولين بان هذا النوع من المساعدات يقدم لدول تدافع عن نفسها بشكل مباشر وعن الولايات المتحدة بشكل غير مباشر ، وعلى ضوء هذه الاسس حظيت الحكومة المصرية على المرتبة الثانية بعد اسرئيل فى قائمة تضم 33 دولة هى فى اغلبيتها الساحقة تدور فى الفلك الامريكي بشكل او بآخر ، وهى شهادة لا يمكن الطعن فيها على الدور والمكانة التى تحتلها السلطة .. المصرية فى طابور الحلفاء والعملاء .

وباستعراض قائمة الدول العشر الاولى ذات النصيب الاكبر فى المساعدات الامريكية ، فلاحظ أن مصر هى احدى الدول القليلة التى يتضح فيها النزوع العدوانى لادارة ريجان لاعطاء الاولوية للمساعدة العسكرية على الاقتصادية (1325 مليون دولار مقابل 750 مليون) وذلك كدالة تفضح اولوية واهمية الدور العسكرى المسند اليها فى اطار الاستراتيجية الامريكية . ففى هذا المجال تحظى مصر وحدها بمساعدات عسكرية تفوق مجمل ما تحظى به الدول الثلاث التالية لها فى القائمة ( تركيا 755 مليون دولار ، باكستان 300 مليون ، كوريا 230 مليون ) ، مع ملاحظة ان هذه الدول ضالعة بشكل رسمي وصريح فى احلاف عسكرية مع الولايات المتحدة الامريكية 10 وكانت مصر قد بدأت تستعيد موقعها على خريطة المساعدات الامريكية عام 1975 بعد توقيع اتفاقية فك الاشتباك الثانية مع اسرائيل ، ومنذ ذلك الوقت ، بدأ نصيب مصر فى المساعدات يتزايد وتقفز فى سلم الاولويات ، انعكاسا للدور الذى بدأ السادات يلعبه بالفعل ، كمدافع اصيل عن المصالح الاستعمارية فى المنطقة ، بل واستعداده للقتال من اجلها فى ليبيا والخليج وافغانستان والسودان وزائير واليمن الجنوبى .... مع التوصل الى اتفاقيات كامب ديفيد ، واعلان السادات عن استعداده لتقديم قواعد عسكرية للولايات المتحدة فى مصر ، كنقاط انطلاق لحماية هذه المصالح والنظم العميلة المدافعة عنها فى قوس يبدأ من اندونيسيا وينتهى بالمغرب غربا .... حقق نصيب مصر فى هذه المساعدات طفرة كبيرة كمية ونوعية بتحويل جزء كبير منها الى منح لاترد .

شعار"المساواة "
ولقد حافظ مبارك على الخطوط العريضة لنفس الدور- ولولا هذا لتراجعت قيمة المساعدات الامريكية لمصر بنوعيها – وزيارته الاخيرة لامريكا ، بادر بطلب حق المساواة باسرائيل فى المساعدات ، وبتحويل الفروض المخصصة لشراء الاسلحة الامريكية ، الى منح لا ترد ...- ان مبارك يقول بالبلدى " قال اطبخى ياجارية .... قلت كلف ياسيدى "..... وبصرف النظر عن مدى امكانية الاستجابة " لتظلم" مبارك ، فان هذا المطلب الفريد ، لا يجب ان يمر علينا ببساطة ، فالمطالبة بالمساواة باسرائيل ، تعنى اولا وقبل كل شئ ، مساواة فى "الدور"، لكى يمكن فيما بعد بحث المساواة فى " الأتعاب ".
ان هذا الطلب ، لا يجب ان يمر علينا مر الكرام ايضا ، لان هذه المسألة بجوانبها المختلفة ، كانت هى جوهر مباحثات أمريكا ومحورها ، وفقا لمجلة " المصور" المقربة من الرئاسة ومبارك نفسه لا ينظر اليها .. بنفس البساطة التى يمكن ان ينظر اليها البعض " فان المسألة ليست تحويل القروض الى منح لا ترد وانما وجهة نظر مبارك هى الاحتياج لتغيير نوعى فى هذه المساعدات " ابراهيم نافع .
ان هذا الطلب الفريد لا يجب أن يمر من تحت عيوننا بسلاسة ، لانه يقدم أخيرا الى امبريالية تعرف كيف تأخذ من عملائها أضعاف ما تعطى ، وأحيانا دون مقابل ، بل ان تبعات سلوكها " الانانى " ، لم يفلت منه حتى اقرب حلفائها الاقوياء مثلما مارست ضغوطها العنيفة عليهم لكي يوقفوا العمل فى خط انابيب الغاز السوفيتى – الاوروبي بل وفرضت العقوبات على الشركات الامريكية فى أوروبا التى تسهم فى هذا المشروع ، فى نفس الوقت الذى ترفع فيه الحظر عن صادرات الحبوب الامريكية للاتحاد السوفييتى ، خوفا من فقدان ان هذا السوق الكبير.
فهذا الطلب المصرى الفريد يقدم الى أكثر الادارات الامريكية عدوانية تلك التى جاءت على اكتاف التيار الصاعد لاقصى النزعات اليمينية تطرفا وعداونية ، والذى يضع على عاتقه مهمة تجاوز ما يسمى بـ " عقدة فيتنام " فى ميدان الحرب الفعلى ، بداية بلبنان وتشاد الى جرينادا ، ومرورا بتبنى استراتيجية المبادرة بالضربة النووية الاولى فى الصراع الاستراتيجى مع الاتحاد السوفييتى . انها ليست سوى المؤشرات الكبري ، الا ان تجاوز ما يسمى بـ" عقدة فيتنام " قد انتقل فعلا من " سلاح النقد" فى عهد كارتر الى "نقد السلاح" ، أما فيما بين هذه المؤشرات ، وفى الطريق الى تحقيقها ، فان الاستراتيجية الامريكية عادت مرة اخرى الى نشر اسطولها الكبير فى بحار ومحيطات العالم ، والى استعادة وتوسيع القواعد القديمة ، والى انشاء القواعد الجديدة فى المغرب والصومال وجواتيمالا وهند وراس ومصر بحيث امكن وضع القواعد الامريكية على نطاق العالم فى حالة تأهب شبه دائمة ، والذى يمكن ان يهب لمساعدتها نوع جديد ومستقل من الجيوش وجد طريقه الى الجيش الامريكى ، هو قوات التدخل السريع .
وعلى سبيل المثال فان النصف الاخير من هذا العام شهد فى بدايته مناورات امريكية فى مصر والشرق الاوسط ثم تلاها مناورات لحلف الاطلنطى فى منطقة شرق البحر الابيض المتوسط وقبل الاولى وبعد الاخيرة ، فان القوات الامريكية تقوم بمناورات لمدة ستة أشهر حول سواحل امريكا الوسطى .
اننا امام امبريالية قد حسمت أمرها على ان تعوض بالسلاح ما خسرته امام حركة التحرر الوطنى والاشتراكية فى الستينات والسبعينات ، ولان المهمة ثقيلة ، ولان الشعب الامريكى لم يتجاوز معها نفس " العقدة " فأنها أحوج ما تكون الى الاعتماد على القوى المحلية فى هذه المناطق ،سواء فى صورة اعداد قوات تدخل سريع محلية ( نموذج الاردن) او فى صورة تقديم قواعد وتسهيلات عسكرية لقوات التدخل الامريكية .
سؤال حيوى :-
لقد حاولنا الايجاز ، فهذه اللمحة السريعة تستهدف فى الأساس توضيح المستوى الجديد الذى تندفع اليه عدوانية الامبريالية الامريكية فى عهد ادارتها الحالية ، وذلك كي يمكن ان يتسع خيالنا للاجابة على سؤال حيوى : عن الثمن الذى يمكن ان يكون مبارك على استعداد لتقديمة مقابل مساواته باسرائيل فى المساعدات الامريكية ؟ او على الاقل لكي يتم تحويل كل القروض المخصصة للمهمات العسكرية الى منح لا ترد ؟ هل هو الدور الفعلى الجارى ومتطلبات استمراره فحسب ؟ اى نوع من انتهازية الخدم الذين يعتقدون أنهم يستحقون اجرا أكبر ! علما بان الدور العسكرى المصرى المباشر ، لم يتجاوز بعد مرحلة الاعداد الى الانخراط الفعلى فى معارك ميدانية منذ التحرش بليبيا فى عام 1977 ، والاشتراك مع المغرب وفرنسا فى انقاذ موبوتو فى نفس العام ، ام ان هناك مهام نوعية جديدة وملحة تطرحها الادارة الامريكية على مبارك ؟ للاسف لسنا فى وضع يمكننا من الاجابة بشكل قاطع على هذا السؤال الحيوي .
ولكن هذا لا يحول دون ان نرصد الملاحظات التالية :-
أولاً : ان مبارك قد اوضح لريجان فى اطار تزكية التماسه ، الى ان هناك " ضرورات اقليمية واستراتيجية تدعو الى زيارة القدرة العسكرية المصرية " ( مجلة المصور) فهل كان مبارك يحاول ان يبيع الدور المصري بثمن اعلى ؟ ام انه هناك كان يسدى نصيحة امبريالية الى من لا يحتاجها ؟ او ان هذا التشخيص هو فى الاصل امريكى ، ومبارك يعلن تبنيه له بطريقته الخاصة ...؟؟
مع ملاحظة ان كبار المسئولين الامريكيين قد أكدوا ايضا – للاهرام – ان " المباحثات قد تناولت البعد الاستراتيجي لعلاقات التعاون الامريكى – المصري ".
ثانيا :
ربما تساعدنا الفقرة التالية فى استيضاح نوايا مبارك ، الذى صرح أمام مجلس العلاقات الخارجية فى نيويورك ، بأن " تزايد الوجود العسكرى الامريكي فى المنطقة ليس هو الرد الصحيح على مشاكل انعدام الامن والاستقرار اذ انه لا يوجد بديل عن القوة الفعلية للدول العربية "...؟؟؟
هل يلمح مبارك الى مثال الاردن – الذى قدم لوائين من جنوده لكي تعدهما الولايات المتحدة ، كقوات للتدخل السريع ضد ما يسمى " بالاضطربات المحتملة فى الخليج "- وتعميم النموذج الاردنى على مصر ...؟ ربما يعزز من هذا الاحتمال ايضا ، ما ذكره "نافع" والاهرام ، من ان مبارك لم يطالب بمجرد زيادة القدرة العسكرية المصرية ، بل " وبما يؤدى الى ان تصبح القوة العسكرية المصرية ذات وزن مؤثر فى مجريات الامور فى المنطلقة "؟
ثالثاً:
على كل حال ، من الضرورى الرجوع فى مثل هذا النوع من الامور لوزير الدفاع المشير ابو غزالة ، الذى كان يشرح لمشاهدى التليفزيون المصرى ، الكيفية التى ناقش بها المسئولين الامريكيين حول نفس طلب مبارك ، وذلك اثناء زيارته لواشنطن ، السابقة لزيارة مبارك بأيام ، حيث قال ":
" احنا عايزين نصفى علاقة الدائن والمدين ، ونخليها علاقة صداقة استرتيجية ... مصالح فيها تطابق .. الخ ما فى العملية دى "؟؟؟
وللاسف فان ابى غزالة لم يستطرد اكثر من هذا ليوضح لنا تفاصيل ، ما اختزله فى "الخ العملية دى "؟
رابعاً:
ولكن يمكن للصورة ان تتضح اكثر اذا ما رجعنا الى تصورات ابو غزالة " للعملية دى " التى سبق أن خص بها الصحافة الامريكية فى فترة سابقة ، يقول ابو غزالة بالحرف الواحد ،" ان على امريكا ان تكثف جهودها لبلورة استراتيجية قومية "1" للمنطقة ككل ، وليس فقط لبعض الدول فى المنطقة ، (يبدو انه يقصد اسرائيل )، وان مصر طموحة للعب دور كبير فى هذه الاستراتيجية ، من اجل العمل على استقرار المنطقة ... ان مصر فى وضع أفضل من اسرائيل ، من زاوية امكانية قيامها بحماية امدادات البترول الى الغرب ، لانها تطل على الطريق الرئيسية لمرورها ، اى البحرين الاحمر والابيض المتوسط ، بينما اسرائيل تقع على هامش هذا الحوض الاستراتيجي ...
كما ان قوات الانتشار السريع الامريكية ذات قيمة رمزية الى حد كبير ، ولا يمكن ان تكون قادرة على التحرك بالسرعة الكافية وبعدد كاف من القوات .....، وبينما يتكلف الجندى الامريكي 150 ألف دولار فى العام لكى يكون جاهزا للقتال فى هذه المنطقة ، فان الجندى المصرى يستطيع ان يقوم بنفس المهمة وبـ 1200 دولار فى العام فقط " ( يابلاش) " ولو بادرت الدول الغربية بدفع دولار واحد اضافى عن كل برميل بترول تستورده من المنطقة ، فان هذا كفيل بتوفير المواد اللازمة للقيام بهذا الدور "

انتهى كلام ابوغزالة فقط تتبقى ملحوظة واحدة ، لتوثيق هذا التصور النظرى ، هو التأكيد على انه قد تم الافصاح عنه فى عهد مبارك وليس السادات ؟
خامساً:-
يلاحظ فيما يعلن عن مشاريع التدريب العسكرية المصرية ، ان طابع العمليات الخاصة ذات الطابع ... الهجومي ، والتى يبرز فيها دور فرق الابرار الجوى والصاعقة والمظلات ، قد اصبح يطيع بطابعه عددا كبيرا من هذه التدريبات ، هذا بالاضافة الى نوعية العمليات التى يجرى التركيز عليها فى المناورات المشتركة المتكررة بشكل شبه سنوى ، مع قوات التدخل السريع الامريكية ، والتى تأخذ نفس الطابع أكثر كثافة ( الاقتحام الجوى ، واسقاط القوات الخاصة ، واسقاط اسلحة تتراوح بين مدافع الهاون وصواريخ ارض ارض ومضادة للدبابات ، وعربات جيب ، وموتوسيكلات وعناصر من سلاح المهندسين والحرب الكيماوية ، بل واسلحة دفاع جوى ايضا 00) . وهو نوع من التسليح لا صلة له باحتياجات الاعمال التخريبية التى تقوم بها فرق خاصة خلف خطوط عدو ومحتل وانما هى وثيقة الصلة بعمليات هجومية عدوانية ، لاحتلال مواقع استراتيجية ( مطارات ، معسكرات هامة ، تلال ) وتأمين السيطرة برا وجوا ، فى ميدان عمليات غريب عن الوطن ، ولذا يحتاج الى هذا التسليح المتنوع – للانطلاق منها للسيطرة على عاصمة دولة معينة ، والاطاحة بالقائمين على الحكم فيها ، ومثالها الاقرب لاذهاننا ، هو ما حدث فى جرينادا .
وفى هذا الاطار لا يفوتنا – أن نلاحظ ان القوة التى قامت بالمهمة الاساسية فى جرينادا هى من نفس الفرقة الامريكية 82 المحمولة جوا التى تشارك بشكل دائم فى المناورات الامريكية فى مصر .
سادسا:-
لوحظ تغير فى "نغمة" الدبلوماسية المصرية منذ عودة مبارك من واشنطن ، وتجلت مظاهره بداية فى تصريح مبارك على الدرجة الاخيرة من سلم طائرة العودة عندما ، استبدل صم الآذان المتواطئ عن دانات المدفعية الامريكية فى بيروت ليعتبر هذا الاسهام دلالة على حجم الدور الامريكي الذى يتطلبه الموقف فى لبنان0 وبعد ذلك بأيام وصف أبو غزالة الدور الامريكي فى لبنان – فى حديث للاهرام – بأنه محاولة لمنع الحرب العالمية الثالثة ... ولوحظ مرة ثانية فى المبادرة بالهجوم العلنى على الاتحاد السوفييتى ، واتهامه بالتدخل فى الشئون الداخلية لمصر ، لأن الصحف السوفيتيه ذكرت ان الشعب المصرى قد قاطع انتخابات مجلس الشورى ( حديث مبارك مع السياسة الكويتية ) ، مع ملاحظة ان زيارته الاولى لامريكا قد شهدت محاولة للتلويح باحتمال عودة العلاقات مع السوفييت ، وبعد ذلك بأيام كرس ابراهيم سعدة مقاله الاسبوعي للهجوم على السوفييت بدون مناسبة ايضا - ، وهو نوع من المقالات كان قد اندثر تقريبا بعد اغتيال السادات ، ثم بدأ موسى صبرى يكشف عن استخدام اسم " التجمع" بوصف حزب اليسار الشرعي ، مستبدلا به اسم "الحزب الشيوعي"
فهل هى جولة جديدة لتأجيج حملة العداء للشيوعية ، أما انها لا تحمل دلالة خاصة ...؟؟؟ وتجلى ضد التغير فى النغمة مرة ثالثة ، بشكل اكثر سفورا فى الموقف المصري من غزو جرينادا ، ففى مواجهة الادانة الشاملة والاجماعية تقريبا من العالم ، وقفت مصر الى جانب اسرائيل وكوريا الجنوبية فقط لتؤيد الغزو والقائمين عليه ، بل ان " بطرس غالى" استند فى تبريره للغزو على ميثاق الامم المتحدة ، وهو مالم يجرؤ على الزعم به الامريكان انفسهم 0 ان خصوصية هذا الموقف تنبع من ان الحكومة المصرية قد اتخذت موقفا لم يجرؤ عليه اقوى حلفاء الاطلنطى :-
بريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا ، ولا اضعف اعضاء هذا الحلف كتركيا ، ولا اكثر العملاء خساسة مثل زائير موبوتوسيسكو ، ولا يقلل من مغزى هذا الموقف المصري ، التعديل الذى طرأ عليه فيما بعد بالتصويت الى جانب الادانة فى الامم المتحدة بعد اتضاح مدى خطورة الاستطراد فيه وما فعلته ايضا كوريا الجنوبية .
سابعا:-
اشارة الصحف الى ان جولة مبارك الامريكية ، قد ادت الى تجاوز مرحلة " الشكوك" ، وعدم تفهم بعض مواقفه السياسية ، واكد مسئول امريكى ان " المحادثات قد ادت لازالة بعض اسباب الشكوك ... فالعلاقة الطيبة لا تمنع ظهورها بعض المشاكل التى تحتاج الى حل وتوضيح ، وكانت هذه الزيارة بالذات ، هامة من ناحية التوقيت ، فقد حدثت تطورات كثيرة منذ زيارة مبارك الاخيرة "؟؟
وهو اشارة الى عدم التطابق الكامل فى بعض المواقف المصرية مع الموقف الامريكى فى عدد من الامور مثل العلاقات المصرية – الاسرائيلية ، وتشاد ، وموارد تمويل القاعدة الامريكية فى رأس بناس ، وكيفية تأمين استمرار النظام ...الكتائبى فى لبنان ، وكيفية القضاء على منطقة التحرير الفلسطينية ،الخ
فهل تبددت "الشكوك ، وبدأ يتجه الموقف المصرى للتطابق الكامل " الساداتى " مع السياسة الامريكية ؟؟؟
"ساداتية أم مباركية "-
ربما قد يفيد الاستناد على تأكيد المسئول الامريكى ، بأن مازال هناك بعض " أسباب الشكوك" فقط ، وليس كلها .
وقد يرى آخرون ، اننا نحن الذين نتمسك " بالشكوك" ، فكل الملاحظات الهامة السابقة ، تشير الى اتجاه واحد محدد. ولكننا مع هذا نفضل ان نترك السؤال مفتوحا ، لزمن ووقائع اكثر قوة – من استخلاصات تحقيق صحفى ، ربما يرى البعض انها لا تخلو من تعسف – لكى تضعنا أمام تحول هام ، يؤدى بنا الى القول ان مبارك يتخلى عن "المباركية " ؟؟؟ فاختيار تكتيك سياسي معين ، لطبقة حاكمة ما ، هو فى النهاية تعبير موضوعى عن اعمق الدوافع الطبقية فى زمان ومكان محددين ، ولا يمكن ابتذاله الى مستوى " الكروت" التى يمكن تبادل ابرازها والتخلى عنها ببساطة ، وفقا لاختيارات حرة ومطلقة لرأس الطبقة هذا أو ذاك .
وهو بالضرورة ، شئ بعيد تماما عن ابتذال وسطحية المعارضة الشرعية التى تربط بشكل شخصى ، بين تكتيك الطبقة الحاكمة فى مرحلة معينة ، والخصائص الشخصية لرأسها فى هذه المرحلة ، وبالتالي فانها
ترى انه من المشروع – بالطبع من وجهة نظر كل ليبرالي مبتذل – ان تطمح لا فى تغيير التاكتيك فحسب ، بتغيير زعيم الطبقة ، بل الاستراتيجية ايضا منزلقة بذلك الى مستنقع التغير " الشخصى "للتاريخ .
نعود فنوجز لنقول ، ان الملاحظات التى بين ايدينا لا ترقى الى مستوى الاستنتاج ، بأن هناك تحولا جديدا فى التكتيك ، وبرغم اهمية هذه الملاحظات ، فان البرهنة على مثل هذا التحول يحتاج الى تأكيد قاطع بأن هناك دوافع موضوعية تجعل من مثل هذا التكتيك عائقا امام تحقيق مصالح الطبقة بشكل افضل .؟؟؟
وهذا يقودنا الى مناقشة هذا الاحتمال ، ولكن قبل ذلك لابد من وقفة امام ما يسمى " بالساداتية "، "والمباركية ".
استراتيجيتان ... أم تكتيكان ؟؟؟
"ان حل مسألة الحكم الذاتى ، سيكون بمثابة قنبلة ايجابية ، سيكون لها صدى كبير فى المنطقة ، ان هذا سيسد الطريق امام الاتحاد السوفييتى ، ويتيح لنا مجالا للتغلب على الخطر الشيوعي الذى يهددنا " ( مبارك حديث مع معاريف 29/5/1981 ) ( بداية لابد ان نعتذر ، بأن طبيعة المجال المكرس له هذا التحقيق ، يقتصر على محور السياسة الخارجية ، ولا يمتد الى الاقتصاد ، أو اسلوب الحكم أو .....الخ).
يطرح علينا العنوان الجانبى لهذه الفقرة ، سؤال بديهى : هل ما يسمى "بالمباركية"هى استراتيجية خاصة ، تختلف عما سمى " بالساداتية "؟؟ . قد يرى البعض أن هذا سؤال " بايت" ، واجابته معروفة سلفا من خلال السطور السابقة ،
ولكننا نعتقد ان مثل هذه الاجابة " المعروفة سلفا لا تكفى شيئاً ، وان هناك " طزاجه " خاصة يمكن ان يفرضها التناول الملموس لهذا الموضوع ، ويلح عليه من ناحية وقوع الكثيرين فى فخاخ الوهم بتغيير حقيقى جاء به مبارك ، ومن ناحية اخرى هذه الاجابات " المعروفه سلفا" التى تطرح ضرورة التسليح بأدوات أكثر حيوية ... فى الجدال ، من اسلوب النعت باليمينية ، او الاكتفاء بابراز الوجه الآخر للصورة ، بشكل منفصل عن كل ينابيع الوهم . فهذه الطرق فى الجدال ما هى الا " اسلحة فاسدة " وادوات بايتة)"- ان صح القول – يمكن استخدام كل زمان ومكان ، أما لتبرير موقفه يساري جامد ، واثلام نصل موقف سليم .
يمكن تعريف الساداتية بأنها جماع سياسة واسلوب ( اى استراتيجية وتكتيك) الطبقة الحاكمة فى مصر فى الفترة التى تلت تولى السادات لمقاليد الحكم ، فى حقبة عصيبة فى حياة هذه الطبقة ، كانت قد استنفذت فيها معظم طاقتها – المحدودة سلفاً – فى القدرة على بناء اقتصادى مستقل ، ومقاومة الخضوع الكامل للحصار الامبريالي ، عبر عدد من المعارك السياسية والاقتصادية ، وفى هذه اللحظة بالذات جاءت هزيمة عام 1967 ، لتقضى على البقية الباقية من مقاومتها ، ولتضعها امام اختيارين لا ثالث لهما ، اما الاعداد لحرب تحرير شعبية حقيقية ، بما يستوجبه ذلك من تقديم تنازلات جوهرية للطبقات الشعبية فى مجال الاقتصاد والسلطة ، ربما يفتح الباب لاحتمالات اخرى اكثر ايلاما ، واما الانصياع لهذا المخطط ، والأقل من تحسين شروط التبعية ، عبر توظيف الطاقات المتميزة التى تتمتع بها مصر .
وكان لابد من عدة سنوات – فى ظل ضغوط الاحتلال الاسرائيلي لسيناء – لكى يمكن ان تتخلى الطبقة الحاكمة وزعمائها عن وهم وجود طريق ثالث ، وهو ما سبق ان عبر عنه كيسنجر بان "غياب البدائل يحرر العقول " ومع تحرر العقول الذليلة من كل بديل حر، والادراك البارد للاحتياج لتحول كبير ، كان واجب قائد هذا التحول – وهى سمة التحولات التاريخية الكبرى ايا كانت طبيعتها وايا كان موقفنا منها – ان يدفع سفيتنه باقصى جرأة وجسارة وعنفوان ، لشق الطريق الجديد ، مدركا ان التباطؤ للحظة ، او الالتفات للخلف لمرة واحدة يمكن ان يدفنه بين انقاض القديم الذى لم يمت بعد .
وكان السادات هو رائد هذا التحول والرجل الذى يستوعب دوره التاريخى كاملا عن حق ، ونذر نفسه له، وادرك كل ابعاده ببصيرة يمكن ان يحسده عليها الكثيرون . لقد ادرك ان عليه بالتالي ان يكون رائد السلام الامريكى الاسرائيلي فى المنطقة ، و" محررها" من العدو اللدود لهما – اى السوفييت والانظمة والحركات الوطنية المتحالفة معهم بشكل او بآخر ، وشرطي حراسة المصالح الامبريالية فى هذه المنطقة . وكان عليه ان يقود هذا التحول واين ؟ فى مصر التى كانت حتى سنوات قلائل فى طليعة الصدام عالى الصوت مع معظم هذه الاهداف . وكان عليه ان يقود هذا التحول ظل اعتصار ورقة سيناء المحتلة حتى آخر قطرة ، ومواجهة اكثر السياسيين الصهاينة تطرفا وعنصرية ، كان عليه ان يستقبل شخصا مثل بيجين ، وفى مواجهة الاذلال المستمر ، يقدمه كصديق عزيز ، واليوم التالي يقوم بقصف المفاعل النووى العراقى ، ومن خلال استخدام الطائرات الاسرائيلية لصحراء سيناء ميدان للمناورة والتمويه ، ثم يعلن ضم القدس واتخاذها عاصمة ابدية لاسرائيل ، وفى ظل سعار استيطانى لم تعرفة اسرائيل من قبل . وكان عليه ان يحضر هذا التحول بالحديد والنار ، مثل رائد اى تحول كبير فى مواجهة حصار عربي مناوئ ، وكان عليه لكي يثبت الاوتاد الاساسية لهذا التحول ، ان يصل بمحاوره الى نقاطها النهائية : عداء مستحكم للسوفييت ، تسهيلات ومناورات مع امريكا ، استعداد للانضمام لحلف الاطلنطى ، الزج بالجيش المصري فى معارك المصالح الاستعمارية ، والاستعداد لتوسيع هذا النطاق الى قوس يمتد من افغانستان وايران الى اثيوبيا واليمن الجنوبى وزائير وليبيا . وكان عليه ان يدفع فى هذه المحاور بكل حمية وحماس ، فهذا التحول واهدافه ، ظلا لفترة كبيرة محل شك كبير فى الدوائر الامبريالية ، وكان عليه لكى يكتسب ثقة الاسياد الامبرياليين ان تقترب دائما الكلمات والوعود والمعاهدات بالافعال ، بل الافعال الملموسة جدا ، التى لاتترك مجالا للشك فى مصداقية التوجه الجديد ، والتى تتيح فى نفس الوقت مستوى من التغلغل الامبريالي داخل مصر لينسج شبكة دفاعه الخاصة عن مصالحه فى مصر ونظامها.
ان رائد تحول كبير مثل هذا ليس عليه بالضرورة ان يعطى اهتماما كبيرا لتفاصيل كثيرة ، برغم انها فى تراكمها وتفاعلها ، يمكن ان تواجهه بعقبة كبيرة من نوع جديد ، قد يحطم حلمه الكبير – لقد كانت عيون السادات مثبتة دائما على الهدف الكبير الذى ربط مصيره ومصير نظامه به ، مهملا الآثار " الثانوية " لهذا الاندفاع الصاروخى الذى نقل مصر فى فترة وجيزة تاريخيا الى علاقات الاعتراف والصلح مع اسرائيل ، وموطنا لاول سفارة لها فى دولة عربية ، وعضوا نشيطا فى الحلف الامبريالى الاقليمي فى المنطقة ، دون اعطاء اهتمام كبير لما يترتب على ذلك من ضمور القاعدة السياسية التى اصبح يرتكز عليها حكمه ، بعد اتساع ظاهرة " عدم الرضا" الشعبى عن سياساته ولأثر التهجم اليومي على العرب ، واستعدائهم على مصر ، ولتردى علاقة نظامه بعدد من الدول ذات الاثر الطيب فى نفوس العامة ، مثل مجموعة عدم الانحياز ، ولانعكاس آثار العزلة الخارجية على مستوى الالتفاف الداخلى حول النظام ، خاصة بعد ان اصبحت علاقة مصر بالمنظمات والجماعات الدولية ، اما مطرودة منها او ( مرشحة للطرد) !.

ويمكن القول ان السادات قد اتم ذلك التحول الكبير الذى وصفه الغرب حينذاك عن حق بأنه " مهندس شرق أوسط جديد " دون ميدان مناورة تقريبا ، بل فى ظل اعتى الضغوط الاستعمارية والصهيونية ، وبالاذلال الناجم عن احتلال سيناء ، ومواجهة اقصى ممثلي التطرف الصهيونى على مائدة المفاوضات وبعيدا عنها ، كما ان عدم ايلاء الانتباه الكافى للآثار المترتبة على اجراء هذا التحول الكبير فى هذا الزمن القصير ، وبهذا الاندفاع ساهمت فى المزيد من تضييق هامش المناورة امامه ، مع ادراك انه لا يمكن فصل طبيعة هذه الآثار عن الاطار العريض الذى اجرى فيه السادات هذا التحول ، والذى يكاد يضع السادات امام اختيارات جدية : اما التقدم للنهاية رغم كل الاذلال ، او التراجع وفقدان كل شئ .
فاذا ما انتقلنا الى ما يسمى بـ" المباركية" ، فان اول كلمة يجب ان تقال انها هى الساداتية فى مرحلة مختلفة فهى "الساداتية " لانها لم تتخل عن محور واحد من المحاور الرئيسية للتحول الكبير الذى قاد السادات مصر اليه ، والذى تتحدد ملامحه فى محور الاعتراف باسرائيل كدولة ، والتخلى عن القضية الفلسطينية ، وبلغة مبارك " كامب ديفيد لن تلغى " ومحور التحالف مع الامبريالية الامريكية وعملائها ، والاستعداد للعب دور شرطي مصالحها فى المنطقة ، وبلغة مبارك ، علاقات صداقة متميزة مع امريكا ، ومساندة الانظمة الشرعية " ومحور العداء للاتحاد السوفيتى وتأجيج العداء له ، ومواجهة الانظمة التى ترتبط بعلاقات صداقة معه، والقضاء على الحركات الوطنية التى يساعدها ، وبلغة مبارك " ابعاد شبح الاستقطاب عن المنطقة ، وتأمين استقرارها ضد اى اضطراب ".
وهى مرحلة مختلفة لان مرحلة الاندفاع العنيف لزرع أسس توجه جديد ، واقتلاع أسس توجه قديم قد انتهت من الناحية الاساسية – ومن وجهة نظر معينة – وأصبحت المهمة الملقاة على عاتق القائمين على الحكم ، هى معالجة الآثار التى ترتبت على ذلك الاندفاع الصاروخى مثل ضيق القاعدة السياسية للنظام ، والعزلة الخارجية له ، مع الاستمرار فى قيادة ذات السفينة فى نفس الاتجاه ، بعد هدوء عاصفة التحول ، وانقشاع ضباب هذا الطريق الذى لم يسبق ارتياد ، ووضوح الرؤيا ، وبالتالي انكماش المخاوف من فقدان الاتجاه الى حجمها الطبيعي وتوجيه السفينة بقدر اكبر من الاتزان والثقة .

انها نفس الاستراتيجية "الساداتية " ، ولكن مع تكتيك مختلف ، أصبحت هناك ضرورات موضوعية تلح على اتباعه ، وهو ما لا يتعارض مع التسليم بان السادات مثله فى ذلك مثل اى شخص آخر يتصدى لنفس المهمة قد ترك بصمته على هذه العملية ، واعطاها مذاقا خاصا ونكهة مميزة ، ولكن هذا لا صلة له بالربط المبتذل بين شخص السادات ، والاتجاه الاستراتيجي الذى انقبلت مصر اليه ، او متطلبات هذا الانقلاب وضروراته العملية . فاذا انتقلنا الى عهد مبارك فاننا سنجد ان سفينة الطبقة قد امكنها مواصلة السير فى نفس الاتجاه فى ظروف أفضل كثيرا ، ربما من ابرزها لانعطاف الجماعي للانظمة العربية نحو تعريب كامب ديفيد ، وتحرر السفينة من ضغط الاحتلال الاسرائيلي فى سيناء ، وتوفر الحد الادنى من ثقة الدوائر الامبريالية فى رسوخ الاتجاه الجديد ، ومصداقية اهدافه ، بحيث لم يجد الزعيم الجديد للطبقة نفسه فى اسر الابتزاز بضرورة اثبات حسن النوايا ، وساهمت مجمل هذه العناصر فى منح الربان الجديد هامشا افضل كثيرا للمناورة ، وساعد على تعزيز هذا الهامش الاوهام التى اكتشفتها احزاب المعارضة فيه .
يمكن ان يتضح لنا تأثير وجود ضغوط معينة (الاحتلال الاسرائيلي لسيناء والابتزاز الامبريالي لاثبات حسن النوايا ومصداقية الاهداف ) او التحرر من هذه الضغوط فى مدى حرية المناورة او انعدامها تقريباً فى عهد كل من السادات ومبارك . فقد واجه كلاهما مظاهر مختلف من نمو العدوانية الاسرائيلية ، ولكنها كانت كفيلة بان تضع ظهر الاول للحائط ، وترغمة على ابتلاع اقذع الاهانات ، ثم الا بتسام بعد ذلك فى " حبور" او حينما ينس نفسه ويرفض عقد لقاء معين بطريقة معينة ، فانه سرعان ما يضطر للتراجع بعد ايام بشكل يثير المزيد من السخرية والاستهزاء ، وهو ما اضطر السادات لان يفعله ايضا ازاء الاجراءات التى اتخذها بعد ضم القدس ، وقصف المفاعل النووى ( العراقى ) ، والاستمرار فى الاستيطان ، اما بالنسبة لمبارك ، فرغم انه واجه مظاهر لهذه العدوانية اكثر سفورا ( ضم الجولان ، الاصرار على اجتماع اللجنة الخاصة بالتفاوض حولها فى القدس ، واجتياح لبنان ، تنظيم مذابح صبرا وشاتيلا " ، ولأن مبارك قد تحرر من الضغوط السالف الاشارة اليها ، " صاحب هذا التصاعد المتزايد فى العدوانية الاسرائيلية صعود نجم اكثر الممثلين تطرفا وعدوانية ، بحيث اصبحت المناصب الرئيسية فى الحكومة الاسرائيلية فى يد الذين اعترضوا على كامب ديفيد ، باعتبارها نوعا من الاستسلام والتخلى عن سيناء نوعا من السذاجة التى لا معنى لها ( شامير الخارجية ، ارينز فى الدفاع ، ايجال كوهين الاقتصاد ، يوفائيل نوئيمان فى البحث العلمى ، واخيرا رئاسة الوزارة ذاتها ، وذلك على حساب عناصر "اقل عدوانية" مثل دايان ووايزمان ويادين )
فانه لم يجد ظهره للحائط ، واستطاع ان يناور ببراعة ليصبح بامكانه ان يظهر كرافض لزيارة اسرائيل ، فى نفس الوقت الذى يقيل فيه وزير السياحة " عادل طاهر" لانه يرفض زيارة اسرائيل قائلا له : " حاتعمللى فيها وطنى ".! وان يبدو كرافض الجزء الثانى من كامب ديفيد ، ثم يشترك مع فرنسا فى مشروع مشترك متجاوزا بذلك كامب ديفيد ، ثم يسحب السفير المصري من اسرائيل ، ويضع عقبات كثيرة امام نمو علاقات التطبيع بمعدلات اكبر .
السير منفردين – والضرب فى نفس الاتجاه :-
قد يستهجن البعض استعارة هذا التعبير من الادب الماركسي فى مجال كهذا ، ولكن ربما يشفع لنا انه يمكن ان يعبر بصدق عن طابع العلاقة المعقدة التى تربط بين النظام المصري والامبريالية الامريكية فى مرحلة تجاوز فيها الاول مرحلة الضغوط الكبرى ، واصبح يتمتع فيها بحرية مناورة أفضل ، تتيح له العمل على تحقيق نفس الاهداف " بامانة " ، مع الابتعاد الظاهرى عن المظهر الآثم لعلاقة التبعية الوثيقة التى ارتسمت فى اذهان الناس بنموذج السادات ، وربما كان أفضل اختبار لهامش المناورة الذى تمتع به وتوظيفه بأفضل شكل لتجاوز مأزق حرج ، مع عدم التخلى عن التوجه الاساسي هو الايام العصيبة التى عاشها النظام خلال الغزو الاسرائيلي للبنان ، وحصار بيروت الذى استطال امام مقاومة باسلة ، ضربت مثلا ملهما امام رجل الشارع المصري ، فى امكانية مقاومة هذا الجيش " الذى لايقهر " ، واختيار الموت كل يوم بديلا عن القبول بمخرج مذل . لقد برهنت هذه الحرب الطويلة بشكل قاطع لرجل الشارع على عدد من الامور المترابطة : ان السلام مع اسرائيل هو وهم كبير ، وانه لا يمكن تامين جانبها ، فهى لاتعرف سوى لغة العدوان وفضحت " الشريك الكامل " وحقيقة علاقته الاستراتيجة باسرائيل ، وبددت من الاذهان الصور المشوهة التى رسمتها ريشة الدعاية الساداتية حول رجال المقاومة الفلسطينية ، ومن خلال ذلك تكشف بشكل ملموس مضمون كامب ديفيد ، وطبيعة الاغلال التى قيدت بها الدور المصري ، وكان ذلك كفيلا بأن يضع نظام مبارك فى مأزق تتزايد خطورته باستطاعة صمود بيروت ، ولكن مبارك المتحرر من قيد الاحتلال الاسرائيلي لسيناء ومن قيود اخرى سبق توضيحها ، والذى ادرك جيدا درس اغتيال السادات ، بضرورة المحافظة على حد ادنى من قاعدة سياسية للنظام ، واخذ تأثير المعارضة على الرأى العام فى الحسبان ، والتحسب لتأثير الاحداث الكبرى على رجل الشارع وانعكاس الموقف العربي فى مجمله عليه ، خاصة وان هناك نحو 2 مليون مصرى يعملون فى الدول العربية ، لقد ناور مبارك ببراعة كبيرة وفى الوقت المناسب سحب بيان مجلس الوزارء المصري – بعد نشره فى الطبعات الاولى للصحف – الذى كان يضع الغزو الاسرائيلي ومحاولة اغتيال السفير الاسرائيلي ، وانتقاد الموقف الامريكي والتظاهر بالتضامن مع المقاومة الفلسطينية ، ثم بادر بفتح قنوات الاتصال بها ، ومع استطالة صمود بيروت ابدى استعداده ، للالتفاف على كامب ديفيد ، والتقى بفرنسا فيما سمى بالمشروع الفرنسي – المصرى .
والواقع ان هذا المشروع لم يكن سوى حصان امتطاه الطرفان الى محطتين مختلفتين ، فرنسا تستهدف تعزيز مصالحها وترويج منتجاتها وسلاحها ، بانتهاز فرصة افتضاح مدى قبح الدور الامريكي ، والنظام المصري الذى حول صمود بيروت ، وارض كامب ديفيد التى يقف عليها الى سطح من الصفيح الساخن – وقد كان هذا الحصان المشترك فرصة مواتية للابتعاد عن هذه الارضية الملتهبة الى ان تهدأ حرارة الصمود فى بيروت ، او تبرز وقائع جديدة .
وبمجرد الاعلان عن مبادرة ريجان – والذى تواقت مع بداية الرحيل عن بيروت – ترجل مبارك سريعاً تاركا " ميتران " وحده .
ولقد ساعد مبارك ان مناورته تجرى بعد ان تهيأت الانظمة العربية لمرحلة تعريب كامب ديفيد بعد ان نفذ وقود الرفض العربى – المحدد سلفا – ولهذا فان مناورة مبارك امتزجت بالدعوة لتوحيد الصف العربى ، وبعد ان انتهت مرحلة الصدام معهم ، وبانتهاء مرحلة الاندفاع الصاروخى والاستقطاب الحاد واختفاء الرجل الذى تبادل السباب معهم ، لقد انجز السادات كل المطلوب ، وكامب ديفيد لا توقع سوى مرة واحدة فقط وكسر " الاضراب العربي " فى مواجهة اسرائيل لا يبدأ سوى مرة واحدة فقط ، والمطروح الآن على جدول الاعمال هو تأمين عملية الانتقال الجماعى الى كامب ديفيد ، وتحاشي مخاطر الاستقطاب الذى طالما حذرت منه السعودية ، ولكن من الممكن الاصغاء اليه ، بينما صخب التحول الكبير يجرى بكل عنفوان وقوة – الآن اصبح هذا مطلبا جماعيا ، والآن اصبح من الممكن الاصغاء اليه ، وليس بالضرورة ان تتم عملية الانتقال الجماعي من خلال علاقة وثيقة بمبارك ، او "بعودة مصر" يمكن ان تقوم بذلك نواة من السعودية والاردن والعراق والمغرب ، وهى كلها على صلة وثيقة بشكل او بآخر بالربان الجديد.
نقطع هذا الاستطراد الضرورى ، لنعود لفترة الغزو والتى شهدت فى هذا الاطار تصاعدا حادا فى نغمة الهجوم على اسرائيل ، حتى ان ابوغزالة وصفها بانها خطر داهم لانقاش فيه ! والصراع معها اخطر من اى اختلاف عربى ، وانه لابد من امتلاك قدرة عسكرية كافية لردعها ، وهى مهمة مشتركة للدول العربية ( مجلة المصور فى احدى جلسات مجلس الشعب وقف ابو غزالة ليعلن على الملأ انه لا يستبعد الحرب معها بسبب النزاع حول طابا !!. ومع اندلاع مذابح صبرا وشاتيلا ، وجد مبارك نفسه امام ضرورة اتخاذ خطوة كبيرة ، فقام بسحب السفير المصرى من اسرائيل ، لتصل بذلك المناورة المباركية الى اقصى لحظات توهجها.
لقد اتيح – لمبارك هامش للمناورة – لم يتح لسلفه وعرف ايضا كيف يستغله الى درجه كبيرة ، ليس فى حماية انجازاته فحسب ، بل تعزيز وتوطيد هذا الطريق ايضا ، لان الخروج من مأزق كهذا ، دون المساس بطريق السلام الامريكي – الاسرائيلي ، كان يساعد على توسيع نطاق هامش المناورة فى مواجهة الشعب المصرى ، والشعوب العربية . واذا كان التحرر من ضغوط معينة ، قد أتاح لمبارك مثل هذا الهامش ، فان الانتقال الجماعي للانظمة العربية الى مرحلة تعريب كامب ديفيد ، قد ساعد على تعميق هذا الهامش ، فمع افتضاح الصمت العربي المتواطئ على "بيروت" وجد مبارك الفرصة سانحة للمزايدة على " العرب" – الذين لم يوقعوا كامب ديفيد – ليس فحسب للبرهنة العامة على ان هذا الطريق لا يغل ذراع مصر اكثر ممن يغل مالم يسلكوه بعد ، بل ليستثمر ذلك لخدمة الهدف الاستراتيجي الاصيل المشترك مع العدوان الاسرائيلى ، بالقضاء على منظمة التحرير الفلسطينية وقضيتها ، فمع احكام الحصار حول بيروت ، وتزايد شراسة القصف ، واحتدام اوار الحرب النفسية ، التى تؤكد كل يوم ان شاورن سيقتحم بيروت ، غدا ، وانتعاش دعاوى اليأس والاستسلام ، قدم مبارك حبل المشنقة لعرفات ، بدعوته للمبادرة بالاعتراف باسرائيل من طرف واحد ، والاعلان عن نبذ طريق الصراع المسلح ، وتحويل منظمة التحرير الى حزب سياسي وتشكيل حكومة فى المنفى للتفرغ لمهام التفاوض مع اسرائيل ، وكلما ضاق الحصار وتكاثف القصف والرعب والتدمير ، والاثر النفسي المضاعف ، كلما زاد مبارك من الحاحه على عرفات لكي يمسك بالطرف الآخر من حبل "النجاة" واذا كانت اسرائيل قد رفضت مرارا فكرة خروج المقاومة من بيروت الا فى مقابل الاستسلام الكامل ، واذا كان القذافى قد دعى الى الانتحار قبل الاقدام على مغادرة بيروت ، فان مبارك قد قاوم بشدة فكرة خروج المقاومة بدون اتمام هذا الانقلاب داخلها ، وانطلق من ذلك ليزايد على المقاومة نفسها ، بل وليجد فى ذلك فى النهاية مبررا زائفا لعدم قبول اى عناصر منها فى مصر .
قبل ان ننتقل من هذا العرض لإبراز النماذج التى توضح خصائص سلوك مبارك ، لابد ان نمر بسرعة على علاقات التطبيع فى تلك الفترة ، والتى شهدت بالفعل مرحلة من الفتور النسبي ، جعلها لا تسير بنفس المعدلات السابقة فضلا عن تلك التى تطمح اليها اسرائيل . وبسبب ستار السرية المكثف المضروب حو علاقات التطبيع والتى يجعل من المصادر الموثقة عنها شيئاً اقرب الى اسرار الامن المصرى ، فانه من الصعب الحصول على معلومات شاملة موثقة فى هذا المجال الخطير ، ولكن هذ لا يمنع ان نلاحظ ان عام غزو لبنان الذى شهد اقصى لحظات هذا الفتور ، لم يشهد ، سوى هبوطا محدودا جدا فى صادرات مصر لاسرائيل من 384.4 مليون جنية عام 1981 الى 310.2 مليون عام الغزو ، بينما يقابل ذلك نموا هائلا فى صادرات اسرائيل لمصر بأكثر من سبعة اضعاف حيث ارتفعت من 6.9 مليون جنية الى 48.3 مليون فى عام الغزو ( ملاحظات اولية حول الجوانب الاقتصادية لاتفاق كامب ديفيد : د /جودة عبد الخالق ). كما شهد عام الغزو اخطر تطورات التطبيع الثقافى بإنشاء المركز الاكاديمي الاسرائيلي فى القاهرة ، والذى يستهدف توثيق علاقة اسرائيل بالعلماء المصريين ،... ومحاولة توجيه البحث العلمي المصري فى اطار المصالح الاسرائيلية ، والتجسس على الابحاث المتعلقة بالامن القومي ، وربط الطائفة اليهودية فى مصر باسرائيل باعتبارها الوطن الام ( التطبيع الثقافى بين مصر واسرائيل : د/ سيد البحراوى ).
ان مبارك رجل الافعال يحافظ على مسافة كافية بينه وبين السيد الامبريالي الاسرائيلي ، لكي يمكنه ان يضرب بقوة فى نفس اتجاه العمل المشترك ولتحقيق الاهداف الكبرى لهذا الحلف غير المعلن – تصفية المقاومة الفلسطينية وتفتيتها ، ارساء دعائم نواة تحالف رجعى اقليمى فى المنطقة ، مقاومة حركات التحرر الوطنى والاجتماعي ، وحصار الانظمة المعادية لهذا التحالف الرجعى ، واقصاء الاتحاد السوفييتى السند الوحيد لهذه الحركات والأنظمة .

كثير من المساحيق لا يضر :
لقد ادرك مبارك الاطار العام لمهمته بشكل طيب ، والذى يتحدد فى تأمين الاستمرار على المحاور الرئيسية لسلفه ، ومحاولة امتصاص السخط الشعبي على الاستمرار فى نفس السياسة ، بالتموية عليها والتخلى عن بعض الاساليب التى كانت بمثابة مصدر استفزاز دائم للغاية ، وبالحرص احيانا على بعض ... المظاهر التى يمكن من خلالها اجراء تضليل شعبى واسع النطاق ، بالاستفادة من معارضة شرعية لا تتناقض فى معظمها بشكل رئيسي مع هذه المحاولة ، بل وبالاستعداد عند اللزوم لتقيم تنازلات ذات مدلول كبير – مثل...استدعاء السفير – حرصا على تأمين المسار فى مجراه العريض . وفى هذا الاطار كان من المفيد ( الارتباط لحد ) كبير بعلاقة مظهرية بمجموعة عدم الانحياز ، وللعلاقة مع يوغسلافيا والهند بشكل خاص ومواصلة الاهتمام بشكل اكبر بالعلاقات مع دول اشتراكية من نوع خاص مثل اليمن وكوريا ، وترويج الشائعات من حين لاخر بشكل موسمى شبه منتظم ، بان تطبيع العلاقات مع الاتحاد السوفييتى وعودة السفراء الى موسكو والقاهرة على وشك الاعلان عنها ، مع اعادة عدد من الخبراء المدنيين السوفييت الى المصالح المصرية التى اصبحت فى حاجة ماسة اليهم بالفعل ، واعادة تصدير القطن المصرى الى موسكو حيث تراكم فى المخازن بعد ان اوقف السادات تصديره اليه والتخلى عن السعار حول " الخطر السوفييتى الكونى" دون التخلى فعليا عن النشاط العملى الذى ينخرط فى اطار الاستراتيجية الاستعمارية الامريكية لمواجهة هذا الخطر المزعوم ، كستار لمواجهة بؤر المقاومة المحتملة فى المنطقة للمصالح الاستعمارية ، فمجمل الخطوط السابق الاشارة اليها يتم توظيفها اساسا للتموية على هذه العلاقة التابعة ، تحت ستار ما يسمى " بعلاقة متميزة " لا تتناقض مع موقف عدم الانحياز المزعوم .
لقد ادرك مبارك الترابط المفهوم بين خطر العزلة الخارجية ، وخطر العزلة الداخلية وفى الدوائر الخارجية الاساسية المؤثرة على الداخل : عدم الانحياز – منظمة الوحدة الافريقية – العالم العربي ، سعى مبارك الى تحسين الصورة العامة لنظامة بالتأكيد على معادلة ( عدم انحياز * علاقة متميزة) فى مواجهة معادلة سلفه التى تطرفت به الى حد الافصاح علنا استعداده للانضمام لحلف الاطلنطى ، ومع العالم العربى بتقديم علاقته باسرائيل كمسألة "بغيضة" موروثة من سلفه ، واخراجها الشكلي من اطار العلاقات الخاصة جدا " وخطوتين للأمام تجاه اسرائيل فى مقابل كل خطوة تخطوها " الى اطار العلاقات العادية " غير المقدسة" والتى يمكن ان تصبح " فاترة للغاية " ، مجرد علم وسفير ".
وامام القارة الافريقية تخلى عن دور الشرطي الصريح ، وعن لعب دور مباشر ونشيط فى شق وحدة منظمة الوحدة الافريقية ، بمحاولة اقامة كتلة ثابتة من الدول الرجعية فى القارة ، وتخلى عن سعار الهجوم اليومي على "ليبيا" و " مجنونها "، واعلانها جبهة القتال المحتملة ، والاستعداد للحرب ضد اثيوبيا ، من اجل منابع نهر النيل .
ولكنه خلف هذا الستار ، فان الجيش المصري مازال مركز ثقله فى صحراء السلوم ، ومازالت هذه المنطقة تعامل فى الروتين العسكرى اليومي ، كجبهة قتال محتمله ، لا تخلو من نسبة طوارئ معلنة ، ويتقاضى الضابط والجنود العاملين فيها " بدل جبهة " الى جانب مرتباتهم 0
وربما كانت "تشاد" من ابرز الامثلة على " جدل الشكل والمضمون" فى اسلوب مبارك ، ففى الوقت الذى واصل فيه – بداية تولية الحكم ، المساندة العسكرية بالسلاح لتمرد حسين حبرى على حكومة جوكونى عويضى ، فانه من ناحية اخرى استطاع ان يخدعه ويقنعه بأنه اذا ما طرد الجيش الليبى الذى يساند نظامه ، فان كلا من مصر والسودان ستتخليان عن دعم حبرى ، بل وستساعدان النظام اقتصاديا وماديا ، مما اتاح الفرصة لحبرى للاطاحة به خلال ايام معدودة .
ثم كان الخط الثابت لمبارك بعد ذلك ، هو المساندة الكاملة لنظام حبرى ، باعتباره " الحكم الشرعي " فى مواجهة محاولة عويضى لاستعادة السلطة ، وفى هذا الاطار قدم مبارك كل ما يملكه من دعم سياسي ودبلوماسي ... واقتصادي وعسكرى ، ولكنه مع احتمال تعرض نظام حبرى للتداعى امام تقدم جيش عويضى بمساندة ليبيا ، رفض مبارك تجاوز اطار الدعم الذى يقدمه لحبرى ، وقاوم بعناد ضغوطا امريكية كبيرة ، لان يبعث الوحدات المصرية الخاصة لمساندة حبرى مباشرة ، بل انه اضطر امريكا الى ان تنقل طائرتى الا واكى – اللتين وصلتا الى مصر لمراقبة طلعات الطيران الليبي المساند لعويضى – الى السودان الاكثر بعدا والاقل ملائمة لهذه المهمة 0
وكانت هذه اكبر ينابيع " الشكوك" التى اشار اليها ريجان فى محادثاته الاخيرة مع مبارك .
لقد ادرك مبارك ان الانزلاق للتورط فى ميدان الحرب فى تشاد ، كفيل بان ينسف الاساس الهش الذى ترتكز عليه صورته الداخلية والخارجية ، المملوءة بالثغرات ، فهى معركة دفاع صريحة عن عميل امريكى ، لا تجد حتى اقلية " محترمة" تساندها داخل القارة الافريقية ، ولقد حاول مبارك بالفعل ان يستجيب للنداء الامريكي ، ولكن من خلال قوة تدخل افريقية مشتركة فى اطار منظمة الوحدة الافريقية او خارجها ، يمكن ان تساعد على تمويه طبيعة الدور المصرى . ولكنه فشل فى تجنيد تأييد كاف لهذه الفكرة ، مما اضطر فرنسا للمبادرة بهذه المهمة الثقيلة تحت ضغوط امريكية لم تتورع ادارة ميتران فى الكشف عنها ، ومن المؤكد ان مبارك كان يدرك ان تدخلا ما كان لابد وان يتم لانقاذ نظام حبرى ، فى حالة استنكافه عن الاضطلاع هو بهذه المهمة وبفضل الالتزام بهذا التحريك المنسجم فى الدوائر الخارجية الرئيسية ، تمكن مبارك ليس فحسب من تحاشي الطرد من منظمات وجماعات دولية جديدة بل بتعزيز مكانته الدولية ، وانتخاب مصر فى مجلس الامن باغلبية ساحقة . غير انه لابد ان نلاحظ انه فى ظل الاهتمام بعدد من المظاهر التى سبق الاشارة اليها ، والتخلى عن اساليب معينة ، بل واحيانا تقديم تنازلات ضرورية ، فان شيئا واحدا ظل ثابتا لا يتغير ، سواء من ناحية المحتوى او المظهر ، الى درجة انه يمكن اعتبار ان معظم التبدلات قد جرت لكيلا يتأثر محور العلاقة العسكرية المباشرة والصريحة بالاستراتيجية العدوانية الامريكية ، بل لينمو بمعدلات اكبر دون عراقيل .

المساحيق لا تخفى الوجه القبيح:-
فقد شهدت سنوات مبارك المحدودة استمرار وتطور التعاون العسكري مع الولايات المتحدة ، ففيما يتعلق بقاعدة " رأس بانياس" التى كان السادات قد قدمها لواشنطن كنقطة انطلاق لقوات التدخل السريع الامريكية ، لقمع اى حركات شعبية متمردة على النظم التابعة فى الخليج وشبه الجزيرة العربية ، التزم مبارك بتعهد السادات ، مع ملاحظة ان الخلاف على تمويل القاعدة برؤوس اموال امريكية او مصرية " مقترضة من امريكا" هو خلاف موروث عن السادات ايضا ، الذى كان يلح على ذلك حتى يحافظ من الناحية الشكلية على التزامه بأنه لا يمنح قواعد ، بل يقدم تسهيلات فى قواعد مصرية ، ولم يحل استمرار هذا الخلاف حتى الآن من ان تبدأ فى عهد مبارك ، شركات مقاولات امريكية اعداد " رأس بيناس" كميناء يمكنه استضافة قطع الاسطول الامريكي ، ومطار حربي للطائرات الامريكية ، وساحة يمكنها ايواء الآف الجنود الامريكيين وتخزين معداتهم .
وفى عهد مبارك ايضا انشأت قاعدة جوية امريكية تستطيع الصحف الامريكية التوصل الى موقعها بدقة ، وان كانت هناك تكهنات بانها تقع قرب مدينة قنا ومحظور دخولها على غير الامريكيين ، ويمكنها استقبال سريين من الطائرات الحربية الامريكية ، ويقيم فيها بشكل دائم 100 طيار امريكي ، فضلا عن معدات حربية مخزنة بها بملايين الدولارات ، وهو ما لم يستطيع نفيه مسئول مصرى حتى الآن . وفى عهد مبارك يجرى اعداد القاهرة كمركز لنشاط المخابرات المركزية الامريكية فى المنطقة ، بدلا من بيروت ، وهو ما ذكرته الصحف الاجنبية ونقلته منها صحف المعارضة ، ولم ينكره ايضا مسئول مصري حتى الآن ، وفى عهد مبارك اتسع نطاق المناورات مع القوات الامريكية كما وكيفا ، ففى المناورات التى جرت فى عهد السادات ، كان عدد الجنود الامريكيين المشتركين 1400 جندى ،ارتفعوا الى 4000 فى المناورات التالية لاغتياله5500 جندى فى المناورات الاخيرة ، وازدادت فترة المناورات من عدة ايام الى شهر كامل ، وفى المناورات الاولى اقتصر الاشتراك فيها على جنود المشاه والطائرات الامريكية التى تقلع من قواعدها فى الولايات المتحدة ، وفى المناورات الثانية انطلقت الطائرات الامريكية من المطارات المصرية وفى الثالثة اشتركت قطع من الاسطول السادس ، وفرق من القوات الخاصة ، والمظلات وابرار جوى فضلا عن المشاه والطائرات المقاتلة والقاذفة ، ويعتقد بعض المراقبين ان محور المناورات الاخيرة هو كيفية القضاء على نظام معادى فى دولة ما ، من خلال المبادرة بالهجوم ، والسيطرة على النقاط الاستراتيجية فى عاصمة هذه الدولة تمهيدا للسيطرة الشاملة على مقاليد الامور ، وهو ماجرى تطبيقه بشكل او بآخر فى جرينادا فيما بعد . وقد ترددت فى الفترة الاخيرة انباء لم ينفها المسئولون المصريون عن ان مركز قيادة قوات التدخل السريع فى منطقة الشرق الاوسط سيقام فى مصر.
كما اتسع نطاق المناورات ليشمل لاول مرة العضو الرئيسي الثانى فى حلف الاطلنطى " بريطانيا" بينما ترشح الانباء مناورات ثالثة مع القوات الفرنسية ، وهى تطورات لم تجر فى عهد السادات الذى كان اول من بشر باحتمال الانضمام لحلف الاطلنطى ، وبالرغم من انه لم تتوفر معلومات عن طبيعة رحلة ابى غزالة الاخيرة الى بون فانه من الضرورى ان نلاحظ تأكيد المشير عن ان اهم المسائل التى كانت محل بحث هو التواجد السوفييتى والكوبى فى افريقيا والشرق الاوسط على اساس ان هذا التواجد هو بمثابة قوات ردع تقف بالقرب من مصادر البترول وتصد تهديدا مباشرا للمصالح الغربية .
ان التركيز على بحث هذا النوع مما يسميه ابوغزالة " المسائل الاستراتيجية " ليس جديدا فى مباحثات مع " الرفاق " فى حلف الاطلنطى ولكن الجديد فيه ، هو انه منذ تولى مبارك الحكم فان المسائل الاستراتيجية من هذا النوع ، كان لا يجرى الاعلان عن انها كانت عنصرا فى اى مباحثات فضلا عن ان يعلن انها كانت "الموضوع " الرئيسي "لمباحثات ما ! . فهل يجرى فى اطار اى ترتيبات عملية جديدة وفقا للتصور اياه لابى غزاله ، واى تصور مشابه ؟ . هذا يعود بنا مرة اخرى للسؤال الرئيسي المفتوح على رأس هذا التحقيق والذى سيظل مفتوحا لاعتبارات سبق ايضاحها .
عود على بدء:-
لقد سبق لنا ان تساءلنا فى طيات التحقيق عن الدوافع المحتملة لتغيير تكتيك طبقى حقق نجاحاً كبيرا فى تأمين استمرار هيمنتها على نفس الاسس او جنبها مخاطر الانواء التى كانت تحيط بسفينتها فى نهاية عهد السلف الراحل ، ولقد ابرزنا عددا من الملاحظات التى يمكن ان تكون رصدا لبذرة تحول عن هذا التكتيك ، وبقى ان نلاحظ ان القوة الدافعة لمثل هذا التحول المحتمل يمكن ان تنشأ من مصدرين ، اولهما : الطبيعة العدوانية المتطرفة للادارة الامريكية الحالية والتى ينتابها سعار تصفية كل اثار ما يسمى " بعقدة فيتنام" واطلاق كل طاقتها العدوانية لتعويض المواقع التى خسرتها امام حركة التحرر الوطنى والثورة الاشتراكية خلال حقبة السبعينيات وفى اطار هذه الحمى فانها تطلب من توابعها كل طاقتهم دون التفات للمتاعب الداخلية التى قد تنشأ بسبب هذا الاندفاع .
ان ريجان ليس هو كارتر على سبيل المثال الذى طالما حذر السادات من عواقب استضافة الشاه خشية مضاعفة السخط الشعبى على الاول ، بل انه حاول بكل السبل ان يقنع السادات بالايقدم على هذه الخطوة المتهورة كما ان السادات فى ايامه الاخيرة ، كاد ان يصطدم بريجان ، بعد ان اكتشف فيه صورة " جون فوستر دالاس " وزير الخارجية الامريكية فى الخمسينات ، والذى قاد السياسة الامريكية فى المنطقة بعدوانيته المتطرفة ، وتقليله من شأن التناقضات الداخلية الى محنة ظلت تعانى منها سنوات طوال حتى بعد 1967.
وثانى هذه الدوافع المحتملة ، هو التفاقم المتزايد فى ازمة الاقتصاد المصري والذى يساعد على المزيد من الاستعداد للخضوع الامبريالي غير ان هذا التحقيق لا يتسع لتناول هذا التفاقم ومظاهره ونكتفى بضرورة الرجوع لصرخة ابراهيم نافع ( اهرام 9/9/1983 ) بعنوان : الداخل ... الداخل) والتى تعتبر من احدث المؤشرات على عمق الاحساس بتفاقم الازمة الاقتصادية المزمنة ، والاحساس بما يمكن ان تقود اليه.
وفى النهاية لا يفوتنا ان نلاحظ انه فى 6/10/1983 جرى احتفالين من نوعين مختلفين ، فقد احتفلت احزاب المعارضة فى نشوة شديدة بذكرى اختفاء رأس الساداتية ورمزها ، بعد ان اكتشفت فى الخلف الجديد انجازات ذات طابع سلبى مثير للسخرية ، فهو "لم" يوقع كامب ديفيد و"لم" يزر القدس و"لم" يسب العرب و"لم" يعتقل زعماء" المعارضة و"لم" يصادر صحفها و"لم" و"لم"...الخ
وعلى الجانب الآخر احيت مؤسسات النظام نفس الذكرى بنشوة اكبر وشعور مفعم بالانتصار ، ذلك ان المأزق التاريخي الذى كان الاغتيال احد ثمراته ، قد امكن تجاوزه دون اى انتقاص من مصالحها واستئثارها بالسلطة والثروة ، كما ان النظام الذى باتت شرعية استمراره محل سؤال كبير بعد كامب ديفيد وقصف المفاعل العراقى والاستقطاب المتزايد بين النظام والمعارضة الشرعية واعتقالات سبتمبر ، لم تعد هذه الشرعية محل نقاش كبير ، خاصة بعد التضحية بعدد من كباش الفداء ، الذى لم يكن السادات اولهم ، لقد صدق موسى صبرى عندما قال :ان"السادات قد افتدى مصر" مصرهم !



#سعيد_العليمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من حدود المعارضة البورجوازية ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من نظام الرئيس مبارك
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من حكم مبارك عقب اغتيال الساد ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من التهديدات الامريكية للثورة ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى إزاء المضمون الطبقى للثورة ال ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى عند اندلاع الثورة الإيرانية
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من الفتن الطائفية فى عهد السا ...
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من الجماعات الاسلامية
- حزب العمال الشيوعى المصرى ونقد فكرة التحالف مع الاخوان المسل ...
- بيان المكتب السياسي لحزب العمال الشيوعى المصرى حول انتفاضة 1 ...
- سلطة البورجوازية البيروقراطية فى مصر واشباح الانتفاضة الشعبي ...
- حزب العمال الشيوعى المصرى وذكرى انتفاضة 18 - 19 يناير 1977 و ...
- 10 اعوام من النضال الثورى المتواصل 8 ديسمبر 1969 - 8 ديسمبر ...
- الفهم الثورى لقضية وحدة الشيوعيين في مصر - حزب العمال الشيوع ...
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى مرآة الصحافة البورجوازية والتحر ...
- نقد مسألة التحالفات من منظور حزب العمال الشيوعى المصرى
- موقف من وحدة الحركة الشيوعية المصرية - حزب العمال الشيوعى ال ...
- الإنتفاض جريدة حزب العمال الشيوعى المصرى – طبعة الخارج الثل ...
- موقف من وجهة النظر القائلة بسلطة البورجوازية الصغيرة فى مصر ...
- موقف من مهمات النضال الفلسطينى - شيوعى مصرى - حزب العمال الش ...


المزيد.....




- انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي ...
- بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش ...
- المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
- أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل ...
- 16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة ...
- الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
- هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت ...
- استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
- تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت ...
- بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد العليمى - موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من تبعية نظام مبارك للإمبريالية الامريكية