أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد العليمى - موقف من وجهة النظر القائلة بسلطة البورجوازية الصغيرة فى مصر - شيوعى مصرى - حزب العمال الشيوعى المصرى - كتابات القسم الرابع















المزيد.....



موقف من وجهة النظر القائلة بسلطة البورجوازية الصغيرة فى مصر - شيوعى مصرى - حزب العمال الشيوعى المصرى - كتابات القسم الرابع


سعيد العليمى

الحوار المتمدن-العدد: 5023 - 2015 / 12 / 24 - 23:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نشر هذا النص لأول مرة فى النصف الاول من عام 1972 فى نشرة " الصراع " العدد الثالث - وهى نشرة داخلية جدالية وللاعضاء فقط فى ذاك الطور من النمو الحزبى ، وهى المرحلة التى شهدت تجاوز الطور الحلقى والانتقال الى طور التنظيم الشيوعى المصرى . كانت مقولة سلطة البورجوازية الصغيرة مهيمنة آنذاك فى العالم العربى وقد وصفت بها النظم القائمة فى مصر وسوريا والعراق والجزائر . وقد ادى هذا الكراس الصغير مهمته فى اوساطنا حيث بدد هذه المقولة التى تبناها الكثير منا . لكن طغيان هذه المقولة السابقة ادى بكاتبنا الى ثنى العصا فى الاتجاه الآخر فنفى اية امكانية حتى ولو عرضية وفى بورجوازيات متخلفة ان تصل البورجوازية الصغيرة الى السلطة بشكل تعميمى مطلق . والحال ان انجلز قد اورد احتمالا كهذا حين تحدث عن ثورة 1848 فى المانيا ، وربما كانت حكومة كيرنسكى فى روسيا من فبراير حتى اكتوبر تجسيدا لها . اعيد نشر هذا الكراس فى بيروت عام 1974 تحت الاسم الذى اعتدنا نشر كل كتاباتنا به وهو "شيوعى مصرى " ، وعندما بدأنا استخدام اسماء اقلام صدرت نسخة مصرية منه باسم " سمير محمد كامل " . وكيفما كان الحال فكاتب الكراس هو رفيقنا الراحل صلاح الدين حامد العمروسى الذى وافته المنية منذ فترة قصيرة . وهو مؤلف كتاب " موقف من مهمات النضال الفلسطينى ". اعدت نشر هذا الكراس بناء على طلب الكثير من الرفاق الشباب خاصة . والى ذكرى مناضلنا الراحل اهدى هذه الطبعة .
موقف من وجهة النظر القائلة بسلطة البورجوازية الصغيرة فى مصر – شيوعى مصرى
يقتضى التوصل الى تحديد خط سياسي واضح وثورى ان نحدد اولا " الطبيعة الطبقية للسلطة الحاكمة " ويعتبر اى فشل تتعرض له الحركة الثورية فى فهمها لهذه المسألة سببا فى انحرافها فى كافة المسائل الاخرى المتعلقة بخطها السياسي سواء فى الاستراتيجية او التاكتيك الثوريين .
ولايمكن ان نقبل الانحراف اليمينى المراجع القائل بأن المهم هو " الحركة " سواء اختلفنا حول تحديد طبيعة السلطة او اى مسألة اخرى من المسائل الاساسية فى الخط السياسي فإن النتيجة واحدة حيث اننا جميعا ننطلق من نظرة واحدة " الماركسية اللينينية " ونناضل من اجل "الاشتراكية والشيوعية " وهذا فى حد ذاته يكفى ... ولاحاجة بنا الى القول بأن هذه " البرنشتينية " ضارة بالحركة الثورية وتحرفها عن عملها الثورى : وهو انجاز خط سياسي ثورى انطلاقا من التحليل الملموس للواقع الملموس ثم نقله الى الطبقة العاملة وحلفائها من الكادحين كى يتوجهوا ضد اعدائهم ويقيموا تحت قيادة الطليعة البروليتارية الثورية سلطة البروليتاريا . فلاتوجد حركة ثورية دون نظرية ثورية . ذلك اننا اذا لم ننجز هذه المهمة الثورية نكون قد ساهمنا فى انتشار كافة التحليلات المراجعة حول طبيعة السلطة طالما اننا غير مؤهلين بالفهم الثورى الذى يمكننا من النضال ضد هذه الاتجاهات المراجعة التى تقوم بمهامها المعادية للثورة حيث تقوم بصرف الطبقة العاملة عن اهدافها وتعمل على تمييع الصراعات الطبقية وتساهم فى تدعيم نفوذ البورجوازية واطالة امد وجودها . ان نضالنا ضدها وهزيمتها هو شرط ضرورى كى نتمكن من تغيير المجتمع تغييرا ثوريا .
ولقد اثارت الحلقة الثانية من الثورة البورجوازية فى مصر سنة 1952 كثرة من التحليلات الخاطئة والتحريفية التى سادت لزمن طويل خاصة بعد صدور قرارات يوليو 1961 ، ولقد ساهم فى ذلك من جهة : التغييرات السريعة فى اشكال البنية الفوقية وتغيير مراكز الطبقات التقليدية السائدة ونشوء طبقة اخرى جديدة " نحتار فى فهم طبيعتها ".. وكذلك الصراعات بين الكتل والاجنحة وتبدل مواقع السلطة الجديدة من دول المعسكرين . ومن جهة اخرى فإن ظهور التحريفية على النطاق العالمى وسيادتها على النطاق المحلى لفترة غير قصيرة نسبيا وكذلك تبنى الاجنحة المنشقة من الاحزاب البورجوازية الصغيرة القومية للنظرية الماركسية فى الوقت الذى لم تتخلص فيه بعد من ميراثها الايديولوجى البورجوازى الصغير ووقوعها لفترة طويلة تحت تأثير الناصرية . كل ذلك ساهم فى سيادة التحليلات الخاطئة والتحريفية حول طبيعة السلطة الحاكمة فى مصر .
ولم تستطع القلة التى حاولت ان تسترشد بالماركسية اللينينية والفهم الثورى فى الواقع المصرى المتغير ، ان تمنع موجة الذوبان فى حركة البورجوازية الصاعدة من قبل الطبقات الكادحة التى خضعت للتضليل البورجوازى والتى تشبعت بالاوهام من قبل الاحزاب والجماعات الشيوعية التى خضعت لنفوذ الايديولوجية البورجوازية المضلل والتى تبنت الخطوط التحريفية فى النظرية الماركسية .
الا ان تبلور الطبقات والاستقرار النسبي للبورجوازية المهيمنة على المجتمع والسلطة السياسية فى مصر والذين تبنوا الماركسية اللينينية الصحيحة وعارضوا بكل حزم الاتجاهات التحريفية على النطاق العالمى والمحلى قد مكنهم من تحليل الواقع الجديد تحليلا علميا وثوريا والتف حول هذا القريق قسم اساسي من المفكرين الثوريين الذين ازال تبلور الطبقات ونمو الصراعات الطبقية من اذهانهم الاوهام والتشوهات وتخلصوا من التضليل البورجوازى وتأثيرات الاتجاهات التحريفية على النطاقين العالمى والمحلى ومن جهة اخرى فإن هذا الخط الثورى يجد الاستجابة من الطبقات الكادحة والفصائل المتقدمة منها حيث ان تبلور الطبقات ادى الى نمو الصراعات الطبقية التى كانت فى طور الكمون ابان صعود البورجوازية وسيادة نفوذها الايديولوجى التضليلى . لقد كان ظهور الحركات التلقائية متواكبا مع ظهور المنظمة الكفاحية الرئيسية والتى التفت حول الخط السياسي الثورى المنطلق من الفهم الثورى للواقع المصرى . ان التقاءهما هو امر حتمى وضرورى وحيث انهما ظاهرتان مرتبطتان اشد الارتباط بالتطور البورجوازى فى مصر وتبلور الطبقات واستقرارها النسبي وظهور الحدود الفاصلة بينها لذلك فإن ظهورهما فى تلك الحقبة الاخيرة من تاريخ البورجوازية ليس مجرد صدفة . فلقد وصل التطور البورجوازى الى طريق مسدود واصبحت علاقات الانتاج البورجوازية عائقا امام التطور الجديد للقوى المنتجة . ولم يعد نمط الانتاج البورجوازى يحقق اى تقدم جديد فى التخلص من سيطرة نمط الانتاج الامبريالى المعوق الاساسي لنمو قوى الانتاج فى بلدنا مما يطرح افقا آخر وحيدا هو الافق البروليتارى واصبحت قيادة البورجوازية للحركة الوطنية تحيق بها الاخطار المؤكدة مما يضع البلاد امام خطر الردة الوطنية .
مقولة البورجوازية الوطنية :
ولقد ساد فى مرحلة صعود البورجوازية القومية ابان الحلقة الثانية من الثورة البورجوازية القول بأن السلطة الحاكمة هى سلطة البورجوازية الوطنية اعتمادا على تفجر الصراع بين الامبريالية والبورجوازية الحاكمة فى مصر فى فترة صعودها وذلك عوضا عن تحديد مركزها من السلم الاجتماعى . فمقولة ( البورجوازية الوطنية ) تحدد الموقف السياسي للبورجوازية القومية من الصراع الوطنى فى مرحلة محددة من مراحل نموها لكنها لاتغنى اطلاقا عن تحليل طبيعتها ومركزها من السلم الاجتماعى بل انه كان يتوجب عليها تحليل طبيعتها الطبقية ومركزها من السلم لكى يتمكنوا من فهم علمى واضح لمختلف المراحل التى تمر بها البورجوازية القومية فى علاقتها بقضية الصراع الوطنى ضد الامبريالية . فهذه البورجوازية لايمكن ان تنطبق عليها مقولة ( البورجوازية الوطنية ) بشكل ثابت وابدى حيث انها تخضع موقفها من الصراع الوطنى ضد الامبريالية لمصالحها الانانية . فهى فى مرحلة الصعود تفرض عليها مصالحها الطبقية ان تنازع الامبريالية على السوق الوطنى والقومى الذى تعتبره مجالا حيويا لنموها وتفرض عليها نفس مصالحها الطبقية المعادية للجماهير عزلها عن الصراع الوطنى واحاطة حركتها بسياج محكم وعوضا عنها انتهجت سياسة اللعب على التناقض بين المعسكرين ، ساعدها على ذلك ان ظفرها بالسلطة تم من فوق وليس عن طريق ثورة شعبية تأتى من تحت بمشاركة الجماهيرالشعبية . ولقد سار اصحاب مقولة ( البورجوازية الوطنية ) الى منزلق خطير فقد اعتمدوا على موقف البورجوازية القومية فى مرحلة محددة من صراعها ضد الامبريالية فى تحديد طبيعتها الطبقية وموقفها من الصراع الاجتماعى . فحسب زعمهم ان ( مقتضيات الاستقلال الوطنى ) فرضت تأميم المصالح الامبريالية فى مصر ثم فرضت موقفا من الرأسمالية ( التقليدية ) ادى الى تأميمات يوليو 1961 التى وضعت البلاد فى طريق التطور غير الراسمالى ) المؤدى للاشتراكية . كما ان ( وطنية ) السلطة الحاكمة حددت فى النهاية طبيعتها وجعلتها تأخذ من الصراع الاجتماعى الداخلى موقفا تتخلى فيه بطيب خاطر عن مصالحها الانانية .. حقا انها موضوعية مقلوبة !! واذا كان البعض يقتصر بتخليه على مقولة ( البورجوازية الوطنية ) دون تحديد مركزها من السلم الاجتماعى فقد وضع البعض الآخر المسألة بشكل اكثر تحديدا مما بين ترديه فى مستنقع التضليل البورجوازى الناصرى والتحريفية العالمية والمحلية . والواقع ان المنشأ الطبقى لسلطة 1952 وسياسة التردد التى اتبعتها بين المعسكرين على النطاق العالمى وضرب ( اليمين ) و (اليسار ) على النطاق المحلى ثم ضرب الراسمالية التقليدية عام 1961 سببا فى وقوعهم فى جملة من التشويهات والاخطاء حول طبيعة السلطة الحاكمة فهى عند بعضهم ( بورجوازية صغيرة ) وعند الآخر ( بورجوازية متوسطة ) ولكن تلك التحليلات لم تقطع الصلة اطلاقا بالمنهج الخاطئ فى التحليل . فهم يعتمدون ايضا مقولة ( البورجوازية الوطنية ) كمنطلق لتحديد طبيعة السلطة ومركزها من السلم الاجتماعى والصراع الاجتماعى ، بل كانت تلك التحديدات ( صغيرة ) و (متوسطة ) مبررا لاضفاء صفات الوطنية الابدية على البورجوازية ، فهى وطنية لانها بورجوازية صغيرة او متوسطة . لذلك فهى تظل وطنية الى الابد !! ووجه القصور الوحيد هو خوفها من الجماهير الشعبية . كذلك نجدهم يفسرون هزيمة 1967 وعجزها اللاحق . وتكون المهمة الثورية للشيوعيين هى ( كبح ) ترددها الناجم عن ( خوفها ) من الجماهير الشعبية . بعدها ستسير فى طريق التطور اللارأسمالى المؤدى للاشتراكية وسترغم على السير فى طريق الحرب الشعبية . ويالها من مهمة تاريخية للشيوعيين ؟! .. الا ان المنهج الماركسى اللينينى الصحيح يفرض علينا تحليل نمط الانتاج السائد بما فيه علاقات الانتاج السائدة والاشكال التى يتخذانها معتمدين على فهم صحيح للعلاقات بين البنيان التحتى والبنيان الفوقى لنخرج بفهم صحيح لنوع التحولات التى تطرأ على سلطة من منشأ طبقى محدد وذلك يمكننا من فهم صحيح لمجمل سياستها على النطاقين العالمى والمحلى .
المنشأ الطبقى
لقد كان المنشأ الطبقى البورجوازى الصغير للضباط الاحرار والذين استولوا من اعلى على السلطة السياسية سببا فى اعتبار البعض ان السلطة السياسية اصبحت فى يد الطبقة البورجوازية الصغيرة . ومثل تلك النظرة هى نظرة ميتافيزيقية تتعارض مع الماركسية تعارضا تاما . فلا يمكن ان نأخذ لحظة تاريخية ونعزلها عن سياقها التاريخى ثم نطبقها على مجمل تطور المجتمع بعد ذلك فالواجب منهجيا تحليل الصراعات والتطورات الطبقية التى سبقت حدث 1952 ثم الصراعات والتطورات التى اعقبته . فذلك فقط يجعلنا نفهم كنه التغير الذى اعترى السلطة نتيجة حدث 1952 . لقد استطاعت البورجوازية المصرية ان تجد لها مكانا فى الحياة السياسية بعد الحلقة الاولى من الثورة البورجوازية . وهى لم تكن لتتبنى الليبرالية فى تلك الفترة الا من اجل غرض سياسي وهو مشاركة الاستعمار وكبار ملاك الارض فى السلطة السياسية فهى بورجوازية ضعيفة لم تكن تستطيع ان تتخلص من السيطرة الامبريالية بل كان عليها ان تتكيف مع مقتضيات الاندماج فى الاقتصاد الامبريالى ولصالحه . وهى من جهة اخرى ترتبط بروابط شديدة مع طبقة ملاك الاراضى ذوى العلاقات شبه الاقطاعية المعوقة لنموها ( الرأسمالية الزراعية والتى احتفظت بجزء من العلاقات الاقطاعية القديمة ) . فهذه الطبقة قد نشأت من تلك ، لذلك لم تطرح حلا جذريا للمسألة الزراعية . ذلك الى جانب منطقها الاصلاحى فى حل القضية الوطنية . وهى لم تطرح مسألة استقلالها بالسلطة كهدف تناضل من اجله بل اكتفت باقتسامها مع الاستعمار وكبار ملاك الارض ( الرأسمالية الزراعية ) وهذا السبب يرجع اليه ليبراليتها فى تلك الحقبة من تاريخها . ولقد وجدت البورجوازية نفسها فى ازمة تزداد حدتها نتيجة للنهوض الشعبى الذى اخذ يتفجر عقب الحرب العالمية الثانية حيث ان انتهاء الحرب حطم بعض الصناعات الصغيرة والراسمالية التى كانت قد نشأت فى زمن الحرب وادخل الى صفوف العاطلين العمال والحرفيين والذين استوعبهم هذا النمو السرطانى للصناعة فى زمن الحرب . ذلك الظرف امد الحركة الشعبية بزاد قوى ، ووحد الطبقات الكادحة من العمال ، والفلاحين والبورجوازية الصغيرة والذين وقع بهم الحيف فى اعقاب الحرب . ان تلك الحركة الشعبية والتى كانت من قممها البارزة تشكيل لجنة العمال والطلبة 1946 طرحت افقا ثوريا لحل المسألة الوطنية والمسألة الزراعية ، طرحا يتجاوز الطرح الاصلاحى للبورجوازية المصرية القومية الطراز خاصة فى عصر انتصار الاشتراكية فى دولة السوفييت وبلدان اوروبا الشرقية والصين بالاضافة االى نمو الحركة الوطنية للشعوب المستعمرة كافة. تلك الحركة الشعبية التى كانت البورجوازية فى الماضى سندها الاساسي فى الضغط من اجل تحقيق اهدافها الاصلاحية . اما الان فقد اصبحت تشكل عليها خطرا داهما فى نفس الوقت الذى تشكل فيه نفس الخطر على قوى الامبريالية وملاك الاراضى . لذلك التقت البورجوازية المصرية القومية مع الاستعمار وكبار ملاك الاراضى فى هدف مشترك الا وهو ضرب وتصفية تلك الحركة الشعبية التى ستغرق المنطقة بالخطر الاحمر وشبح الشيوعية المرعب . وكان علي البورجوازية لكى تخرج من مأزقها : ان تزيل بعض العوائق الاستعمارية وشبه الاقطاعية من امامها كيما تسير فى نموها البورجوازى . وكان عليها فى ذات الوقت ان تصفى الحركة الشعبية التى تهددها هى نفسها بالزوال . هنا نصل الى سؤال فى غاية الاهمية : هل يمكن للبورجوازية الصغيرة او المتوسطة ان تحكم ؟ وهل تأخذ التناقضات المختلفة والمعقدة والمتشابكة فى الظاهرة الواحدة نفس الوزن ؟ وبعبارة اخرى نصيغ السؤالين فى سؤال واحد : هل يمكن ان تتمخض الصراعات الطبقية عن نجاح اية طبقة مهما كان وزنها فى الاستيلاء على السلطة السياسية وتقيم عالمها الذى تهيمن فيه على كافة الطبقات الاخرى . اننا لو قبلنا بذلك نكون قد ضربنا بقوانين المادية الدياليكتيكية والمادية التاريخية عرض الحائط. فأى مجتمع يموج بالصراعات والتناقضات . ولكننا نستطيع ان نميز بين تلك الصراعات والتناقضات الرئيسية والاخرى الثانوية فنحن نجد فى اى مجتمع نمط انتاج رئيسى مهيمن وآخر قد زال ومازالت له بقايا او هو فى طريقه للزوال كما واننا قد نجد ايضا انماطا اخرى تلعب دورا هاما ولكنه لايتعدى كونه دورا ثانويا . والتناقضات الرئيسية تكون بين الطبقتان المتجابهتان داخل ذلك النمط المهيمن او بين الطبقة المهيمنة على نمط الانتاج المهيمن القديم ، والاخرى المهيمنة على نمط الانتاج الجديد الذى يزيح السدود من امامه . والصراع بين هاتين الطبقتين يحدد اى النمطين سيزيح الآخر . ففى المجتمع العبودى كان نمط الانتاج العبودى هو المهيمن وكانت الصراعات الطبقية تتم بشكل رئيسى بين طبقتى العبيد وملاك العبيد ونظرا لأن اى منهما لم يحرز النصر الكامل او الهزيمة الكاملة فقد ولد نمط الانتاج الذى ادخل تغييرات كيفية على العلاقات الاجتماعية وعلاقات الانتاج بين الطبقتين . وفى ظل نمط الانتاج الاقطاعى ظهر الانتاج البضاعى الذى لعب دورا اساسيا فى توليد نمط الانتاج الراسمالى ، واستقطب الطبقات حول الصراع الرئيسى بين طبقة الاقطاعيين المهيمنة على نمط الانتاج الاقطاعى المتفسخ وبين الطبقة البورجوازية الصاعدة المهيمنة على نمط الانتاج البورجوازى النامى . لقد اشتركت كافة الطبقات : الفلاحين الذين تحالفوا مع البورجوازية من اجل هزيمة الاقطاع والطبقات الوسطى وذات الانتاج الصغير الذى اثقل كاهلها الظلم الاقطاعى ، البروليتاريا الوليدة والتى كانت ماتزال فى المهد ، لقد اشتركت كافة الطبقات فى الثورة ضد الاقطاع ولكن طبقة واحدة فقط هى التى هيمنت على السلطة السياسية ولاغرابة فى ذلك فهى المهيمنة على نمط الانتاج الجديد الذى ازاح من امامه نمط الانتاج القديم المتفسخ ، اما الطبقات الاخرى فقد استبدلت سيدا بسيد آخر ومستغلا بمستغل آخر . وفى المجتمع البورجوازى حيث يوجد نمط الانتاج الصغير . تلك التشكيلة المعقدة من الطبقات نستطيع الان ان نميز من بينها الطبقات الرئيسية التى تدخل فى صراع . فنمط الانتاج البورجوازى النمط الوحيد المهيمن يضم طبقتان رئيسيتان هما البورجوازية والبروليتاريا وهما تستقطبان الصراع وتدمجان حركة كافة الطبقات الاخرى فى حركتيهما . والطبقات الوسيطة لها فى الحقيقة حركتها الخاصة والمستقلة نسببيا وكذلك ففكرها المستقل نسبيا ولكن لايمكن ان يرقى هذا الاستقلال الى مرتبة الاستقلال المطلق . فتلك الطبقات الوسيطة لاتستطيع ان تزرع نمط الانتاج البورجوازى المهيمن والارقى منها كيفيا وبالتالى فهى لاتستطيع الاستقلال بالسلطة السياسية وكل ماتتطلع اليه هو ان تتمتع بفرص متساوية مع العملاق البورجوازى المهيمن وهى لاتطرح الحل فى القضاء على علاقات الانتاج البورجوازية وهذا هو الاساس الاقتصادى لأفكارها الليبرالية والطوباوية . ان حركة وفكر الطبقات المتوسطة وجانبها الخاص المستقل ناتج عن حاجتها للدفاع عن وجودها الخاص . ولكنها واقعة تحت هيمنة البورجوازية الكبيرة ونمطها الانتاجى ولذلك فهى من جانب آخر خاضعة لفكر البورجوازية الكبيرة وحركتها . الجانب الاخير هو الاساس اما الجانب الاول فهو ثانوى ، وفكرها المثالى والليبرالى لايجد تطبيقه فى الواقع الا لصالح الطبقات الاخرى الاقوى . والحرية الليبرالية تجد تطبيقها فى الواقع فى ديكتاتورية البورجوازية الكبيرة . اذن فالطبقات الوسيطة لايمكن ان تحكم ولكن الطبقة السائدة فى المجتمع البورجوازى هى وحدها القادرة انطلاقا من هيمنتها على نمط الانتاج الارقى على فرض ديكتاتوريتها .
ولكن تلك الطبقات الوسيطة تلعب دورا هاما فى ترجيح كفة اى من الطبقتين المتجابهتين وخاصة اذا كان وزنها الطبقى كبيرا .
فى مصر نجد ان التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية كانت خاضعة بمجملها لهيمنة نمط الانتاج الامبريالى . وادى نمو الحركة الشعبية التى تجاوزتها فى اعقاب الحرب العالمية الثانية الى وضع البورجوازية القوية التقليدية المصرية فى مأزق . فهى لم تكن تسنطيع الولوج الى طريق يخلص التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية من سيطرة نمط الانتاج الامبريالى ولا التخلص من علاقات ماقبل الراسمالية نظرا لارتباطها بوشائج قوية بالراسمالية الزراعية التى نشأت من بينها . والنتيجة عجزها عن تحقيق هيمنتها وفرض نمط انتاجها البورجوازى على التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية للبلاد . ولم يكن امام البورجوازية سوى تصفية الحركة الشعبية الديموقراطية ملتقية فى ذلك مع الامبريالية العالمية ومن جهة اخرى تعديل البنية الفوقية بما يكفل لها تحقيق تقدم نسبي فى التخلص من السيطرة الامبريالية وطبقة ملاك الاراضى التى تضع امام نموها العوائق . ولقد كان فرسان 1952 هم فرسان البورجوازية التاريخيين الذين حققوا لها ذلك المخرج من المأزق الذى كان يهدد وجودها نفسه بالمخاطر .
حول نخبة البورجوازية الصغيرة :
ان القول بأن نخبة ما قد قامت بانقلاب 1952 نتيجة للنمو المحجوز للمجتمع الانتقالى فى مصر والذى يعيق ارتقاءهم الى المناصب العليا التى تحتكرها الطبقات السائدة من كبار ملاك الارض وكوادر الاستعمار الغنية ، هذا القول يغفل من جهة الطابع المشترك لشرائح طبقية معينة .
فالحدود الفاصلة بين الشرائح المختلفة لطبقة ما تختلف كيفيا عن تلك الحدود الفاصلة بين الطبقات المختلفة . فلايمكن القول ان شريحة من طبقة معينة لها مصالح مختلفة كيفيا عن مصالح شريحة اخرى من نفس الطبقة . فقط يمكن القول ان الفوارق الكمية بين الشرائح المختلفة من طبقة واحدة ولتكن البورجوازية الصغيرة ، يؤدى مثلا الى استقطاب فئاتها الدنيا من قبل البروليتاريا وفئاتها العليا من قبل البورجوازية الكبيرة . وفى فترات صعود البورجوازية يمكن ان تستقطب الطبقة البورجوازية الصغيرة بكاملها وفى فترة هبوطها وازمتها يمكن للبروليتاريا ان تستقطبها ايضا . من جهة اخرى فكما بينا سابقا استحالة استيلاء الطبقات الوسيطة بين البروليتاريا والبورجوازية على السلطة السياسية فى اى مجتمع ، لكن الاوهام التى تتعلق بهذه المسألة نتيجة صعود ممثلى البورجوازية الصغيرة سواء شريكة للبورجوازية او شريكة للبروليتاريا تحت تأثير موازين القوى الطبقية فى فترة التغييرات الكيفية واما ان يتكيف هؤلاء مع اهداف الطبقة الرئيسية المهيمنة على البناء التحتى والا اسقطهم . فهم يكفوا بعد صعودهم للسلطة ان يكونوا بورجوازيين صغار ويندمجوا فى الطبقة المسيطرة . لقد عالجنا صعود ممثلين للطبقة البورجوازية الى السلطة السياسية فى ظل التحرك الشعبى الواسع لكافة الطبقات ولكن الامر يختلف فى حدث 1952 . فقد صعد للسلطة افراد ينتمون على الاغلب لهذه الطبقة ، ولكنهم ليسوا ممثلين لها قبل صعودهم للسلطة ، فالقول بغير ذلك هو من قبيل السطحية والفهم المبسط للمسائل ، فممثلى اى طبقة يكتسبون صفتهم تلك من انصهارهم فى بوتقة نضالها وليس فقط لمجرد انتمائهم الموضوعى لها وضمن افرادها . هذه العناصر المنتمية على الاغلب للبورجوازية الصغيرة تحركها مطامح التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية فى مصر ، والواقعة تحت تاثير الهيمنة الامبريالية التى تعوق نمو التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية للبلاد . والمصالح الخاصة بالبورجوازية الصغيرة او نخبتها لم تكن المحرك الوحيد لهم . فهم لم يروا مصالح طبقتهم فى القضاء على البورجوازية الكبيرة التقليدية ولكنهم يرون الحل فى ازالة الحواجز امامها . وكان لابد ان تسقط فى فمها الثمار . فقد تضاعفت رؤوس اموالها بين عامى 1952 ، 1961 .
علاقة البنيان التحتى بالبنيان الفوقى :
القول بأن السلطة قد سقطت فى ايدى البورجوازية الصغيرة فى نفس الوقت الذى ظلت فيه البورجوازية الكبيرة مهيمنة على البنيان التحتى او ان فكر السلطة هو فكر بورجوازى صغير او اشتراكى مثالى مما يفرض علينا الاعتراف بأنه قد حدث تناقض اساسي بين السلطة وبين الطبقة . القول بذلك يغفل قانونا اساسيا من قوانين المادية التاريخية الا وهو قانون التوافق الضرورى بين البنيان الفوقى والتحتى ويغطى كذلك واقع الاحداث نفسها . فتبعية البنيان الفوقى للبنيان التحتى هو القانون الاساسي واستقلاله هو الثانوى ويرجع الاستقلال النسبى لسلطة الدولة عن الطبقة المسيطرة الى كيانها الخاص المتلائم مع وظيفتها الخاصة لصالح الطبقة المسيطرة . وظيفتها هى الموازنة بين الاجنحة والفروع المختلفة للطبقة المسيطرة من ناحية وبين تلك الطبقة بمجموعها والطبقات الاخرى التى تهيمن عليها من ناحية ثانية فهى توجه كأداة قمع وقهر طبقى من قبل الطبقة السائدة بمجموعها ضد الطبقات الاخرى . والبنيان الفوقى من ايديولوجيا وفكر وقانون وتشريع قائم من الناحية الاساسية لصالح الطبقة المسيطرة . ولكن يظهر البنيان الفوقى كأنه فوق سائر الطبقات والصراعات ولكى يلعب دوره الاساسي فى بسط هيمنة الطبقة السائدة وبسط شرعيتها ولتضليل الطبقات الاخرى لابد له من مغازلة فكرها ، لذا نجد شعارات الحرية والديموقراطية السياسية والديموقراطية الاجتماعية والكفاية والعدل والتحالف بين الطبقات ... الخ
حول الطبيعة المترددة للسلطة الحاكمة :
ان سياسة ضرب اليمين واليسار فى الداخل واللعب على التناقض بين المعسكرين فى الخارج قد دفع البعض الى توهم توافق بين تلك الصفات وبين صفات البورجوازية الصغيرة فى الادب الماركسي ولكنهم يغفلون ظروف الزمان والمكان كعادة التافهين ضيقى الافق داائما . فالفئات الدنيا من البورجوازية الصغيرة والمعرضة دائما فى ظل هيمنة البورجوازية الكبيرة الى الافقار للانضمام الى جيش البروليتاريا اما الفئات العليا فهى تتطلع دائما الى الطبقة المسيطرة . فطبيعتها المترددة بين البروليتاريا والبورجوازية ناتجة عن وضعها الاقتصادى الخاص .وتلك الطبقة موجودة فى بلادنا بنفس الصفات تحت نفس الظروف : فلاحون متوسطون ، صغار التجار ، صغار موظفى الدولة ... الخ
والإعتماد على المقارنات الخارجية دونما اى اعتبار للشروط الموضوعية التى تتحكم فى المواقف السياسية لاى طبقة معينة هو انحراف واضح عن الماركسية اللينينية ، فالبورجوازية القومية التقليدية المصرية نظرا لنشأتها فى ظروف الهيمنة الامبريالية من طبقة كبار ملاك الاراضى فقد ولدت ضعيفة هشة ولاتطرح على نفسها مهام الاستقلال بالسلطة السياسية وفرض دكتاتوريتها . وهى بدلا من ذلك تكتفى بالاشتراك فى السلطة ولذلك فقد تبنت الفكر الليبرالى . وطرحت الشعارات الاصلاحية لحل المسألة الوطنية ( الاستقلال ) والدستور فهل نقول لمجرد ليبراليتها واصلاحيتها انها بورجوازية صغيرة .
ان ظرفها الخاص واساسها المادى الهش هو السبب الموضوعى لتلك السمات التى لايجب ان نقصرها على طبقة معينة فى السلم الاجتماعى .
اما السلطة الجديدة بعد 1952 وكما بينا سابقا فهى ممثلة للبورجوازية القومية التى ازالت من امامها الحواجز والعوائق والتى قامت بضرب الحركة الشعبية الديموقراطية للطبقات الشعبية ، العمال والفلاحين والبورجوازية الصغيرة ، تلك الحركة التى كانت تهدد وجود البورجوازية بالزوال . كما لايمكننا ان نفسر التناقض بين السلطة الجديدة وبين البورجوازية التقليدية فيما يختص بقضايا الاصلاح الزراعى وعدم الدخول فى الاحلاف العسكرية الامبريالية الاقتصادية والتعاون السياسي والعسكرى والاقتصادى مع المعسكر الاشتراكى . لايمكن ان نفسر الاختلاف حول هذه القضايا على انه تناقض اساسي يعكس مصالح طبقية متعارضة فنظرا لعدم ارتباط السلطة الجديدة المباشر بظروف نشأة البورجوازية القومية (التقليدية ) تلك النشأة التى انعكست فى ضيق افقها وخوفها من الاضرار المؤقتة التى تلحق بها نتيجة لتصفية فرعها الارستقراطى فى الريف او محاولات الخروج من الهيمنة الامبريالية التى ظلت تنمو على هامشها فترة حياتها بالكامل . اما السلطة الجديدة فقد تمكنت من رؤية المصالح البعيدة للبورجوازية القومية دون ان تتأثر بالنزعة المحافظة لتلك الطبقة ، بل لقد كانت ترى فى تلك النزعة السبب الرئيسى فى ازمتها . لقد ادى ذلك الاختلاف فى الرؤية الى المواجهة السياسية الحادة بينهما والتى بدأت بفتح الحوار مع حزبها وانتهت بجلسة (الوفد ) فقانون حل الاحزاب ( يمينا ويسارا ) ضربت به السلطة الجديدة الحركة الشعبية الديموقراطية التى تهدد الوجود البورجوازى بالخطر وفى نفس الوقت تخلصت من المعارضة السياسية المحافظة للبورجوازية القومية التقليدية من الناحية الاقتصادية فى برامج التنمية التى خضعت لمقتضيات الاندماج فى الاقتصاد الامبريالى فهى قد نشأت فى عصر توطدت فيه الراسمالية العالمية وفرضت سيطرتها على العالم .
لذلك لم تكن تستطيع ان تأخذ على عاتقها برامج تصنيع اكثر طموحا ، بل كانت تفضل المشاريع الصناعية ذات الربح السريع والتى تجنبها مشاق المنافسة الامبريالية ومشاكل الصدام السياسي والعسكرى والاقتصادى معها ، والذى كان يقتضيه ذلك الطموح والذى كان يتضمن ايضا منازعتها فى العالم العربى كمجال حيوى لنموها .
لقد اقتضى ذلك ان تقوم السلطة الجديدة للدولة بدفعها دفعا فى هذا المجال عن طريق التسهيلات المختلفة لها ( 52 ، 57 ) ثم اضطرار السلطة تحت ظروف صراعها الحاد مع الامبريالية الى تمصير الشركات الاجنبية وفرض هيمنة الدولة عليها مما ادى الى نمو قطاع راسمالية الدولة باطراد الى جانب قطاع الراسمالية التقليدية ( 57 ،61 ) .
وفى النهاية حسمت السلطة الصراع الذى اخذ يشتد فى تلك الفترة بين فرعى البورجوازية القومية ( الخاص والعام ) لصالح بورجوازية الدولة بفرض هيمنة الدولة على معظم فروع الانتاج بينما احتفظ الراسمال التقليدى الكبير ببعض الفروع الاخرى ( المقاولات وبعض الصناعات الاخرى ذات الاهمية الثانوية ) واكتفت الدولة بمشاركة القطاع الخاص فى بعض المجالات . ومع ذلك فهى لم تترك القطاع الخاص دون تشجيع او حماية . فلقد استولى القطاع الخاص على نصيب الاسد من قروض البنك الصناعى فى الاعوام التى تلت 1961 فقد وصل فى عام 1969 -70 الى 71%من جملة القروض المقدمة من البنك . وباختصار فان قيام السلطة الجديدة يخلق اقتصادا وطنيا مستقلا نسبيا عن الامبريالية وقيامها بغزو العالم العربى كمجال حيوى لنموها ، قد فرض عليها مجابهة الامبريالية العالمية : اقتصاديا وسياسيا وعسكريا . واضطرت للاستعانة بالاتحاد السوفييتى كبديل للجماهير الشعبية . وحاربت الرجعية العربية ودخلت مع البورجوازية التقليدية فى علاقة تشجيع ثم تزاوج ثم صفتها لصالح بورجوازية الدولة التى تزايدت فى القوة والاتساع . وفى نفس الوقت كانت تصفى الحركة الشعبية والديموقراطية فى البلاد وتفرض دكتاتوريتها ذات الطابع البونابرتى وتنشر فكرها الديماجوجى لتضليل الطبقات الشعبية وتبسط نفوذها التنظيمى على حركة تلك الطبقات عن طريق هيمنتها على النقابات العمالية والمهنية والاتحادات الطلابية . ومع ان الطريق الرأسمالى الجديد قد مكنها من احراز تقدم ملموس وهام فى خلق اقتصاد وطنى مستقل نسبيا عن الامبريالية العالمية وخلق مجال حيوى لها فى الوطن العربى الا انها لايمكن لها ان تتجاوز شرطها نظرا لعدم قدرتها كطبقة ضعيفة على الخروج نهائيا من سيطرة الانتاج الامبريالى العالمى وخضوعها لقانونه العام المتمثل فى تقسيم العمل الدولى ذى الطابع الامبريالى يعوقها فى ذلك ايضا طابعها الطفيلى وتضخمها السرطانى عدديا . ونظرا لميولها الاستهلاكية المقلدة لاستهلاكية الراسمالية العالمية فى آخر مراحلها بالرغم من انها مازالت فى بداية الطريق مما يؤدى الى تبديد جزء كبير من فائض الانتاج الذى كان يجب توجيهه للتنمية : كل ذلك يجعلها لاتقطع نهائيا صلات التبعية الاقتصادية التى تربطها بالامبريالية ولاتقطع الجسور السياسية معها فى نفس الوقت . فقد ظلت تستعين بالراسمال الاجنبى حتى الآن من قطاع الادوية وصناعة السيارات .
ولقد ادت ازمة نموها بعد ذلك الى ترحيبها بالراسمال الاجنبى فى حقل البترول مما يزيد من خضوعها لتقسيم العمل الدولى والطابع الامبريالى ، كذلك فهى تلهث من اجل اشتراكها فى السوق الاوروبية المشتركة وتتلمظ على قروض البنك الدولى ، فى نفس الوقت الذى تعتمد فيه على معونة الاتحاد السوفييتى وليس على مدخراتها فى اقامة بعض الصناعات القليلة ذات الاثر الجزئى على الاقتصاد مما يجعله يحتفظ بالطابع العام الاستهلاكى والخفيف والمتلائم مع مقتضيات السيطرة الاقتصادية الامبريالية ، ولكن ليس على نفس المستوى القديم . فالطابع المتردد على النطاق العالمى والنطاق العربى والمحلى متمثلا فى سياسة اللعب على التناقض بين المعسكرين ، وضرب اليمين واليسار ، قد اقتضاه طريق البورجوازية الجديد من اجل تحقيق دفعة جديدة للنمو الراسمالى والاستقلال النسبى عن الامبريالية . ولايمكن تفسير ذلك بالقول بأن السلطة قد وقعت فى حوزة البورجوازية الصغيرة . فمصالح البورجوازية القومية كانت هى الدوافع الاصيلة وراء تلك السياسة . فهى لاتضع الاتحاد السوفييتى فى عداد اصدقائها الاستراتيجيين ولاتضع الامبريالية العالمية والرجعية العربية والمحلية فى عداد اعداءها الاستراتيجيين . وفى نفس الوقت الذى تضع فيه الجماهير الشعبية فى عداد اعدائها الاستراتيجيين ، فنزاعها مع الامبريالية العالمية والرجعية العربية والمحلية وصداقتها بالمعسكر الاشتراكى فى فترة صعودها ، يحل محله فى فترة هبوطها الهدوء النسبي والمساومات فى حل تناقضاتها مع الامبريالية والرجعية العربية ، وتدهور العلاقات تدريجيا مع المعسكر الاشتراكى .
حول قطاع رأسمالية الدولة :
يعتبر لجوء الدولة الى التدخل فى عملية الانتاج البورجوازى حلا يعطى دفعة اسرع من المعدلات العادية للنمو البورجوازى . حيث يكون تدخل الدولة اكثر عقلانية فى ادارة وتوجيه الانتاج . ولقد لجأت الى ذلك الدول الامبريالية التى دخلت متأخرة فى عصر الامبريالية ( المانيا – اليابان ) كى تلحق بالدول الامبريالية التى سبقتها ( انجلترا – فرنسا ) . ولقد اقتصر تدخل الدولة على تلك المشروعات الرائدة حتى لاتتحمل البورجوازية المردود الضعيف لتلك المشروعات فى البداية وحيث ان الدولة يمكنها ان تعوض ذلك من الضرائب المفروضة على الشغيلة . ثم فى نهاية الامر يباع المشروع للبورجوازية . والدولة بذلك تقوم باقتطاع اموال الكادحين وتسليمها بطريق غير مباشر للبورجوازية . ومن ناحية اخرى فان الدولة فى البلدان الامبريالية عموما اصبحت تقوم بملكية المرافق العامة ذات المردود الضعيف ، او تلك المشروعات التى تلحق الخسارة بمالكيها البورجوازيين ( صناعة الفحم فى انجلترا ). واما البورجوازية وهى المستفيد الرئيسى من تلك المرافق ، فتجد فيها كلفة اقل مما لو ادارتها بنفسها فى حين يتحمل العبء دافعوا الضرائب من الكادحين . وظهور مايسمى براسمالية الدولة الاحتكارية يعتبر السمة السائدة للدولة فى البلدان الامبريالية فى العصر الراهن . وقد ساهمت ظروف المنافسة مع الدول الاشتراكية فى ظهورها . ويقتصر دور الدولة على التوجيه واضفاء العقلانية على الانتاج والموازنة بين مصالح العمالقة الاحتكاريين والاشراف على السياسة النقدية وقيام الدولة بايجاد نوع من الخطة للافتصاد الامبريالى يختلف عن التخطيط فى المجتمع الاشتراكى فهى لاتنجيه من فوضى الانتاج والدورات الاقتصادية والهزات حيث ان تلك المظاهر مرتبطة بسمة المجتمع الراسمالى نفسه ، وبقانونه الاساسي والمطلق وهو ابتزاز اقصى الارباح واقصى قدر ممكن من فائض القيمة . اما التخطيط فى المجتمع الاشتراكى الذى يؤمن سد الحاجات المادية والروحية للمجتمع مما يجعل امكانية عقلنة الانتاج بشكل كامل امرا قابلا للتحقيق باستمرار ، وعموما ليس هذا موضوع الدراسة . ورأسمالية الدولة فى مصر تختلف عن الراسمالية الاحتكارية فى الدول الامبريالية ، فهى كانت مخرجا لرأسمالية متخلفة غير قادرة على تجاوز قصورها الذاتى وتحقيق اى تقدم ملموس فى التخلص من هيمنة الانتاج الامبريالى . ولقد كان يمكن ان يقتصر دورها على بعض المشروعات العامة ثم تقوم بعد ذلك ببيعها للقطاع الخاص او على الاقل نمو الجناحين العام والخاص الى جانب بعضهما ( الهند ) . الا ان اشتداد الصراع ضد الاستعمار والناتج عن وجود اسرائيل والتشدد الامريكى الذى ندمت عليه بعد ذلك ، قد الحق الهزيمة بالاتجاهات التى كانت تطالب لقطاع راسمالية الدولة بذلك الدور . فى البداية ( فى الفترة من 52 ، 1965 )جرى تعاون وتلاحم وثيق بين السلطة الحاكمة وبين الراسمالية المصرية الكبيرة ممثلة فى اتحاد الصناعات وبنك مصر . فعندما انشأت السلطة الجديدة المجلس الدائم لتنمية الانتاج القومى وضعت ضمن اعضائه عددا من الوزراء الى جانب ممثلين لاتحاد الصناعات كممثلين لرجال الصناعة بالاضافة الى ممثلى بنك مصر كممثلين لرجال المصارف . وتمخض ذلك التعاون عن اصدار مجموعة من القرارات بناء على طلب اتحاد الصناعات تتضمن : رفع التعريفات الجمركية وخفض رسوم الجمارك على المواد الاولية والسلع الانتاجية ، واعفاء ارباح الشركات المساهمة من ضرائب الارباح لمدة سبع سنوات او الاصدارات الجديدة لمدة خمس سنوات ، ورفعت ضماناتها لقروض البنك الصناعى حتى 5 ملايين جنيه عززت حركة اتحاد الصناعات والغرف التابعة له .
وتوجهت الاستثمارات التى ارتفعت من 28 مليون عام 1952 الى 66 مليون عام 1965 ، الى الاستثمارات التقليدية التى تعمل على خلق بنيان اقتصادى تستطيع المشاريع الخاصة ان تنمو فى اطاره بصورة اكثر فاعلية . فقد كان 61% من الاستثمارات فى مشروعات الرى والصرف وماتبقى قسم بين النقل والكهرباء ودخلت الدولة كشريك فى المشروعات الخاصة مركزة نشاطها على الصناعات الاساسية والثقيلة ( نسبيا ) فقد ساهمت ب 50 % من اسهم مصنع صلب حلوان والباقى ساهمت فيه الشركات الخاصة ومنها شركة ديماج الالمانية الغربية ، 20% من مصنع معدات القاطرات ، وحول المجلس الدائم الشطر الاكبر من شركة الصناعات الكيماوية وشركة الاسمنت ، ووضع المجلس تصميمات شركة الكابلات الكهربائية وشركة اطارات السيارات بينما ضمنت الدولة الربح لعدد آخر من الشركات او امنت دفع الفوائد عن قروضها .هذا فى نفس الوقت الذى جرى فيه قمع الجماهير الشعبية وحرمانها من حقوق الاضراب . كما حرمت الدولة النشاط السياسي على النقابات العمالية وفرضت اشرافها على المخصصات المالية للنقابات .
ولقد ادى احتدام الصراع مع الامبريالية الى تأميم قناة السويس ثم تمصير الشركات والبنوك الانجليزية والفرنسية بعد العدوان ، ثم تلى ذلك معظم الشركات الاجنبية الاخرى فى مصر . وانشأت الدولة المؤسسات الصناعية التى ضمت اليها 31 شركة منها بعض شركات القطاع العام اصلا مثل شركة مصافى البترول والشركات التى انشأت بالاشتراك مع رؤوس الاموال الخاصة بالاضافة الى الشركات الانجليزية والفرنسية الممصرة . كذلك انشأت الدولة مؤسسة التنمية الاقتصادية : ضمت البنوك الممصرة والمؤلفة من 7 بنوك تجارية وبنكية متخصصين ، 5 شركات تأمين تشرف على 86 %من اعمال التأمين فى مصر بالاضافة الى البنك الصناعى والبنك الزراعى التعاونى . هذا بالاضافة الى مجموعة بنك مصر الذى تشرف عليه الدولة منذ 1941 .
وادى احتدام الصراع بين ذلك القطاع العام الثانى وبين القطاع الخاص الذى كان يفضل توجيه استثماراته نحو بناء العقارات مما حدى بالدولة الى فرض الرقابة على الارباح الاستثمارية عام 1959 . وانتهى الامر بتأميم القمم البارزة للراسمالية التقليدية فى مصر مما ادى الى هيمنة الدولة على 80 % من وسائل الانتاج وعلى البنوك وشركات التأمين والتجارة الداخلية والخارجية وفرض هيمنة الدولة على الجمعيات الزراعية وعلى تسويق المحاصيل الزراعية وتصديرها واصبحت تقوم بدور التاجر المرابى والممول بالنسبة للفلاح .
السلطة والطبقة المسيطرة :
نلاحظ مما تقدم ان السلطة الجديدة تنتمى الى الطبقة المسيطرة لابحكم صلتها العضوية او التاريخية مع مالكى وسائل الانتاج الخاصة ولكن بحكم الوظيفة الحيوية التى تشغلها فى خدمة نمط الانتاج اثناء ازمتها . وهى لاتستطيع القيام باعباء هذه الوظيفة الا اذا كانت متوافقة مع مصلحة اساسية من مصالح الطبقة المسيطرة ( محمود حسين ) ولكن صلاحيات بورجوازية الدولة التى تكونت فى اطار الصراع المحتدم ضد الامبريالية تتناقض مع المصالح الخاصة بالفرع التقليدى من الراسمالية القومية ولكن التناقضات من هذا النوع هى فى جوهرها تناقضات داخل الطبقة المسيطرة بين مختلف المراتب المستقلة وتلتقى على حماية نظام استغلال الجماهير الشعبية ولايجوز بأى حال ان نرى فيها تناقضات بين الطريق الرأسمالى وطريق غير راسمالى مزعوم ( محمود حسين ) تلك الطبقة البورجوازية البيروقراطية ضد الرأى القائل بأن هذه البورجوازية وان كانت فى السلطة هى فرع من البورجوازية الصغيرة العلاقة بينها وبين الجماهير الشعبية مبنية على التقسيم الاجتماعى للعمل بين اقلية تحتكر لنفسها مراكز اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية وتتمتع بالتالى بالامتيازات الطبقية وتوجه مجموع البنيان الاقتصادى لمصلحتها فى الاساس ، وبين الاكثرية الساحقة المحرومة – بفعل القمع – من جميع السلطات وتعيش فى مستوى الحفاظ على الحياة او اقل . يقول م .ح ان النخبة البورجوازية الصغيرة التى بدأت تتبع خطى بورجوازية الدولة الجديدة فتأمل الدخول الى نطاق الطبقة المسيطرة لم تكن لتستطيع التطلع الى مثل هذا الارتقاء الا اذا بقيت سلطة الدولة تملك مايكفيها من حرية الحركة على الصعيد الوطنى ومن مقدرة السيطرة على حياة البلاد السياسية بغية الذود عن السيطرة البورجوازية على وسائل الانتاج ومقاومة الضغوط الرجعية من جانب البورجوازية التقليدية والعمل عن طريق هذا السبيل ، على خلق الشروط المواتية لصعود النخبة البورجوازية الصغيرة طبقيا وعلى تدعيم بورجوازية الدولة تدعيما نهائيا .
يتحدث م .ح كما لو ان النخبة البورجوازية الصغيرة كطبقة قد خلقت لها السلطة الظروف المواتية للصعود طبقيا وشكلت بورجوازية الدولة . وهذا التصور يغفل حقيقة اساسية وهى ان الطبقة البورجوازية البيروقراطية تشكلت من خارج الآليات الطبيعية لجهاز الدولة القديم ، من عناصر من البورجوازية الصغيرة بكافة شرائحها بما فيها النخبة البورجوازية الصغيرة ، وارستقراطية الطبقة العاملة ( انور سلامة كمثال لقمة بارزة فقط ) والبورجوازيين المتوسطين وابناء الفلاحين الاغنياء والكوادر العليا من النظام القديم نفسه ، ولعبت سلطة الدولة مركز الاستقطاب الرئيسى ولم يكن تنافسهم قائما على مايملكون من قدرات فنية وتفوق علمى بل ان تلك الانطلاقة البورجوازية لم تساعد على تفجير الطاقات العلمية والفنية حتى ان الميل للهجرة من تلك العناصر الفنية اخذ يزداد ويشتد بل ان العلاقات بالسلطة الحاكمة ومقدار الثقة التى تضعها فى عناصر محددة بالاضافة الى بعض التأثيرات من العملات والعلاقات الموروثة من العلاقات الطبقية السابقة بالاضافة الى ماتقدمه هذه العناصر من خدمات ادارية وفنية ومن مقررات خاصة فى جهاز القمع البوليسى والسياسي والايديولوجى . كل هذه العوامل التى لعبت دورا اساسيا فى تشكيل الطبقة البورجوازية البيروقراطية والقول بصعود النخبة البورجوازية الصغيرة يسقط صاحبه بالتأكيد فى براثن الفكر البورجوازى القائل بأن السلطة البيروقراطية هى سلطة التكنوقراط وليست سلطة طبقية تقوم بعملية استغلال طبقى راسمالى للجماهير الشعبية الكادحة . تلك الطبقة المسيطرة على جهاز الدولة تتمتع بالثبات النسبي كأى طبقة ولايمكن ان ينتهى بها الامر الى الثبات المطلق ، حيث ان سقوط افراد وخروجهم من الطبقة امر وارد ولكن الامر يتعلق بدور هذه الطبقة فى نمط انتاج محدد . ذلك الدور الذى يكتسب الناس من خلاله اوضاعهم الطبقية وهو دور مرتبط بنمط انتاج محدد وليس بوجود افراد بعينهم . فخروج افراد يعنى احلال آخرين محلهم . هذا الكلام من اوليات الماركسية ولكننا نورده ردا على ذلك الاعتراض التافه ضيق الافق بأن تلك الطبقة البيروقراطية وضعها غير ثابت حيث انه يمكن اصدار قرار ضد افراد منها بالفعل . هذا بالاضافة الى ان السلطة خاصة فى نظام قائم على سلطة الطبقة البيروقراطية ذات علاقات عضوية بالطبقة البيروقراطية اشد من تلك الموجودة بين سلطة الدولة والطبقة الراسمالية التقليدية . وخروج بعض العناصر من الجهاز البيروقراطى ومن وظيفته البيروقراطية المباشرة لايكون الا فى ظروف الصراع بين الاجنحة والكتل المتصارعة فى الطبقة نفسها ولكن خروج تلك العناصر لايعنى على الاطلاق قطع صلتها تماما بامتيازاتها الطبقية السابقة . وفيما يتعلق بعلاقات الانتاج المهيمنة على قطاع راسمالية الدولة فهى علاقات انتاج بورجوازية الطرف المستغل فيها تلك الطبقة المسيطرة على مراكز اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية والتى توجه من خلال هذا الموقع الجهاز الانتاجى ليفى بحاجاتها واهدافها الطبقية ، والطرف المستغل هو الطبقة العاملة المحرومة من السلطة السياسية والاقتصادية والذى يعيش فى مستوى الحفاظ على الحياة او ادنى ، فالعلاقة بينهما هى علاقة الاجير بصاحب العمل . ولكن التحريفيون يتكلمون دائما عن الشكل القانونى للملكية ويفضلون الحديث عن علاقات الانتاج السائدة . فهل تقف الملكية العامة كشكل من اشكال الملكية عائقا امام الاستغلال بكافة اشكاله ونحن نعلم من التاريخ ان النمط الآسيوى القريب من نمط الانتاج العبودى كان يعتمد على الملكية العامة التى حتمها ضرورة دور الدولة المركزى فى تلك المجتمعات التى تعيش حول الانهار . ويعتبر البعض معتمدين على الاجور العالية التى يتقاضاها افراد الطبقة ان البيروقراطية انما هى طبقة متوسطة ، وذلك بعمل مقارنات تعتمد على المغالطات الحسابية وتتخلى عن المنهج الماركسي اللينينى فى التحليل .
فمايحصل عليه بورجوازى متوسط من ارباح ( تقارن بكل الارباح باجور البيروقراطية ) لاينفق الا جزءا منها والجزء الآخر يوظف فى اعادة الانتاج وتوسيعه .
اما الطبقة البيروقراطية فأجورها تلك هى جزء من فائض القيمة فهو الذى يوجه لاعادة الانتاج وتوسيعه وبالطبع فى الاتجاه الذى ترغب فيه الطبقة المسيطرة على مراكز اتخاذ القرارات للوفاء بحاجاتها وامتيازاتها الطبقية . فالمسألة لاتتعلق اذن بمستوى الاجور التى تتقاضاها البيروقراطية والتى يمكن بواسطتها اصدار قرار بتعديلها ان تتحول فجأة الى مجتمع اشتراكى .
بل ان الامر يتعلق بعلاقات الانتاج البورجوازية التى تستفيد منها طبقة ذات مصالح استغلالية فى الاساس وتلك الطبقة المهيمنة على اعلى مستوى تكنيكى لوسائل الانتاج فى المجتمع والتى تهيمن عن طريق نمط انتاجها على كافة انماط الانتاج الاخرى الصغيرة او المتوسطة وتتمتع بمركز ممتاز بالقياس الى البورجوازية الكبيرة التقليدية . تلك الطبقة لايمكن ادراجها اطلاقا فى درجات متوسطة او صغيرة من السلم الاجتماعى . كذلك لايتعلق الامر بمقياس مطلق لكل البلدان بل ان القياس نسبى حسب ظروف المكان والزمان المحددين . فنحن حين نعتمد مقياس عالمى للانتاج البورجوازى وتقسيم الطبقات سيحرمنا ذلك من فهم الطبيعة الطبقية للرأسمالية فى البلد المحدد ويموه طبيعتها الطبقية ويؤدى الى اعتبار ان الامبريالية العالمية هى الراسمالية الكبيرة الوحيدة الموجودة فى العالم ، بل حتى انها مجرد الراسمالية الامريكية فقط . ان الطبقة البورجوازية البيروقراطية الكبيرة تتميز عن باقى الجهاز البيروقراطى باحتفاظها بمركز اتخاذ القرارات التى تمكنها من الاستحواذ على الاجور العالية وتوجيه باقى فائض القيمة لمصلحتها الخاصة الانانية عن طريق عملية اعادة الانتاج البيروقراطى ولهذا فلايمكن اعتبارها مجرد شريحة عليا من البيروقراطية فهى طبقة متميزة تكتسب صفتها الطبقية من المركز الذى تشغله فى نمط الانتاج البورجوازى البيروقراطى وذلك يميزها عما عداها من افراد الجهاز البيروقراطى حيث ان دورهم لايعدو ان يكون دور مأجورين من مختلف الدرجات ( بيروقراطيين متوسطين وصغار ) ضمن نمط الانتاج البيروقراطى الذى تهيمن عليه البورجوازية البيروقراطية .



#سعيد_العليمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقف من مهمات النضال الفلسطينى - شيوعى مصرى - حزب العمال الش ...
- فى ذكرى تأسيس حزب العمال الشيوعى المصرى - 8 ديسمبر 1969
- الاتحاد السوفييتى فى مرآة الدستور الجديد - ليون تروتسكى
- حول مسودة دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية - جوزي ...
- حول مسودة دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية - جوزي ...
- حول مسودة دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية - جوزي ...
- حول مسودة دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية - جوزي ...
- دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية الجديد - ليون تر ...
- المادية التاريخية - نقد المفهوم الاورثوذكسي - جورج لارين
- الدستور السوفييتى عام 1918 ( مقتطف ) ف . ا . لينين
- احتجاج الشعب الفنلندى ف . إ . لينين
- حول جوهر الدساتير – بقلم فرديناند لاسال ( خطاب القى ...
- نقد التحليل البنيوى للاسطورة - سايمون كلارك
- اطروحات حول الثورة والثورة المضادة - ليون تروتسكى (1926 )
- البورجوازية والثورة المضادة - ف إ . لينين
- البورجوازية والثورة المضادة - 4 – 4 كارل ماركس
- البورجوازية والثورة المضادة - 3 - 4 كارل ماركس
- البورجوازية والثورة المضادة - 2 - 4 كارل ماركس
- حول ديباجة الخطاب الدستورى السلطوى
- البورجوازية والثورة المضادة - 1 - 4 كارل ماركس


المزيد.....




- دبي بأحدث صور للفيضانات مع استمرار الجهود لليوم الرابع بعد ا ...
- الكويت.. فيديو مداهمة مزرعة ماريغوانا بعملية أمنية لمكافحة ا ...
- عفو عام في عيد استقلال زيمبابوي بإطلاق سراح آلاف السجناء بين ...
- -هآرتس-: الجيش الإسرائيلي يبني موقعين استيطانيين عند ممر نتس ...
- الدفاع الصينية تؤكد أهمية الدعم المعلوماتي للجيش لتحقيق الان ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /20.04.2024/ ...
- ??مباشر: إيران تتوعد بالرد على -أقصى مستوى- إذا تصرفت إسرائي ...
- صحيفة: سياسيو حماس يفكرون في الخروج من قطر
- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد العليمى - موقف من وجهة النظر القائلة بسلطة البورجوازية الصغيرة فى مصر - شيوعى مصرى - حزب العمال الشيوعى المصرى - كتابات القسم الرابع