|
معرض الكتاب.... ومحاكمتي | كلاكيت ثاني مرة
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 5064 - 2016 / 2 / 3 - 11:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
(مقال كتبته قبل ساعات قليلة من علمي بحكم حبسي ثلاث سنوات)
قبل عام من الآن، يوم 27 يناير 2015، كتبتُ هنا بمجلة "7 أيام"، مقالا عنوانه: “معرض الكتاب ومحاكمتي"، حيث تزامن يوم محاكمتي في قضية رأي مع افتتاح معرض الكتاب 2015. ولعلّها مصادفة عجيبة أن يحدث الأمر ذاته للعام الثاني على التوالي، حيث أكتب هذا المقال يوم محاكمتي (26 يناير) في تزامن غريب مع افتتاح معرض الكتاب 2016، أيضًا. وسوف تقرأون هذا المقال الثلاثاء القادم وقد بات الحكمُ معروفًا. ما هي قائمة التهم المنسوبة إلى شخصي الضعيف؟ "إزدراء الأديان - إشاعة الفتنة الطائفية- وتكدير السِّلم العام"! ولأن الأمرَ برمّته في يد القضاء المصري المحترم الذي أثق فيه وأحترمه، أقبلُ الحكم، مهما كان، بنفس راضية، وأشكر ما كتبه المثقفون في مصر وخارجها من مقالات داعمة، وبيانات عميقة الدلالة تكفيني وتزيد. وأيًّا كان الحكمُ اليوم، فإنني لا أقبلُ أن يُقيّم إنسانٌ ما فوق الأرض إيماني ولا أن يُعيّر علاقتي بالله، لأنها شأنٌ خاص بيني وبين خالقي، لا دخل لمخلوق به. والحق إنني لا أتمالك نفسي الآن من الابتسام وأنا أقرأ ما خططتُه لتوي من قائمة الاتهامات الضخمة الهائلة المروّعة المخيفة الأسطورية التي تُشعرني بأنني "سِتان" إله الشر عند الفراعنة، أو "هيرا" زوجة زيوس إلهة المكائد عن الإغريق!! "ازدراء أديان"، أنا التي تحترمُ الأديانَ كافة، لا السماوية وحسب، بل حتى الفلسفات الوضعية التي سعى من خلالها بعضُ الناس للبحث عن الله ومعرفته؟! "تكدير السِّلم العام"، أنا التي لا ترجو من الحياة إلا شيوعَ السلم والمحبة بين البشر؟!! “إشاعة الفتنة الطائفية"، أنا التي تسعى جميعُ مقالاتي ومحاضراتي وندواتي وحواراتي التليفزيونية بل حتى قصائدي إلى وأد الفتنة الطائفية وتذكير الناس دائمًا بأننا جميعًا نعبد إلهًا واحدًا مهما اختلفت عقائدُنا، كلٌّ عبر دربه ورؤاه واختياراته، وأنه من العبث بل و"العيب" أن نقتتل من أجل أمر قدسي فائق الجمال هو الله المُحبُّ للجميع واهبُ الحياة للكافة، ذاك الذي من بين أسمائه "السلام"؟! على كل حال، مقالي هذا ليس نكوصًا لعهدي مع نفسي، في التزامي بعدم الحديث حول قضيتي التي يُنطق فيها بالحكم الآن أثناء كتابتي لكم. إنما المقال عن توقيت المحاكمة للعام الثاني على التوالي الذي أرى أن له دلالة تستحقُّ التأمل. هنا يدور السؤال في قلبي حول تزامن افتتاح معرض الكتاب مع محاكمتي، مع يقيني أن التزامن محضُ مصادفة. ما معنى هذا التزامن بالنسبة لكاتبة تنويرية مثلي، وساعية للثقافة، ومن قبل ومن بعد، قارئة نهمة، لا تجد متعتها إلا بين دفتي كتاب؟! ما معنى أن أمثُل أمام قضاة بلادي المحترمين في قضية "رأي"، يوم عُرسي وعُرس "الرأي"؟! أحترم قضاءَ بلادي وأثق تمام الثقة أنه سيحكم بالعدل لأن تاريخ القضاء في بلادي شاهدٌ على أن رجاله هم أحفاد "ماعت" ربّة العدالة معصوبة العينين في الميثولوچيا المصرية القديمة. كما أحترم النيابة العامة التي صعّدت للمحكمة الدعوى القضائيةَ المرفوعة ضدي، من قِبل طالبي شهرة يزايدون على إيمان الناس والله أعلم بإيمانهم، بدلا من حفظها وإغلاقها. للنيابة العامة كل احترامي. لكن السؤال هو: ما جدوى الكتابة والفكر والإبداع، في مجتمع يمنع حرية الفكر والإبداع، ويسمح بسوء استغلال حق التقاضي ضد المبدعين والأدباء، بل والمدونين؟! فالطريف في الأمر هو أنني أُقدَّم للمحاكمة بسبب "بوست" عابر كتبتُه على صفحتي بفيس بوك يوم عيد الأضحى المبارك أنتقد فيه إهانة الذبيحة وتعذيبها أمام الأطفال قبل نحرها بأنصال باردة، وأمام بعضها البعض، على عكس ما أمر الرسولُ صلى الله عليه وسلم: “إن ذبحتم فأحسنوا الذِبحة". هذا معرضُ القاهرة الدولي للكتاب، الذي انتظرُه كل عام بشغف وترقّب، يعود إليّ في وعد لا يخلف. لكنني هذا العام لا أنتظره وحده، بل أنتظر معه حكمَ محكمة سوف يؤكد لي، أو ينفي، إن كان قد ضاع هباءً أم لم يضع جهدُ أساتذتي العظام منذ ابن رشد، وحتى فرج فودة، مرورًا بالإمام محمد عبده، والفيلسوف زكي نجيب محمود، والفيلسوف طه حسين، والمفكر الإسلامي نصر حامد أبو زيد، والمفكر المستنير سيد القمني، والمفكر الجزائري محمد أركون، وغيرهم من عظماء الإسلام والفكر عند العرب، أولئك الذين سعوا سعيًا حضاريًّا شاقًّا ومُرًّا من أجل إعمال العقل وعدم الارتكان على النقل، ودفعوا جرّاء ذلك من وقتهم وأعمارهم وجهدهم الشيء الكثير. معرض القاهرة الدولي للكتاب والفكر، أيها الحبيب الذي أنتظر بشغف من العام للعام، بأيّ حالٍ عدتَ هذا العام يا فكرُ؟ فاطمة ناعوت مجلة 7 أيام 2 فبراير 2016
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلى الشيخ الحويني .... قنصُ العصافير من وراء الحُجُب
-
وأنتم اللاحقون!
-
عن النقاب سألوني
-
قضية ازدراء جديدة | مَن الذي روى الرواية؟
-
ميري كريسماس رغم -غلاستهم
-
لا تخرج قبل أن تقول: سلاما
-
أنتم تحاكمون الخيال 2/2
-
اعتذارٌ رسميّ لأقباط مصر
-
شحاذ العمّ نجيب
-
مذبحة 2016
-
أنتم تحاكمون الخيال!! 2/1
-
شجرةٌ صنوبر وشيءٌ من الفرح
-
دبي الجميلة.... سلامتك!
-
أسوأ صورة في 2015
-
قُبلةُ حبيبي
-
الموءودة
-
كيف قرأ الغيطاني الخديوي إسماعيل
-
مثل الزهور سرعان ما يذبل
-
شهاداتُ الفارس محمد أيمن
-
داعش أمام المحكمة الأوزورية
المزيد.....
-
الناخبون اليهود في نيويورك يفضلون ممداني على المرشحين الآخري
...
-
الأردن يحيل شركة أمن معلومات تابعة لجماعة الإخوان المحظورة إ
...
-
كيف تدعم -خلية أزمة الطائفة الدرزية- في إسرائيل دروز سوريا؟
...
-
الخارجية الفلسطينية تدين دعوات اقتحام المسجد الأقصى غدًا بحج
...
-
3 أسباب تُشعل الطائفية في سوريا
-
آلاف الفلسطينيين يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى وسط قيود
...
-
جولي دهقاني في بلا قيود: لدينا أفراد في الكنيسة لا يقبلون سل
...
-
40 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى
-
الإفراج عن خطيب المسجد الأقصى وقاضي قضاة مدينة القدس بعد أن
...
-
رئيس تحرير جيروزالم بوست ليهود نيويورك: هذا دليلكم للإطاحة ب
...
المزيد.....
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
المزيد.....
|