أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - قضية ازدراء جديدة | مَن الذي روى الرواية؟














المزيد.....

قضية ازدراء جديدة | مَن الذي روى الرواية؟


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5050 - 2016 / 1 / 20 - 17:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بما أننا في موسم قضايا الحِسبة وفائض تُهم ازدراء الأديان التي تُلقَى جزافًا على عباد الله، فيُقدَمون للمحاكمة تمهيدًا لإيداعهم غرفًا مظلمة في غور السجون، وبما أنني إحدى أولئك المهددين بالسجن بتهمة ازدراء الأديان بسبب بوست عابر على صفحتي في فيس بوك (وليس مقالا في جريدة أو مجلة أو كتاب!)عاتبتُ فيه المستهينين بحق الحيوان في أن يحيا بكرامة وأمان وأن يُذبح برحمة وتحضّر قبل تقديمه أضحيةً لفقراء الله، ولأنني أنتظر جلسة 26 يناير الراهن للنطق بالحكم في قضيتي، ولأنني سأقبل الحكم راضيةً مرضية مهما كان، لرهاني على وعي القضاء المصري واستنارته وعدله، وبما أن دستورنا المحترم 2014 يرفض حبس مواطن مصري قال رأيًا أصاب أم أخطأ، ولأن مقالي اليوم ليس رأيًا بقدر ما هو سردٌ لقصة طريفة أودُّ أن تشاركوني متعة قراءتها، فإنني أحكيها لكم من أجل بهجتكم أولا، وثانيًا ربما لتفتح شهية أحد مهاويس الشهرة ليرفع ضدي قضية جديدة، تُضافُ إلى رصيدي من المظالم التي سأقف بها أمام الله أشكو افتراء الإنسان على أخيه الإنسان وتكميم الأفواه بعد ثورتين مجيدتين وقص الألسن في ظل دستور يدعم الحريات، وثالثًا، وهو الأهم، حتى أعيد طرح الفكرة التي جفّ حلقي في طرحها، وهي: مَن الذي يزدري الدين: الذي يدّعي على الدين ما ليس فيه، أم الذي يُشير إلى هذا الدعيّ الكذوب بإصبع الاتهام؟!

قصة: الشيخ والجمل واللصوص الثلاثة

يُحكى أن شيخًا مسلمًا كان يخطب في قومٍ من المسلمين الطيبين. ويحاول مخلصًا أن يعلّمهم أن المال الحرام لا يفيد، مهما كثرت مغانمُه وسَهُل مناله. فقصّ عليهم هذه الحكاية الظريفة زاعمًا أنها من قصص السلف الصالح:

يُحكى أن ثلاثة لصوص سرقوا جملاً من إحدى الحظائر، ثم فروا به نحو الجبل. اتفق لصان من الثلاثة على اللص الثالث، وقتلاه؛ لكي يقتسما قيمة الجمل وحدهما، فيقسماه على رجلين اثنين بدلا من تقسيمه على ثلاثة. بعد برهة فكر لصٌّ من اللصين في ذات الحيلة الفاحشة، فقتل رفيقه اللص المتبقي لكي ينفرد بالجمل وحده. صعد اللص الوحيد الحي بغنيمته إلى أعلى الجبل. فما كان من الجمل الطيب إلا أن ركل اللصَّ فوقع من أعلى الجبل، ومات من فوره صريعًا. عاد الجملُ الذكيُّ الفطن إلى صاحبه الأصليّ وبات الجميع فرحًا مسرورًا.” إلى هنا تنتهي القصة المؤثرة ذات الدلالات العميقة.
الآن، هتف الشيخُ الجليل في مريديه: هكذا يا أبنائي نتعلم الدرس المهم: المال الحلال عمره ما يضيع أبدًا. تكبييييير. فكبَّر الحضورُ ثَلَاثًا.
قام شابٌّ ناصح العقل وسأل الشيخَ الجليل: "يا مولانا، إذا كان اللصوص الثلاثة قد ماتوا جميعهم، فكيف عرفنا ما حدث لهم؟ مَن حكى الحكاية حتى تواترت عن الأثر ووصلت إلينا؟هل حكاها الجمل؟”
هنا، صمت الشيخ الجليل برهة وجيزة، ثم هتف في الحضور بأعلى الصوت: تكبيييير. فكبروا ثلاثًا، وحمدوا الله وأثنوا عليه كثيرًا، بعدما أدركوا الحكمةَ البليغة من الدرس الذي ألقاه الجمل الحكيم: الجريمة لا تفيد والمال الحرام مبيدومش.
***

انتهت القصة الطريفة، ونعود إلى الشاب الناصح الذي سأل سؤالا بسيطًا جدًّا، منطقيًّا جدًّا: مَن الذي روى الرواية؟ للقصة المذكورة أربعة أبطال، لا غير. لصوص ثلاثة، وجمل أعجم. مات اللصوص ولم يتبق إلا الحيوان، الذي عاد إلى حظيرته سالمًا غانمًا. فكيف عرفنا تفاصيل الحكاية؟
هذا الشاب الطيب صاحب السؤال البسيط، تُرى ما مصيره؟ هل حُكم عليه بالموت لأنه عارض شيخًا جليلا؟ هل رفع أحدهم ضده قضية ازدراء أديان وحُكم عليه بالسجن؟ هل أُفتي بارتداده فطعنه متطرفٌ بخنجر في عنقه؟ هل حكم القضاء بالتفريق بينه وبين زوجته لأنه كافر؟ أو، هل في أفضل الأحوال تحلّق المصلّون حوله بعد انتهاء الخطبة وأشبعوه ضربًا وركلاً وسبابًا ولعانًا لأنه تجرأ و"سأل" الشيخ، وأحرجه؟
دعك من الأسئلة السابقة التي لا نعرف لها إجابة لأن الأثر لم يخبرنا عن مصير ذلك الشاب باعتباره نكرة كافرا لا قيمة له حتى يُدوّن في كتب التراث. دعونا نسأل عدة أسئلة أهم:
1- من المخطئ: الذي يُخطئ، أم الذي يشير إلى المخطئ ويقول: هذا مخطئ؟
2- هل الدين هو القرآن الكريم، أم هو الشيخ فلان والشيخ علان؟
3- هل الشيخ فلان بشرٌ مثلنا يخطئ ويصيب، أم هو قدسي مقدس أقدس معصوم عن الخطأ، فوجب تقديس أقواله وإن كانت مثيرة للضحك والسخرية؟
4- من الذي يزدري الدين في القصة السابقة، إن كان هناك أصلا معنى لتهمة ازدراء الأديان: الشيخ الذي يؤلف قصصًا لا تقنع طفلا صغيرًا وينسبها إلى تراث السلف؟ أم هذا الشاب الجسور الذي حاول أن يفضح رجلا أفاقًا يدلّس وينسب للسلف ما ليس له؟
والسؤال الأخير:
هل أنتظرُ قضية جديدة ضدي بعد هذا المقال باعتبار هذا الشيخ هو ظل الله على الأرض وعالم من علماء الدين من ذوي اللحوم المسمومة؟



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميري كريسماس رغم -غلاستهم
- لا تخرج قبل أن تقول: سلاما
- أنتم تحاكمون الخيال 2/2
- اعتذارٌ رسميّ لأقباط مصر
- شحاذ العمّ نجيب
- مذبحة 2016
- أنتم تحاكمون الخيال!! 2/1
- شجرةٌ صنوبر وشيءٌ من الفرح
- دبي الجميلة.... سلامتك!
- أسوأ صورة في 2015
- قُبلةُ حبيبي
- الموءودة
- كيف قرأ الغيطاني الخديوي إسماعيل
- مثل الزهور سرعان ما يذبل
- شهاداتُ الفارس محمد أيمن
- داعش أمام المحكمة الأوزورية
- الغيطاني ونوبل
- حينما الفقرُ والبطالة طريقُك للبرلمان
- هذا نجيب محفوظ، وهذه جدتي
- نجيب محفوظ... لقاء أول... لقاء أخير


المزيد.....




- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - قضية ازدراء جديدة | مَن الذي روى الرواية؟