|
إلى الشيخ الحويني .... قنصُ العصافير من وراء الحُجُب
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 5063 - 2016 / 2 / 2 - 20:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لأنهم مذعورون، فإنهم يخافون من شدو العصافير. العصافيرُ نحيلةٌ لا تملكُ نِبالاً أو رصاصًا، وليست تضمُّ في حوزتها خناجرَ أو سيوفًا. العصافيرُ لا تُخفي بين ريش أجنحتها حصًى ولا صخورًا لتردّ بها على غلاظة الصيادين. الصيادون يتخفّون وراء أغصان الأشجار، يلتحفون الحُجُبَ والسُّتُرَ ليقنصوا العصافير التي لا تملك إلا حناجرَ تشدو وتنشر السلام والفرح بين بني الإنسان. حين مرض الشيخُ "أبو إسحاق الحويني" بمرض عضال، وأمر الأطباءُ ببتر ساقه بعد ارتفاع نسبة السكر في الدم، حزنّا من أجله ودعونا اللَه أن يشفيه، رغم إهاناته وتكفيره لنا. فنحن لا نختصمُ إلا الأقوياء. فإن مرِض خصومُنا ساندناهم حتى يستردوا صحتهم ويصحّون. الكبارُ لا يشمتون في نوازل خصومهم لأن الكبار خصوماتهم فكرية. نواجه الفكرة بالفكرة، ونقابل الرأي بالرأي، ولا نفجُر في الخصومة، كما علّمنا رسولُ الله عليه الصلاة والسلام حين سُئل: “مَن المنافق؟"، فأجاب: “المنافق مَن إذا اؤتمن خان، وإذا حدَّث كذِب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجَر.” لم ندعُ له بالشفاء نحن المسلمين وحسب، بل رفع الصلواتِ من أجله أشقاؤنا المسيحيون من أقباط مصر في كنائسهم قائلين: "على الرغم من اختلافنا معه، نُصلّي إلى الرب أن يشفيه سريعًا". كان ذلك في مايو عام 2012، أثناء حكم الإخوان التعس في مصر. يومها شكرتُ أقباط مصر في بيان رسمي خرج من مكتبي، تناقلته الصحفُ والمواقعُ. وهذا رابط أحد الأخبار التي تناقلت بياني: http://www.coptstoday.com/Copts-News/Detail.php?Id=16074 أما الشيخ الفاضل أبو إسحاق الحويني فله، حين يخاصم، منهجٌ مخالفٌ لمنهج الكبار. فهو لا يحزن لمصيبة خصمه، كما نفعل نحن، ولا هو يكتفي بالفرح والشماتة في مصيبة ذلك الخصم الفكري، إنما يطالب له بمزيد من المصائب والصروف. فقد نشرت الصحف بالأمس خبرًا عجيبًا يقول: “طالب أبو إسحاق الحويني الداعية السلفي، الذي يقيم الآن بالدوحة، بتشديد العقوبة علي اسلام بحيري وفاطمة ناعوت ، جاء ذلك خلال محاضرته الأسبوعية التي يلقيها بمؤسسة عيد الثقافية بالدوحة.” وهنا، نتوقف عند الكلمة الأخيرة من الخبر: “الدوحة"!!! تُرى ماذا يفعل الشيخ المصريُّ في الدوحة؟ مما يختبئ؟ ممن يهرب؟ ولماذا يختارُ دولة في خصومة صريحة مع "وطنه" مصر، مثل قطر، ليهرب إليها ويختبئ فيها؟!! في بقية الخبر يقول الشيخ الجليل إن علينا نحن العلمانيين والليبراليين أن نحترم القانون ونطبقه ولا نعترض على أحكامه. وها نحن نحترم القانونَ ونحترم القضاء ونقبل أحكامه دون الحاجة إلى نصيحة الشيخ المؤمن. والدليل على هذا أن الباحث إسلام بحيري لم يسافر إلى الكويت التي يمتلك فيها إقامة، ولا أنا سافرتُ إلى كندا أو أمريكا أو أستراليا، بينما أمتلك تأشيرات دخول لكل تلك البلدان. بل مكث بحيري داخل مصر حتى دخل السجن. وكذلك أنا لم أفكر، ولن أفكر، في ترك بلادي هربًا من السجن. وإن أسفر الاستئنافُ الذي رفعته عن تأكيد العقوبة التي طالتني في محكمة الدرجة الأولى بالسجن ثلاث سنوات، سوف أحترم القضاء وأنفّذ الحكم من فوري دون تفكير في هرب، كما هرب الحويني. بل سأدخل السجن رافعة الرأس عاليةَ الهامة واثقةً من نصاعة ثوبي مطمئنةً من عمار قلبي بحب الله وحب الناس وحب بلادي التي لا أعدلُ بذرة من ترابها بلادَ الدنيا. فبلادي عليّ عزيزةٌ وإن جارت. الشيخ الحويني يختفّى في الدوحة، ويطلق نبالَه المسمومة على صدورنا العارية لأنه لا يمتلك روح الفرسان. إنما هي روح القنّاصين الذين يتخفون وراء الأشجار وخلف الحُجب ليتصيدوا العصافير النحيلة التي لا تمتلك إلا حناجرَ طيبة لا تعرف إلا الشدو بنغمات المحبة والسلام. أيها الأخ الحويني، نرجو أن تكون ساقك المتبقية بخير وسلام، نسألُ الله لك العفوَ والعافية ومزيدًا من الرغد والعزّ والأمان في فنادق الدوحة الفخمة، ونخبرك أننا، نحن الكتّاب الفقراء إلى الله، الذين تطالب لنا بمزيد من سنوات السجن، ليس بين أصابعنا إلا أقلامٌ نحيلة لا تعرف البغضاء ولا العداوة ولا الفُجر في الخصومة. وفي الأخير أقول لك كما علمني ربي في مخاطبة أضرابك: سلامًا.
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وأنتم اللاحقون!
-
عن النقاب سألوني
-
قضية ازدراء جديدة | مَن الذي روى الرواية؟
-
ميري كريسماس رغم -غلاستهم
-
لا تخرج قبل أن تقول: سلاما
-
أنتم تحاكمون الخيال 2/2
-
اعتذارٌ رسميّ لأقباط مصر
-
شحاذ العمّ نجيب
-
مذبحة 2016
-
أنتم تحاكمون الخيال!! 2/1
-
شجرةٌ صنوبر وشيءٌ من الفرح
-
دبي الجميلة.... سلامتك!
-
أسوأ صورة في 2015
-
قُبلةُ حبيبي
-
الموءودة
-
كيف قرأ الغيطاني الخديوي إسماعيل
-
مثل الزهور سرعان ما يذبل
-
شهاداتُ الفارس محمد أيمن
-
داعش أمام المحكمة الأوزورية
-
الغيطاني ونوبل
المزيد.....
-
عالم دين سني يطالب الأمة بالإستشهاد بطريقة الامام الحسين (ع)
...
-
خبيرة دولية: الحوار بين الأديان أصبح أداة لتلميع صورة الأنظم
...
-
رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بإثيوبيا: الجزيرة صوت ال
...
-
الاحتلال يبعد مفتي القدس عن المسجد الأقصى لمدة 6 أشهر
-
دمشق.. انطلاق مجالس سماع -موطأ الإمام مالك- بالجامع الأموي
-
مصر ضمن الـ10 الكبار اقتصاديا: رؤية إسلامية لنهضة اقتصادية ش
...
-
الهباش يدين اقتحام رئيس مجلس النواب الأميركي المسجد الإبراهي
...
-
إسرائيل تبعد مفتي القدس والديار الفلسطينية عن المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال يصدر قرارا بإبعاد مفتي القدس 6 أشهر عن المسجد الأقص
...
-
سلطات الاحتلال تبعد مفتي القدس عن المسجد الأقصى 6 أشهر
المزيد.....
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
المزيد.....
|